الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب ما يلبس المحرم من الثياب
[الحديث الأوّل](1):
[211]
: عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسولَ اللهِ، مَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ مِنْ الثِّيَابِ؟ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"لا يَلْبَسُ [الْقُمصَ] (2)، وَلا الْعَمَائِمَ، وَلا السَّرَاوِيلاتِ، وَلا الْبَرَانِسَ، وَلا الخِفَافَ، إلَّا أَحَدٌ لا يَجِدُ نَعْلَيْنِ؛ فَلْيَلْبَسْ [الخُفَّيْنِ] (3)، وَلْيَقْطَعْهُمَا أَسْفَلَ مِنْ الْكَعْبَيْنِ. وَلا يَلْبَسْ مِنْ الثِّيَابِ شَيْئًا مَسَّهُ زَعْفَرَانٌ أَوْ وَرْسٌ". (4)
وَلِلْبُخَارِيِّ: "وَلا تَنْتَقِبِ الْمَرْأَةُ، وَلا تَلْبَسِ الْقُفَّازَيْنِ". (5)
قوله: "أنّ رَجُلا قَال: يا رسُول الله": محل "أنّ" رَفعٌ [بمفعول](6) لم يُسَم فَاعِله، [أي] (7):"رُوي عن عبد الله [هذا] (8) اللفظ"، فالجملة كُلّها إلى آخر الحديث مفعولٌ محكيّ مبني مرفُوعُ المحلّ.
و"قَال" في محلّ خَبر "أنّ"، وفاعِله مُستتر. و"يا رَسُولَ الله" معمُولُ القول.
و"مَا يَلبس المحْرم؟ ": مُبتدأ، وخبرُ المبتدأ: اسمُ الاستفهام. والخبر في جملة "يَلبس"، أي:"أي شيءٍ يَلبس المحْرم؟ ". والألِف واللام في "المحْرم" للجنس. (9)
(1) سقط من النسخ.
(2)
في بعض نسخ العُمدة: "القميص".
(3)
في بعض نسخ العُمدة: "خُفين".
(4)
رواه البخاري (1542) في الحج، ومسلم (1177) في الحج.
(5)
رواه البخاري (1838) في جزاء الصيد.
(6)
غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).
(7)
غير واضحة بالأصل. وفي (ب): "إذ".
(8)
غير واضحة بالأصل. وفي (ب): "بهذا".
(9)
انظر: إرشاد الساري (8/ 422).
قوله: "مِن الثياب": "مِن" لبيان الجنس، ويتعلّق بـ "يلبس". (1)
قوله: "قَال رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: لا يَلبس القُمص": كَان طريقُ الجواب: "يَلبس كذا"، لكنه صلى الله عليه وسلم عَدل عنه فصاحة وبلاغة؛ لأنّ ما لا يلبس المحرم ينحصر في ما ذكره؛ فتحصل الفائدة للسّائل، وما يلبسه لا ينحصر؛ فعَدل لهذا المعنى. (2)
فجُملة "لا يَلبس" معمولة للقَول، و"لا" ناهية، والفِعلُ بها مجزوم؛ فتكون "السّين" مكْسُورة، لالتقاء السّاكنين.
ويجوز أنْ تكُون "لا" نافية، والمعنى على النّهي، و"السّين" مرفُوعة؛ فيكون خبرًا في محلّ النهي. (3)
و"القُمص": جمعُ "قميص". (4)
"ولا العَمائم": معْطُوفٌ عليه، جمعُ "عمامة"، وهو على وَزْن مَا لا ينصرف، لكنه بدخُول الألِف واللام ينجرّ بالكسرة؛ لأنّ كُلّ ما لا ينصرف إذا دخلته الألِف واللام أو الإضافة ينجرّ. وعبارة بعضهم: ينصرف. وفرّق بعضهم، فقال: ينصرف إنْ ذهب مُوجب المنع، وينجر إنْ وجد، كما في "عمائم" و"مساجد"؛ لأنّ المانعَ قَائِم، وهو صيغة مُنتهى الجموع. (5)
قوله: "ولا السراويلات": "السّراويل" معروفٌ، يُذَكّر ويُؤنّث، والجمعُ:
(1) انظر: إرشاد الساري (8/ 422).
(2)
انظر: إرشاد الساري (8/ 422).
(3)
انظر: إرشاد الساري (8/ 422).
(4)
انظر: الصحاح (3/ 1054)، لسان العرب (7/ 82).
