الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث السّادس:
[181]
: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"مَنْ نَسِيَ وَهُوَ صَائِمٌ، فَأَكَلَ أَوْ شَرِبَ؛ فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ، فَإِنَّمَا أَطْعَمَهُ اللَّهُ وَسَقَاهُ"(1).
قوله: "مَن نَسِيَ وَهُوَ صَائمٌ": "مَنْ" شَرْطِيّة، في محل رَفْع بالابتِدَاء، والخبرُ في فِعْلِها، وقِيل: في جَوَابِهَا. (2) وَتقَدّم الكَلامُ عَليها في الرّابع مِن أوّل الكِتَاب، وفي العَاشِر منه.
قوله: "وهُو صَائِمٌ": جُملةٌ مِن مُبتدأ وخَبر، في محلّ الحال مِن ضَمير الفَاعِل في "نَسِي".
وتقَدّم الكَلامُ على "أَوْ"، وهِي هُنَا للتّفْصيل، وعَبّر بعْضُهم عَنْها بالتّقْسيم. (3) وأحْكَامُها تقَدّمَت في الحديثِ الثّالِث مِن "بَاب السِّواك".
قوله: "فَليُتِمّ صَوْمَه": "الفَاءُ" جَوَابُ الشَّرْط، ومعناها السّبب. (4)
(1) رواه البخاري (1923) في الصوم، ومسلم (1155) في الصيام.
(2)
انظر: إرشاد الساري (9/ 401)، عقود الزبرجد للسيوطي (1/ 155)، مغني اللبيب (ص 608، 648)، شرح التسهيل لابن مالك (4/ 86)، همع الهوامع (2/ 554، 566)، شمس العلوم (9/ 5930).
(3)
انظر: شرح الزرقاني على الموطّأ (2/ 220)، مرعاة المفاتيح (6/ 186)، الجنى الداني (ص 166، 228)، توضيح المقاصد (2/ 1008، 1009)، أوضَح المسالك (3/ 341، 342)، مُغني اللبيب (ص 92 وما بعدها)، شرح ابن عقيل (3/ 232)، شرح الأشموني (2/ 378)، اللمحة (2/ 694 وما بعدها)، شرح التصريح (2/ 173)، الهمع (3/ 206)، جامع الدروس العربية (3/ 246، 247).
(4)
انظر: شرح الشذور الذهب (ص 443)، شرح القطر (ص 93)، شرح ابن عقيل (4/ 38)، الجنى الداني (ص 61 وما بعدها)، مغني اللبيب (214، 871)، جامع الدروس العربية (2/ 193).
و"اللام": "لامُ" الأمْر، وهي بعْدَ "الفَاء" و"الواو" سَاكِنَة. (1) وتقَدّم الكَلامُ على "لام" الأمْر في الرّابع مِن الأوّل، وفي الثّالث مِن "بَاب الصّفُوف".
و"يُتمّ": مِن "أتَمّ"، مُضَاعَف الآخر، و"صَوْمه" مفْعُولٌ به.
وجَاءَت جملة "وهُو صَائمٌ" حَالًا بالواو والضّمير. وتقَدّم ذكْرُ الجُمَل الواقعة حَالًا. وشرطها إنْ كانت اسمية أن تَأتِي بالواو والضمير أو بأحدهما، والأصلُ الضمير. (2)
قَال ابنُ هشام: يكُون الحَال جملة [بثَلاثة](3) شُروط: -
1 -
أحدها: كونها خبرية. وغَلَط مَن قال (4) في قوله:
اطْلُبْ ولا تَضْجَرَ مِنْ مَطْلَبِ
…
. . . . . . . . . . . (5)
إنّ "لا" ناهية، و"الواو" للحَال. بل الصّوابُ أنّ "الواو" للعَطْف.
