المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الحديث الثّاني: [127] : عَنْ وَرَّادٍ مَوْلَى الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ: أَمْلَى - العدة في إعراب العمدة - جـ ٢

[ابن فرحون، بدر الدين]

فهرس الكتاب

- ‌بَاب جَامِع

- ‌الحديث الأول:

- ‌ الحديث الثّاني

- ‌الحديث الثّالِث

- ‌الحديث الرّابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السّادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن:

- ‌الحديث التاسع:

- ‌باب التشهّد

- ‌الحديث الأوّل:

- ‌الحديث الثاني:

- ‌الحديث الثالث:

- ‌الحديث الرابع:

- ‌الحديث الخامس:

- ‌باب الوتر

- ‌[الحديث الأوّل] (1):

- ‌الحديث الثاني:

- ‌الحديث الثالث:

- ‌باب الذّكْر عقيب الصّلاة

- ‌الحديث الأوّل:

- ‌الحديث الثّاني:

- ‌الحديث الثالث:

- ‌الحديث الرابع:

- ‌باب الجمْع بين الصّلاتين في السّفَر

- ‌باب قَصْر الصّلاة

- ‌باب الجُمعَة

- ‌الحديث الأوّل:

- ‌الحديث الثاني:

- ‌[الحديث الثالث] (2):

- ‌الحديث [الرّابع] (1):

- ‌الحديث [الخامس] (6):

- ‌الحديث [السّادس] (1):

- ‌الحديث [السّابع] (1):

- ‌الحديث [الثامن] (3):

- ‌الإعراب:

- ‌باب العيدين

- ‌[الحديث الأوّل] (1):

- ‌الحديث الثّاني:

- ‌الحدِيث الثّالِث:

- ‌[الحدِيث الرّابع] (1):

- ‌الحدِيث [الخَامس] (3):

- ‌باب صَلاة الكُسُوف

- ‌[الحديث الأوّل] (1):

- ‌الحديث الثّاني:

- ‌الحديث الثالث:

- ‌الحديث الرابع:

- ‌باب الاستسقاء

- ‌الحديث الأوّل:

- ‌الحديث الثّاني:

- ‌باب صلاة الخوف

- ‌[الحديث الأوّل] (1):

- ‌[الحديث الثّاني] (1):

- ‌الحديث [الثالث] (1):

- ‌كتاب الجنائز

- ‌الحديث الأوّل:

- ‌الحديث الثّاني:

- ‌الحديث الثالث:

- ‌الحديث الرابع:

- ‌الحديث الخامس:

- ‌[الحديث السادس] (1):

- ‌الحديث [السابع] (1):

- ‌الحديث [الثّامن] (3):

- ‌الحديث [التاسع] (1):

- ‌الحديث [العاشر] (6):

- ‌الحديث [الحادي عشر] (3):

- ‌الحديث [الثاني] (3) عشر:

- ‌الحديث [الثّالث] (1) عشر:

- ‌الحديث [الرابع] (5) عشر:

- ‌كتاب الزكاة

- ‌[الحديث الأوّل] (1):

- ‌الحديث الثاني:

- ‌الحديث الثّالث:

- ‌الحديث الرّابع:

- ‌الحديث الخامس:

- ‌الحديث السادس:

- ‌بَاب صَدَقَة الفِطْر

- ‌[الحديث الأوّل] (1)

- ‌الحديث الثّاني:

- ‌كتاب الصّيام

- ‌الحديث الأوّل:

- ‌الحديث الثاني:

- ‌الحديث الثالث:

- ‌الحديث الرابع:

- ‌الحديث الخامس:

- ‌الحديث السّادس:

- ‌الحديث السابع:

- ‌[فائدة] (5):

- ‌باب الصّوم في السفر وغيره

- ‌[الحديث الأوّل] (1):

- ‌الحديث الثّاني:

- ‌الحديث الثالث:

- ‌ الحديث الرابع

- ‌الحديث الخَامس:

- ‌الحديث السّادس:

- ‌فائدة:

- ‌الحديث السّابع:

- ‌الحديث الثَّامن:

- ‌[الحديث التاسع] (3):

- ‌الحديث [العاشر] (2):

- ‌الحديث [الحادي عشر] (5):

- ‌بَاب أفْضَل الصّيَام وغَيره

- ‌الحديث الأوَّل:

- ‌الحديث الثّاني:

- ‌الحديث الثّالث:

- ‌[الحديث الرّابع] (3):

- ‌الحديث [الخَامِس] (5):

- ‌الحديث [السّادِس] (3):

- ‌الحديث [السّابع] (1):

- ‌الحديث [الثّامِن] (5):

- ‌باب لَيْلَة القَدْر

- ‌الحديث الأوّل:

- ‌الحديث الثّاني:

- ‌الحديث [الثّالث] (1):

- ‌باب الاعتكاف

- ‌الحديث الأوّل:

- ‌[الحديث الثّاني] (1):

- ‌الحديث [الثّالث] (4):

- ‌الحديث [الرَّابع] (1):

- ‌كتاب الحج

- ‌باب المواقيت

- ‌[الحديث الأوّل] (1):

- ‌فائدة:

- ‌الحديث الثّاني:

- ‌باب ما يلبس المحرم من الثياب

- ‌[الحديث الأوّل] (1):

- ‌الحديث الثّاني:

- ‌الحديث الثالث:

- ‌الحديث الرابع:

- ‌باب الفِدْيَة

- ‌الحديث الأوّل:

- ‌باب حُرْمَة مَكّة

- ‌الحديثُ الأوّل:

- ‌الحديث الثّاني:

- ‌بَاب مَا يجُوزُ قَتْلُه

- ‌الحديث الأوّل:

- ‌باب دُخُول مَكّة وغيره

- ‌الحديث الأوّل:

- ‌الحَدِيث الثّانِي:

- ‌الحديث الثّالث:

- ‌الحديث الرّابِع:

- ‌الحدِيث الخَامِس:

- ‌الحدِيث السّادِس:

- ‌الحدِيث السّابِع:

- ‌[الحديث الثامن:

- ‌بَاب التَّمَتّع

- ‌الحدِيث الأَوّل:

- ‌الحديث الثّاني:

- ‌الحديث الثّالث:

- ‌الحديث الرّابِع:

- ‌باب الهَدْي

- ‌الحديث الأوّل:

- ‌الحدِيث الثّانِي:

- ‌الحدِيث الثّالِث:

- ‌الحدِيث الرّابِع:

- ‌الحديث الخَامِس:

- ‌بَاب الغسْل للمُحْرِم

- ‌الحدِيث الأَوّل:

- ‌باب فَسْخ الحَجّ إلى العُمْرَة

- ‌الحدِيث الأَوّل:

- ‌الحدِيث الثّاني:

- ‌الحدِيث الثّالِث:

- ‌الحدِيث الرّابع:

- ‌الحدِيث الخَامِس:

- ‌الحدِيث السَّادِس:

- ‌الحدِيث السّابِع:

- ‌الحدِيث الثَّامِن:

- ‌الحدِيث التّاسِع:

- ‌الحدِيث العَاشِر:

- ‌الحدِيث الحَادِي عَشر:

- ‌باب المحْرِم يَأكُل مِنْ صَيْد الحَلال

- ‌الحدِيث الأوّل:

- ‌الحديث الثّاني:

الفصل: ‌ ‌الحديث الثّاني: [127] : عَنْ وَرَّادٍ مَوْلَى الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ: أَمْلَى

‌الحديث الثّاني:

[127]

: عَنْ وَرَّادٍ مَوْلَى الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ: أَمْلَى عَلَيَّ الْمُغِيرَةُ في كِتَابٍ إلَى مُعَاوِيةَ: إنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُ دُبُرِ كُلِّ صَلاةٍ مَكْتُوبَةٍ: "لا إلَهَ إلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٍ. اللَّهُمَّ لا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ وَلا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ". ثُمَّ وَفَدْتُ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى مُعَاوِيَةَ فَسَمِعْتُهُ يَأْمُرُ النَّاسَ بِذَلِكَ (1).

وَفِي لَفْظٍ: "وكَانَ يَنْهَى عَنْ قِيلَ وَقَالَ، وَإِضَاعَةِ الْمَال، وَكَثْرَةِ السُّؤَالِ وَكَانَ يَنْهَى عَنْ عُقُوقِ الأُمَّهَات، وَوَأْدِ الْبَنَات، وَمَنْعِ وَهَاتِ"(2)

قوله: "مَولى المغيرة": "المغيرة" بضم "الميم" وكسرها إتْباعًا للعَين، و"مولى" بدَل، أو عطف بيان.

