الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الثاني: فيه شرك بالله واعتقاد أن لتلك الأرواح القدرة على التصرف في الخلق من دون الله، فترى الساحر يتقرب إليها، ويعتقد فيها القدرة والعلم المستوجب لمخاطبتها وسؤالها والاستعانة بها.
الثالث: أن يتضمن الاستغاثة بالأرواح الأرضية [الجن] وسؤالها الحاجات والتقرب إليها بالأوراد الكفرية وبالذبح لها. وهذه الثلاث كلها يجمعها أن الساحر يتقرب إلى الشياطين إما باعتقاد أو طلب أو استعانة
(1)
.
*
وبعض أهل العلم يفصّل في حكم الساحر:
قال الشافعي: "والسحر اسم جامع لمعان مختلفة فيقال للساحر صف السحر الذي تسحر به فإن كان ما يسحر به كلام كفر صريح استتيب منه فإن تاب وإلَّا قتل وأخذ ماله فيئا وإن كان ما يسحر به كلاما لا يكون كفرا معروف ولم يضر به أحدا نهى عنه"
(2)
.
فمذهب الشافعي التفصيل في ذلك: فإن كان ما يسحر به كلام كفر صريح فهو كافر وإن كان لا يوجب الكفر فإن اعتقد إباحته فهو كافر وإلَّا فلا
(3)
.
قال الشيخ الشنقيطي رحمه الله: "التحقيق في هذه المسألة إن شاء الله تعالى: أن السحر نوعان كما تقدم، منه ما هو كفر، ومنه ما لا يبلغ بصاحبه الكفر، فإن كان الساحر استعمل السحر الذي هو كفر فلا شك في أنه يقتل كفرًا؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "من بدل دينه فاقتلوه"، وأظهر القولين عندي في استتابته أنه يستتاب، فإن تاب قبلت توبته"
(4)
.
وقال ابن عثيمين رحمه الله: "السحر في الشرع ينقسم إلى قسمين:
(1)
للاستزادة انظر أضواء البيان 4/ 482 - 493 كتاب الدميني في السحر ص 29، 30.
(2)
الأم 1/ 256.
(3)
تيسير العزيز الحميد ص 387.
(4)
أضواء البيان 4/ 497.
الأول: عقد ورقى أي قراءات وطلاسم يتوصل بها الساحر إلى استخدام الشياطين فيما يريد به ضرر المسحور، لكن قد قال الله تعالى:{وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ} .
الثاني: أدوية وعقاقير تؤثر على بدن المسحور وعقله وإرادته وميله؛ فتجده ينصرف ويميل وهو ما يسمى عندهم بالصرف والعطف
…
فالسحر قسمان:
أ) شرك: وهو الأول الذي يكون بواسطة الشياطين، يعبدهم ويتقرب إليهم ليسلطهم على المسحور.
ب) عدوان وفسق: وهو الثاني الذي يكون بواسطة الأدوية والعقاقير ونحوها.
وبهذا التقسيم الذي ذكرناه نتوصل إلى مسألة مهمة، وهي: هل يكفر الساحر أو لا يكفر؟ اختلف في هذا أهل العلم:
فمنهم من قال: إنه يكفر. ومنهم من قال إنه لا يكفر. ولكن التقسيم السابق الذي ذكرناه يتبين به حكم هذه المسألة، فمن كان سحره بواسطة الشياطين فإنه يكفر لأنه لا يتأتى ذلك إلا بالشرك غالبًا
…
ومن كان سحره لأدوية والعقاقير ونحوها فلا يكفر ولكنه يعتبر عاصيًا معتديًا"
(1)
.
وقد بَيَّن الشيخ سليمان بن عبد الله أنه لا خلاف بين القولين فقال رحمه الله: "وعند التحقيق ليس بين القولين اختلاف، فإن من لم يكفر لظنه أنه يتأتى بدون الشرك وليس كذلك بل لا يأتي السحر الذي من قبل الشياطين إلا بالشرك وعبادة الشيطان والكواكب، ولهذا سماه الله كفرًا في قوله:{إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ} وقوله: {وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا} وفي حديث مرفوع رواه رزين:
(1)
مجموع فتاوى ابن عثيمين 9/ 469، وانظر القول المفيد ط 1، 2/ 5، 6.
"الساحر كافر"، وقال أبو العالية: السحر من الكفر. وقال ابن عباس في قوله {إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ} وذلك أنهما علماه الخير والشر والكفر والإيمان فعرفا أن السحر من الكفر. وقال ابن جريج في الآية: لا يجترئ على السحر إلا الكافر.
وأما سحر الأدوية والتدخين ونحوه فليس بسحر، وإن سُمي سحرًا فعلى سبيل المجاز كتسمية القول البليغ والنميمة سحرًا، ولكنه يكون حرامًا لمضرته يعزر من يفعله تعزيزًا بليغًا"
(1)
.
5 -
سحر التمويه والتلبيس المعتمد على خفة الأيدي والأخذ بالعيون:
قال ابن حجر
(2)
: وهو ما يقع بخداع وتخييلات لا حقيقة لها، نحو ما يفعله المشعوذ من صرف الأبصار عما يتعاطاه بخفة يده، وإلى ذلك الإشارة بقوله تعالى:{يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى} [طه: 66]، وقوله تعالى:{سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ} [الأعراف: 116] وقد يستعين في ذلك بما يكون فيه خاصيته كالحجر الذي يجذب الحديد المسمى المغنطيس"
(3)
.
وجاء في فتوى إدارة البحوث أن: "السحر يطلق على التخييل وإيهام الناظر إلى الشيء أنه يتحرك مثلا مع أنه لا يتحرك حتى يراه الحاضر رؤية وهمية تختلف عن حقيقته ويعتقده على خلاف واقعه وهذا النوع من السحر حرام لما فيه من التمويه والتلبيس واللعب بالعقول وقد يتخذ مهنة يكسب منها من يشتغل بها ويبتز أموال الناس بالباطل"
(4)
.
وقال الشيخ عبد الرحمن البراك: "وأما السحر الرياضي وهو ما يرجع إلى خفة
(1)
تيسير العزيز الحميد ص 387.
(2)
حكاية عن الراغب انظر: الفتح 10/ 222.
(3)
فتح الباري 10/ 233، مفردات الراغب 226.
(4)
فتوى رقم 845 بتاريخ 6/ 9/ 1314 هـ.