الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
و"السُّنّة: "ضَربٌ مِن تمْر المدينَة". (1)
قَالَ الخَليل: ويُقَال: "سَنّ الشيءَ"، "صَوّرَه". و"المسنُون":"المصَوَّر". (2)
وذِكْرُ ابنُ عَبّاس النبيَ صلى الله عليه وسلم بكُنيَتِه - بـ "أبي القَاسِم" دون اسْمه في هَذا المحلّ دَليلٌ على المسَرّة بالرّؤيَا الصَّالحَة مِن الرّجُل الصّالِح وتأكيدها لما اعتَقَده مِن فِعْله صلى الله عليه وسلم.
الحديث الثّاني:
[228]
: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: تَمَتَّعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ بِالْعُمْرَةِ إلَى الْحَجِّ، وَأَهْدَى، فَسَاقَ مَعَهُ الْهَدْيَ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ. وَبَدَأَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَهَلَّ بِالْعُمْرَةِ، ثُمَّ أَهَلَّ بِالْحَجِّ، فتَمَتَّعَ النَّاسُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالْعُمْرَةِ إلَى الْحَجِّ، فكَانَ مِنْ النَّاسِ مَنْ أَهْدَى فَسَاقَ الْهَدْيَ مِنْ ذي الْحُلَيْفَةِ، وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يُهْدِ.
فَلَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِلنَّاسِ: "مَنْ كَانَ مِنْكُمْ أَهْدَى فَإِنَّهُ لا يَحِلُّ مِنْ شَيْءٍ حَرُمَ مِنْهُ حَتَّى يَقْضِيَ حَجَّهُ، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْدَى فَلْيَطُفْ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوةِ، وَلْيُقَصِّرْ، وَلْيَحْلِلْ، ثُمَّ لِيُهِلَّ بِالْحَجِّ، وَلْيُهْدِ، فَمَنْ لَمْ يَجِدْ هَدْيًا فَلْيَصُمْ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةً إذَا رَجَعَ إلَى أَهْلِهِ".
فَطَافَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ قَدِمَ مَكَّةَ، وَاسْتَلَمَ الرُّكْنَ أَوَّلَ شَيْءٍ، ثُمَّ خَبَّ ثَلاثَةَ أَطْوَافٍ مِنْ السَّبْعِ، وَمَشَى أَرْبَعَةً، وَرَكَعَ [حِينَ](3) قَضَى طَوَافَهُ بِالْبَيْتِ عِنْدَ الْمَقَامِ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ سَلّمَ، فانْصَرَفَ، فأَتَى الصَّفَا، وَطَافَ بِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ سَبْعَةَ [أَطْوَافٍ](4)،
(1) انظر: الصحاح (5/ 2138، 2139).
(2)
انظر: العين (7/ 197)، الصّحاح للجوهري (5/ 2139)، لسان العرب (13/ 224)، تاج العروس (35/ 229).
(3)
بالنسخ: "حتى".
(4)
بالنسخ: "أشواط".
ثُمَّ لَمْ يَحْلِلْ مِنْ شَيْءٍ حَرُمَ مِنْهُ حَتَّى قَضَى حَجَّهُ، وَنَحَرَ هَدْيَهُ يَوْمَ النَّحْرِ، وَأَفَاضَ؛ فَطَافَ بِالْبَيْتِ، ثُمَّ حَلَّ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ حَرُمَ [مِنْهُ](1). وَفَعَلَ مِثْلَ مَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ أَهْدَى فَسَاقَ الْهَدْيَ مِنْ النَّاسِ (2).
قوله: "تمتّع رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم": جملة في محلّ معمُول القَول. و"في حَجّة" يتعلّق بـ "تمتّع". وعطف على "تمتّع": ["وأهْدَى](3).
و"مَعَه" يتعَلّق بـ "سَاقَ"، وتقَدّم الكَلامُ على "مع" في [الأوّل](4) من "المسْح على الخفّين".