و"شعبة" لا ينصرف؛ للعلمية والتأنيث. وفاعل "قال": ضميرُ "وراد".

و"المغيرة" فاعل: "أمْلَى". و"عليّ" يتعلّق بـ "أمْلَى".

ويُقال: "أملَّ" لأهل الحجاز وبني أسد، و"أملَى" لبني تميم. وأصله في اللغة الإعادة. وقيل:"الياء" في "أمليتُ" بدَل من "اللام"؛ لأنها أخفُّ (3).

قوله: "في كتاب": يتعلّق بـ "أملى". و "إلى معاوية" يتعلّق بصفة لـ "كتاب".

قوله: "أنّ النبي صلى الله عليه وسلم ": في محلّ مفعول بـ "أملى" على الحكاية.

قوله: "وكان يقول": جملة في محلّ خبر "أن"، و"يقول" خبر "كان".

و"في دبُر" يتعلّق بـ "يقول"، ويجوز ضم "الباء" وتسكينها (4).

(1) رواه البخاري (6615) في القدر، ومسلم (593) في المساجد.

(2)

رواه البخاري (7292) في الاعتصام، ومسلم (593) في الأقضية.

(3)

انظر: البحر المحيط (2/ 721)، وتفسير القرطبي (3/ 385).

(4)

انظر: الصحاح (2/ 653)، تاج العروس (11/ 251).

ص: 72

و "مكتُوبة" نعتٌ لـ"صَلاة".

وتقدّم الكلام على "كان" في الحديث الأوّل من الكتاب، وعلى "لا إله إلا الله" في الحديث الأوّل من "باب التيمم".

و"وَحْدَه": حَالٌ مؤكّدة، وتُؤَوَّلُ بـ "مُنفَرد"؛ لأنّ الحَال لا يكُونُ معرفة (1).

قوله: "لا شريك له": حالٌ ثانية مُؤكّدة لمعنى الأولى. و"لا" نافية. و"شريك" مبني مع "لا" على الفتح. وخبرُ "لا": مُتعلّق "له".

قوله: "له الملك": جملة من مبتدأ وخبر، الخبر في المجرور. وكذلك:"له الحمد"، وكذلك:"وهو على كُلّ شيء قدير"، كُلّها جمل حاليّة.

ومَن منع تعدّد الحال (2) جَعَل "لا شريك له" حَالًا من ضَمير "وحْده" المؤوّل بـ "مُنفرد"(3)، وكذلك:"له الملك" حالٌ من ضَمير المجرور في "له"، وما بعد ذلك معطُوفات.

قوله: "اللهم": تقدّم في أوّل "باب الاستطابة".

و"لا مانع" اسم نكرة مبنيٌّ مع "لا"، وخبر "لا" الاستقرار المتعَلّق به المجرور، أو يكُون الخبر محذُوفًا وجُوبًا على لُغَة بني تميم، ووافَقهم كثير مِن الحجازيين، فيتعلّق حرف الجرّ بـ "مانع".

(1) انظر: أوضح المسالك لابن هشام (2/ 258)، شرح الشذور للجوجري (2/ 455)، شرح التصريح (1/ 578).

(2)

أجاز ابن مالك تعدّد الحال، ومنعه ابن عصفور. انظر شرح التسهيل (2/ 348، 349)، وهمع الهوامع (2/ 315).

(3)

انظر: أوضح المسالك لابن هشام (2/ 258)، شرح الشذور للجوجري (2/ 455)، شرح التصريح (1/ 578).

ص: 73

قيل: فيجب نصبه وتنوينه؛ لأنّه مُطول (1).

والرّواية على بنائه من غير تنوين، فيُتمحَّل له بأنْ يعلَّق بخبر لـ "مانع" محذوف، أي:"لا مانع لنا لما أعطيت"، فيتعلّق بالكَون المقَدّر، لا بـ "مانع"، كما قيل في قوله تعالى:{لَا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ} [لأنقال: 48].

ويحتمل أن يكون أصله: "لا مانعًا" بالتنوين، ثم حذف التنوين بعد أن أُبدل منه "ألِف"، ثم حذفت "الألِف"؛ فصار على صُورة المبني.

ويجوز أن يكُون "لما أعطيت" في محلّ صفة لـ "مانع"، والخبر محذوف.

