الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَاب أفْضَل الصّيَام وغَيره
الحديث الأوَّل:
[194]
: عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنهما، قَالَ: أُخْبِرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنِّي أَقُولُ: وَاللهِ لأَصُومَنَّ النَّهَارَ، وَلأَقُومَنَّ اللَّيْلَ مَا عِشْتُ. (1) فَقُلْتُ لَهُ: قَدْ قُلْتُهُ، بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي. فَقَالَ:"فَإِنَّكَ لا تَسْتَطِيعُ ذَلِكَ؛ فَصُمْ وَأَفْطِرْ، وَقُمْ وَنَمْ، وَصُمْ مِنْ الشَّهْرِ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ، فَإِنَّ الْحَسَنَةَ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، وَذَلِكَ مِثْلُ صِيَامِ الدَّهْرِ". قُلْتُ: فَإِنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ. قَالَ: "فَصُمْ يَوْمًا وَأَفْطِرْ يَوْمَيْنِ". قُلْتُ: أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ. قَالَ: "فَصُمْ يَوْمًا وَأَفْطِرْ يَوْمًا؛ فَذَلِكَ مِثْلُ صِيَامِ دَاوُد، وَهُوَ أَفْضَلُ الصِّيَامِ". فَقُلْتُ: إنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ. [قَالَ: "لا أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ](2) ". (3)
وَفي رِوَايَةٍ: "لا صَوْمَ فَوْقَ صَوْمِ (4) دَاوُد، شَطْرَ الدَّهْرِ، صُمْ يَوْمًا، وَأَفْطِرْ يَوْمًا"(5).
[قوله](6): "قال: أُخبر": الفِعلُ مبني لما لم يُسَمّ فاعله. و"رَسُول الله"[مفعوله](7) القائم مَقَام الفَاعِل. وتقَدّم الكَلامُ على "أخْبر" و"خَبّر" في الخامس من
(1) سقط هنا من النسخ: "فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَنْتَ الَّذِي قُلْتَ ذَلِكَ؟ "، وهو موجود في أكثر نُسخ "العُمدة". ولم أثبته؛ لأنّه هو الذي شرح عليه ابن فرحُون، ولأنه غير موجود بنسخة "العُمدة"(ط المعارف، ص 102)، ولا في إحدى روايات "البخاري"(1976).
(2)
سقط من النسخ.
(3)
رواه البخاري (1976) في الصوم، ومسلم (1159) في الصيام.
(4)
في أكثر نُسخ "العُمدة": "صَوم أخي". وليست في "البخاري"(1980، 6277) ولا "مسلم"(1159/ 191). وانظر: العُمدة (ط الثقافة، ص 140)، والعمدة (ط المعارف، ص 102)، وإحكام الأحكام (2/ 29) والإعلام لابن الملقن (5/ 330).
(5)
رواه البخاري (1979) في الصوم، (6277) في الاستئذان.
(6)
كشط بالأصل. والمثبت من (ب).
(7)
غير واضحة بالأصل. وفي (ب): "مفعول".
"فضْل الجماعة".
وهي إحْدى الأفعَال المتعَدّية إلى ثَلاثة: وهي "أعْلَم" و ["أرَى"](1) و"أنْبَأ" و"نَبّأ" و"حَدّثَ". (2)
وهُنا سَدّت "أنّ" المفتُوحَة مَسَدّ المفعُول الثّاني. أو يكُون "أُخبر" مُتعدّيًا بـ "الباء"، أي:"أُخبر بأنَّ"، ثُم حُذِف حَرْف الجر.
وجملة "أقُول" في محلّ خَبر "أنّ".
قوله: "والله لأصُومَنَّ": جملةُ القَسَم وجوابه معْمُولة القَول. وتقَدّم ذكرُ حروف القَسَم في العاشر من "الصّلاة". وتقَدّم جَواب القَسَم في العاشر من "كتاب الصّلاة"، وفي الثّاني من "باب الصّفوف".
