الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإلّا ففِعْلُها العَامِلُ فيها، وقد تقَدّم. و"وَجَد" تقَدّم الكَلامُ عليها في الثّاني من "باب الاستطابة"، وهي هُنا بمَعنى:"أصَاب".
و"الفَجْوَة": "الفُرْجَةُ بين الشّيئين". (1)
و"النّصّ": "غَايةُ [الشيء] (2) وأقْصَاه"، ثم سُمّي به ضَرْبٌ من السّير، قاله ابنُ الأثير. (3)
الحدِيث الخَامِس:
[241]
: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عمر: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَفَ في حَجَّةِ الْوَدَاعِ، فَجَعَلُوا يَسْأَلُونَهُ، فَقَالَ رَجُلٌ: لَمْ أَشْعُرْ فَحَلَقْتُ قَبْلَ أَنْ أَذْبَحَ؟ فقَالَ: "اذْبَحْ وَلا حَرَجَ". وَجَاءَ آخَرُ فَقَالَ: لَمْ أَشْعُرْ فَنَحَرْتُ قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ؟ فقَالَ: "ارْمِ وَلا حَرَجَ". فَمَا سُئِلَ يَوْمَئِذٍ عَنْ شَيْءٍ قُدِّمَ وَلا أُخِّرَ إلَّا قَالَ: "افْعَلْ وَلا حَرَجَ"(4).
قَالَ الشّيخُ تقيّ الدِّين: "الشّعور": "العِلْم"، وأصله من المشَاعر، وهي الحوَاسّ؛ فكأنه يستند إلى الحواسّ. انتهى. (5)
قوله: "أنّ رَسُولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم": فُتِحَت "أنّ" لأنّها في موضِع القَائم مَقَام فَاعِل مُتعَلّق حَرْف الجرّ.
وجملة "وَقَفَ" في مَوضِع خَبر "أنّ". قالَ ابنُ الأثير: يُقَال: "وَقَفْتُهُ"، فَـ "أوَقَفَ" و"اتَّقَفَ"، أصلُه:"اوتَقَفَ"، "افتَعَل"، من "الوقوف". (6)
(1) انظر: المصباح المنير (2/ 463).
(2)
بالنسخ: "السير". والمثبت من المصادر.
(3)
انظر: النهاية لابن الأثير (5/ 64)، لسان العَرب (7/ 98).
(4)
رواه البخاري (1736) في الحج، ومسلم (1736) في الحج.
(5)
انظر: إحكام الأحكام (2/ 91).
(6)
انظر: النهاية لابن الأثير (5/ 216).
و"في حَجّة": يتعَلّق بـ"وَقَف". والمرادُ: "في زَمَن. . . حجّة الوَدَاع": والاسمُ مُرَكّب تركيب إضَافة، عَلَم على "حجّة النبي صلى الله عليه وسلم التي لم يحجّ بعْدَها"، إلَّا أن تكُون الالِف واللام بعْدَها [عِوضًا](1) مِن ضَمير الإضَافَة، أي:"في حجّة وَدَاعِه"؛ فينتقِل عَن مَعنى العَلَمِيّة.
وهُنا محذُوفٌ، أي:"وَقَف في حجّة الوَدَاع بعَرَفَة".
و"الوَدَاع": بفَتْح "الوَاو": [اسمٌ](2) للتودِيع. (3)
قوله: "فجَعَلوا يسْألُونه": معطُوفٌ على "وَقَف". و"جَعَل" هُنا مِن أفعَال المقَارَبة (4)، خبرها: جملة "يسألُونه"، وتقَدّم الكَلامُ عَليها في الحديث الرّابع مِن أوّل الكتاب، واسم "جَعَلَ" يعُود على محذُوفٍ تقْدِيره:"فوَقَفَ للنّاس فجَعَلُوا يسْألُونه". وهنا محذُوفٌ تقْديره: "يَسْألُونه عَن أفْعَال الحَجّ".
وجملة "فقَالَ رَجُلٌ" معطُوفَة على "يسألُونه"، وإن لم [يجر](5) مجراهَا، وَلَا [يحلّ](6) محلّها، وقد تقَدّم أنّ ذَلك عندهم ليس بمَشْروطٍ في المعطُوف عليه. (7)
(1) بالنسخ: "عوض".
