الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وما أراد، وبَيَّن الله فيما أنزله على رسوله صلى الله عليه وسلم أنه لا يجوز، وهذا الحكم يناط بشريعة محمد صلى الله عليه وسلم فهي الشريعة العامة وما كان قبلنا ففيه إباحة لبعض المسائل ومنع لبعضها"
(1)
.
وفي معنى الآية قال الشيخ السعدي رحمه الله "أي: جعلا لله شركاء في ذلك الولد الذي انفرد الله بإيجاده والنعمة به وأقرّ به أعين والديه فعبّداه لغير الله. إما أن يسمياه بعبد غير الله كعبد الحارث وعبد العزى وعبد الكعبة ونحو ذلك أو يشركا في الله في العبادة بعد ما منَّ الله عليهما بما من به من النعم التي لا يحصيها أحد من العباد"
(2)
.
وهذه المسألة - كما ترى - مختلف فيها، وسواء قلنا بصحة القصة وثبوتها أو لا فإن هناك أصولًا لا يُختلف فيها وهي أن الشرك المضاد للتوحيد لا يقع من الأنبياء عليهم السلام، وما حصل من معصية فلا يقدح في مقام النبوة
(3)
، وهو على صحة القصة وثبوتها فلا يعدو أن يكون معصية من المعاصي.
*
حكم تعبيد الاسم لغير الله:
قال ابن حزم: "اتفقوا علي تحريم كل اسم معبد لغير الله كعبد عمرو وعبد الكعبة وما أشبه ذلك حاشا عبد المطلب"
(4)
.
ومقصود ابن حزم أنهم لم يجمعوا علي تحريم التسمية بعبد المطلب، لظاهر ما صح عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أنه قال في غزوة حنين، لما انهزم عنه أصحابه إلا قليلًا:" أنا النبي لا كذب، أنا ابن عبد المطلب"، فهو لم يقصد به التعبيد لغير الله، بل هو من الرسول
(1)
من شرح الشيخ ابن باز على كتاب التوحيد.
(2)
تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان ص 275.
(3)
ثبتت نبوة آدم عليه السلام لقوله صلى الله عليه وسلم: "ما مِنْ نبيٍّ - آدم فمَنْ سواه - إلا تحت لوائي". أخرج الترمذي (3615).
(4)
مراتب الإجماع ص 154.
- صلى الله عليه وسلم إخبار عن اسم ماضٍ وحكاية نسب، فلا يضر لأنَّهُ مشتهر به مثل عبد مناف وعبد عمرو إذا كانت من باب الإخبار لا من باب الإنشاء والإقرار
(1)
.
وذكر ابن القيم رحمه الله أن: "باب الإخبار أوسع من باب الإنشاء، وأن من باب الإخبار، والإخبار بمثل ذلك علي وجه تعريف المسمى لا يحرم، ولا وجه لتخصيص أبي محمد ذلك بعبد المطلب خاصة، فقد كان أصحابه يسمون بعبد شمس، وبني عبد الدار بأسمائهم، ولا ينكر عليهم النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم"
(2)
.
وقال ابن تيمية رحمه الله: "كان المشركون يعبدون أنفسهم وأولادهم لغير الله فيسمون بعضهم عبد الكعبة، كما كان اسم عبد الرحمن بن عوف، وبعضهم: عبد شمس كما كان اسم أبي هريرة واسم عبد شمس بن عبد مناف، وبعضهم عبد اللات، وبعضهم عبد العزى وبعضهم عبد مناة، وغير ذلك مما يضيفون فيه التعبيد إلى غير الله من شمس أو وثن أو بشر أو غير ذلك مما قد يشرك بالله
…
وشريعة الإسلام الذي هو الدين الخالص لله وحده تعبيد الخلق لربهم كما سنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتغيير الأسماء الشركية إلى الأسماء الإسلامية
…
وكان من شعار أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم معه في الحروب: يا بني عبد الرحمن! يا بني عبد الله، يا بني عبيد الله! كما قالوا ذلك يوم بدر، وحنين، والفتح، والطائف"
(3)
.
وقال الشيخ ابن عثيمين: "ولكن الصواب تحريم التعبيد للمطلب، فلا يجوز لأحد أن يسمي ابنه عبد المطلب"
(4)
.
(1)
انظر: الدرر السنية 5/ 411، مجموع فتاوى ابن عثيمين 10/ 891، معجم المناهي اللفظية للشيخ بكر أبو زيد ص 380.
(2)
ملخصًا من تيسير العزيز الحميد ص 639، وأصله في تحفة المودود ص 67.
(3)
مجموع الفتاوى 1/ 378.
(4)
مجموع فتاوي ابن عثيمين 10/ 891.