الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
"جيب". قال في "الصحاح": "الجيب": "القميص"، تقول:"جُبْتُ القميصَ"، "أجوبُهُ" و"أَجِيبُهُ" إذا "قَوَّرْت جَيْبَهُ"، قال الراجز:
باتَتْ تَجِيبُ أَدْعَجَ الظَّلامِ
…
جَيْبَ البِيَطْرِ مِدْرَعَ الهُمامِ (1)(2)
قوله: "ودعا بدعوى الجاهلية": قال الشيخ تقيّ الدِّين: " [دعوى] (3) الجاهلية" ينطلق على أمرين: -
أحدهما: ما كانت العرب تفعله في القتال من الدّعوى.
والثاني: - وهو الذي ينبغي أن يحمل عليه هذا الحديث وهو - ما كانت تقوله عند موت الميت، كقولهم:"وا جبلاه"، "وا سنداه"، "وا سيداه"(4).
الحديث [الرابع](5) عشر:
[167]
: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ شهِدَ الْجِنَازَةَ حَتَّى يُصَلِّيَ عَلَيْهَا فَلَهُ قِيرَاطٌ. وَمَنْ شَهِدَهَا حَتَّى تُدْفَنَ فَلَهُ قِيرَاطَانِ". قِيلَ: وَمَا الْقِيرَاطَانِ؟ قَالَ: "مِثْلُ الْجَبَلَيْنِ الْعَظِيمَيْنِ"(6).
وَلِمُسْلِمٍ: "أَصْغَرُهُمَا مِثْلُ أُحُدٍ"(7).
قوله: "من شهد الجنازة": "من" اسم شرط في موضع رفع بالابتداء، و"شهد"
(1) البيت من الرجز، وهو بلا نسبة. انظر: لسان العرب (1/ 286)، المعجم المفصل في شواهد العربية (12/ 137).
(2)
انظر: الصحاح (1/ 104).
(3)
بالنسخ: "دعوة". والمثبت من المصدر.
(4)
انظر: إحكام الأحكام (1/ 373).
(5)
في النسخ: "الثالث".
(6)
رواه البخاري (1325) في الجنائز، ومسلم (945) في الجنائز.
(7)
رواه مسلم (945)، (53) في الجنائز.
في محل الخبر، وقد تقدَّم الكلام على "مَنْ" الشرطية، وأين يكون خبرها، في الرّابع من أول الكتاب، وفي العاشر منه.
و"الجنازة": مفعول "شهد"، وجملة الشرط في محلّ نصب بـ "قال" الثانية، و"قال" الأولى عاملة في محلّ [رفع ما فهم به](1).
قوله: "حتى يصلِّيَ عليها": تقدَّم في الحديث الثّاني من أول الكتاب الكلام على "حتى". و"يُصلِّيَ" هنا منصوب بإضمار "أنْ" بعد "حتى"، فتكون "الياء" مفتوحة؛ لأن الفعل المضارع المعتلَّ بالياء و"الواو" إذا دخل عليه الناصب كانت العلامة لفظًا فتحة ظاهرة، وقد رأيتُه في بعض النسخ المقروءة بسكون "الياء"، فإن ثبت روايةً فهي لُغة.
قال ابن مالك في حديث المغارة: ""فإنْ وجدتُهما راقدَيْن وقفتُ على رؤوسِهما حتى يستيقظان" (2): وهو مثل: "حَتَّى يروْنَه قَدْ سَجَدَ" (3)(4)، وهذا بناء على أنّ الفعل مبنيٌّ للفاعل.
فإن كانت الرواية: "حتى يُصلَّى" عليها مبنيٌّ للمفعول، فالياء أيضًا ساكنة؛ لأنَّ الفعل المعتل بالألف لا تظهر فيه علامة النصب.
قوله: "فله قيراط": "الفاء" جواب الشرط، و"له"[متعلِّق](5) بخبر "قيراط"،
(1) غير واضحة بالأصل. وبياض في (ب).
(2)
صحيح: بعض حديث رواه الطبراني في الكبير برقم (159)، وفي الأوسط برقم (4597)، والبزار في مسنده برقم (9498). وعلَّق عليه الهيثميّ فقال:"رواه البزار والطبراني في الأوسط بأسانيد، ورجال البزار وأحد أسانيد الطبراني رجالهما رجال الصحيح". انظر: مجمع الزوائد ومنبع الفوائد (8/ 143).
(3)
صحيح: رواه البخاري برقم (747).
(4)
انظر: شواهد التوضيح والتصحيح (ص 237).
(5)
غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).
وهو المسوّغ للابتداء بالنكرة (1).
قوله: "ومن شهدها حتى تدفن": الفعل هنا منصوب بإضمار "أنْ"، أيْ:"إلى أنْ تُدفن". وجواب الشرط قوله: "فله قيراطان"، والإعراب كالإعراب.
