الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب الاعتكاف
الحديث الأوّل:
[205]
: عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها: "أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَعْتكِفُ في الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ، حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ عز وجل. ثُمَّ اعْتكَفَ أَزْوَاجُهُ بَعْدَهُ"(1).
وَفي لَفْظٍ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَعْتَكِفُ في كُلِّ رَمَضَانَ، فَإِذَا صَلَّى الْغَدَاةَ جَاءَ مَكَانَهُ الَّذِي اعْتَكَفَ فِيهِ"(2).
قوله: "أنّ رسُولَ الله صلى الله عليه وسلم": جملة "أنّ" معمُولة لمتعلّق حَرف الجر، على ما تقَدّم. وجملة "كَانَ. . .": في محلّ خَبر "كَان". وحَرفُ الجر يتعلّق بـ "يعتَكِف". وتقَدّم الكَلامُ على "العَشر الأواخر".
و"من رَمَضَان": يتعلّق به. و"مِن" يجُوز أنْ تتعلّق بحَال من "العَشر"، أي:"في حَال كَونها من رَمَضان"؛ و"مِن" لبيان الجنس، ويَصحّ فيها التبعيض.
و"رَمَضَان": لا ينصرف (3)، وتقَدّم الكَلامُ عليه في الحديث الثّالِث من "باب الصّوم في السّفر".
والتقدير: "في زمن العَشر". ولولا هذا التقدير لكان ظاهره [أنّه](4) لا يعمّها بالاعتكاف؛ لأنّ "في" تقتضي الظّرفية، ولو اعتكف يومًا من العَشر الأَوَاخِر صَدَق عليه أنّه اعتَكَف فيها، وليس هو المرادُ؛ لأنّه كان يعتَكِفها بكَامِلها.
(1) رواه البخاري (2026) في الاعتكاف، ومسلم (1172)(5) في الاعتكاف.
(2)
رواه البخاري (2041) في الاعتكاف.
(3)
انظر: البحر المحيط (2/ 173)، الصّحاح (3/ 1081)، لسان العرب (7/ 161)، تاج العروس (18/ 364)، النحو الوافي (4/ 233).
(4)
غير واضحة بالأصل. وفي (ب): "أن".
قوله: "حتّى توَفّاه الله": "حتّى" هُنا بمَعنى "إلى أَنْ"، حَرْفُ ابتداء. ولا يصحّ هنا تقديرها بـ "كَي" ولا بـ " [إلّا] (1) أنْ". وجَاءَ إبدالُ "الحاء" عَينًا، وهي لُغَة هُذيل، وسُمِع فيها الإمَالَة. (2) وتقَدّم الكَلامُ على "حتّى" في الحديث الثّاني من أوّل الكتاب.
قوله: "ثم اعتكف أزْوَاجه بعده": يعني: "في العَشر الأَوَاخر وغيرها"؛ فالمعْمُولُ محذُوفٌ. و"بعْده" العَامِلُ فيه: "اعتكف".
قوله: "وفي لَفْظٍ: كَانَ رَسُولُ الله": أي: "وَجَاء في لَفْظٍ" أو "رُوي"؛ فيتعَلّق حَرْف الجر بالمقَدّر، وتكُون "كَان" ومَا بعْدَها في محلّ رَفْع، إمّا فَاعِل ["جَاء"، أو](3) مفْعُول لم يُسَمّ فَاعِله، ويكُون الإسْنادُ إلى اللفظ (4) لا إلى مَدْلُوله.
وجُملة "يعْتَكِف": في محلّ خَبر "كَان".
قوله: "في كُلّ رَمَضَان": أي: "في كُلّ شَهْر رَمَضَان". و"رَمَضَان" هُنا
(1) بالنسخ: إلى".
(2)
انظر: البحر المحيط (1/ 330، 529)، (6/ 274)، اللباب في علوم الكتاب (9/ 104)، (11/ 98، 99)، الدر المصون (6/ 495)، التيسير في القراءات السبع (ص 46)، جمال القراء للسخاوي (ص 626 وما بعدها)، إيضاح الوقف والابتداء (1/ 415)، إرشاد الساري (1/ 229)، (9/ 428)، (10/ 103)، الكتاب (4/ 135)، سر صناعة الإعراب (1/ 254)، الجنى الداني (ص 554، 555، 558)، مُغني اللبيب (ص 169 وما بعدها)، توضيح المقاصد (3/ 1250، 1502)، شرح الشُذور للجوجري (2/ 528)، شرح ابن عقيل (3/ 12)، مُوصل الطلاب (ص 104 وما بعدها)، الهمع (2/ 381)، الكُليات للكفوي (ص 396)، همع الهوامع (2/ 425)، (3/ 424، 425)، تهذيب اللغة (5/ 129)، لسان العرب (2/ 23)، تاج العروس (4/ 490)، جامع الدروس العربية (2/ 181).
(3)
غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).
(4)
انظر: شرح شذور الذهب لابن هشام (ص 214)، شرح التصريح على التوضيح (1/ 45)، حاشية الصبان (1/ 56، 81).
مَصرُوف؛ لأنّه لم يُرد "رَمَضَانَ"[سَنَةٍ بعَينها](1).
قوله: "فَإذَا صَلّى الغَدَاة": أي: "صَلَاة الغَدَاة" أو "صَلَاة وَقْتِ الغَدَاة". وإنْ كَان "الغَدَاة" مِن أسْماء "صَلَاة الصّبح"(2) فلا يحتَاجُ إلى تَقْدير، وإلا فهُو مَصْدرٌ مُضَافٌ إلى ظَرْفه.
قوله: "جَاءَ مَكَانه": "جَاء" يتعَدّى إلى مفعُول [به](3)، تقُول:"جئتُ زيدًا" أو "جئتُ المكَان"(4)؛ فيكُون "مَكَانه" مفعُول به، وأصله:"إلى مَكَانه".
وكذلك كَان صلى الله عليه وسلم يقُول (5) في سَائر الصّلَوات، وإنّما خَصّت "الصّبح" بالذِّكْر؛ لأنّها مُفتتح صَلاة النّهار، وقبلها قيام الليل.
وقوله: "الذي اعتَكَف فيه": الصّلة والموصُول في محلّ صفة لـ "مَكَانه". و"فيه": يتعلّق بـ "اعتَكَف".
(1) غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).
(2)
انظر: عُمدة القاري (9/ 179)، مرقاة المفاتيح (9/ 3713).
(3)
طمس بالأصل. والمثبت من (ب).
(4)
انظر: ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (23/ 32)، شرح المفصل (1/ 450)، (5/ 52)، الخصائص (2/ 280).
(5)
هو من استعمال القول بمعنى الفعل.