و"سَاق": مُتعَد إلى مفعُول به، وهو "الهدْي". وأصْلُه:"سَوَق"، تحرّكت "الواو" وانفتَح ما قبلها؛ [فانقَلبت](5) ألِفًا. (6)
ويُقَال: "سَاقَ الماشية"، "يسُوقها"، "سَوْقًا" و"سِياقًا"، فهو "سائق"، و"سَوّاقٌ" شُدّد للمُبالَغَة. (7)
ولا يتعلّق "معه" بـ "أهْدَى"؛ لأنّ المعنَى يكُون: "أهْدَى مع نفسه هَدْيًا"، وأمّا في "السَّوْق" فصَحيح أنْ يَسُوقه مَعه.
(1) بالنسخ: "عليه".
(2)
رواه البخاري (1691) في الحج، ومسلم (1227) في الحج.
وانظر لضبط المتن: صحيح البخاري (1691)، وصحيح مسلم (1227/ 174)، والعُمدة (ط الثقافة، ص 161، 162)، والعمدة (ط المعارف، ص 116، 117)، وإحكام الأحكام (2/ 75)، والإعلام لابن الملقن (6/ 237).
(3)
بالنسخ: "فأهدى".
(4)
بالأصل: "الأولى".
(5)
بالنسخ: "انقلبت".
(6)
انظر: الكتاب (4/ 238)، المنصف لابن جني (ص 190)، الممتع الكبير في التصريف (ص 287)، ضياء السالك (4/ 392 وما بعدها).
(7)
انظر: الصحاح (4/ 1499).
قوله: "مِن ذي الحُلَيفَة": "مِن" لابتداء الغَاية، وتتعلّق بـ "سَاقَ"، وتقَدّم الكَلامُ على "ذِي الحُليفَة".
قوله: "وبَدأ رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم فَأهَلّ بالعُمْرَة": حرفُ الجر يصحّ أنْ يتعَلّق بـ "بَدَأ"، ويصحّ أنْ يتعَلّق بـ "أهَلّ". والمعنى على تعلّقه بـ "بَدَأ": أي: "بَدَأ بالعُمْرة فأهَلّ بها"، ولكن يُضعفه حَذْف الضّمير؛ لأنّه مَتى أعْمَل الأول أضْمَر الفَاعِل في الثّاني والمفعُول. و"بَدَأ" تقَدّم الكَلامُ عليها في الحادِي عشر مِن "صِفَة الصّلاة".
قوله: "فتمتّع النّاس مَع رَسُول الله (1) ": معطُوفٌ على مَا قبله. و"مع رسُول الله" يتعلّق بحَال مِن "رسُول الله"، أي:"حَاجّين مع رسُول الله"، أو يتعَلّق بـ "تمتّع".
قوله: "بالعُمْرَة إلى الحَجّ": يحتمل أنْ تكُون "إلى" بمَعنى "مَع"، أي:"مَع الحَجّ"، كقَوله تعالى:{وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ} [النساء: 2](2).
ويحتمل أن تكُون "إلى" متعلّقة بحَال، أي:"مُضَافَة إلى الحَج"، وهَذا حَقيقة "القِرَان"(3).
ويحتمل أنْ يكُون معْنى "التمتّع": "التَوَصّل"، أي:"توَصّلوا بعَمل العُمرة إلى عَمَل الحَج"، وإنّما سُمّى تمتعًا مجَازًا (4). . . . . . . . . . . . . . . .
(1) بعدها بالأصل: "صلى الله عليه وسلم"، وفوقها علامات الإسقاط والحذف.
(2)
انظر: شواهد التوضيح (ص 253)، شرح التسهيل (3/ 141).
(3)
القِران: مصدر من قرن بين الحَج والعُمرة، إذا جمع بينهما بنية واحدة وتلبية واحدة. والقِران عند جماعة من العلماء في معنى التمتع؛ لاتفاقهما في المعنى، لكن القارن لا يجوز له الإحلال، كان معه هَدي أو لم يكن. انظر: التوضيح لابن الملقن (11/ 225، 244).
(4)
لا يُسمّى مَن لم يحلّ من عُمرته مُتمتعًا؛ فالقَارن ليس بمُتمتع؛ وهو كذلك عند الفقهاء، لكن ذكر كثير من أهل العلم أنّ القارن يُسمّى مُتمتعًا في لسان الصّحابة؛ لأنّ بعض الصحابة عبر عن حَجّه صلى الله عليه وسلم بالتمتع، مع أنّه صلى الله عليه وسلم لم يحلّ من إحرامه.
