الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث الرّابِع:
[230]
: عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ: "أُنْزِلَتْ آيَةُ الْمُتْعَةِ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى. فَفَعَلْنَاهَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَلَمْ يَنْزِلْ قُرْآنٌ يُحَرِّمُهَا، وَلمْ يَنْهَ عَنْهَا حَتَّى مَاتَ. قَالَ رَجُلٌ بِرَأْيِهِ مَا شَاءَ"(1). (2)
وَلِمُسْلِمٍ: "نَزَلَتْ آيَةُ الْمُتعَةِ - يَعْنِي مُتْعَةَ الْحَجِّ - وَأَمَرَنَا بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ لَمْ تَنْزِلْ آيَةٌ تَنْسَخُ آيَةَ مُتْعَةِ الْحَجِّ، وَلَمْ يَنْهَ عَنْهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى مَاتَ"(3). وَلَهُمَا بِمَعْنَاهُ.
قوله: "قَالَ: أُنزِلَت": في محلّ رَفْع بالفِعْل الذي تعَلّق به حَرْف الجر، أي:"ورُوي عَن عِمران بن حصين أنّه قَالَ". وجملة "أُنزِلَت" معمُولُ القَوْل. و"آيَة" مفْعُول لما لم يُسَمّ فَاعِله لـ "أُنزِلَت".
قوله: "في كتابِ الله": يعني: "لم ينزل هَذَا الحُكْم إلّا مُتَواترًا ثابتًا في كتابِ الله"؛ فيتعَلّق حَرْف الجر بـ "أُنزِلَت".
قوله: "ففَعلنَاهَا": بمَعنى أنّها لم تُنسَخ، والعَامِلُ في "مَع":"فَعَلنَاهَا". والمعيّة هُنا تحتمل وَجْهَين: الموافَقَة في الفِعْل، أو الموافَقَة في الزّمَن وإن لم يفعَلها النبي صلى الله عليه وسلم معهم، بل فَعَلوها في حَضْرته. ويحتمل أنْ [تكُون "مَع"](4) في محلّ حَال، أي:
_________
(1)
رواه البخاري (4518) في التسفير، (1571) في الحج.
(2)
بعدها زيادة موجودة بكُل نُسَخ "العُمدة" التي بين أيدينا بعد قوله: "قَالَ رَجُلٌ بِرَأْيِهِ مَا شَاءَ"، وهي قوله:"قَالَ الْبُخَارِيُّ: يُقَالُ: إنَّهُ عُمَرُ"، وسيشير ابن فرحون لرواية البخاري. وراجع: العمدة (ط الثقافة، ص 163)، والعمدة (ط المعارف، ص 117)، وإحكام الأحكام (2/ 79)، والإعلام لابن الملقن (6/ 266)، وتيسير العلام للبسام (ص 403).
(3)
رواه مسلم (1226)(172) في الحج.
(4)
غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).
"فعلناها مُصَاحبين".
قوله: "ولم ينزل قُرآن يحرّمها": يحتمل أن تكون الجملة في محلّ حَال من ضَمير المفعُول في "فعلناها"، وتقَدّم الكَلامُ على الحَال المصحُوبة بـ "لم"، وأنّ إثبَاتَ "الواو" مَع "لم" فَصيحٌ جَائِز، ومنَعَه بعضهم، ومِن ذلك قَوله تعَالى:{وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ} [النور: 6]. (1) ويحتمل أنْ تكُون مُستَأنفَة.
قوله: "يحرّمها": في محلّ صِفَة لـ "قُرْآن". ويحتمل أن تكُون الجمْلَة مُعترضة، لا محلّ لها.
قوله: "حتى مَات": يتعلّق بـ "يَنْه". وتقَدّم الكَلامُ على "لم"، وعَلامة الجزم حَذفُ "الألف". وتقَدّم الكَلام على "عَن" في الثّالث مِن "باب الصّفوف". و"حتّى مَات":"حتّى" حَرْفُ ابتداء. و"مَات" فِعْل مَاض، تقَدّم الكَلامُ عليه، أصله "مَوَتَ"، تحرّكت "الواو" وانفتح ما قبلها؛ فانقَلَبت ألِفًا (2).
قوله: "قَالَ رَجُلٌ برأيه": يحتمل أنْ يكُون الكَلامُ تَمّ عند قوله: "ولم يَنْه عنها"، ثم [ابتدأ مُتعلّق](3) لـ "حَتى" محذُوف معْطُوف على "لم يَنْه"، أي:"فلم يَنْه عَنها، ولم يقُل أحَدٌ فيها برَأيه حتّى مَاتَ قَالَ رَجُلٌ برَأيه". ويحتمل أنْ تكُون "حتّى" مُتعَلّقة بـ "يَنْه"، أي:"فلَم يَنْه عنها حَتى مَات، وبعد مَوته قَال فيها رجُلٌ برَأيه"؛ فتكُون
(1) انظر: البحر المحيط (3/ 465)، عقود الزبرجد (2/ 458)، اللمحة (1/ 393، 394)، شرح التسهيل (2/ 359، 361)، الجنى الداني (ص 164)، شرح الأشموني (2/ 36)، شرح المفصل (2/ 24 وما بعدها، 30).
