الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
"الزمُوا أنفُسَكُم رُخْصَة الله".
قوله: "التي رَخَّص لكُم": "التي" اسم ناقِص. و"رَخّص" في محلّ الصّلة، والعَائِدُ محذُوفٌ، أي:"التي رَخّصها لكُم". والصّلة والموصُول في محلّ جَر، صفة لـ "رُخْصَة الله".
ويجوز أن يكُون " [التي] (1) " مرفُوعًا، بتقدير " [هي] (2) ". ويجوز النصب، بتقدير:"أعني".
و"لكُم": يتعلّق بـ "رَخّص"، ومَصدرُه "رَخّص، ترخيصًا"، و"الرُّخْصَة" الاسم. (3) وإضافته هنا إلى الفَاعِل.
الحديث الخَامس:
[187]
: عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه، قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي السَّفَرِ، فَمِنَّا الصَّائِمُ وَمِنَّا الْمُفْطِرُ. قَالَ: فَنَزَلْنَا مَنْزِلًا فِي يَوْمٍ حَارٍّ، وَأَكْثَرُنَا ظِلًا صَاحِبُ الْكِسَاءِ، [فَمِنَّا] (4) مَنْ يَتَّقِي الشَّمْسَ بِيَدِهِ. قَالَ: فَسَقَطَ الصُّوَّامُ، وَقَامَ الْمُفْطِرُونَ، فَضَرَبُوا الأَبْنِيَةَ، وَسَقَوْا الرِّكَابَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"ذَهَبَ الْمُفْطِرُونَ الْيَوْمَ بِالأَجْرِ"(5).
قوله: "قَالَ: كُنّا": التقدير: "أنّه قَالَ"؛ ليقُوم مقَام معمُول حَرْف الجرّ. (6)
(1) بالأصل: "الذي". والمثبت من (ب).
(2)
غير واضحة بالأصل. وفي (ب): "أي".
(3)
انظر: العين (4/ 185)، الصّحاح للجوهري (3/ 1041)، المصباح المنير (1/ 224)، لسان العرب (7/ 40).
(4)
غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب). وهو ما سيشرح عليه ابن فرحون. لكن في أكثر نُسخ "العُمدة": "ومنّا". وانظر: صحيح مسلم (1119/ 100)، العُمدة (ص 136)، إحكام الأحكام (2/ 22)، الإعلام لابن الملقن (5/ 282).
(5)
رواه البخاري (2890) في الجهاد، ومسلم (1119) في الصيام.
(6)
راجع: شرح قطر الندى (ص 190)، شرح ابن عقيل (2/ 127)، جامع الدروس =
و"كُنّا": "كَان" واسمها، وتقَدّم الكَلامُ عليها في الحديث الثّاني من هذا الباب.
قوله: "مع النبي صلى الله عليه وسلم": تقَدّم الكَلامُ على "مع" في الحديث الأوّل من "المسح على الخُفّين". ويتعلّق بخبر "كان". و"في السّفر": يتعلّق بمُتعلّقه، أي:"كائنين معه في السّفر".
ويحتمل أن يتعلّق بحَال من اسم "كان"، [وتعمل فيه] (1) "كان" على قول مَن قال: تعْمَل "كان" في الفَضلات. (2)
ويحتمل أن يكون "في سَفر" خَبر "كان"، و"مع" تتعلّق بصفة [لـ "سَفَر"](3)، تقَدّمت؛ فانتصبت على الحال.
ويحتمل أنْ تتعلّق "مع" بالاستقرار المقَدّر في المجرور المقَدّر خَبرًا، ويكُون التقديرُ:"كُنّا كائنين في سَفَر مُتوجّهين مع النبي صلى الله عليه وسلم"، ولا يصحُّ أنْ تتعلّق بحَال من ضَمير الاستقرار؛ لأنّ الحالَ لا تتقَدّم على عامِلها المعنَوي عند البصريين (4). وجُملةُ "صلى الله عليه وسلم" لا محلّ لها؛ لأنّها مُعترضة، كجُملة "رضي الله عنه".
قوله: "فمِنّا الصّائِم": "مِن" في الموضعين للتبعيض (5)، وتتعلّقان بخبر المُبتدأ الواقع بعدهما. وتقَدّمَ الخبرُ فيها لإفادة التقسيم.
= العربية (2/ 246 وما بعدها).
(1)
غير واضحة بالأصل. وفي (ب): "والعمل".
(2)
انظر: اللمحة (2/ 577)، شرح ابن عقيل (1/ 276)، الخصائص (2/ 276)، الهمع للسيوطي (1/ 490).
(3)
غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).
(4)
انظر: نتائج الفكر (ص 327).