ورجّح ابن بطال أنه صلى الله عليه وسلم أفرد الحج، لأنه صلى الله عليه وسلم قال لِعَليٍّ:"لولا أنّ معى الهدى لأحللت"؛ فبان بهذا أنه لم يكن قارنًا؛ لأنّ القارن لا يجوز له الإحلال، كان معه هدى =
لأنّه أسْقَط عَن نفْسِه أحَد السَّفَرين. (1)
قوله: "فكَان مِن النّاس مَن أهْدَى": "كَان" ترفَع الاسمَ وتنصب الخبر، اسمها:"مَن"، وهي مَوصُولة بمَعنى "الذي"، أي:"فكَان مِن النّاس الذي أهْدَى"؛ فـ "أهْدَى صِلَة "مَن"، والعَائد ضَمير الفَاعِل، وخَبرُ "كَان" في المجرور. و"مِن" في قَوله "مِن النّاس" للتبعيض، وكذلك: "ومِنهُم مَن لم يُهْدِ".
وجَعَل بعضُهم هَذا ومَا كَان مثله مِن مُقتضيات الحصْر؛ لأنّ بالتقسيم يَنْحَصِر المقَسَّم. وفيه نَظَر. (2)
قوله: "فسَاقَ": معطُوفٌ على "أهْدَى"، و"مِن ذِي الحُليفَة" يتعلّق بـ "سَاقَ".
قوله: "ومِنْهُم مَن لم يُهْدِ": "من" مُبتدأ، والخبر في المجرور، و"يُهْدِ" مجزوم بـ "لم"، وهو في مَوضِع الصِّلة، والعائدُ الفَاعِلُ المستتر في الفِعْل.
قوله: "فَلمّا قَدم": "لمّا" حَرْفُ وجُوب لوجوب، أو ظَرْف (3)؛ فيكُون "قَدم"
= أو لم يكن، ولفعل أبي بكر وعمر، ولأنه هو الأصل وغيره رخصة. كما ردّ على من قال بأنه صلى الله عليه وسلم كان متمتعًا بما رواه البخاري عن ابن عمر أنه صلى الله عليه وسلم أهَلّ بالحج، ولما في حديث عائشة:"لو استقبلتُ من أمرى ما استدبرت ما سقت الهدى، ولجعلتها عمرة"، وهذا نصّ قاطع أنه عليه السلام لم يهلّ بعمرة. انظر: تفسير الخازن (1/ 125)، شرح صحيح البخاري لابن بطال (4/ 245 وما بعدها)، تفسير الفاتحة والبقرة للعثيمين (2/ 408).
(1)
انظر: تفسير ابن عطية (1/ 268)، البحر المحيط (2/ 263)، شرح صحيح البخاري لابن بطال (4/ 245 وما بعدها)، المنتقى شرح الموطأ (2/ 228 وما بعدها)، التوضيح لشرح الجامع الصحيح (11/ 226)، شمس العلوم (9/ 6216).
وفي شمس العلوم (9/ 6216): "قال الفقهاء: المتمتّع: هو الذي يعتمر، فإِذا طاف وسعى لعُمرته حلَّ من إِحرامه، وتمتع بما لا يجوز للمفرِد والقارن أن يتمتع به من الطِّيْبِ والوَطءِ واللباس".
(2)
راجع: البحر المحيط (2/ 309)، (4/ 262).
(3)
انظر: البحر المحيط (1/ 122)، (3/ 419)، (6/ 207، 298)، شرح الكافية الشافية =
في محلّ جَر بالإضَافَة.
وجوابُ "لمّا": "قَالَ". و"للنّاس" يتعَلّق بـ "قَالَ".
قوله: "مَن كَان مِنْكُم أهْدَى": "مَن" مُبتدأ، [مِن أدوات الشّرْط](1)، وخبرهَا في فِعْلها على الخِلاف المتقَدّم. وجَوابُ الشّرط قوله:"فإنّه لا يَحِلُّ" مرفُوع؛ لأنّه خَبر "إنّ، لا جَوَاب "مَن". واسمُ "كَان": ضَمير "من"، وخَبرُها: "أهْدَى"، و"مِنْكُم" يتعَلّق بـ "أهْدَى". وتقَدّم الكَلامُ على "مَن" في الحديثِ العَاشر مِن أوّل الكتَاب.