و"النَّهار" و"الليل": منْصُوبان على السّعَة، أي:"في النّهار" و"في الليل"؛ لأنّ الفِعْلين لا يتعَدّيان إلى مفْعُول به.
قوله: "مَا عِشْتُ": "مَا" مَصْدَريّة ظَرْفيّة (3). وقد تقَدّمت قريبًا في الحديث التَّاسع (4).
(1) بالنسخ: "علم". وليست "علم" من الأفعال السبعة التي تتعدّى لثلاثة، إلا على قول الحريري وابن معط، وقد ضُعّف، كما في "توضيح المقاصد"(1/ 572 وما بعدها).
(2)
انظر: شرح التسهيل (2/ 100 وما بعدها)، مغني اللبيب (ص 681)، المفصل (ص 341 وما بعدها)، شرح المفصل (4/ 301 وما بعدها)، اللمحة (1/ 330)، توضيح المقاصد والمسالك (1/ 572 وما بعدها)، شرح ابن عقيل (2/ 64 وما بعدها)، شرح شذور الذهب لابن هشام (ص 484)، شرح التصريح (1/ 386 وما بعدها)، مُعجم الصواب اللغوي (1/ 22)، جامع الدروس العربية (1/ 45).
(3)
انظر: شرح الأشموني (1/ 75)، مُغني اللبيب (ص 402، 405)، العُمدة في إعراب البردة (ص 66)، شرح قطر الندى (ص 129)، شرح شذور الذهب (1/ 365)، همع الهوامع (1/ 429، 430)، جامع الدروس العربية (3/ 263).
(4)
هو دليل صحة التعديل في ترقيم الأحاديث بالباب السابق.
قوله: "فقُلتُ له: قد قُلتُه": في الكَلام اقتضَابٌ يدُلّ عليه السّياق، أي:"فقيل للنبي صلى الله عليه وسلم ذلك، فقال لي: أنت قُلته؟ فقال عبد الله: قد قُلته". (1)
قوله: "بأبي أنت وأمّي": حرفُ الجر يتعلّق بمحْذُوف، تقديره:"أفديك بأبي"(2)، وتكُون "أنت"[تأكيدًا](3) للكَاف في "أفديك". و"أمّي" معطوفٌ على "أبي".
وتأكيدُ الضّمير المنصُوب بالضّمير المرفُوع جَائزٌ، منه قَوله تعَالى:{إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [البقرة: 129](4). (5)
ويجوز أن تكون "أنت" مُبتدأ، والخبرُ في جُملة "أفْديك" مُتقَدّم محذُوف، أي:"أنتَ أفْديك بأَبي". وهَذا مِن كَمال حُسْن الأدَب عِنْد خِطَاب النبي صلى الله عليه وسلم.
وقَدّم الأب على الأُم؛ لأنّ تعَلّق الوَلَد بوَالِده وتوَقّعه لنُصْرَته لا يُوجَد في الأُم. والعَرَبُ تقَدّم عند الخطاب هَذَا ومثله؛ استعطافًا واستجلابًا وتَوْطِئَةً.
فإنْ قُلْت: فقَد قَدّم قُبيل هَذا "قد قُلتُه يَا رَسُولَ الله"، ولم يَذكُر "بأبي أنْتَ وأُمّي". فالجوَاب: أنّه آثَرَ سُرعَة [إجابة](6) النبي صلى الله عليه وسلم فيما سَأَل عنْه، [ثُم](7) أتَى بما
(1) سبق أنّ أكثر نُسخ متن "عُمدة الأحكام" فيها: "فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَنْتَ الَّذِي قُلْتَ ذَلِكَ؟ ". والله أعلم.
(2)
انظر: الزاهِر في مَعاني كَلمات النّاس، لأبي بكر الأنباري، (1/ 162).
(3)
بالنسخ: "تأكيد".
(4)
وكذا ورَدَت في سورة [غافر: 8] وسورة [الممتحنة: 5].