ويحتمل أن يُقدّر: "لا مانع لما أعطيت يمنع"، فيتعلّق بـ "يمنع"، ويكون "يمنع" خبر "لا" على إحْدَى اللغتين.

واختار الزّمخشري في قوله تعالى: {لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ} [يوسف: 92] أن يكون "اليوم" معمول بـ "تثريب"(2).

ورَدَّ عليه الشّيخ أبو حيّان لأجْل الفصل بين المصدَر ومعموله بـ "عليكم"، وهو إمّا خبر أوصفة، وأيًّا ما كان فلا يجُوز، وكان يلزَم تنوين "تثريب"(3).

والقول في "ولا مُعطيَ" مثله. و"ما" موصُولة، وجملة "أعطيتُ" صِلتها، والعائد محذوف، أي:"لما أعطيته".

(1) يلقب الاسم المشبَّه بالمضاف بـ "المطوَّل" أو "الممطول"، والمراد به: كل اسم له تعلق بما بعده إما بعمل نحو: "لا طالعًا جبلا ظاهر"، و"لا خيرًا من زيد راكب"، وإما بعطف نحو:"لا ثلاثة وثلاثين عندنا". انظر: البحر المحيط (6/ 321)، وشرح ابن عقيل (2/ 8).

(2)

انظر: الكشاف (2/ 502).

(3)

انظر: البحر المحيط (6/ 321).

ص: 74

قوله: "ولا ينفع ذا الجد منك الجد": "ذا" مفعول بـ "ينفع"، وعلامة نصبه "الألِف". و"منك" يتعلّق بـ "ينفع"، أي:"من عذابك".

قال الشّيخ تقيّ الدّين: الذي ينبغي: أن يُضمَّن "ينفع" معنى "يمنع" أو ما يُقاربه. ولا يعُود "منك" إلى "الجد" على الوجْه الذي يُقال فيه: "حَظِّي منك كثيرٌ أو قليلٌ"، بمعنى:"عنايتك بي" أو "رعايتك لي"، فإنّ ذلك نافع (1). انتهى.

وإنما قال ذلك: لأنّ العناية من الله تعالى تنفع، ولا بُدّ.

وأمّا "الجدُّ" الثّاني: فإنه فاعل "ينفع"، أي:"لا ينفع صاحب الحظِّ من نزول عذابك حظُّه، وإنما ينفعه عمله الصالح"، فالألِف واللام في "الجد" الثّاني عوض عن الضّمير، وقد سَوّغ ذلك الزّمخشري، و [كذا] (2) اختار كثير من البصريين والكوفيين في نحو قوله تعالى:{فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى} [النازعات: 41]. (3)

قوله: "ثُم وفدتُ بعدُ على مُعاوية": الفاعلُ ضَمير "وَرَّاد" راوي الحديث. و "بعد": ظرف زمان، مبني على الضم؛ لقطعه عن الإضافة، والعامل فيه:"وفدت". وسيأتي الكلام على قولهم: "أمّا بعد" في الحديث الأوّل من "باب الشّروط في البيع".

قوله: "فسمعته يأمُر النّاس بذلك": أي: "سمع وَرَّادٌ معاويةَ يأمرُ الناس بالذِّكر المتقدّم". والكَلام على "سمع" تقدّم في أوّل حديث من الكتاب، وتقدّم الكلام على "أَمَر" في أوّل حديثٍ من "باب السواك".

قوله: "وفي لفظ: كان ينهى": أي: "وجاء في لفظ"، فيتعلّق حرف الجر بـ "جاء"، أو بـ "روي". وجملة "كَان ينهى" في محلّ الفاعِل على الحكَاية، والتقدير:

(1) انظر: إحكام الأحكام (1/ 215).

(2)

سقط من النسخ. والمثبت من "إرشاد الساري".

(3)

انظر: إرشاد الساري (9/ 193) نقلًا عن ابن فرحون، (10/ 310)، مغني اللبيب (ص 77)، شرح التسهيل (1/ 262).

ص: 75

"يُروَى في لفظ أنّ النبي صلى الله عليه وسلم كان ينهى عن ذلك".

قوله: "عن قيل وقال": يُروَى بجرِّ "قيلٍ" و"قالٍ"، وتنوينهما، ويُروى ببنائهما على الفتح على وضعهما وحكايتهما كما يقوله القائل. والتنوين والجر فيه إعراب؛ لأنّه بدخُول حرف الجر عليهما صارا أشْهر، فيجران كغيرهما، كما لو سَمّيت بـ "سار" منقُولًا من "سار"، و "أحمد" إذا نكّرتهما.