(2)
سقط بالنسخ. وقد سبق نظيره.
(3)
انظر: إكمال الأعلام بتثليث الكلام (2/ 750).
(4)
انظر: البحر المحيط (1/ 137)، (4/ 384)، شرح المفصل (1/ 43)، شرح ابن عقيل (1/ 323)، أوضح المسالك (1/ 304)، همع الهوامع (1/ 471).
(5)
غير واضحة بالأصل. وفي (ب): "يجر".
(6)
كذا بالنسخ.
(7)
انظر: البحر المحيط (1/ 355)، (2/ 349)، (5/ 237)، (6/ 23)، (10/ 246)، تفسير القرطبي (3/ 27)، إعراب ما يشكل من ألفاظ الحديث (ص 17، 158، 193)، عقود الزبرجد للسيوطي (3/ 155)، اللباب في علل البناء والإعراب (2/ 86، 87)، مغني اللبيب (ص 668)، شرح التصريح (1/ 158)، شرح المفصل =
قوله: "لم أشْعُر": الجمْلَة معمُولَة للقَوْل، التقديرُ:"حَلَقتُ قبل الذّبح ولم أشْعُر"، لكنّه قَدّم مَا يدْفَع عنه اللَوم ويقيم له العُذر، وهو عَدَم شُعوره؛ ولذلك أتى بـ "الفَاء" المقتَضية للسّببيّة.
ويحتمل أن يكُون التقديرُ: "لم أشْعُر بالمنْع -أو بالحُكْم- فحَلَقتُ".
وتقَدّم الكَلامُ على "قبْل" و"بعْد" في الرّابع مِن الأوّل.
قولُه: "أنْ أذْبَحَ" و"أنْ أرْمِي": في مَوضِع جَرّ بالإضَافَة، أي:"مِن قبْل الذّبح" و"مِن قبْل الرّمي".
قوله: "اذْبَح": يحتمل أنْ يُريد النبي صلى الله عليه وسلم "في المستقبَل، في إحْرَام غير هَذَا"، "وَلَا حَرَجَ" إنْ كَان ذَبَح ورَمَى، أو إنْ كَان ذَبَح ولم يَرْم؛ فالأمرُ على ظَاهِره. (1)
وخبرُ "لا" محذُوفٌ، أي:"لا حَرَجَ عَليْك"، مثل:"لا بَأس"(2). وجَاز هُنا إنْ عَملَت "لا" عَمَل "إنّ" حَذفُ الخبر، كما جَاز فيها إِذَا عَملَت (3) عَمَل "ليس" في قَولهم:
مَنْ صَدَّ عَنْ نِيرَانِهَا
…
فَأنَا ابنُ قَيْسٍ لَا بَرَاحُ (4)
= (5/ 129)، شرح الأشموني (1/ 371)، شرح ابن عقيل (2/ 97).
(1)
انظر: إكمال المعلم (4/ 389)، الإعلام لابن الملقن (6/ 351)، شرح الزرقاني على الموطأ (2/ 589).
(2)
انظر: عمدة القاري (2/ 89)، الإعلام لابن الملقن (6/ 351)، عقود الزبرجد (2/ 82)، أمالي ابن الشجري (2/ 65).
(3)
أي: "لا".
(4)
البيتُ من مجزوء الكامل، وهو لسعد بن ناشب، أو لسعد بن مالك بن ضبيعة. ويروى فيه:"مَن فرَّ". انظر: الكتاب (2/ 296)، أمالي ابن الشجري (1/ 431)، خزانة الأدب (1/ 467)، (4/ 39)، لسان العرب (2/ 09 4)، المعجم المفصل (2/ 51، 78).
أي: "لا برَاحَ لِي". (1)
والجمْلَة في محلّ الحَال، أي:"افْعَل ذَلك غَير آثِم".
قولُه: "فجَاءَ رَجُلٌ آخَر": "آخَر"["أفْعَل"](2)، ولم يجئ هُنا لمعنى التفضيل، إنّما جَاءَ لمعنى الوَصْف بالتأخّر عَن الذي قبْله. (3)
قولُه: "فقَالَ: لم أشْعُر فنَحَرْتُ قبْل أنْ أرْمي. فقَالَ: ارْم": [فِعْلُ أمْر، محذُوف حَرْف العِلّة](4). و"لا حَرَج" إعرابه كإعْرَاب الذي قبْله.