(5)
انظر: البحر المحيط (1/ 625)، شرح المفصل (2/ 225)، توضيح المقاصد والمسالك (2/ 986)، أوضح المسالك (3/ 368)، الصبان (3/ 123)، همع الهوامع (1/ 278)، (3/ 182)، النحو الوافي (3/ 436).
(6)
سقط من النسخ. ولعل الصّواب المثبت.
(7)
غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).
هُو في نيته مُقَدّمًا، وهُو نَوْعٌ آخَر مِن الأَدَب.
قوله: "فَقَالَ": أي: "النبي صلى الله عليه وسلم". "فإنّك لا تسْتَطيعُ ذَلك": الجمْلة معمُولة للقَول. وجملة "لا تستطيع" خبر "إنّ"، و"ذلك" مفعُول بـ "تستطيع".
وتقَدّم الكَلامُ على "إنّ" ومَواضِع كَسْرها في الرّابع من الأوّل.
وتقدّم الكَلامُ على "لا" في الثّاني من "باب الاستطابة".
وتقَدّم الكَلامُ على اسم الإشَارة في الثّالث من "باب استقبال القبلة".
قوله: "فصُم وأفْطِر، وقُم ونَم": "فصُم": "الفَاءُ" سَبَبيّة.
هذه الأفعَال الأرْبعة كُلّها لازِمَة، غير مُتعَدّية إلى مفْعُول به؛ لأنّها أوْصَافٌ غير ثابتة. وقَد تقَدّم المتعَدّي وغير المتعَدّي مِن الأفْعَال في الخامس من "باب فَضْل الجماعة".
قوله: "من الشّهر": يتعلّق بـ "صُمْ" الآخرة.
وإنما أعاد ذِكْر الصّيام؛ لبُعْدِه من مُتعلّقه؛ فيُحمَل الأمر الأوّل على النّدب على ما ينبغي له ولغيره في أحْواله [وحالاته](1) مُدّة حَيَاته، ثم ذَكَر مَا يختصّ بعَبد الله بن عَمرو رضي الله عنه، فقال:"صُم من كُلّ شَهْر ثلاثة"، [أنّث](2) العَدَدَ؛ لأنّ الأيّام مُذَكّرة.
وتقَدّم الكَلامُ على "يَوم" في الحديثِ الثّالث مِن "الاستطابة". وتقَدّم الكَلامُ على العَدَد في الثّالِث من "التيَمّم".
قوله: "فإنّ الحسَنة بعَشْر أمثَالها": أنَّثَ "عَشْرًا" رَعْيًا للمَوصُوف المحذُوف،
(1) غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).
(2)
غير واضحة بالأصل. وفي (ب): "ذَكّر".
أي: "فله عشر حَسَنات". (1)
ونظيره في التذْكير: "مَرَرتُ بثَلاثة نَسّابات"؛ رَاعَى الموصُوفَ المحذُوف، أي:"بثَلاثةِ رجَال نسّابات". (2)
وقَال "أبو عَليّ" وغَيره: أُنّث؛ لإضَافَة "الأَمْثَال" إلى مُؤَنّث، وهُو ضَمير "الحسَنَات"؛ فيَكُون كقَوله:{يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ} [يوسف: 10]. (3)
وزَاد "أَبُو البَقَاء" في الآيَة (4): لأَنّ "الأمْثَال" في المعْنَى مُؤَنّثة؛ لأنّ مِثلَ الحسَنَة حَسَنَة. (5) وقُرِئ في الآيَة: "عَشْرٌ أَمْثَالُهَا"(6)؛ رُفِع على الصّفَة لـ "عَشْر". (7)
(1) انظر: البحر المحيط (4/ 702)، تفسير الزمخشري (2/ 83)، الإعلام لابن الملقن (5/ 339 وما بعدها)، مغني اللبيب (ص 666).
(2)
انظر: البحر المحيط (4/ 702).
