الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خامسًا: حكم شرب الرقية المكتوبة:
قال ابن تيمية: "ويجوز أن يكتب للمصاب وغيره من المرضى شيئًا من كتاب الله وذكره بالمداد المباح ويغسل ويسقى كما نص على ذلك أحمد وغيره"
(1)
.
وقال ابن القيم: "ورأى جماعة من السلف أن تكتب له الآيات من القرآن ثم يشربها قال مجاهد: لا بأس أن يكتب القرآن ويغسله ويسقيه المريض. ومثله عن أبي قلابة ويذكر عن ابن عباس أنه أمر أن يكتب لامرأة تعسر عليها"
(2)
.
وفي فتاوى اللجنة ما نصه: "كتابة شيء من القرآن في جام أو ورقة وغسله وشربه يجوز لعموم قوله تعالى: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا} [الإسراء: 82] وحديث "خير الدواء القرآن"
(3)
"
(4)
.
وفي فتاوى اللجنة: "أن الأولى تركه وأن يُستغنى عنه بما ثبت في الرقية الشرعية"
(5)
.
أما قراءة القرآن في الماء للمريض وشربه إياه فلا بأس به.
قال محمد بن مفلح: "وقال صالح بن الإمام أحمد: ربما اعتللت فيأخذ أبي قدحًا فيه ماء فيقرأ عليه ويقول لي: اشرب منه، واغسل وجهك ويديك.
ونقل عبد الله أنه رأى أباه يعوذ في الماء ويقرأ عليه ويشرب، ويصب على نفسه منه.
(1)
الفتاوى 19/ 64
(2)
زاد المعاد 4/ 170.
(3)
أخرجه ابن ماجه (3501).
(4)
فتاوى اللجنة 1/ 153 وفيها زيادة تفصيل حول هذه المسألة، واللاستزادة لقاء الباب المفتوح لابن عثيمين 55/ 112.
(5)
فتاوى اللجنة 1/ 161، 166. وفيه زيادة إيضاح حيث ذكروا أن النبي صلى الله عليه وسلم لا نعلم أنه فعله لنفسه أو غيره، ولا أنه أذن فيه لأحد من أصحابه أو رخص فيه لأمته مع وجود الدواعي التى تدعو إلى ذلك.
قال عبد الله: ورأيته قد أخذ قصعة النبي صلى الله عليه وسلم فغسلها في جب الماء ثم شرب فيها، ورأيته غير مرة يشرب ماء زمزم، فيستشفي به ويمسح به يديه ووجهه.
وقال يوسف بن موسى: أن أبا عبد الله كان يؤتى بالكوز ونحن بالمسجد فيقرأ عليه ويعوذ"
(1)
.
وسئل الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمه الله عن النفث في الماء فأجاب: "لا بأس بذلك فهو جائز، بل قد صرح العلماء باستحبابه.
وبيان حكم هذه المسألة مدلول عليه بالنصوص النبوية، وكلام محققي الأئمة"
(2)
.
وقال ابن باز رحمه الله: "وإن قرأ في الماء وشربه المريض أو رش عليه به نفعه ذلك بإذن الله"
(3)
.
وقال رحمه الله: "وكذلك الرقية في الماء لا بأس بها، وذلك بأن يقرأ في الماء ويشربه المريض، أو يصب عليه، فقد فعل ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، فإنه ثبت في سنن أبي داود في كتاب الطب أنه صلى الله عليه وسلم قرأ في ماء لثابت بن قيس بن شماس ثم صب عليه، وكان السلف يفعلون ذلك. فلا بأس به"
(4)
.
وسئل فضيلة الشيخ ابن عثيمين عن حكم النفث في الماء؟
فأجاب بقوله: "النفث في الماء على قسمين:
القسم الأول: أن يراد بهذا النفث التبرك بريق النافث فهذا لا شك أنه حرام ونوع من الشرك، لأن ريق الإنسان ليس سببًا للبركة والشفاء ولا أحد يتبرك بآثاره إلا محمد صلى الله عليه وسلم، أما غيره فلا يتبرك بآثاره.
(1)
الآداب الشرعية 2/ 441.
(2)
مجموع فتاوى ورسائل سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ 1/ 92.
(3)
فتاوى نور على الدرب ص 57.
(4)
مجموع فتاوى ابن باز 1/ 275.
القسم الثاني: أن ينفث الإنسان بريق تلا فيه القرآن الكريم مثل أن يقرأ الفاتحة - الفاتحة رقية وهي من أعظم ما يرقى به المريض - فيقرأ الفاتحة وينفث في الماء فإن هذا لا بأس به وقد فعله بعض السلف وهو مجرب ونافع بإذن الله وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم، ينفث في يديه عند نومه بقل هو الله أحد، وقل أعوذ برب الفلق، وقل أعوذ برب الناس فيمسح بهما وجهه وما استطاع من جسده - صلوات الله وسلامه عليه - والله الموفق"
(1)
.
وقال ابن القيم رحمه الله: "ولقد مر بي وقت بمكة سقمت فيه، وفقدت الطبيب والدواء، فكنت أتعالج بالفاتحة، آخذ شربة من ماء زمزم، وأقرؤها عليها مرارًا ثم أشربه، فوجدت بذلك البرء التام، ثم صرت أعتمد ذلك عند كثير من الأوجاع، فأنتفع بها غاية الانتفاع"
(2)
.
وقال أيضًا: "ولقد جربن أنا من ذلك في نفسي وفي غيري أمورًا عجيبة، ولا سيما مدة المقام بمكة، فإنه كان يعرض لي آلام مزعجة، بحيث تكاد تقطع الحركة مني، وذلك في أثناء الطواف وغيره، فأبادر إلى قراءة الفاتحة وأمسح بها على محل الألم، فكأنه حصاة تسقط، جربن ذلك مرارًا عديدة، وكنت آخذ قدحًا من ماء زمزم فأقرأ عليه الفاتحة مرارًا، فأشربه فأجد به من النفع والقوة ما لم أعهد مثله في الدواء، والأمر أعظم من ذلك، لكن بحسب قوة الإيمان وصحة اليقين والله المستعان"
(3)
.
أما استخدام إناء فيه آيات منقوشة أو كتابة ثابتة في أصل الإناء ولا تتحلل بدخول الماء فهذا يُمنع إذ لا يجوز امتهان الإناء إذا كان فيه آية ولا يجوز إدخاله الحمام أو إصابته بشيء من ذلك وسد الطرق في مثل هذا واجب.
(1)
مجموع فتاوى ابن عثيمين 1/ 107، 108. وانظر للاستزادة الفتاوى الذهبية في الرقى الشرعية 40.
(2)
زاد المعاد 4/ 178.
(3)
مدارج السالكين 1/ 69.