الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب الاستسقاء
الحديث الأوّل:
[149]
: عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَاصِمٍ الْمَازِنِيِّ قَالَ: "خَرَجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَسْتَسْقِي، فَتَوَجَّهَ إلَى الْقِبْلَةِ يَدْعُو، وَحَوَّلَ رِدَاءَهُ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، جَهَرَ فِيهِمَا بِالْقِرَاءَةِ"(1).
وَفِي لَفْظٍ: "إلَى الْمُصَلَّى". (2)
جملة "خرج" معمولة بالقول، والقول معمول بالمحذوف متعلق حرف الجر، وجملة "يستسقي" في محل حال من "النبي صلى الله عليه وسلم"، أي: مستسقيًا، ويحتمل أن يكون حالًا مقارنة، ويحتمل أن يكون حالًا مقدرة، ويحتمل أن يكون "يستسقي"[مقدرًا](3) بلام "كي"، فحذفت، أي:"خرج ليستسقي".
ومِن حذف الناصب:
ألا أيها ذا الزاجري أحضرُ الْوَغَى
…
وَأَنْ أَشْهَدَ اللَّذَّاتِ هَلْ أَنْتَ [مُخْلِدِي](4)
والفعل مرفوع على كل تقدير، ولو نصب لجاز كما روي:"أحضر" بالنصب (5).
قوله: "يستسقى": "يستفعل"، من "استسقى"، "استفعل"، وله اثنا عشر معنى:
(1) رواه البخاري (1024) في الاستسقاء، ومسلم (894)(4) في الاستسقاء.
(2)
رواه البخاري (1027)، ومسلم (894).
(3)
في الأصل: "مقدر".
(4)
البيت من الطويل، وهو لطرفة بن العبد. وقد كتب بنسخ العُدة:"هل أنت مخلد".
انظر: المعجم المفصل (2/ 431)، خزانة الأدب للبغدادي (8/ 585).
(5)
انظر: شرح التسهيل (4/ 48 - 50)، وشرح ابن عقيل (4/ 20، وما بعدها)، وشرح التصريح (2/ 388، وما بعدها).
1 -
للطلب، ومنه:"يستسقى".
2 -
و [للاتخاذ](1) كـ "استعبده".
3 -
وللتحوُّل كـ "استنسر".
4 -
ولإلفاء الشيء - بمعنى ما صيغ منه - كـ "استعظمه".
5 -
ولعَدِّه كذلك (2) وإن لم يكنه كـ "استحسنه".
6 -
ولمطاوعة "أفعل" كـ "استشلى"(3).
7 -
ولموافقته كـ "استنبل".
8 -
ولموافقة "يفعل" كـ "استكبر" موافق "تكبَّر".
9 -
ولموافقة "افتعل" كـ "استعصم" موافق "اعتصم".
10 -
ولموافقة "فعِل" المجرد بكسر العين كـ "استغنى" موافق "غنى".
11 -
وللإغناء عنه، كـ "استبدّ".
12 -
وللإغناء عن "فعَل" بفتح العين كـ "استعان" أي: حلق عانته (4).
ومعنى "يستسقى" هنا: "طلب السقيا"، وهو أحد المعاني المتقدّمة.
و"ألِف""استسقى" منقلبة عن "ياء"، لأنه من "السَّقي".
ومفعوله محذوف، أي:"يستسقى الله"، كقوله تعالى:{وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ} [البقرة: 60].
وقال بعضهم: حذف مفعول آخر، وهو "المستسقَى"، أي: "يستسقى الله
(1) في الأصل: "للايجاب".
(2)
أي: ظنِّه كذلك.
(3)
شلي: أشليت الكلب واستشليته، إذا دعوته. انظر: العين (6/ 285).
(4)
انظر: شرح التسهيل (3/ 458، 459)، وشرح المفصل (4/ 442)، والمنصف لابن جني (ص/ 77)، والممتع الكبير في التصريف (ص/ 132).
ماءً". قالوا: ومنه قوله:
وَأَبْيَضَ يُسْتَسْقَى الْغَمَامُ بِوَجْهِهِ
…
ثُمَالُ الْيَتَامَى عِصْمَةٌ لِلْأَرَامِلِ (1)
قال أبو حيان: وقد ثبت تعدِّيه مرة إلى المستسقى منه، ومرة للمستسقي، فيحتاج تعديه إليهما معًا إلى ثَبْت (2).
قلت: ويقال: "سقاه" و"أسقاه" بمعنى. وقيل: "سقاه": "ناوله ليشرب"، و"أسقاه":"حصل له شربًا".
قوله: "فتوجه إلى القبلة": معطوف على "خرج"، و"إلى القبلة" يتعلق به، وجملة "يدعو" في محل الحال من ضمير الفاعل، و"حوَّل رداءه" معطوف عليه.
وتقدم الكلام على "حوَّل" بمعنى "صيَّر" في الحديث الأول من "الإمامة"، وليس هنا معنى "صيَّر" ظاهر فيها، وإنما معناها:"نقل رداءه من جهة إلى جهة أخرى"(3).
و"رداءه" مفعول به. و"رداء" مهموز، همزته منقلبة عن "ياء"، وكذلك "كساء" همزته منقلبة عن "واو"، فإذا ثنيتهما جاز لك وجهان فيهما، فتقول:"كساءان" و"كساوان"، و"رداءان" و"رداوان"(4).
قيل: كان طول رداء النبي صلى الله عليه وسلم أربعة أذرع في عرض ذراعين وشبر، كان يلبسهما يوم الجمعة والعيد.
(1) البيت من الطويل، وهو لأبي طالب عم النبي صلى الله عليه وسلم. انظر: المعجم المفصل (6/ 549)، وخزانة الأدب للبغدادي (2/ 67).
(2)
انظر: البحر المحيط (1/ 365، 366).
(3)
انظر: التمهيد (17/ 174، 175)، وشرح الزرقاني على الموطأ (1/ 648).
(4)
انظر: الصحاح (6/ 2354، 2355)، ولسان العرب (14/ 316).
قال الواقدي: كان طوله ستة أذرع في ثلاثة وشبر، وإزاره من نسج عُمان، طوله أربعة أذرع وشبر في عرض ذراعين وشبر، كان يلبسهما يوم الجمعة والعيد ثم يطويهما (1).
قوله: "ثم صلى": تقدم الكلام على "ثم"، وعلى "صلَّى"، وأفادت "ثم" ترتيب الصلاة على الدعاء.
و"ركعتين" تقدَّم أنهما عدد "ركعة" فيتعدى إليه "صلى" متضمنًا معنى "ركع"، وقد تقدم ذلك.
قوله: "جهر فيهما بالقراءة": في محل الحال من ضمير النبي صلى الله عليه وسلم، أي:"جاهرًا فيهما بالقراءة".
قوله: "وفي لفظ": يتعلق بمحذوف، أي:"وروي في لفظ"، أو:"جاء في لفظ". و"إلى المصلى" معمول المقدر منهما، والتقدير:"وفي لفظ: خرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى المصلى يستسقي"، فيتعلق "إلى" بـ "خرج".
(1) انظر: فتح الباري (2/ 498)، وعمدة القاري (7/ 25)، والتوضيح لشرح الجامع الصحيح (8/ 239).