الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خالف السنن الظاهرة المشتهرة"
(1)
.
5 - ما يجب على المحلوف له بالله:
أما في حق المحلوف له بالله فيجب أن يرضى بهذه اليمين كما ثبت ذلك عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تحلفوا بآبائكم من حلف بالله فليصدق، ومن حُلف له بالله فليرض، ومن لم يرض بالله فليس من الله"
(2)
وهذا فيه أمر منه صلى الله عليه وسلم لمن حُلِف له بالله في خصومة أو غيرها أن يرضى باليمين لأن ذلك من تعظيم الله، ثم بين صلى الله عليه وسلم الوعيد الشديد في حق من لم يرض بالحلف بالله فقال:"ومن لم يرضَ باله فليس من الله".
قال الشيخ سليمان بن عبد الله رحمه الله: "لأنه يدل على قلة تعظيمه لجناب الربوبية، إذ القلب الممتلئ بمعرفة عظمة الله وجلاله وعزته وكبريائه لا يفعل ذلك"
(3)
.
وقال أيضًا رحمه الله: "قوله: "ومن حُلِفَ له بالله فليرض" أي: وجوبا كما يدل عليه قوله: "ومن لم يرض فليس من الله" ولفظ ابن ماجه "ومن لم يرض بالله فليس من الله" وهذا وعيد كقوله تعالى: {وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ} [آل عمران: 28].
وأما من ناحية الأمور الشرعية في باب التحاكم عند القاضي فيجب أن يرضي باليمين ويلتزم بمقتضاها. لأن هذا من باب الرضا بالحكم الشرعي.
قال ابن كثير رحمه الله: "أي: فقد برئ من الله، وهذا عام في الدعاوى وغيرها، ما لم يفضِ إلى إلغاء حكم شرعي كمن تشهد عليه البينة الشرعية، فيحلف على تكذيبها
(1)
السيل الجرار للشوكاني 4/ 16.
(2)
أخرجه ابن ماجه بسند حسن (2101)، وصححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجة وقال صحيح.
(3)
تيسير العزيز الحميد ص 603.
فلا يقبل حلفه، ولهذا لما رأى عيسى عليه السلام رجلًا يسرق فقال له: سرقت قال: كلا والله الذي لا إله إلا هو، فقال عيسى:"آمنت بالله وكذبت عيني"
(1)
، وفيه وجهان:
أحدهما: قال القرطبي: "ظاهر قول عيسى عليه للسَّلام للرجل سرقت أنه خبر جازم، لكونه أخذ مالًا من حرز في خفية، وقول الرجل: كلا، نفي لذلك، ثم أكده باليمين. وقول عيسى: آمنت بالله وكذبت عيني أي: صدقت من حلف بالله، وكذبت ما ظهر لي من كون الأخذ سرقة، فإنه يحتمل أن يكون الرجل أخذ ماله فيه حق، أو ما أذن له صاحب في أخذه أو أخذه ليقلبه، وينظر فيه ولم يقصد الغصب والاستيلاء.
قلت: وهذا فيه نظر وصدر الحديث يرده وهو قول النبي صلى الله عليه وسلم: "رأى عيسى رجلا يسرق" فأثبت صلى الله عليه وسلم سرقته.
الثاني: ما قاله ابن القيم: "إن الله تعالى كان في قلبه أجل من أن يحلف به أحد كاذبًا. فدار الأمر بين تهمة الحالف، وتهمة بصره، فرد التهمة إلى بصره، كما ظن آدم عليه السلام صدق إبليس لما حلف له أنه ناصح".
قلت
(2)
: هذا القول أحسن من الأول وهو الصواب - إن شاء الله تعالى - "
(3)
.
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "وأما بالنسبة للمحلوف له فهل يلزمه أن يصدِق أم لا؟ المسألة لا تخلو من أحوال خمس:
الأولى: أن يعلم كذبه فلا أحد يقول إنه يلزم تصديقه.
الثانية: أن يترجح كذبه فكذلك لا يلزم تصديقه.
الثالثة: أن يتساوى الأمران فهذا يجب تصديقه.
الرابعة: أن يترجح صدقه فيجب أن يُصدَّق.
(1)
أخرجه البخاري (3444).
(2)
القائل الشيخ سليمان بن عبد الله وما زال الكلام موصولًا.
(3)
تيسير العزيز الحميد ص 604.