قال ابنُ الأثير في "جامع الأصول": قال أبو عبيد في "قيلٍ" و "قالٍ": [نحوٌ](1) وعربيةٌ، وذلك أنّه جعل "القال" مصدرًا، كأنه قال:"نهى عن قيلٍ وقولٍ"(2).

قال ابنُ الأثير: "قولًا" و "قالًا" و"قيلًا" بمعنى.

قال غيره: لو كان هذا لقلَّت الفائدة؛ لأنَّ الثاني هو الأوّل، لأنهما إذا كانا بمعنى واحدٍ، فأيّ معنى للنهي عن شيءٍ واحد بلفظين؟ !

والأحسَن أن يكون على الحكاية، فيكُون النهي عن "قيلَ" فيما لا يصحّ ولا يُعلم حقيقته، فيقول المرء في حديثه:"قيل كذا"، كما جاء في الحديث الآخر:"بِئْسَ مَطيّةُ الرّجُلِ: زَعَمُوا"(3). وإنما كان النّهي عن ذلك لإشغال الزّمان في التحدّث بما لا يصحّ ولا يجوز.

ويكُون النّهي عن "قال" فيما يشكّ في حقيقته وإسناده إلى غيره، لأنّه يشغَل الوَقت بما لا فائدة فيه، بل قد يكُون كَذبًا، فيأثم، ويضر نفسه وغيره.

أمَّا من تحقّق الحديث ويتحقّق مَن يُسنده إليه مما أباحَه الشّرع؛ فلا حرَج في

(1) انظر: غير واضح بالأصل. والمثبت من جامع الأصول.

(2)

انظر: جامع الأصول (11/ 722، 5/ 55).

(3)

صحيح: سنن أبي داود (4972)، من حديث حذيفة أو أبي مسعود، وصحّحه الألباني في "السلسلة الصحيحة"(866).

ص: 76

ذلك" (1). هذا معنى الكلام. والله أعلم.

قوله: "وإضَاعَة المال": يعني "فيما لا يحلّ".

وكذلك: "كَثرة السّؤال". ويُقال: "كِثرة" بكسر "الكاف" على قِلَّة، قال في الصحاح: لُغَة رديئة (2).

و"إضَاعَة" مصدَر مُضاف إلى المفعول، و"كَثْرة" مثله.

قوله: "وكان ينهى عن عُقوق الأمّهات": جمع "أمهة"، قال الشّاعر:

.......................

أُمَّهَتي خِنْدِفُ، وإلياسُ أَبي (3)

إلا أنّ "أمهة" لمن يعقل، [و"أمّ"]، (4) لمن يعقل ولمن لا يعقل (5).

واسم "كان" مستتر فيها، وخبرها في جملة "ينهى"، والجملة كُلّها معطوفة على ما قبلها.

يُقال: "عقَّ"، "عقوقًا" و"معقَّة"، فهو "عاقّ" و"عُقَق"، مثل "عامر" و "عمر". والجمع:"عققة"، مثل "كفرة". و"أعقت الفرس" إذا "حملت"، فهي "عقوق"، ولا

(1) انظر: جامع الأصول (11/ 722، 5/ 55).

(2)

انظر: الصحاح (2/ 802).

(3)

عجز بيت من الرجز، وهو لقصي بن كلاب، جد النبي صلى الله عليه وسلم، وصدره:"عِنْدَ تَناديهمْ بِهالٍ وَهَبِي". انظر: لسان العرب (12/ 30)، وسمط اللآلي في شرح أمالي القالي (1/ 950).

(4)

غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).

(5)

في مسألة اختصاص إحدى الكلمتين بالعاقل أو بغيره في حالتي الجمع والإفراد تفصيل واختلاف. انظر: الصحاح (5/ 1863، 1864)، ولسان العرب (12/ 30، 13/ 472)، وتاج العروس (36/ 328)، والمصباح المنير (1/ 23)، وتسهيل الفوائد (ص 18).

ص: 77

يُقال: "مُعق" إلّا في لُغة رديئة، وهو من النّوادر، والجمع:"عُقُق" مثل "رسُول" و"رُسُل"(1).

