الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأمر إنما هو شأن الله تعالى، ليس غيره سيدًا بهذا المعنى.
وثانيهما: أن السيد رعَويٌّ لآخر، ولكن له فضل على عامة الرعايا، ممتاز منهم بالمزايا، ينزل إليه حكم الحاكم أولًا، ثم يبلغ إليهم من لسانه وبواسطته كـ "مرزبان" القرى و "قهرمان" المحلات، و"خوانين" السوقة.
فالنبي بهذا المعنى سيد لأمته، والإمام سيد أهل عصره، والشيخ سيد لمريديه، والعالم سيد لتلامذته، والمجتهد لمتبعيه.
فإن هؤلاء الكبار الكرام يتمسكون بحكم الله تعالى أولًا بأْنفسهم، ثم يبلغونه إلى أصاغرهم ويعلمونهم"
(1)
.
ولا يزاد لفظ (سيدنا) في الأذان والصلاة والأذكار.
ففي التشهد الأخير من الصلاة وردت عدة صيغ في الصلاة علي النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وليس في شيء منها لفظ السيادة (سيدنا) بل هي: "اللهم صلِّ علي محمد
…
إلخ" وفي بعضها: "اللهم صلِّ علي محمد عبدك ورسولك
…
إلخ" وقد ذكر الشيخ ناصر الدين الألباني صيغًا كثيرة في كتابه "صفة الصلاة" وليس فيها لفظ (سيدنا) وإن كان عليه الصلاة والسلام هو سيد ولد آدم وأقوم الخلق وأكبرهم في المقام بأحكام الله تعالى، لكننا في الصلاة والأذكار متعبدون بما ورد عنه صلى الله عليه وسلم فلا يزد في ذلك
5 - الجمع بين حديث "السيد الله" وحديث "أنا سيد ولد آدم
"؟
سئل الشيخ ابن إبراهيم عن الجمع بين حديث "السيد الله" وحديث "أنا سيد ولد آدم"؟
فقال: "الجمع أنه منع من هذا الذي هو جائز حماية لحمى التوحيد. والثاني قاله على وجه التحدث بنعمة الله. أما التحريم والله أعلم فبالنسبة إلى غير الرسول صلى الله عليه وسلم
(2)
.
(1)
الدين الخالص 2/ 221.
(2)
مجموع فتاوى ورسائل الشيخ محمد بن إبراهيم 1/ 196.
وسئل الشيخ ابن عثيمين عن الجمع بين حديث "السيد الله". وما جاء في التشهد "اللهم صل على سيدنا محمد وعلي آل سيدنا محمد". وحديث "أنا سيد ولد آدم"؟
فأجاب قائلًا: "لا يرتاب عاقل أن محمدًا صلى الله عليه وسلم سيد ولد آدم فإن كل عاقل مؤمن يؤمن بذلك، والسيد هو ذو الشرف والطاعة والإمرة، وطاعة النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم من طاعة الله سبحانه وتعالى: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} ونحن وغيرنا من المؤمنين لا نشك أن نبينا صلى الله عليه وسلم سيدنا، وخيرنا، وأفضلنا عند الله سبحانه وتعالى وأنه المطاع فيما يأمر به، صلوات الله وسلامه عليه، ومن مقتضى اعتقادنا أنه السيد المطاع، عليه الصلاة والسلام، أن لا نتجاوز ما شرع لنا من قول أو فعل أو عقيدة ومما شرعه لنا في كيفية الصلاة عليه في التشهد أن نقول: اللهم صل علي محمد، وعلي آل محمد كما صليت على إبراهيم، وعلي آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، أو نحوها من الصفات الواردة في كيفية الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم ولا أعلم أن صفة وردت بالصيغة التي ذكرها السائل وهي "اللهم صل على سيدنا محمد وعلي آل سيدنا محمد" وإذا لم ترد هذه الصيغة عن النَّبِيّ، عليه الصلاة والسلام، فإن الأفضل ألا نصلي على النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بها، وإنما نصلي عليه بالصيغة التي علمنا إياها.
وبهذه المناسبة أود أن أنبه إلى أن كل إنسان يؤمن بأن محمدًا صلى الله عليه وسلم سيدنا فإن مقتضى هذا الإيمان أن لا يتجاوز الإنسان ما شرعه، وأن لا ينقص عنه، فلا يبتدع في دين الله ما ليس منه، ولا ينقص من دين الله ما هو منه، فإن هذا هو حقيقة السيادة التي هي من حق النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم علينا.
وعلي هذا فإن أولئكم المبتدعين لأذكار أو صلوات على النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم لم يأت بها شرع الله على لسان رسوله محمد صلى الله عليه وسلم تنافي دعوى أن هذا الذي ابتدع يعتقد أن محمدًا صلى الله عليه وسلم سيد، لأن مقتضى هذه العقيدة أن لا يتجاوز ما شرع وأن لا ينقص منه، فليتأمل الإنسان وليتدبر ما يعنيه بقوله حتى يتضح له الأمر ويعرف أنه تابع لا مشرع.