قوله: "مِنْ شَيْءٍ حَرُمَ مِنْهُ حَتَّى يَقْضِي": "حَرُم" على وَزن "فَعُل"، مِن الأبنية اللازِمَة التي لا تتعَدّى إلى مفعُول (2)، ففَاعِله ضَمير يعُود على "شيء" لأنّه في محلّ صِفَة، و"منه" يتعَلّق بـ "حَرُم". والضّمير في "منه" يعُود على "المحْرم"، أو على "شَيء". و"مِن" سَببية، أي:"حَرُم بسَببه"، أي:"بسَبَب إحْرَامه".
و"مِن شَيء" سَببية أيضًا، أو بمَعنى "اللام"، [أي] (3):"حَرُم فِعْله لأجْل إحْرامه"، كقَوله تعالى:{يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ} [البقرة: 19]، أي:"لأَجْل". (4)
= (3/ 1642 وما بعدها)، مغني اللبيب (ص 369)، الأصول في النحو (2/ 157)، شرح التصريح (1/ 700)، الكليات للكفوي (ص 790)، الجنى الداني (ص 594 وما بعدها)، حاشية الصبان (2/ 391)، همع الهوامع (2/ 222).
(1)
غير واضحة بالأصل. وفي (ب): "مِن أسماء الشرط". والذي يظهر لي أن تكون: "وهي أداة للشّرط".
(2)
انظر: شرح التصريف للثمانيني (ص 445)، شَذا العرف (ص 23).
(3)
غير واضحة بالأصل. وفي (ب): "من".
(4)
انظر: البحر المحيط لأبي حيان (1/ 141)، شرح التسهيل (3/ 134)، شرح شذور الذهب لابن هشام (ص 295).
[قَوله](1): "حتّى": حَرْفُ غَايَة، نَاصبَة للفِعْل المضَارع بإضْمَار "أنْ"(2). و"يَقْضِيَ" فِعْل مُضَارَع، عَلامَة النّصْب فيه آخره. وتقَدّم الكَلامُ على "حتّى" في الحديثِ الثّاني مِن أوّل الكتَاب.
قوله: "ومَن لم يَكُن": "مَن" شَرْطيّة، في محلّ رَفْع بالابتدَاء. ويحتمل أنْ تكُون موصُولة أُشربَت معنى الشّرط.
و"لم" حرفُ جَزم، و"يكُن" فعْلُ مُضَارع مجزوم بـ "لم"، وعَلامة الجزم فيه سكون آخِره. والجمْلة في محلّ خبر "من"، أو في محلّ الصّلة.
وجملة "أهْدَى" في محلّ خَبر كَان.
قوله: "فليَطُف": "الفَاء" جَوابُ الشّرْط، و"اللام" لام الأمر، والفِعْلُ مجزومٌ بها. وتقَدّم الكَلامُ على "الفَاء" في السّادس مِن "الاستطابة"، و"لام الأمر" في الرّابع مِن الأوّل.
قوله: "بالبيت": يتعلّق بـ "يَطُف". وتقَدّم أنّ الألِف واللام في "البيت" للغَلبة، كهي في "المدينة" و"العَقبة". (3) و"البَاء" للإلصَاق، وقيل: للتبعيض. و"بالصّفَا" معْطُوفٌ عَليه، و"المرْوَة" مَعْطُوف عَليه.
و"الصّفا" و"المروة": جَبَلا المسعَى. و"الصّفَا" في الأصل: جمعُ "صَفاة"، وهي
(1) بياض بالأصل بقَدْر كَلمة. والمثبت من (ب).
(2)
انظر: الصّحاح (1/ 246)، لسان العرب (2/ 23، 24)، الكليات للكفوي (ص 395، 396)، مُغني اللبيب (ص 128 وما بعدها، 173 وما بعدها)، الجنى الداني (367 وما بعدها، 554، 555)، شرح شُذور الذهب للجوجري (2/ 528).
(3)
انظر: إرشاد الساري (10/ 338).