(3)
انظر: البحر المحيط (4/ 466، 702)، (6/ 244)، (7/ 255)، اللباب في علوم الكتاب (7/ 226)، (8/ 73)، الإعلام لابن الملقن (5/ 340)، اللباب في علل البناء والإعراب (2/ 104، 105)، مغني اللبيب (ص 666)، الخصائص (2/ 417)، توضيح المقاصد (2/ 795)، سر صناعة الإعراب (1/ 27)، شرح الأشموني (2/ 136، 137)، الصبان (2/ 373)، همع الهوامع (2/ 511، 599).
وقال أبو حيان: "قرأ الْحَسَنُ، وَمُجَاهِدٌ، وَقَتَادَةُ، وأبو رَجَاءٍ: تَلْتَقِطْهُ، بتاء التأنيث، أُنِّث على المعنى". انظر: البحر المحيط (6/ 244)، الخصائص (2/ 417).
(4)
أي: قَوله تعالَى: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} [الأنعام: 160].
(5)
انظر: التبيان في إعراب القرآن (1/ 423، 552)، البحر المحيط (4/ 466، 702)، اللباب في علوم الكتاب (7/ 226)، (8/ 73).
(6)
من سُورة [الأنعام: 160]. قال أبو حيان: "قرأ الْحَسَنُ وابن جُبَيْرٍ وَعِيسَى بن عُمَرَ وَالْأَعْمَشُ وَيَعْقُوبُ وَالْقَزَّازُ عن عَبْدِ الْوَارِثِ عَشْرٌ بالتنوين، أَمْثَالُهَا بالرفع على الصفة لِعَشْرٍ". انظر: البحر المحيط (4/ 702).
(7)
انظر: البحر المحيط (4/ 702)، تفسير الزمخشري (2/ 83)، اللباب في علل البناء والإعراب (2/ 104، 105).
قوله: "وذَلِك مِثْل صِيَام الدّهْر": تقَدّم الكَلامُ على "مِثْل" في الحديث الرّابع مِن "بَاب الأذَان".
قوله: "قُلتُ: [إنّي] (1) أطيق أفْضَل مِن ذَلك": ضَميرُ "قُلتُ" لـ: "عبد الله بن عَمرو". و"أفْضَل": أفْعَل تفْضيل. و"مِن": مُتَعَلّقة به، ومَعْنَاها: التبْعِيض، وقيل: لابتِدَاءِ الغَايَة (2). و"أفْضَل": صِفَة لموصُوف محْذُوف، أي:"أطيقُ صِيامًا أفْضَل".
قوله: " [إنّي] (3) أُطِيقُ أفْضَل": جملةٌ محْكيّة بالقَوْل. وجملةُ "أُطيق. . ." في محلّ خَبر "إنّ".
قوله: "قَالَ: فصُم يَوْمًا": أي: "قَالَ النبي صلى الله عليه وسلم".
"صُمْ يَوْمًا": "صَام" يتعَدّى إلى ظَرْفه وإلى مَصْدَره، ولا يتعَدّى إلى مفْعُول به. [فـ] (4) "يَومًا": ظَرْفُ زَمَان، مَعْمُول لـ "صُم".
قوله: "وأفْطِر يَوْمَين": مثله، ظَرْفٌ مُثّنى.
قوله: "قُلتُ: [أُطِيق] (5) أَفْضَل مِن ذَلك": مِثْل مَا تقَدّم.
قوله: "فَذَلك صِيَام دَاود": التقديرُ: "فذَلك مثلُ صِيام دَاود". (6) و"داود": لا ينصرفُ؛ للعَلَمية والعُجْمَة (7).
(1) كذا بالنسخ. وفي المتن: "فإنّي".
(2)
انظر: البحر المحيط (6/ 447)، (7/ 103)، الجنى الداني (ص 311، 312)، اللمحة (1/ 426 وما بعدها)، توضيح المقاصد والمسالك (1/ 139)، (2/ 934)، شرح الأشموني (2/ 301)، شرح التسهيل (3/ 136).
(3)
كذا بالنسخ. وفي المتن: "فإنّي".
(4)
غير واضحة بالأصل. ويظهر أنّها: "و". والمثبت من (ب).
(5)
بالنسخ: "إني أطيق". وهي ليست بالمتن.
