الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحدِيث الرّابِع:
[234]
: عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه قَالَ: أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ أَقُومَ عَلَى بُدْنِهِ، وَأَنْ أَتَصَدَّقَ بِلَحْمِهَا وَجُلُودِهَا وَأَجِلَّتِهَا، وَأَنْ لا أُعْطِيَ الْجَزَّارَ مِنْهَا شَيْئًا. وَقَالَ:"نَحْنُ نُعْطِيهِ مِنْ عِنْدِنَا"(1).
تقَدّم الكَلامُ على "أمَرَ" وتعَدّيه في أوّل "بَابِ السّوَاك".
و"أنْ أقُوم": يحتَمل أنْ يكُون مفْعُولُ "أمَرَ". ويحتَمل أنْ ينتَصِب بتقدير "البَاء"، أي:"بأَنْ أقُوم".
قوله: "على بُدْنه": تعَدّى "أَقُوم" بـ "على"؛ لأنّه تضَمّن مَعنى "أخْلُفُه" و"أَتَوَكّل لَه". "وأنْ أتَصَدَّق" معطُوفٌ على "أنْ أقُوم"، وكذلك:"وأنْ لا أُعْطِي". و"أُعْطِي" يتعَدّى إلى مفْعُولين، الأوّل:"الجَزّار"، والآخَر:"شَيئًا"، وقد تقَدّم الكَلامُ في الثّاني مِن "بَابِ المرور" على "شَيئًا". و"مِنْهَا" يتعَلّق بصِفَة لـ "شَيء"، تقَدّم؛ فانتَصَب على الحَال (2).
قوله: "وَقَالَ": معْطُوفٌ على "أمَرَنِي".
و"أجِلّتها": جمعُ "جِلَال"، مِن "التّجليل"، وهُو "التَغْطية". (3)
وكَان ابن عُمر رضي الله عنه "يُجلّلُ بُدْنَه القبَاطيَّ"(4).
وتجليلُ الفَرَس: أنْ يُلبسه الجُلّ، [ويُجَلّل به أعْلَاه](5).
(1) رواه البخاري (1717) في الحج، ومسلم (1317) في الحج.
(2)
راجع: التبيان في إعراب القرآن (1/ 165).
(3)
انظر: النهاية لابن الأثير (1/ 289)، لسان العرب (11/ 119).
(4)
رواه الإمام مالك بالموطأ (1/ 379، كتاب الحج).
(5)
كذا بالنسخ. وهي في الصّحاح: "وتَجَلّلَه، أي: عَلاه". وفي المعجم الوسيط: "تجلّل بِه: تغطى، والشَّيْء: أَخذ جله، وعَلاه". وانظر: الصحاح (4/ 1661)، لسان العرب (11/ 119)، المعجم الوسيط (1/ 131).
وفي الكَلام محذُوف، أي:"أتَصَدّق [على الفُقَراء بهذه الأشياء".
و"المتصَدّق"] (1): الذي يُعْطي، ومنه قوله تعالى:{إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ} [الحديد: 18]، أصْلُه:"المتَصَدِّقين والمتَصَدِّقات"، ثُم أُدْغِمت "التّاء" في "الصّاد". (2)
وجَرَى هَذَا العَطْف على اللغَة الفَصيحَة في عَدَم تِكْرَار حَرْف الجَر مَع المعْطُوف، فلَم يَقُل:"وأنْ أتَصَدّق بلَحْمِهَا وبجُلُودِهَا وبأَجِلّتهَا". وقَد جَاء ذَلك في قَوله تعَالَى: {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً} [البقرة: 201]، ولَو جَاء الكَلَام:"رَبّنا آتِنَا في الدُّنيَا حَسَنَة والآخِرَة حَسَنَة" جَاز. (3)
قوله: "وقَالَ: نَحْن نُعْطِيه": تقَدّم الكَلامُ على "نَحْن" في الرّابع مِن "الهدْي"(4). و"نُعْطيه" مفعُوله الثّاني محذُوف، أي:"نُعْطيه أجْرَة".
و"مِن عِنْدنا": يتعَلّق بـ "نُعْطيه". و"مِن" لابتداء الغَايَة، أي:"ابتداء زَمَن الإعْطاء مِن عندنا"؛ فتكُون "مِن" للابتِداء في الزّمَان، وكذلك قيل في قوله تعالى:
(1) غير واضحة بالأصل. وفي (ب): "على الفقراء، والمتصدق".
وفي "الصحاح"(4/ 1506): "والمتصدِّق: الذي يُعطي الصدَقةَ. ومررتُ برجلٍ يَسأل، ولا تقُل: يتصدّق، والعامّة تقوله، وإنما المتصدِّق الذي يُعطي".
(2)
انظر: الصّحاح (4/ 1506). وفيه: "أصله: المُتَصَدِّقينَ، فقُلبت التاء صَادًا، وأدغِمت في مُثلها". وراجع: عُمْدة القَاري (8/ 280)، التوضيح لشرح الجامِع الصّحيح (10/ 372)، مَطالع الأنوار (4/ 268)، طرْح التثريب (7/ 186).
(3)
انظر: اللباب في علوم الكتاب لابن عادل (6/ 437)، التبيان في إعراب القرآن (1/ 165)، (2/ 1039)، البحر المحيط لأبي حيان (3/ 684)، إرشاد الساري (9/ 220)، شرح التسهيل لابن مالك (3/ 384).
(4)
كذا بالنسخ. وهو سهو منه، فقد أحال على الحديث الذي نحن فيه. وقد سبق وورد لفظ "نحن" في السابع من أوّل الصيام، وسيأتي مرارًا.