(5)
انظر: الكتاب (1/ 22)، (3/ 221)، شرح الكافية الشافية (1/ 179)، أسرار العربية (ص 55، 225)، اللباب في علل البناء والإعراب (1/ 72، 521)، شرح التسهيل (1/ 41)، شرح المفصل (1/ 166)، (3/ 147)، الهمع (1/ 92).
"السراويلات".
قَال سيبويه (1): "سَراويل" واحدة، وهي أعجَمية عُرّبت؛ فأشبهت مِن كلامهم ما لا ينصرف في معرفة ولا نَكِرة، وهي مصروفة في النكرة، وإن سَمّيت بها رجُلا لم تصرفها، وكذلك إن نقلتها اسم رجل؛ لأنها مؤنث على أكثر من ثلاثة أحرف، مثل:"عناق".
ومِن النحويين مَن لا يصرفه في النكرة، ويزعم أنه جمع "سروال" أو "سروالة"، ويُنشد:
علَيْهِ مِنَ اللُّؤْم سِرْوَالةٌ
…
فلَيْس يرِقّ لمستَعطِفِ (2)
ويحتج مَن ترك صَرفه بقَول ابن مُقْبِل:
. . . . . . . . . . .
…
فَتَى فارِسىّ في سراويلَ رامحُ (3)
قال في "الصّحاح": والعَملُ على القول الأوّل، والثاني أقوَى. و"سرولته":"ألبسته السراويل". (4)
فـ "السراويلات": منصوبٌ بالعَطْف على "القُمص"، وعلامة نصبه الكسرة؛
(1) انظر: الكتاب (3/ 229)، الصحاح (5/ 1729).
(2)
البيتُ من المتقارب، وهو بلا نسبة.
انظر: خزانة الأدب (1/ 233)، المعجم المفصل (5/ 92).
(3)
عجز بيت من الطويل، وصدره:"يُمَشي بها ذَبُّ الرَّيادِ كأنّه". انظر: شرح المفصل لابن يعيش (1/ 182)، لسان العرب (1/ 381)، (11/ 334)، خزانة الأدب (1/ 228)، المعجم المفصل (2/ 109).
(4)
انظر: الكتاب لسيبويه (3/ 229)، الصحاح (5/ 1729)، المقتضب (3/ 345)، لسان العرب لابن منظور (11/ 334)، المخصص (1/ 392)، شرح المفصل (1/ 182)، مختار الصحاح (ص 147).
لأنه جمعُ مُؤنّث سالم.
قوله: "ولا البرانس": جمعُ "برنس"، وهو كُلّ ثوب رأسه منه مُلتزق به، من دُرَّاعَة أو جُبَّة.
وقال الجوهري: هو قلنسوة طَويلة كان النسّاك يلبسونها في صَدْر الإسلام، وهُو مِن "البرس" بكسْر "الباء"، وهو "القُطْن". و"النون" زائدة. وقيل: إنّه غير عَربي. (1)
والكَلامُ عليه مثلُ الكَلام على "العَمائم".
قوله: "ولا الخفاف": "الخفاف" بكسر "الخاء".
وفاعلُ "يلبس" يحتمل وَجْهين، أحدهما: ضَمير يعُود على المحْرِم المتقَدّم ذِكْره في السّؤال، ويكونُ الكَلام مُسترسلًا إلى قوله:"ولا الخفاف". ويكونُ قوله: "إلا أحَدٌ" راجعًا إلى "الخفاف" فقط، فيقدّر فعل، أي:"ولا يلبس الخفين إلا أحد"؛ فيكون إعراب "أحَدٌ" فاعِلًا [بالفِعْل](2) المقَدّر، ويكونُ الاستثناءُ مُفرغًا.
ويحتمل أن يكُون "ولا الخفاف" معطوفًا على ما قبله، ويكون "أحدٌ" مبتدأ، وخبره محذوفٌ، أي:"يَسوغ له ذلك". وعلى هذا يكون الاستثناء مُنقَطعًا، بمعنى "لكن".
ويحتمل أن يكُون الاستثناء مُتّصلًا، ويكُون "أحَدٌ" بَدَلًا من الضّمير، أي:"لا يلبس المحْرِم [كَذا، إلّا] (3) مُحرِم. . .".
(1) انظر: الصحاح (3/ 908)، النهاية لابن الأثير (1/ 122)، مجمع بحار الأنوار (1/ 168)، لسان العرب (6/ 26).
(2)
غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).
(3)
بالنسخ: "كذا لا".