و"وَأْدِ البنات": معطوفٌ عليه، و"البنات" جمع "بنت"، وقد تقدّم في أوّل حديث من "الحيض".

قوله: "ومنع وهات": يحتمل أوجُهًا، منها الكسر في "منع" والتنوين، والكسر بلا تنوين، والفتح مع التنوين، والفتح بلا تنوين.

فأمّا الكسر مع التنوين إذا ثبت رواية: فالقول فيه كالقول في "قيل وقال".

وأمّا الكسر بلا تنوين: فعلى نية مُضاف، أي:"ومنْع خير" أو "إحسان"، ثم حذف المضَاف إليه. وقد وُجد كثيرًا، [ومنه] (2):

.......................

بين ذراعي وجبهة الأسد (3)

وأمّا الفتح بلا تنوين: فوجَّهها ابنُ مالك في حديث: "إِنَّ اللهَ حَرَّمَ عَلَيْكُمْ: عُقُوقَ الأُمَّهَات، وَوَأْدَ البَنَات، وَمَنَعَ وَهَاتِ"(4) بوجهين: -

أحدهما: أن يكون الأصل: "ومنعًا" بالتنوين، ثم استعمل فيه اللغة الربيعية، فإنهم يقفُون على المنوَّن المنصوب بالسّكون (5)، فلا يحتاج الكاتب على لُغتهم إلى "ألِف"؛ لأنَّ مَن أثبتها في الكتابة لم يُراع إلَّا جانب الوقْف، فإذا كان يحذفها في

(1) انظر: الصحاح (4/ 1528).

(2)

غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).

(3)

عجز بيت من المنسرح، وهو للفرزدق، وصدره:"يا من رأى عارضًا أُسَر به". انظر: المعجم المفصل (2/ 396)، وخزانة الأدب (2/ 319).

(4)

متفق عليه: رواه البخاري برقم (2408)، ومسلم برقم (593).

(5)

انظر: خزانة الأدب (10/ 478)، وتاريخ آداب العرب (1/ 98)، حاشية شرح ابن عقيل بتحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد (1/ 83).

ص: 78

الوقْف كما يحذفها في الوصْل لزمه أن يحذفها خطًّا في "منع" لهذا.

والوجْه الثاني: أنّ تنوين "منعًا" أُبدِل واوًا، وأدغِم في "الواو"، فصار اللفظ بـ "عين" تليها "واوٌ" مشدّدة، كاللفظ "يعوّل" وشبهه، فجُعلت صُورة الخط مُطابقة للَّفظ، كما فُعل بكَلِمٍ كثيرةٍ في المصحَف.

ويحتمل أن يكُون الأصل: "ومنع حَقّ"، فحذف المضَاف [إليه](1)(2).

ويتخرّج النّصب في الحديث هنا إن ثبت روايةً على تقدير فِعْلٍ، أي:"وحرَّم منعًا وهاتِ"، أو على أنّه مفعول معه، أي:"نهى عن كذا مع نهيه عن كذا".

وينظر إلى التقدير الأوّل قوله تعالى: {لَكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ} إلى قوله: {وَالْمُقِيمِينَ الصَّلَاةَ} [النساء: 162]، إذ التقدير:"أمدح المقيمين"(3). وذكر فيه أوجُه أُخَر.

و"هات" على أصله في الكَسر، ولا يُستعمَل إلا هكذا، بكسر "التاء" للمُذكّر والمؤنّث.

قال ابنُ مالك: "هات" فعل أمر، وليس باسم فعل، كما قال الفارسي والزّمخشري، بدليل اتصال الضّمائر بها في قولك:"هاتا"، و"هاتوا"، و"هاتي"(4).

قال غيره: وللمرأتين: "هاتيا"، كالمذكرين، وللنساء:"هاتين"، مثل "عاطين" (5). ولا يُقال منه:"هاتيتُ". ولا يُنهى بها، لا يُقال:"لا تهات"، وهذا

(1) سقط بالنسخ. وانظر: شواهد التوضيح (103).

(2)

انظر: شواهد التوضيح (102، 103).

(3)

انظر: تفسير القرطبي (6/ 13)، والكتاب لسيبويه (2/ 62).

(4)

انظر: شرح الكافية الشافية (3/ 1389)، والبحر المحيط (1/ 541)، والكشاف (1/ 178)، والدر المصون (2/ 71).

(5)

انظر: شرح الكافية الشافية (3/ 1389).

ص: 79