الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القول الأول: أن المراد لا تسألوا أحدًا من المخلوقين بوجه الله فإذا أردت أن تسأل أحدا من المخلوقين لا تسأله بوجه الله، لأنه لا يسأل بوجه الله إلا الجنة، والخلق لا يقدرون علي إعطاء الجنة، فإذًا لا يسألون بوجه الله مطلقًا.
القول الثاني: أنك إذا سألت الله فإن كان الجنة وما يستلزم دخولها فاسأل بوجه الله، وإن كان من أمور الدنيا فلا تسأل بوجه الله، فأمور الآخرة تسأل بوجه الله كقولك مثلا: أسألك بوجهك أن تنجيني من النار. والنبي صلى الله عليه وسلم، استعاذ بوجه الله لما نزل قول الله تعالى:{قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ} [الأنعام: 65]، قال: أعوذ بوجهك {أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ} [الأنعام: 65] قال: أعوذ بوجهك: {أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ} [الأنعام: 65] قال هذه أهون أو أيسر.
ولو قيل إنه يحتمل المعنيين جميعًا لكان له وجه"
(1)
.
قال الشيخ سليمان بن عبد الله: "والظاهر أن كلا المعنيين صحيح"
(2)
.
•
مسألة: قول "يا وجه الله
":
سُئل عنها المفتي محمد بن إبراهيم فأجاب: "ما تنبغي وممكن مقصودهم الذات"
(3)
.
* مسألة: يشكل علي هذا ورود أحاديث فيها سؤال بوجه الله لأمور غير الجنة.
قال الشيخ عبد الرحمن بن حسن رحمه الله: "وهنا سؤال: وهو أنه قد ورد في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم عند مُنصرفه من الطائف، حين كذَّبه أهل الطائف ومن في الطائف من أهل مكة، فدعا صلى الله عليه وسلم بالدعاء المأثور "اللهم إليك أشكو ضعف قوتي، وقلة حيلتي، وهواني علي الناس، أنت رب المستضعفين، وأنت ربي، إلى مَنْ تكلني؟ إلى بعيد يتجهمني، أو إلى عدو ملَّكته أمري؟ إن لم يك بك غضبٌ عليَّ فلا أُبالي، غبت أن
(1)
مجموع فتاوى ابن عثيمين 1/ 92.
(2)
تيسير العزيز الحميد ص 671.
(3)
فتاوى ورسائل الشيخ محمد بن إبراهيم 1/ 117.
عافيتك هي أوسعُ لي"، وفي آخره: "أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلماتُ، وصلُح عليه أمرُ الدنيا والآخرة: أن يَحُلَّ عليَّ غضبُك، أو ينزل بي سخطك، لك العُتبى حتى ترضي، ولا حول ولا قوة إلا بالله"
(1)
والحديث المروي في الأذكار "اللهم أنت أحق من ذكر، وأحق من عبد - وفي آخره - أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له السموات والأرض"
(2)
.
وفي حديث آخر "أعوذ بوجه الله الكريم، وباسم الله العظيم وبكلماته التامة، ومن شر السّامة واللّامة، ومن شر ما خلقت أي ربِّ، ومن شر هذا اليوم ومن شر ما بعده ومن شر الدنيا والآخرة" وأمثال ذلك في الأحاديث المرفوعة بالأسانيد الصحيحة أو الحسان.
فالجواب: أنَّ ما ورد من ذلك فهو في سؤال ما يُقرِّب إلى الجنة، أو ما يمنعه من الأعمال التي تمنع من الجنة، فيكون قد سأل بوجه الله وبنور وجهه ما يُقرِّبُ إلى الجنة؛ كما في الحديث الصحيح "اللهم إني أسألك الجنة وما يقرب إليها من قولٍ أو عمل، وأعوذ بك من النار وما يقرب إليها من قول أو عمل".
بخلاف ما يختصُّ بالدنيا، كسؤاله المال والرزق والسعة في المعيشة رغبةً في الدنيا، مع قطع النظر عن كونه أراد بذلك ما يعينه على عمل الآخرة فلا ريب أن الحديث يدلُّ علي المنع من أن يسأل حوائج دنياه بوجه الله.
وعلي هذا: فلا تعارض بين الأحاديث، كما لا يخفي، والله أعلم"
(3)
.
(1)
أخرجه الطبراني في كتاب الدعاء (1036) وهو في المجمع للهيثمي (6/ 35).
(2)
أخرجه الطبراني في الكبير (8027) وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (10/ 117) وفيه فضال بن جبير وهو ضعيف مجمع علي ضعفه.
(3)
فتح المجيد ص 547، 548.