الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والتقدير: "حتى نزلت آية: وقوموا"، على حَذف مُضاف. و"قانتين" منصوبٌ على الحال من ضَمير الفاعل في "قومُوا".
قوله: "فأُمِرْنا": مبني لما لم يُسمّ فاعلُه، ومفعوله الذي لم يُسمّ فاعله: ضَميره المتصل به، و"الفَاء" سَببية، و"بالسكوت" يتعلّق بـ "أُمرنا".
و"السّكوت": مصدَرُ "سَكَت" لازمًا (1).
الحديث الثّالِث
[111]
: عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ وَأَبِي هُرَيْرَة رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، أَنَّهُ قَالَ:"إذَا اشَتدَّ الحَرُّ فَأَبْرِدُوا عن الصَّلاة، فَإنَّ شِدَّةَ الحَرَّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ"(2).
قوله: "عن رسول الله صلى الله عليه وسلم": يحتمل البَدَل، ويحتمل تقدير فعل يتعلّق به حرف الجر.
قوله: "فأبرِدوا": "الفاء" سَببية، و"عن الصّلاة" يتعلّق بـ "أبرِدوا".
و"عن" هنا بمعني "الباء"، كما هي في قوله تعالى:{وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى} [النجم: 3]، أي:"بالهوى"(3). وتقدّم الكلام على "عن" في الثّالث من "باب الصّفوف". ويُروَى هنا: "بالصّلَاة"(4) بـ "الباء"، وهو "باء" السّبب.
قوله: "فإنّ شَدّة الحرِّ": "الفاء" جوابُ الأمر المضمَّن معنى الشّرط، وهو "أبردوا"، أو جَوابُ شرط مُقدّر، وتقدير الشّرط لا يجري مع ظَاهر اللفظ إلّا بتقدير، فيقدّر:"إن لم تُبردوا تمنعْكم شدّة الحر كمال الصّلاة".
(1) انظر: لسان العرب (2/ 43)، وتاج العروس (4/ 559).
(2)
رواه البخاري (533)، (536)، (539)، ومسلم (616) في المساجد.
(3)
انظر: تفسير القرطبي (17/ 84).
(4)
متفقٌ عليه: البخاري (536)، ومسلم (615/ 180).
ومثلُه: "لاطِف زيدًا، فإنَّ الغَضَب من الشّيطان"، أي:"إن لم تُلاطفه غضب".
قوله: "من فيح جَهنّم": يتعلّق بخبر "إن"، و"مِن" هنا للتبعيض، وقد تقدّم الكلام على "من" الجارّة في الحديث العاشر من أوّل الكتاب.
و"شدّة الحر" مصْدَر من "اشتدّ"، مُضافٌ إلى فاعله، والمصدَر قد يُضاف إلى فاعله وإلى مفعوله إن كان فعله مُتعدّيًا (1)، والأصلُ إضافته إلى الفاعل، وهو مذهب سيبويه (3).
قيل: إنّ رجُلين كان لهما دِرَاية في هذا العِلم، فأحوَجهما الزّمان إلى أنْ يخدما عند بعض أهل العلم [في خيمته](3) بالأجرَة، فلما حضر الغَداء جَلسا للأكْل، ومع أحدهما الخبز وحْده، والآخر معه خُبز وجبن، فسَأَل الذي ليس معه جبن صاحبه أن يُعطيه من جُبنه، فأعطَاه منه شيئًا يسيرًا جدًّا. فقال له بعد أن أخَذه منه:"عَطيَّة الرّجُل على مقداره". فقال له المعطي: "صَدَقت". فقال له الآخذ: "ليس هذا مذهَب سيبويه".
قلت: أراد الآخذُ أنّ ["عطية"](4) وإن لم يكُن مَصْدرًا فهو اسم مصدَر، يجري مجرَى المصدَر. فالمعطي إنما أعْطى على قَدْره، لا على قَدْر الآخِذ. فهو يصلح أن يكُون مُضافًا إلى الفاعل، ويصلح أن يكون مُضافًا إلى المفعول، وهو الآخِذ، فلما قال الآخذ:"عطيّةُ الرجُل على قدْره"، قال له المعطي:"صدقت"، بمعنى أنّ المصدر مُضاف إلى المفعول، فقال الآخذ: "ليس هذا مذهب سيبويه، بمعنى أنّ اختيار سيبويه إضافة المصدَر إلى الفاعل. هذا تلخيص ما ذكره في شرح ابن الحاجب (5)
(1) انظر: شرح ابن عقيل (3/ 93 - 98)، وشرح المفصل (4/ 72).
(2)
عبارة سيبويه يُفهَم منها استواء الأمرين. انظر: الكتاب (1/ 189 - 194).
(3)
غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).
(4)
غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).
(5)
يقصد: شرح مختصر ابن الحاجب في فروع المالكية.