الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحدِيث السّابِع:
[243]
: عَنْ عَبْدِ اللَّه بْنِ عمر: أَنَّ رَسُولَ اللَّهَ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "اللَّهُمَّ ارْحَمْ الْمُحَلِّقِينَ". قَالُوا: وَالْمُقَصِّرِينَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: "اللَّهُمَّ ارْحَمْ الْمُحَلِّقِينَ. قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَالْمُقَصِّرِينَ (1). قَالَ: "وَالْمُقَصِّرِينَ" (2).
قوله: "اللهم": مُنَادَي، عُوّض من حَرْف النِّداء "الميم" عند البصريين؛ ولذلك لم يجمَعُوا بينهما إلّا في ضَرورة، كقوله:
إنِّي إذَا مَا حَدَثٌ ألَمَّا
…
أَقُول: يَا اللَّهُمَّ يَا اللَّهُمَّا (3)
خلافًا للفَرّاء (4)؛ فإنه يقُول: الأصْلُ: "يا اللَّه أُمّنَا بخَير".
ورُدّ هَذا بقَوله تعالى: {اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ} [الأنفال: 32]؛ لما فيه مِن التنَاقُض. (5) وتقَدّم ذِكْرها في الحديثِ الأوّل مِن "الاستطابة".
قوله: "ارْحَم المحَلّقين": قَالَ ابنُ الأثير: "المحَلِّقُون": "الذين حَلَقوا شُعورهم
(1) ببعض نُسَخ العُمدة: "وَالْمُقَصِّرِينَ يَا رَسُولَ اللَّهِ".
(2)
رواه البخاري (1727) في الحج، ومسلم (1301)(317) في الحج.
(3)
البيتُ من الرجز، وقد سبق. انظر: الحماسة البصرية (2/ 431)، خزانة الأدب للبغدادي (2/ 295)، المعجم المفصل (12/ 82).
(4)
انظر: أمالي ابن الشجري (2/ 340)، الهمع (2/ 64).
(5)
انظر: ما يجُوزُ للشاعر في الضرورة (ص 240)، أمالي ابن الشجري (2/ 340، 341)، أسرار العربية (176، 177)، سر صناعة الأعراب (2/ 94، 103)، شرح التسهيل (3/ 401)، الإنصاف في مسائل الخلاف (1/ 279 وما بعدها)، شرح المفصل (1/ 366، 367)، شرح الشذور للجوجري (1/ 325)، شرح التصريح (2/ 224)، همع الهوامع (2/ 63 وما بعدها)، جامع الدروس العربية (3/ 154)، النحو المصفَّى (1/ 498).
في الحج أو العُمرة". وإنّما خَصّهم بالدّعَاء دون "المقَصّرين" -وهم الذين أخَذُوا مِن أطْرَاف شعورهم، ولم يحلِقُوا- لأنّ أكثر مَن أحْرَم مع النبي صلى الله عليه وسلم لم يكُن [لهم](1) هَدْيٌ، وكَان النبي صلى الله عليه وسلم قد سَاقَ الهَدْيَ، ومَن معه هَدْي فإنّه لا يحلِق حَتَّى ينحَر هَدْيَه، فلمّا أمر مَن ليس معه هَدْي أن يحلِق ويُحِلّ وَجَدوا في أنفسهم مِن ذلك، وأحَبّوا أن يأذَن لهم في المقام على إحْرَامهم حَتَّى يُكْمِلُوا الحَجّ، وكانت طَاعَة النبي صلى الله عليه وسلم أوْلى [بهم](2)، فلَمَّا لم يكُن لهم بُدّ مِن الإحْلال كَان التقصير في نفوسهم [أخَفّ](3) مِن الحَلْق؛ فمالَ أكثرهم إليه، وكَان فيهم مَن بادَر إِلَى الطّاعَة وحَلَق ولم يُراجِع؛ فلذلك قَدّم المحَلّقين وأخَّر المقَصِّرِين. (4)
قوله: "قالوا: يا رَسُولَ اللَّه، والمقَصِّرين؟ قَالَ: والمقَصِّرين": هَذَا معطُوفٌ على محذُوف، تقديره:"يا رَسُولَ اللَّه، قُل: اللَّهُمَّ ارْحَم المحلّقين والمقصرين". ويحتمل أن يكُونوا أرادوا "واو مَعَ" لا "واو العَطْف"، فقالوا:"يا رسول اللَّه مع المقصِّرين". والأوّل أظهَر؛ لأنه في الآخرة أجابهم بطِبْق سُؤالهم. (5)
وانظر كيف قَالوا أوّل مُرَّة: "والمقَصّرين يا رسُولَ اللَّه" وفي الثّانية: "يا رسُولَ اللَّه والمقَصِّرين"، فقَدَّموا "المقَصّرين" في أوّل سُؤَالهم، وأخَّروهم في المرّة الثّانية، وهَذا فيه [ضَرْبٌ](6) من التلطّف ودَفْع المعَارَضَة؛ لأنّهم في الأولى قدّموا ما هُم عليه
(1) كذا بالنسخ. وفي "النهاية": "معهم".
(2)
غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب)، وهو ما في "شرح المشكاة للطيبي" (6/ 2009). وفي "النهاية لابن الأثير" (1/ 427):"لهم".
(3)
غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).
(4)
انظر: النهاية لابن الأثير (1/ 427). وراجع: شرح المشكاة للطيبي (6/ 2009) مرقاة المفاتيح (5/ 1830)، لسان العرب (10/ 60).
(5)
راجع: شرح المشكاة للطيبي (6/ 2009)، مجمع بحار الأنوار (4/ 280).
(6)
غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).