(6)
لا حاجة إلى التقدير؛ لأنه وَرَد في متن الحديث كما قَدّره.
(7)
انظر: البحر المحيط (2/ 580).
قوله: "وهو أفْضَلُ الصّيام": "وهو" مُبتدأ، و "أفْضَل" خبره، و"الصّيام" مُضَافٌ إليه.
واستُعْمِل "أفْعَل" بالإضَافة إلى مَعْرفَة. وقَد تقَدّم أنّه إذا أُضيف إلى مَعْرفة: فإنّ أُوّل "أفْعَل" بما لا تفضيل فيه وَجَبَت المطَابَقَة، كقَولهم:"النّاقِص والأشَجّ أعْدَلا بني مَروان".
وإنْ كَان على أصْله في إفَادَة المفَاضَلَة: جَازَت المطَابقَة، كقَوله تعَالَى:{أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا} [الأنعام: 123]، و {هُمْ أَرَاذِلُنَا} [هود: 27]، وتَرْك المطَابَقَة، كقَوْله تعَالَى:{وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ} [البقرة: 96]. (1) وتَقَدّم الكَلامُ على "أفْعَل التفضيل" في الحديثِ الأوّل مِن "الصّلَاة".
قوله: "النّاقِص والأشَجّ": "النّاقِصُ": مُعَاوية بن يَزيد (2)، وكَان مِن الوَرَع
(1) انظر: أوضح المسالك (3/ 265 وما بعدها)، اللمحة (1/ 426 وما بعدها)، شرح الكافية الشافية (2/ 1136 وما بعدها)، شرح التصريح (2/ 95 وما بعدها)، شرح التسهيل (3/ 53 وما بعدها)، شرح المفصل (2/ 156 وما بعدها)، (4/ 128)، توضيح المقاصد (2/ 937 وما بعدها)، شرح ابن عقيل (3/ 178 وما بعدها)، همع الهوامع (3/ 95 وما بعدها)، جامع الدروس العَربية (1/ 197، 199).
(2)
سبق أنْ بيّنا أنّ المراد بالنّاقصُ: هو يزيد بن الوليد بن عبد الملك بن مروان، وأنه لُقّب بذلك لأنّه نقص أرزاق الجند. وأنّ الأشَجّ: بالشّين المعجَمة والجيم، هو عُمر بن عبد العزيز رضي الله عنه، وأنه لُقّب بذلك لأنّ بجبينه أثَر شَجّة مِن دَابّة ضَربته.
وانظر في هذا: شرح التصريح (2/ 102)، شرح المفصل (2/ 159)، شرح شذور الذهب للجوجري (1/ 103)، (2/ 727)، تاريخ دمشق لابن عساكر (ط دار الفكر، 74/ 122)، السلوك في طبقات العُلماء والملوك للجُندي اليمني (1/ 180)، فوات الوفيات لابن شاكر (ط صادر، 4/ 333)، الأعلام للزّركلي (8/ 190).
ولم يقُل أحَد - فيما رأيتُ - بما قاله ابن فرحُون، غير أنّ "عبد الملك العصامي" أشار في "سَمْط النّجوم العَوالي"(ط دار الكُتب العلمية، 3/ 209) إلى أنّ صَالحي بني مروان هُم: "مُعاوية بن يزيد، وعُمر بن عبد العزيز، ويزيد الناقص"، وهو منه وقُوع =
والعَدْل نهَايَة. و"الأشَجّ": [عُمَر](1) بن عَبْد العَزيز، ولا تخفَى مَكَانته مِن العَدْل والخيْر.
وسَبَبُ تسْميتهما بذَلك مَذْكُورة عنْد المؤَرّخين. قَالَ ابنُ قُتَيبة: سُمّي "أشَجّ بني مَروان"؛ لأنّه ضربته دَابّة في وَجْهه (2).