(1) انظر: عقود الزبرجد للسيوطي (1/ 123)، الجمل في النحو للخليل بن أحمد (ص 267)، حروف المعاني والصفات (ص 46)، الأصول لابن السّراج (2/ 219)، سر صناعة الإعراب (2/ 63).
(2)
انظر: شرح الكافية الشافية (1/ 68)، الجنى الداني (164)، اللمحة (1/ 392، 397 وما بعدها)، مُغني اللبيب (789)، توضيح المقاصد والمسالك (2/ 719)، الفصول المفيدة (ص 155، 169، 170)، شرح ابن عقيل (2/ 279)، همع الهوامع (2/ 322)، النحو الوافي (2/ 398)، جامع الدروس العربية (3/ 103).
(3)
بالنسخ: "بثلاث".
(4)
هو: "الْأمين الْمحلي" في كتابه "المفتاح"، كما في "مغني اللبيب"(ص 763) و"شرح التصريح"(1/ 609).
(5)
صَدْرُ بيتٍ من السّريع، وهو لبعض الموَلّدين. وعجزه:"فآفَةُ الطَّالِبِ أن يَضْجَرَا".
انظر: مُغني اللبيب لابن هشام (ص 519، 763)، شرح التصريح (1/ 609)، المعجم المفصل (3/ 101).
ثُم الأصَحّ: أنّ الفَتْحة فتحةُ إعراب - مثلها في قوله: "لا تأكُل السّمَك وتشرب اللبن" - لا بناءٍ لأجْل نُون توكيد خفيفة محذوفة.
2 -
الثاني: أن تكُون غير مُصَدّرة بدليل استقبال. وغَلط مَن أعْرَب {سَيَهْدِينِ} (1) مِن قَوله تعالى: {إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي} [الصافات: 99] حَالًا.
3 -
الثالث: أنْ تكُون مُرتبطة، إمّا بـ "الواو" والضّمير، نحو:{خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ} [البقرة: 243]. أو بالضّمير فقط، نحو:{اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ} [البقرة: 36]، أي:"مُتعَادين". أو بـ "الواو" فقط، نحْو:{لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ} [يوسف: 14]. (2)
قُلتُ: والذي وَرَد هُنا في الحديثِ مِن قَوله: "وَهُوَ صَائِمٌ" جملة اسمية بـ "الواو" والضّمير. وتقَدّم ذَلك مُحَرّرًا في الثّالِث مِن "المذي".
قوله: "فإنّما أطعَمَه اللهُ وسَقَاه": "إنّما" كَافّة ومَكْفُوفة، ويُقَالُ لها:"مُهيّئة"، أي:[هيّأت](3) للدّخُول على الفِعْل. (4)
ويحتمل أنْ تكُون "ما" ههنا مَوصُولة بمَعنى "الذي"، وصِلتها جملة "أطْعَمَه اللهُ"، والعَائِدُ ضَميرُ الفَاعِل، وضميرُ المفعول عائدٌ على "الأكْل"، وتكُون "ما" مع
(1) بالنسخ: "سيهديني".
(2)
انظر: أوضح المسالك (2/ 285 وما بعدها)، مغني اللبيب (ص 519، 763، 764)، شرح الأشموني (2/ 29، 30)، شرح التصريح (1/ 609 وما بعدها)، اللمحة (1/ 391)، الهمع للسيوطي (2/ 320).
(3)
كذا بالنسخ. لكن عبارتهم تنصّ على أنّ " (ما) في (إنّما) كافَّة مُهيِّئة لدخُول (إِنْ) على الجملة الفعلية". وراجع مثلًا: البحر المحيط (9/ 209، 210).
(4)
انظر: البحر المحيط (7/ 567، 568)، (9/ 209، 210)، الجنى الداني (ص 395 وما بعدها)، شرح المفصل (5/ 32)، مُغني اللبيب (ص 404)، نتائج الفكر (ص 145)، موصل الطلاب (ص 156)، الهمع (1/ 521).