الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قوله: "في وسطها": أي: "قابل وسطها"، وتسمّى هذه (1): المقايِسَة، بضم "الميم" وكسر "الياء"، كقوله تعالى:{فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ} (2)[التوبة: 38](3)، لكن جاءت في الآية لمقابلة معنى، وجاءت هنا في مقابلة عين.
وتقدّمت مواضع "في" في الحديث الرابع من أول الكتاب.
و"وسَطها": بتحريك السين وسكونها، فبالسكون ظرف، وبالتحريك اسم، وكل موضع صلح فيه "بين" فهو "وسط" بالسكون، فإن لم يصلح فيه ["بين" فهو](4)"وَسَط" بالتحريك، وربما سُكِّن.
قال في "الصحاح": وليس بالوجه (5).
وعلى هذا يكون "فقام وسَطها" بالتحريك أقيَس؛ لأنه لا يصلح فيه "بين". والرّواية بالسّكون على خلافِ القاعدة.
الحديث [العاشر](6):
[163]
: عَنْ أَبِي مُوسَى عَبْدِ اللهِ بْنِ قَيْسٍ: "أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَرِئ مِنْ الصَّالِقَةِ وَالْحَالِقَةِ وَالشَّاقَّةِ"(7).
قال: الصّالِقَة: "التي تَرفَع صَوْتها عِنْد المصيبة".
(1) يقصد: "في".
(2)
بالنسخ: "وما".
(3)
انظر: الجنى الداني (ص 251)، شرح التسهيل (3/ 156).
(4)
غير واضحة بالأصل. وسقط من (ب).
(5)
انظر: الصحاح (3/ 1168).
(6)
في النسخ: "التاسع"، وذكرنا سبب التغيير عند الحديث السادس من الباب.
(7)
رواه البخاري (1296) في الجنائز، ومسلم (104) في الإيمان.
قلت: وقيل: "التي تصكّ رأسها ووجهها". ذكره صاحب "النهاية"(1).
قوله: "بَرِئ": جملة من فعل وفاعل، [في](2) محل خبر "أنَّ".
ومصدر "برئ": "براءة"، ويقال:"برئت من المرض"، "بُرءًا"، بالضم، وأهل الحجاز يقولون:"بَرَأْتُ من المرض"، "بَرْءًا"، بالفتح فيهما، ويقال:"تَبَرَّأْتُ من كذا"، و"أنا بَراء منه"، و"خَلاء منه"، بالفتح.
ولا يُثَنَّى ولا يُجمع لأنه مصدر، فإذا قلت:"أنا بريء منه"، و"خَليٌّ منه"، ثنَّيتَ وجمعتَ وأنّثت، فقلت في الجمع:"نحن بُرآء"، مثل:"فقيه وفقهاء"، و"بِراء" مثل "كريم وكِرام"، و"أبراء" مثل "شريف وأشراف"، و"أبرياء" مثل "نصيب وأنصباء"، و"بَرِيئون"، وامرأة "بريئة"، وهما "بريئان"، وهن "بريئات" و"بَرَايا". ذكره صاحب "الصحاح"(3).
قوله: "من الصالقة": متعلق بـ "برئ"،
قال ابن الأثير: "الصالقة" و"السالقة": هي التي تصرخ عند المصبية وتصيح، و"الحالقة": التي تحلق شعرها. و"الشاقة": التي تشق ثوبها (4).
و"من" يتعلق بـ "برئ" فهي في محل نصب، كهي في قوله تعالى:{أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [التوبة: 5].
والألف واللام في "الصالقة"، و"الحالقة"، و"الشاقة" موصولة بمعنى
(1) انظر: النهاية لابن الأثير (2/ 391)، مشارق الأنوار (2/ 44)، الإعلام لابن الملقن (4/ 484).
(2)
غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).
(3)
انظر: الصحاح (1/ 36).
(4)
انظر: النهاية لابن الأثير (1/ 427)، (2/ 391)، (3/ 48)، جامع الأصول (11/ 102)، إرشاد الساري (2/ 409).
"الذي"، واختُلف في حرفيتها.
وتجيء الألف واللام موصولة في اسم الفاعل، واسم المفعول، والجملة الاسمية والفعلية.
فاسم الفاعل: كما تقدّم من الأمثلة الثلاثة.
واسم المفعول: كقولك: "المطعوم والمشروب".
والجملة: كقوله:
مِنَ القومِ الرسُولُ اللهِ منهم
…
لهم دانَتْ رِقابُ بني مَعَدّ (1)
والفعل كقوله:
ما أنتَ بالحَكم الْتُرْضَى حكومَتُه
…
ولا الأصيلِ ولا ذي الرأي والجدَل (2)(3)
والمفعول محذوف في "الحالقة" و"الشاقة"، أي:"الحالقة شعرها"، و"الشاقة ثوبها".
وأما "الصالقة": ففعلها هنا لازم يتعدى بحرف الجر، أي:"صلقت بلسانها"، أي:"صاحت". قال الله تعالى: {سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ} [الأحزاب: 19]، ويقال:"سلقه بالكلام". (4)
(1) البيت من الوافر، وهو من الشواهد التي لا يُعرف قائلها. انظر: المعجم المفصل (2/ 413)، وشرح التسهيل (1/ 203)، شرح ابن عقيل (1/ 158).
(2)
البيت من البسيط، وهو للفرزدق. انظر: المعجم المفصل (6/ 490)، وخزانة الأدب للبغدادي (1/ 32)، وشرح ابن عقيل (1/ 157).
(3)
انظر: شرح التسهيل (1/ 200 - 203)، وهمع الهوامع (1/ 331 - 333)، وشرح الأشموني (1/ 150، 151)، وشرح ابن عقيل (1/ 155 - 160).
(4)
انظر: إحكام الأحكام (1/ 371)، لسان العرب (10/ 205).