وكان عُمر بن الخطّاب يقُول: "إنّ مِنْ وَلَدِي رَجُلٌ بوَجْهِهِ شَيْنٌ، يَمْلَأُ الأَرْضَ عَدْلًا"(3). وإنّما قَال عُمر: "مِن وَلَدي"؛ لأنّ أمّ عُمَر بن عبد العَزيز مِن وَلَد عُمر بن الخطاب. (4)
قوله: "فقُلتُ: إنّي أُطِيقُ أفْضَل مِن ذَلك": مَصْدَر "أطَقتُ الشّيءَ": "إطَاقَة". ويُقَالُ: "هُو في طَوْقِي" أي: "في وسْعِي". (5)
قوله: "وفي رواية: لا صَوْمَ فَوق صَوْم دَاود، شَطْرَ الدّهْر": حَرفُ الجر يتعلّق بمُقَدّر، أي:"وجَاء في روايةٍ"، أو:"رُوي. . .".
ومحلّ "لا صَوْم. . . إلى آخره" رَفْعٌ، بأَيّهما قَدّرت، إلا أنّ "رُوي" يطلُب مَفْعُولا لم يُسَمّ فَاعِله.
و"لا صَوْم": مثل "لا حَوْلَ" و"لا إله [إلا الله] (6) ". وقَد تقَدّم في أوّل حَديثٍ مِن "باب التيمم".
= في نفس الخطأ؛ لأنّ مُعاوية بن يزيد ليس من بني مروان أصْلًا.
(1)
بالأصل: "عمرو".
(2)
انظر: المعارف لابن قتيبة (ص 362).
(3)
الأثر رواه ابن سَعد في "الطبقات الكبرى"(ط صادر، 5/ 330). وأخرجه الترمذي في تاريخه، كما ذَكَر السيوطي في "تاريخ الخُلفاء"(ص 171).
(4)
انظر: المعارف لابن قتيبة (ص 188، 362).
(5)
انظر: الصّحاح (4/ 1519).
(6)
غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).
و"فوق": ظَرْفُ مَكَان. وهي هُنا مَجَاز؛ لأنّ حَقيقة المكَان [غير](1) مَوجُودة هُنا.
وهَذا كقَوله تعَالَى: {وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا} [آل عمران: 55]، أي:"في المكَانة والمنْزِلَة". (2)
وكذلك "الفَوْقيّة" هُنا بمَعْنى "رَفْع الدّرَجَات" و"الثّوَاب"؛ لأنّ طَلَبَ عَبْد الله بن عَمرو بن العَاص بزيادة العَمَل الزّيادة [في](3) الثّواب، فأخْبَرَه النّبي صلى الله عليه وسلم بأنّه لا فَوقَ هذا الثّواب على هَذا العَمَل الخَفِيف.
قوله: "شَطْر الدّهْر": يجُوز فيه الجرّ على البَدَل مِن "صَوْم داود". ويحتمل الرّفْع، أي:"هُو شَطْرُ الدّهْر". ويحتمل [النّصب](4)، بتقدير:"أعْني". أو يكُون ظَرْفًا على بَابه، والعَامِلُ فيه:"صَوْم دَاود"، أي:" [صَام] (5) شَطْر الدّهْر"، أو التقدير:"كَان يَصُوم شَطْر الدّهْر"، فيكُون ظَرْفًا. (6)
و"الشّطْر": يُطْلَق على الجِهَة، وعلى النّصف، وعلى الجُزْء. ويُقَال [منه] (7):"شَطَرَ، شُطُورًا"، أي:"بَعُد"، و"شَطَر إليه":["أقْبَل"](8). و"الشّاطِرُ" مِن الشّباب:
(1) غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).
(2)
انظر: التبيان في إعراب القرآن (1/ 266)، البحر المحيط لأبي حيان (3/ 179)، تفسير الزمخشري (1/ 367).
(3)
غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).
(4)
غير واضحة بالأصل. وسقط من (ب).
(5)
غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).
(6)
انظر: فتح الباري للعسقلاني (4/ 225)، عُمدة القاري للعَيني (22/ 262)، إرشاد الساري للقسطلاني (3/ 409).
(7)
غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).
(8)
غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).