قوله: "قيل: وما القيراطان؟ ": "قيل" تقدم الكلام عليه في الثاني من "فضل الجماعة". والفعل مبني لما لم يسم فاعله، كُسِر أوَّلُه بكسرة "الواو" فانقلبت "الواو" ياءً، وفيه الإشمام، وفيه إخلاص ضم "الفاء" وسكون "العين"(2). والفاعل محذوف للإبهام، أي:"قال المخاطب". والمفعول الذي لم يسم فاعله هو الجملة من قوله: "وما القيراطان؟ ".
قال أبو حيّان: وهذا على مذهب من يجوِّز أن يقع الفاعل جملة، وقيل: مُضمر في "قيل" يفسره سياق الكلام تقديره: "هو"(3).
قوله: "وما القيراطان؟ ": "ما" استفهامية مبتدأ، و"القيراطان" خبره.
وقيل: "القيراطان" مبتدأ، و"ما" خبر عنه؛ لأنها نكرة. وأجيب: بأن فيها معنًى سوَّغ الابتداء بها، وهو الاستفهام.
وتقدم أنَّ الجملة معمولة للقول.
قوله: "قال": الفاعل ضمير "النبي صلى الله عليه وسلم".
و"مثلُ" خبر مبتدأ محذوف، أي:"هما مثلُ"، و"الجبلين" مضاف إليه.
وأُفرِدَ "مِثْلُ" وإن كان خبرًا عن مثنى؛ [لأنه](4) يُثنَّى ويُجمع، كقول الشاعر:
(1) انظر: نتائج الفكر (ص 315).
(2)
انظر: الشافية في علمي التصريف والخط (ص 92)، وشرح المفصل (5/ 444، 445)، وشرح شافية ابن الحاجب (2/ 806 - 808).
(3)
انظر: البحر المحيط (1/ 105، 106).
(4)
كذا بالنسخ، والمراد:"مع أنه"، وهو ما يقتضيه السياق، والله أعلم.
. . . . . . . .
…
والشَّرُّ بالشَّرّ عِنْدَ اللهِ مِثْلانِ (1)
فكان حقه أن يقول: "مثلا الجبلين العظيمين"، ووجهُهُ: أنَّ "مثل" تكون بمعنى الحال والصفة، والقصة والشأن، ذكره الزمخشريّ (2) وغيرُه، فيكون التقدير هنا:"صفتُهما صفةُ الجبلين". وحذْفُ المبتدأ جائز كثير فصيح.
وقد أوجبوا حذف المبتدأ في مواضع، منها: -
إذا أُخبر عنه بنعت مقطوع لمجرد مدح، نحو:"الحمد لله الحميد"، أو ذمٍّ، نحو:"أعوذ بالله من إبليس عدو الله".
أو ترحُّم، نحو:"مررت بعبدك المسكين".
أو [مصدر](3) جيء به بدَلًا من اللفظ بفعله، نحو:"سمعٌ وطاعةٌ"، و {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ} (4) [يوسف: 18]، على تقدير:"أمري".
أو لمخصوص يعمّ "نعم" أو "بئس" المؤخّر عنهما، نحو:"نعم الرجل زيدٌ"، و"بئس الرجل عمروٌ".
ومنه: "مَنْ أنت؟ زيدٌ"، أيْ:"أأنت زيدٌ؟ " عند كلامه لك.
ومنه: "في ذمتي لأفعلنَّ"، أي:"في ذمَّتي ميثاقٌ أو عهدٌ"(5).
(1) عجز بيت من البسيط، وهو لعبد الرحمن بن حسان بن ثابت، وقيل: هو لكعب بن مالك، وصدره:"مَنْ يَفْعَل الحَسَناتِ اللهُ يَشْكُرُها". انظر: المعجم المفصل (8/ 182)، ونواهد الأبكار وشوارد الأفكار (2/ 370).
(2)
انظر: الكشاف (1/ 72، 73).
(3)
غير واضحة بالأصل. وفي (ب): "بمصدر".
(4)
بالنسخ: "صبر".
(5)
انظر: شرح التسهيل (1/ 287، 288)، وأوضح المسالك (1/ 214 - 216)، وشرح التصريح (1/ 221 - 223).
قوله: "ولمسلمٍ": يتعلق بـ "جاء"، أي:"وجاء لمسلم"، أو:"رُوي"، وتقدم قريبًا منه.
قوله: "أصغرُهما": مبتدأ، خبره "مثلُ جبلِ أُحُد"، والجملة كلها من "أصغرهما" وما يتعلق به في محل فاعل "جاء" الذي يتعلق به "لمسلم"، أو مفعول لم يُسمَّ فاعلُه إنْ قُدِّر "رُوِيَ"
قال الشيخ تقيُّ الدّين: وهذا من مجاز التشبيه، [تشبيهًا للمعنى](1) العظيم بالجسم العظيم (2).
***
(1) غير واضحة بالأصل. وفي (ب): "تشبيه المعنى".
(2)
انظر: إحكام الأحكام (1/ 373).