الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب الهَدْي
الحديث الأوّل:
[231]
: عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: "فتَلْتُ قَلائِدَ هَدْيِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ [أَشْعَرهَا] (1)، وَقَلَّدَهَا - أَوْ قَلَّدْتُهَا - ثُمَّ بَعَثَ بِهَا إلَى الْبَيْتِ. وَأَقَامَ بِالْمَدِينَةِ، فَمَا حَرُمَ عَلَيْهِ شَيْءٌ كَانَ لَهُ حِلًّا"(2).
قوله: "فتلتُ قَلائِد": أي: "أنها قَالَت. . .". وجملة "فتَلتُ" معْمُولَة للقَول. و"قَلائِد": جمعُ "قِلادَة"، وهو لا ينصرف؛ لأنّه على صيغة مُنتهى الجموع، وبالإضَافة انصَرَف (3).
و"الهَدْي": "اسمٌ لما يُهْدَى للحَرَم"، يخَفّف ويُثَقّل؛ يُقَال:"هَدْي" و"هَدِيّ"، كـ "فَلْس" و"عَلِيّ". (4)
قَالَ الجوهري: [الوَاحِدة](5): "هَدْيَة" و"هَدِيّة" بسكُون "الدّال" وكَسرها. (6)
قَال ابنُ عَطيّة: يحتمل أنْ يكُون "الهَدْي" مَصْدرًا يُسَمّى به، كـ "الرّهْن" ونحوه؛ فيقَع للأَفرَاد والجَمْع. وقَالَ أبو عَمرو بن العَلاء: لا أعْرِفُ لهذه اللفظَة
(1) في بعض نُسَخ العُمدة: "أشعرتها".
(2)
رواه البخاري (1699) في الحج، ومسلم (1321)(362) في الحج.
(3)
انظر: الكتاب (1/ 22)، (3/ 221)، شرح الكافية الشافية (1/ 179)، أسرار العربية (ص 55، 225)، اللباب في علل البناء والإعراب (1/ 72، 521)، شرح التسهيل (1/ 41)، شرح القطر (ص 52)، المفصل (ص 35)، شرح المفصل (1/ 166)، (3/ 147)، الهمع (1/ 92)، النحو المصفى (ص 47).
(4)
انظر: الإعلام لابن الملقن (6/ 269)، الصحاح للجوهري (6/ 2533)، المصباح (2/ 636)، مختار الصحاح (ص 325).
(5)
بالأصل: "الواحد". والمثبت من (ب).
(6)
انظر: الصّحاح للجوهري (6/ 2533).
[نظيرًا](1). (2)
قوله: "ثم أشْعَرَهَا": أي: "جَعَلَ لها شِعَارًا"، وهُو أنْ تُطعَن في [شِقّ](3) سنامها الأيمَن أو الأيسَر حتى يَسيل [مِنْه](4) دَم؛ ليُعْلَم أنّه هَدْي. (5)
قوله: "أو قَلّدتها": يحتمل أنْ تكُون "أو" بمَعنى "الواو"، أي:"وقَلّدتها". ويحتمل أنْ تكُون "أو" للشّك، هَل وَقَع منه صلى الله عليه وسلم تقليد في تلك المرّة أو لا؟
ويحتمل أن يكُون الشّكّ من الرّاوي، فلما حَكَى حديثها شَكّ، وأسْنَد إليها بـ "تاء" التّأنيث؛ فقَال:"أو قَلّدَتْهَا"، بضَمير مُستتر يعُود عليها. والرّوايةُ تأبى ذَلك.
قوله: "ثُمَّ بَعَث بهَا": أي: "بَعَثَ بها إلى الهَدْى". وأنّث؛ لأنّه أرَادَ عَدَد جماعَة منْهَا.
[قَوله](6): "إلى البَيْت": [جعل](7) البَعْث بها إلى "البيت" كالآيَة في قوله تعالى: {ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: 33]؛ لأنّ الحرَم مُعَظّم لتعظيم البيت،
(1) غير واضحة بالأصل. وفي (ب): "معنى".
(2)
انظر: تفسير ابن عطية (1/ 267)، البحر المحيط لأبي حيان (2/ 233)، الإعلام لابن الملقن (6/ 269).
(3)
بالنسخ: "منق".
(4)
غير واضحة بالأصل. وفي (ب): "منها".
وراجع: طلبة الطلبة (ص 36)، وما يأتي من مصادر.
(5)
انظر: تفسير القرطبي (6/ 38)، شرح النووي (8/ 228)، المنتقى شرح الموطأ (2/ 313)، الإعلام لابن الملقن (6، 271 وما بعدها)، مرعاة المفاتيح (9/ 196)، كشف المشكل من حديث الصحيحين (2/ 467، 468)، تفسير غريب ما في الصحيحين (ص 505)، الصحاح (2/ 699)، لسان العرب (4/ 413).
(6)
بموضعها بياض بالأصْل. والمثبت من (ب).
(7)
كذا يظهر لي بالأصل. وفي (ب): "حمل".
ومحرّم لتحريم البيت. أو يكُون في الكَلام حَذْف، والمرادُ:"ثُم بَعَث بها إلى حَرَم البيت". (1)
وقَالَ مَالِك في قوله تعالى: {إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: 33]: المعنى: أنّ البعْث إلى البيت، ثُم أَخَّرَ الفِعْلَ فيها إلى طَوَاف الإفَاضَة بالبيت. فـ "البيت" على هَذا مُرَادٌ بنفسه. (2)
قوله: "وأقَامَ بالمدِينَة": معْطُوفٌ على "بَعَثَ بها".
قوله: "فما حَرُم عليه شَيءٌ كَان له حِلًّا": "مَا" نافية، و"عَليه" يتعَلّق بـ "حَرُم"، و"شَيءٌ" فَاعِلُ "حَرُم". وجملة "كَان" مع اسمها وخبرها في محلّ صِفَة لـ "شيء". وخَبرُ "كَانَ":"حِلًّا"، واسمُها ضَميرٌ يعُود على "شَيء".
و"لَه": يتعلّق بصِفَة لـ "حِلّ"، تقَدّم؛ فانتَصَب على الحَال. أو يتعَلّق بـ "كَان" عند مَن أجَاز تعلّق الفَضلات بالأفْعَال النّاقِصَة (3).
و"حِلٌّ" بمَعنَى "حَلَال". قَالَ في "الصّحَاح": يُقَال: "رَجُلٌ حِلّ من الإحْرَام" أي: "حَلَالٌ". ويُقَال: "أنْتَ حِرْمٌ" و"أنْت حِلٌّ" بمَعنى "حَلَال" و"حَرَام". و"حَلّ الهَدْي"، "يحلّ"، "حِلّة" و"حُلُولًا"، أي:"بَلَغ الموضِعَ الذي يحِلُّ فيه نَحْره". (4)
(1) راجع: البحر المحيط (7/ 507).
(2)
انظر: موطأ مالك (1/ 369، 370/ برقم 120). وراجع: تفسير ابن عطية (4/ 121)، البحر المحيط لأبي حيان (7/ 507).
(3)
انظر: اللمحة (2/ 577)، شرح ابن عقيل (1/ 276)، الخصائص (1/ 198)، (2/ 276)، الهمع (1/ 490).
(4)
انظر: الصّحاح (4/ 1673، 1674).