الصّخرة، والحجَر الأمْلَس. (1)
قوله: "وَلْيُقَصِّرْ، وَلْيَحْلِلْ، ثُمَّ لِيُهِلَّ [بِالْحَجِّ] (2)، وَلْيُهْد": معطُوفات مجزومَات بـ "لام الأمر".
وجَاء: ["فليُهِلّ"](3) مَضْمُوم الأوّل، مِن "أهَلّ" مُدْغَم، و"ليَحْلِل" مفتُوحُ الأوّل، مُفَكّك الآخر، وجَاء التفكيكُ فيهما، والكُلّ جَائز. (4)
وعَلامَة الجزْم في قَوله "فليُهْد": حَذْفُ "اليَاء".
قوله: "فمَن لم يجد هَدْيًا": تقَدّم الكَلامُ على "وَجَد" في الثّاني مِن "باب الاستطابة"، وهي هُنا بمعنى "يُصِب"، مِن قولهم:"وَجَدتُ الضّالة"(5). و"هَدْيًا" مفعُولٌ بها. والجزْمُ بـ "لم" لا بـ "مَن".
و"الفَاءُ" في قَوله: "فَليَصُم" جَوَابُ الشّرْط. و"اللام" لامُ الأمْر.
و"ثَلاثَة أيّام": ظَرْفٌ للصّوْم، مفْعُول على السّعَة، والتقدير:"فليَصُم زَمَن ثلاثة أيام".
ودَخَلَت "التاء" في "ثلاثة"؛ لأنها عَدَد مُذكّر، ويجُوز في الكَلام حَذفُ "التاء"
(1) انظر: النهاية لابن الأثير (3/ 41).
(2)
سقط من النسخ.
(3)
كذا بالنسخ. وهو وارد في كتب الحديث، لكن في غير حديث الباب. والظاهر أنه مُراد الشيخ ابن فرحون بقوله:"وجاء"، ولتراجع الحاشية التالية.
(4)
فيجوز فيهما: "وليُهلّ"، و"وليُهلل" با لإدغام والفكّ، و"وليَحْلل" بالفكّ. كما يجوز:"وليحلّ" بالإدغام. وراجع: اللباب في علوم الكتاب (7/ 180)، البخاري (317، 1556، 1786، 5 439)، مُسلم (1211/ 113)، إرشاد الساري (6/ 433).
(5)
انظر: شرح التسهيل لابن مالك (2/ 79)، شرح التصريح (1/ 365)، جامع الدروس العربية (1/ 40).
إذا كان المميّز محذُوفًا، ومنه:"ثُمَّ أَتْبَعَهُ بِسِتٍّ مِنْ شَوَّالٍ"(1)، وحَكَى الكسائي:"صُمْنا مِن الشّهر خمسًا". (2)
قوله: "في الحَجّ": أي: "في زَمَن الحَجّ". ويحتمل أنْ يتعَلّق بحَال مُقدّرة، أي:"واجبات" أو "كائنات في الحَج". ويحتمل أنْ يتعَلّق بـ "يَصُم".
قوله: "وسَبْعَة": يتوجّه في إعرابه النّصْب والجر، فالنّصْب بالعَطْف على "ثلاثة"، وهُو نظيرُ ما جَاء في الآيَة، ويجُوز فيه الجر على حِكَاية لَفْظ الآية. (3)
قَال أبو حيّان في قَوله تعَالى: {فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ} [البقرة: 196]: المصْدَرُ مُضَافٌ للثّلاثة بعد الاتسَاع؛ لأنه لو بقي على الظّرفيّة لم تجُز الإضَافَة. (4)
قوله: "إذا رَجع": هو حِكاية الآية. ويحتمل أنْ تكُون "إذا" هُنا لا شَرْطَ فيها، أي:"وَقْت رجُوعه". (5)
فقيل: التقدير: "وَقْتَ رجُوعه [في] (6) وَقْت الحَج"؛ فيجُوز على هَذا الصّوم قبل أنْ يُحرم بالحَجّ وبعْده.
(1) صحيحٌ: رواه مُسلم بنحوه (1164/ 204)، وهو في سنن أبي داود (2433) بلفظه، من حديث أبي أيوب، وصحّحه الألباني في "صحيح أبي داود"(2102).