وتقَدّم الكَلام على "أحَد" في الثّاني مِن الأوّل، والكَلَام على "إلّا" في الاستثناء في الحديث الرّابع مِن "التشهد".
وجملة "لا يجِد نَعْلَين" في محلّ صِفَة لـ "أحَد"، وجملة "فليَلبس" معطُوفة على "يجد"، و"الفَاء" سَببيّة. وتقَدّم الكَلام على "لام الأمر" في السّادس من "الإمامة". وفَاعلُ "فليَلبس": ضَميرُ "أحَد".
و"الخفّين": تثنية "خُفّ".
قوله: "أسْفَل": ظَرْفٌ. و"مِن": لابتداء الغَايَة. والمعنى: "فليقطعهما جهة أسْفَل من الكعبين".
قَالَ في "الصّحاح": "السُّفْلُ" و"السِّفلُ" بضَمّ "السّين" وكسرها، و"السّفول" و"السَّفال" بفتح "السّين"، و"السُّفالة" بضم "السّين"، نقيض "العُلْو" و"العَلاءِ" و"العَلَاوَة". (1)
يجوز هنا أنْ تكُون "مِن" زائدة، أي:"أسفل الكعبين"، ويكون "الكعبان"[بتقدير المضاف](2)، أي "أسْفَل محاذي الكَعبين"، أو يكون الكَعب مِن الخُف آخره، سُمّي بذلك باعتبار محلّه مِن كَعْب الرّجل.
قوله: "ولا يلبس مِن الثِّيابِ شيئًا": فاعِلُ "يلبس" ضَمير الرّجُل، و"مِن" لبيان الجنس، و"شيئًا" مفعُول به، وتقدّم الكلامُ عليه في الثاني من "باب المرور".
وجملة "مَسّه" في مَوضِع الصّفة لـ "شيء"، و"زعفران أو ورس" فاعلُ "مَسّه". و"الورس":[نباتُ](3) اليمن، يُصفّر كالحناء. (4)
(1) انظر: الصحاح (5/ 1730).
(2)
غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).
(3)
غير واضحة بالأصل. وفي (ب): "ثياب".
(4)
انظر: الصحاح (3/ 988)، النهاية لابن الأثير (5/ 173)، لسان العرب (6/ 254)، =
و"أو" هُنا للتفصيل، وقد تقَدّم الكَلامُ عليها في الثّالث من "باب السّواك".
و"الزّعْفَرَان": يجمَع على "زَعَافِر"، مثل:"تَرْجَمَان" و"تَرَاجِم". (1)
قوله: "وللبخاري": أي: "جاء للبخاري"، فيتعلّق حرف الجر بالمقَدّر. ويحتمل أن يكون حرفُ الجر مُتعلقًا بخبر عن مُبتدأ مُقَدّر من الجمْلة على طَريق الحكاية، أي:"وللبخاري هَذا اللفظ".
و"لا": ناهية، و"تنتقب" مجزوم بالنهي، وكذلك "ولا تلبس القفازين" مجزوم بالنّهي (2).
قال أبو عبيد: "النقابُ" للمرأة لا يبدو منه إلّا العَينان، وكان اسمه عندهم "الوصوَصَة" و"البُرقع"، وكان مِن لباس النِّساء، ثُم [أحْدَثن](3) النقاب بعده. (4)
وأمّا "القفاز": فهو شيء تلبسه نِسَاء العَرَب في أيديهن، يُغطي الأصابع والكفّ والسّاعِد مِن البرد، ويكُون فيه قُطنٌ محشو. وقيل: هو ضَرْبٌ من الحُلي تتخذه المرأة ليَدَيها. (5)
= القاموس المحيط (ص 579).
(1)
انظر: الصحاح للجوهري (2/ 670)، لسان العرب (4/ 324)، (12/ 229)، القاموس المحيط (ص 400).
(2)
تكرر بعدها بالنسخ: "وكذلك لا تلبس القفازين".
(3)
بالنسخ: "أخذ من". وفي غريب الحديث (4/ 464): "أحدثن".
(4)
انظر: غريب الحديث لأبي عُبيد القاسم بن سلام (4/ 464)، لسان العرب لابن منظور (1/ 768)، النهاية لابن الأثير (5/ 103)، تاج العروس للزبيدي (4/ 299)، مجمع بحار الأنوار (4/ 766).
(5)
انظر: الإعلام لابن الملقن (6/ 36)، النهاية لابن الأثير (4/ 90)، مجمع بحار الأنوار (4/ 304).