(5)
انظر: الجنى الداني (ص 309)، اللمحة (1/ 64)، اللباب في علل البناء والإعراب (1/ 354)، أوضح المسالك (3/ 18)، مغني اللبيب (ص 420)، شرح الأشموني (2/ 70)، جامع الدروس العربية (3/ 172).
وجَعَل "الباجي" من أدَوَات الحصْر السبر والتقسيم (1)، كهذا؛ والتقدير:"فمنّا الرّهْط الصّائِم، ومنّا الرّهْط المفْطِر".
وحَذْفُ الموصُوف، وإقامة الصّفة مقَامه جَائزٌ في مَوَاضع (2) تقَدّمَت في الثّاني من "التيمم"، وفي الثّامن من "باب صفة الصّلاة". وجَاءَ هُنا محذُوفًا؛ لأنّ في الصّفة ما يدلُّ على الموصُوف، وهو "الصّوم".
وأفاد تعريف الصّائم زيادة تعظيم الموصوف، ولو قَال:"فمِن صَائم، ومِن مُفطر" لم يُوجَد هذا المعنى.
قال ابنُ المنير ناصر الدّين: التعريفُ بالألِف واللام يكُون للتفخيم والتّعظيم، كقَوله تعالى:{يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ} [الشورى: 49].
وأمّا التنكير: فيكُون للتعظيم وغيره. فمِن التعظيم: قوله تعالى: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ} [الحجر: 45]، [الذاريات: 15]. (3)
والألِف واللام في "السّفر" للعَهْد، أي:"السّفر الذي وَقَع فيه الصّيام".
قوله: "يَوْم حَار": هُو مثل: "ليل قائم" و"نهار صَائم"، أي:"يُصَام فيه".
قوله: "قَالَ": أي: "أنس": "فنَزلنا منزلًا": "منزلًا" هُنا ظَرْف مَكَان؛ لأنّه أرَاد الموْضِع.
(1) انظر: البحر المحيط لأبي حيان (10/ 466)، إرشاد الساري (8/ 287)، (9/ 209)، الإعلام لابن الملقن (1/ 172، 173)، حاشية الصبان (2/ 164).
(2)
انظر: البحر المحيط (1/ 110، 555)، التبيان في إعراب القرآن (1/ 30)، الكتاب لسيبويه (1/ 227، 228)، الأصول لابن السرّاج (1/ 193 وما بعدها)، شرح التسهيل (2/ 204)، همع الهوامع (2/ 144 وما بعدها).
(3)
راجع: البحر المحيط (2/ 384)، (9/ 348)، اللباب في علوم الكتاب (4/ 6)، عمدة القاري (1/ 188)، الإعلام لابن الملقن (3/ 443).
قوله: "في يَوم حَارّ": يتعلّق بـ "نزلنا". ولا يصحّ أن يكُون صفة لـ "منزلًا"؛ لفَسَاد المعنى.
قوله: "وأكثرنَا ظلًّا صَاحِب الكِسَاء": "أكثر" مُبتدأ، وهو أفعل التفضيل، و"ظلًّا" تمييز، و"صاحب الكساء" خبر المُبتدأ.
وفصَل بالتمييز [بين](1) المبتدأ والخبر؛ لأنّه من صلة "أفعل"، ولأنّه المقصود من الجملة الخبرية.
ويجوز أن يكون "صاحب الكساء" مُبتدأ، والخبرُ مُقَدّم عليه، ويكُون التقدير:"وصَاحِبُ الكِسَاء أكثرنا ظِلًّا". وهَذا أحْسَن.
قوله: "فمِنّا مَن يتّقي الشّمس بيَدِه": و"الفَاءُ" هنا سَببية، وحذف القِسْم الثاني للعلم به، أي:"فينا مَن يتّقي، ومنّا مَن لا يتّقي". أو يُقَدّر: "فمنّا مَن يتّقي بيده، ومنّا مَن يتّقيها بثوبه أو غير ذلك".
و"مِنّا": [مُتعلّق](2) بخَبر "من". و"مَن" هنا نكرة موصوفة، أي:"فمنّا شَخص أو رجُل". ويحتمل أن تكون موصُولة، أي:"فمنّا الذي يتّقي الشمس". والصّلة والصفة جملة "يتّقي".
و"الشّمس": مفعول "يتّقي". و"بيده" يتعلّق بـ "يتّقي".
و"الباء" باء الآلة، ويحتمل أن تكُون "باء" الحال، أي:"يتّقي الشمس مُظَلّلا بيده". (3) والله أعلم.
قوله: "قال: فسَقَط الصُّوام": فعل، وفاعل. والمراد:"ضَعفوا عن الحركة".
(1) غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).
(2)
غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).
(3)
انظر: مغني اللبيب (ص 148)، الجنى الداني (ص 55، 56).