(2)
انظر: البحر المحيط (2/ 267، 517)، (7/ 383)، كشف المشكل من حديث الصحيحين لابن الجوزي (4/ 401)، شرح الشذور للجوجري (2/ 852)، توضيح المقاصد (3/ 1318)، الصحاح (5/ 2089)، لسان العرب (13/ 81).
(3)
انظر: البحر المحيط (2/ 267، 517)، (7/ 383).
(4)
انظر: البحر المحيط (2/ 265).
(5)
انظر: البحر المحيط (2/ 267).
(6)
غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).
وقيل: "في وَقْتِ أفْعَال [الحَج"] (1)؛ فَلا يجُوزُ إلّا بعْد الإحْرَام.
قَالَ أبو حيّان: والأوّل أوْلى؛ لقِلَّة الحَذْف. (2)
وقيل: "في مَكَان الحَج"؛ فيجُوز مَا دَام بمَكّة، وإنْ لم يكُن في أشْهُر الحَج. (3)
وعلى ما تقَدّم في "إذا" أنّها ظَرْف بمَعنى الوَقْت؛ فالعَامِلُ فيها: "فليَصُم"، يُقَال: يَلزَم عَليه تعَدّي العَامِل إلى ظَرْفي زَمَان؛ لأنّ ذَلك يجُوز مع العَطْف والبَدَل، وقد عطف بـ "الوَاو" شَيئين على شَيئين، كما في الآية؛ عطف "سبعة أيام" على "ثلاثة أيام"، وعطف "إذا" على الوقت المقَدّر في "الحج"، أي:"فليصُم ثلاثة أيام في وقت الحج وسبعة في وقت الرجُوع". ومثاله قولك: "أكرَمتُ زَيدًا يومَ الخميس وعمرا يوم الجمعة". (4)
قوله: "إلى أهْلِه": يتعلّق بـ "رَجَع". وتقَدّم أنّ "رَجَع"[يجيء](5) لازِمًا ومُتعَدّيًا، قال الله تعالى:{فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّهُ} [التوبة: 83]، ومصدره:
(1) غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).
(2)
انظر: البحر المحيط (2/ 266).
(3)
انظر: البحر المحيط (2/ 266). وقد حصل هنا من الشيخ ابن فرحون خلط وذهول عن مراد أبي حيان، فكلام أبي حيان وارد في تفسير قوله تعالى:{فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ} [البقرة: 196]، حيث قَدّر المحذوف فيه "زمانًا". وبعد هذا نجد أبا حيّان قد صرّح بعدها (2/ 267، 268) بالمراد من قوله تعالى: "إذا رجعتم"، وأنه اختلف فيه، فمنهم من قال: الرجوع للأوطان أو الأمصار، ومنهم من قال: بعد الفراغ من أعمال الحج، سواء بمكة لمن بقي أو بالطريق، ومنهم من قال: لا بأس بصومها إذا رجع من منى.
(4)
انظر: البحر المحيط (2/ 267).
(5)
بالنسخ: "تجيء".
"رَجْعًا"، ومصدرُ اللازم:"رجُوعًا". (1)
قوله: "فطَاف رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم": هذا معطوفٌ على قوله: " [وبَدَأ] (2) رَسُولُ الله فأهَلّ بالعُمرة، ثُمّ أهَلّ بالحَجّ. . . فَلَمّا قَدِمَ - أي مَكّة - قَالَ للنّاس كَذا"؛ فـ "طَاف" معطُوفٌ على "قَالَ".
قوله: "حين": ظَرفُ زَمَان، العَامِل فيها:"طَاف". وتقَدّم الكَلامُ على "حين" وحُكمها مع الإضَافة في الرّابع من "كتاب الصّلاة"، وفي الخامس من "صِفة الصّلاة". و"مَكّة": مفعُولٌ على السّعَة، أي:"إلى مَكّة".
قوله: "واستَلَم الرّكْنَ": تقَدّم معنى الاستلام وتفسيره قريبًا في "كتاب الحَج". و"أوّل" ظَرفُ زَمَان، العَامِلُ فيه "استَلم"، والتقديرُ:"أوّل شَيءٍ مِن أفعَال الطّوَاف".
