الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقد تقدّم الكَلام على "من" في الحديثِ العَاشر من أوّل الكتاب.
الحديث الثالث:
[125]
: عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: "كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي مِنْ اللَّيْلِ ثَلاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً، يُوتِرُ مِنْ ذَلِكَ بِخَمْسٍ، لا يَجْلِسُ فِي شَيْءٍ إلَّا فِي آخِرِهَا". (1)
تقدّم الكلام على الأعْدَاد، وبناء اسم الفاعل منها في الحادي عشر من "باب صفة الصّلاة".
وجملة "كان رسول الله" معمولة للقول، والقول في محلّ معمُول متعلّق حرف الجر، وجملة "يصلي من الليل" في محلّ خبر "كان".
و"ثلاث عشرة ركعة": عَدَد لاسم مصدر، وهو:"الركوع"، يقال:"ركع ركوعًا"، و "ركع ركْعة"(2).
و"صلى" يتعدّى إلى مصدره، واسم مصدره، وهو هنا بمعنى:"ركع"، وبهذا الاعتبار يكُون "يُصلي" يتعدّى إلى عَدَد المصدر.
و"ثلاث عشرة": من الأعدَاد المركّبة، المبنية؛ لتضمّنها حرف العَطف (3)، وتقدّم الكَلام عليها في "باب صفة الصّلاة".
قوله: "يُوتر من ذلك": أي: "منها"، فأوقع اسم الإشارة موقع الضّمير؛ لأنه إشارة إلى العَدَد، والإشارة فيها تنصيص، بخلاف المضمَر.
= وَذكره
…
أشهى إِلَيّ من الرَّحِيق السلسل". وانظر: خزانة الأدب (9/ 537).
وقد سبق تخريجه.
(1)
رواه مسلم (737) في صلاة المسافرين.
(2)
انظر: لسان العرب (8/ 133)، وتاج العروس (21/ 122).
(3)
انظر: شرح التسهيل (2/ 400)، وشرح ابن عقيل (4/ 72).
وجملة "يوتر" يحتمل أن تكون خبرًا بعد الخبر، ويحتمل أن تكُون حالًا مُقدّرة.
قوله: "لا يجلس إلّا في آخرها": جملة منفيّة في محلّ صفة لـ "خمس". و"لا" نافية، وتقدّم الكلام على "شيء" في الثّاني من "باب المرور"، وهنا ضمير عائد على الموصوف، تقديره:"في شيء منها"، فـ "منها" تتعلّق بصفة لـ"شيء".
قوله: "إلا في آخرها": هذا الاستثناء مُفرغ؛ لأنّ حرف الجر يتعلّق بـ "يجلس". وجاز تعلّق حرْفي جرٍّ من جنس واحد بعَامل واحد؛ لأنّ ذلك على طريق البدَل، نحو:"لا أمرُّ بأحَدٍ إلا بزيد"، ومنه قوله تعالى:{وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ} [البقرة 255](1).
وهذا الحديث يُعارضه قوله صلى الله عليه وسلم: "صلاة الليل مثنى مثنى"(2)، فيُحمَل على بيان الجواز (3)، أو نقول: هو مخصوصٌ بغيره من الأحاديث. والله أعلم.
وإذا جعلنا الاستثناء مُتصلًا، وقدّرنا الضّمير في قوله:"إلّا في آخرها" عائدًا على "آخر [كُل] (4) ركعتين من جملة الصلوات": انتفى دَليل التنفل بواحِدة (5)، ودليل جلوس الاستراحة، ولم تقَع مُعارَضَة بين الأحاديث. والله أعلم.
* * *
(1) انظر: البحر المحيط (2/ 612).
(2)
متفقٌ عليه: البخاري (472)، ومسلم (749/ 145)، عن ابن عمر.
(3)
انظر: شرح النووي على مسلم (6/ 20)، وإحكام الأحكام (1/ 316).
(4)
غير واضحة بالأصل. وسقط من (ب).
(5)
انظر: سبل السلام للصنعاني (1/ 340).