وعَلامَةُ النّصب في "أنْ أرْمي" الفتْحَة، ولَو كَان مَرفُوعًا لكَانَت الضّمّة مُقَدّرَة، أو مجزومًا لكَان بحَذْف "الياء".
قولُه: "فما سُئل عَن شيء": أي: "مَا سُئل النبي". وتقَدّم الكَلامُ على "سَألَ" في الثّاني عَشر مِن "بَاب صِفَة الصّلاة".
والعَامِلُ في "يَومئذ": "سُئِل".
وتقَدّم الكَلامُ على "شَيء" في الحديثِ الثّاني مِن "باب المرور".
و"قُدِّم" و"أُخِّر": فِعْلان مَاضِيان مَبنيّان للمَفْعُول، في محلّ الصِّفة لـ "شيء"،
(1) انظر: البحر المحيط (2/ 281 وما بعدها)، إعراب ما يشكل من ألفاظ الحديث (ص 201)، عقود الزبرجد (2/ 81)، أمالي ابن الشجري (1/ 431)، (2/ 65، 66، 530)، إيضاح شواهد الإيضاح (2/ 708)، شرح ديوان الحماسة للمرزوقي (ص 359، 360)، الجليس الصالح الكافي (ص 13)، مغني اللبيب (ص 315)، اللباب في علل البناء والإعراب (1/ 238)، شرح الأشموني (1/ 267)، أوضح المسالك (1/ 275)، القاموس المحيط (ص 1352)، الهمع (1/ 456، 457).
(2)
بالنسخ: "فعل". والمثبت بالرجوع للمصادر.
(3)
انظر: شرح الشذور لابن هشام (ص 589)، شرح قطر الندى (ص 316)، شرح التصريح (2/ 327، 328)، جامع الدروس العربية (2/ 221).
(4)
زيادة من (ب).
والمرادُ: "مِن مَسنُونَات الحَجّ غير المرتّبَة". وأمّا المترتّب مِن المنَاسِك: فلا يجُوزُ تقديمُ بعضِه على بعْض.
قولُه: "وَلَا أُخِّر": بزيَادة "لا" النّافية؛ تأكيدًا للنّفي في قولِه: "ما سُئل"، أي:"وَلَا سُئل عَن شيءٍ أُخِّر"، فحَذف الجملَة كُلّها لدلالَة النفي عليها، ولو لم تَأت "لا" لم يتَخَلّص هَذَا المعْنى.
قوله: "إلّا قَالَ": إيجابُ للنّفي. و"قَالَ" في محلّ الحَال، وهو [أحَد] (1) الموَاضِع التي يجب حَذْف "قَد" فيها مَع الماضي الوَاقِع حَالًا. وقد تقَدّم أنّ مِثال ذَلك:"مَا تكَلّم إلّا قَالَ حَقًّا"(2)، وذَكَرنا ذَلك في الحديثِ السّابع مِن أوّل الكتاب.
وجملة "افْعَل وَلَا حَرَج" معمُولة للقَول.
ويجوز في "الواو" في قَوله: "وَلَا حَرَج" أنْ تكُون بمعنى "البَاء"، أي:"افْعَل بلا حَرَج". وقد سُمِع مِن كَلامِهم: "بعْتُ شَاةً ودِرْهمًا"، أي:"بدِرْهَم". (3)
وقيل في قولِه تعالى: {وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا} [التوبة: 102]: إنّ "الواو" بمعنى "الباء"، أي:"خَلَطُوا عَمَلًا صَالحًا بآخَر سَيئًا". (4)
(1) بالنسخ: "واحد".
(2)
انظر: شرح المفصل (2/ 28)، شرح التسهيل (2/ 359)، شرح الأشموني (2/ 32)، توضيح المقاصد (2/ 721، 722)، مغني اللبيب (ص 537)، الصبان (2/ 262، 263، 280)، الهمع (2/ 322، 325، 326)، النحو الوافي (2/ 397).
(3)
انظر: البحر المحيط (5/ 498)، مغني اللبيب لابن هشام (ص 469، 825)، شرح التسهيل لابن مالك (2/ 324).
(4)
انظر: البحر المحيط (5/ 498).