قوله: "ثم خَبّ": تقَدّم قريبًا مَعنى "الخبب". و"ثلاثة أطْوَاف" منصوبٌ على المصْدَر، والعَامِلُ فيه:"خَبّ".
قوله: "من السّبع": "مِن" للتبعيض، والألف واللام في "السّبع" للعَهد، أي:"مِن السّبع الطّوْفات".
قوله: "ومَشَى أرْبَعَة": أي: "أربَعَة أطْوَاف"، فتُنصَب على المصْدَر، والعَامِلُ:"مَشَى"، والفِعْلُ اللازم والمتعَدّي يتعَدّيان إلى المصْدَر وإلى الظرْف (3).
قوله: "ورَكَع، حين قضى طَوافه، بالبيت، عند المقَام، رَكعَتين": تقَدّم مثل هَذا؛
(1) انظر: إحكام الأحكام (2/ 303)، الإعلام لابن الملقن (10/ 294)، تاج العروس (21/ 65، 66)، أسرار العربية (152)، الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحويين (2/ 681)، أمالي ابن الحاجب (1/ 361).
(2)
بالنسخ: "فبدأ".
(3)
انظر: البحر المحيط (2/ 148)، المقتضب للمبرد (4/ 335)، شرح المفصل لابن يعيش (1/ 308)، (4/ 304).
فـ "ركعتين" مصْدَر "رَكَع"؛ لأنّ المصْدَر اسمُ الفِعْل أو عَدَده أو ما قَام مقامه أو مَا أُضيف إليه، وهذا عَدَدُ المصْدَر، وعَدَدُ المصْدَر مصْدَر. (1)
قوله: "عنْد المقَام": ظَرْفٌ ومخفُوضٌ به، والعَامِلُ في "عند":"رَكَع".
قوله: "ثُم سَلّم، فانصَرَف، فأتَى الصَّفَا": كُلّها معْطُوفَات.
و"البَاءُ" في قوله: "بالصّفَا" ظرْفيّة. و"سَبْعَة أطْوَاف" مَصْدَر.
قوله: "ثُم لم يحلِل مِن شَيءٍ حَرُم [منه] (2) ": تقَدّم إعرابُ مثله.
"وفَعَل مثْل مَا فَعَل": "مِثْل" هُنا مفعُولٌ به.
و"مَا" موصُولَة بمعنى "الذي"، وصِلَتها "فَعَل" الثّانية. ويحتمل أن تكُون مَصْدَريّة، أي:"وفَعَل فِعْل رَسُول الله مَن أهْدَى".
أو تكُون "مثل" هُنا زَائدة، كما قيل في قوله تعالى:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى: 11](3)؛ وتكُون "مَا" مَع صِلتها مفعُولُ "فَعَل"، والفَاعِلُ:"مَن أهْدَى". وتقَدّم المفْعُول على الفَاعِل هُنا مِن بَاب الجَوَاز (4).
و"مِثْل" إذَا أُضيف إلى "أنّ" أو "إنّ" أو "مَا" جَاز بناؤها؛ فيحتمل أن تكُون الحرَكَة في "مثل" حَرَكَة إعرَاب، ويحتمل أن تكُون حَرَكَة بِنَاء، وعلى كِلا التقديرين
(1) انظر: تفسير ابن عرفة (1/ 85)، إرشاد الساري للقسطلاني (1/ 328)، شرح التسهيل (2/ 178)، شرح الكافية الشافية (2/ 656)، شرح ابن عقيل (2/ 169)، المقدمة الجزولية (1/ 85)، توضيح المقاصد والمسالك (2/ 644)، حاشية الصبان (2/ 161، 164)، جامع الدروس العربية (3/ 32).
(2)
بالنسخ: "عليه".
(3)
انظر: البحر المحيط (1/ 652)، مغني اللبيب (ص 237، 238).
وراجع: شواهد التوضيح (ص 256)، عقود الزبرجد (2/ 155)، شرح التصريح (1/ 655)، همع الهوامع للسيوطي (2/ 448).
(4)
انظر: شرح التسهيل (1/ 161، 162)، شرح الأشموني (1/ 402).