(2)
انظر: الكتاب (4/ 238)، المنصف لابن جني (ص 190)، الممتع الكبير في التصريف (ص 287)، ضياء السالك (4/ 392 وما بعدها).
(3)
كذا بالنسخ.
"بعْد" معمُولة لـ "قَالَ"، وهَذا هو الذي يَظهر مِن رواية "مُسْلم" بعْد هَذا.
والرّجُلُ المشَار إليه: "عُمَر بن الخطّاب" رضي الله عنه، كما ذُكر عَن "البخَاري"(1).
قوله: "مَا شَاء": مَوصُولَة بمَعنَى "الذي"، والعَائِدُ محذُوفٌ"، أي: "شاءه". ومتى كَان العَائدُ ضَميرًا منْصُوبًا مُتّصلًا بالفِعْل ليس في الصِّلة ضَمير غيره جَاز حَذفه وإثباته (2). وتقَدّم الكَلامُ على "شَاء" في الحديثِ الثّالث مِن "الإمَامَة". ويحتمل أنْ تكُون (3) موصُوفة، ومحلّها مع صِلَتها أو صِفَتها مفْعُول بالقَول، أي: "قَالَ كَلَامًا شَاءَه"، أو "الذي شَاءَه".
قوله: "ولمسْلم": أي: "ورُوي لمسْلم"، أو:"جَاءَ لمسْلم".
و"نَزَلَت" إلى آخِر الكَلَام في محَلّ رَفْع، إمّا بـ "جَاء" أو بـ "رُوي" حَسب مَا تقَدّر لمتعَلّق حَرْف الجَر.
و"آيَة" فَاعِل "نَزَلت"، و"المتْعَة" مُضافٌ إليه.
وجملة "يعني: مُتْعَة الحَج" مُعترضَة؛ لتخرُج "مُتعَة النّساء". وهَذا التفسيرُ يحتمل أنْ يكُون مِن الرّاوي عَن "عِمران".
قوله: "وأمَرَنا بها رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم": معْطُوفٌ على قوله في الحديث: "ففَعَلنَاهَا". و"أمَر" يتعَدّى إلى المفعُول الثّاني بحَرْف الجر، وقَد يتعَدّى إليه بنفْسه (4)،
(1) صحيحُ البخاري (1795)، من حديث أبي موسى.
(2)
انظر: إرشاد الساري (9/ 401)، الإعلام لابن الملقن (1/ 196)، عُقود الزبرجَد (2/ 165)، شرح الكافية الشافية (1/ 290)، توضيح المقاصد (1/ 453)، شرح التصريح (2/ 436)، شرح المفصل (2/ 391)، جامع الدروس العربية (3/ 15).
(3)
أي: "ما".
(4)
انظر: البحر المحيط (1/ 293، 294، 403، 456)، (2/ 343)، (6/ 112)، (9/ 438)، الكتاب (1/ 37، 38)، الأصول في النحو (1/ 177 وما بعدها)، نتائج =
وتقَدّم الكَلامُ على "أمَر" في الأوّل مِن "باب السّواك".
قوله: "ثُمّ لم تنزل آيَة تنسخ آيَة مُتْعَة الحَج": جملَة "تنسخ" في محلّ صِفَة لـ "آيَة".
و"النّسخُ": رَفْعُ الحُكم الثّابت بالخطَاب المتقَدّم على وَجْه لولاه لكَان ثابتًا، مَع تَراخِيه عنه، من قَولهم:"نَسَخَت الشّمْسُ الظِّلَ". (1)
قوله: "ولهما بمَعْنَاه": يعني: "للبُخَاري ولمُسْلِم". ويتعَلّق "لهما" بخَبر عَن مُبتَدأ مُقَدّر، أي:"ولهما لَفْظ"، و"بمَعْنَاه" يتعَلّق بصِفَةٍ للَفْظ محذُوف.
***
= الفكر (ص 255، 259، 260)، المفصل (ص 342)، شواهد التوضيح (ص 253)، توضيح المقاصد (1/ 573)، شرح ابن عقيل (2/ 67 وما بعدها)، أمالي ابن الحاجب (2/ 712، 713)، شرح المفصل (4/ 514 وما بعدها)، اللمحة (1/ 325 وما بعدها)، شرح الشذور لابن هشام (ص 477)، المقتضب (2/ 35 وما بعدها، 321)، الهمع (3/ 13 وما بعدها)، جامع الدروس العربية (3/ 193 وما بعدها).
(1)
انظر: تفسير ابن عطية (1/ 190)، تفسير الثعالبي (1/ 292)، البحر المحيط (1/ 540)، المنتقى شرح الموطأ (5/ 221)، مرعاة المفاتيح (1/ 296، 297)، شرح الورقات في أصول الفقه لجلال الدين المحلي (ص 158، 159)، إرشاد الفحول للشوكاني (2/ 50 وما بعدها)، الصحاح (1/ 433)، التعريفات للجرجاني (ص 240)، الكليات للكفوي (ص 892)، كشاف اصطلاحات الفنون (2/ 1692).