المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الحديث [الثالث] (1): - العدة في إعراب العمدة - جـ ٢

[ابن فرحون، بدر الدين]

فهرس الكتاب

- ‌بَاب جَامِع

- ‌الحديث الأول:

- ‌ الحديث الثّاني

- ‌الحديث الثّالِث

- ‌الحديث الرّابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السّادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن:

- ‌الحديث التاسع:

- ‌باب التشهّد

- ‌الحديث الأوّل:

- ‌الحديث الثاني:

- ‌الحديث الثالث:

- ‌الحديث الرابع:

- ‌الحديث الخامس:

- ‌باب الوتر

- ‌[الحديث الأوّل] (1):

- ‌الحديث الثاني:

- ‌الحديث الثالث:

- ‌باب الذّكْر عقيب الصّلاة

- ‌الحديث الأوّل:

- ‌الحديث الثّاني:

- ‌الحديث الثالث:

- ‌الحديث الرابع:

- ‌باب الجمْع بين الصّلاتين في السّفَر

- ‌باب قَصْر الصّلاة

- ‌باب الجُمعَة

- ‌الحديث الأوّل:

- ‌الحديث الثاني:

- ‌[الحديث الثالث] (2):

- ‌الحديث [الرّابع] (1):

- ‌الحديث [الخامس] (6):

- ‌الحديث [السّادس] (1):

- ‌الحديث [السّابع] (1):

- ‌الحديث [الثامن] (3):

- ‌الإعراب:

- ‌باب العيدين

- ‌[الحديث الأوّل] (1):

- ‌الحديث الثّاني:

- ‌الحدِيث الثّالِث:

- ‌[الحدِيث الرّابع] (1):

- ‌الحدِيث [الخَامس] (3):

- ‌باب صَلاة الكُسُوف

- ‌[الحديث الأوّل] (1):

- ‌الحديث الثّاني:

- ‌الحديث الثالث:

- ‌الحديث الرابع:

- ‌باب الاستسقاء

- ‌الحديث الأوّل:

- ‌الحديث الثّاني:

- ‌باب صلاة الخوف

- ‌[الحديث الأوّل] (1):

- ‌[الحديث الثّاني] (1):

- ‌الحديث [الثالث] (1):

- ‌كتاب الجنائز

- ‌الحديث الأوّل:

- ‌الحديث الثّاني:

- ‌الحديث الثالث:

- ‌الحديث الرابع:

- ‌الحديث الخامس:

- ‌[الحديث السادس] (1):

- ‌الحديث [السابع] (1):

- ‌الحديث [الثّامن] (3):

- ‌الحديث [التاسع] (1):

- ‌الحديث [العاشر] (6):

- ‌الحديث [الحادي عشر] (3):

- ‌الحديث [الثاني] (3) عشر:

- ‌الحديث [الثّالث] (1) عشر:

- ‌الحديث [الرابع] (5) عشر:

- ‌كتاب الزكاة

- ‌[الحديث الأوّل] (1):

- ‌الحديث الثاني:

- ‌الحديث الثّالث:

- ‌الحديث الرّابع:

- ‌الحديث الخامس:

- ‌الحديث السادس:

- ‌بَاب صَدَقَة الفِطْر

- ‌[الحديث الأوّل] (1)

- ‌الحديث الثّاني:

- ‌كتاب الصّيام

- ‌الحديث الأوّل:

- ‌الحديث الثاني:

- ‌الحديث الثالث:

- ‌الحديث الرابع:

- ‌الحديث الخامس:

- ‌الحديث السّادس:

- ‌الحديث السابع:

- ‌[فائدة] (5):

- ‌باب الصّوم في السفر وغيره

- ‌[الحديث الأوّل] (1):

- ‌الحديث الثّاني:

- ‌الحديث الثالث:

- ‌ الحديث الرابع

- ‌الحديث الخَامس:

- ‌الحديث السّادس:

- ‌فائدة:

- ‌الحديث السّابع:

- ‌الحديث الثَّامن:

- ‌[الحديث التاسع] (3):

- ‌الحديث [العاشر] (2):

- ‌الحديث [الحادي عشر] (5):

- ‌بَاب أفْضَل الصّيَام وغَيره

- ‌الحديث الأوَّل:

- ‌الحديث الثّاني:

- ‌الحديث الثّالث:

- ‌[الحديث الرّابع] (3):

- ‌الحديث [الخَامِس] (5):

- ‌الحديث [السّادِس] (3):

- ‌الحديث [السّابع] (1):

- ‌الحديث [الثّامِن] (5):

- ‌باب لَيْلَة القَدْر

- ‌الحديث الأوّل:

- ‌الحديث الثّاني:

- ‌الحديث [الثّالث] (1):

- ‌باب الاعتكاف

- ‌الحديث الأوّل:

- ‌[الحديث الثّاني] (1):

- ‌الحديث [الثّالث] (4):

- ‌الحديث [الرَّابع] (1):

- ‌كتاب الحج

- ‌باب المواقيت

- ‌[الحديث الأوّل] (1):

- ‌فائدة:

- ‌الحديث الثّاني:

- ‌باب ما يلبس المحرم من الثياب

- ‌[الحديث الأوّل] (1):

- ‌الحديث الثّاني:

- ‌الحديث الثالث:

- ‌الحديث الرابع:

- ‌باب الفِدْيَة

- ‌الحديث الأوّل:

- ‌باب حُرْمَة مَكّة

- ‌الحديثُ الأوّل:

- ‌الحديث الثّاني:

- ‌بَاب مَا يجُوزُ قَتْلُه

- ‌الحديث الأوّل:

- ‌باب دُخُول مَكّة وغيره

- ‌الحديث الأوّل:

- ‌الحَدِيث الثّانِي:

- ‌الحديث الثّالث:

- ‌الحديث الرّابِع:

- ‌الحدِيث الخَامِس:

- ‌الحدِيث السّادِس:

- ‌الحدِيث السّابِع:

- ‌[الحديث الثامن:

- ‌بَاب التَّمَتّع

- ‌الحدِيث الأَوّل:

- ‌الحديث الثّاني:

- ‌الحديث الثّالث:

- ‌الحديث الرّابِع:

- ‌باب الهَدْي

- ‌الحديث الأوّل:

- ‌الحدِيث الثّانِي:

- ‌الحدِيث الثّالِث:

- ‌الحدِيث الرّابِع:

- ‌الحديث الخَامِس:

- ‌بَاب الغسْل للمُحْرِم

- ‌الحدِيث الأَوّل:

- ‌باب فَسْخ الحَجّ إلى العُمْرَة

- ‌الحدِيث الأَوّل:

- ‌الحدِيث الثّاني:

- ‌الحدِيث الثّالِث:

- ‌الحدِيث الرّابع:

- ‌الحدِيث الخَامِس:

- ‌الحدِيث السَّادِس:

- ‌الحدِيث السّابِع:

- ‌الحدِيث الثَّامِن:

- ‌الحدِيث التّاسِع:

- ‌الحدِيث العَاشِر:

- ‌الحدِيث الحَادِي عَشر:

- ‌باب المحْرِم يَأكُل مِنْ صَيْد الحَلال

- ‌الحدِيث الأوّل:

- ‌الحديث الثّاني:

الفصل: ‌الحديث [الثالث] (1):

‌الحديث [الثّالث](1):

[204]

: عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَعْتَكِفُ فِي الْعَشْرِ الأَوْسَطِ مِنْ رَمَضَانَ. فَاعْتَكَفَ عَامًا، حَتَّى إذَا كَانَتْ لَيْلَةُ إحْدَى وَعِشْرِينَ - وَهِيَ اللَّيْلَةُ الَّتِي يَخْرُجُ مِنْ صَبِيحَتِهَا مِنْ اعْتِكَافِهِ - قَالَ:"مَنْ اعْتَكَفَ مَعِي فَلْيَعْتَكِفْ الْعَشْرَ الأَوَاخِرَ، فَقَدْ [رأيتُ] (2) هَذِهِ اللَّيْلَةَ، ثُمَّ أُنْسِيتُهَا، وَقَدْ رَأَيْتُنِي أَسْجُدُ فِي مَاءٍ وَطِينٍ مِنْ صَبِيحَتِهَا، فَالْتَمِسُوهَا فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ، وَالْتَمِسُوهَا فِي كُلِّ وِتْرٍ". فَمَطَرَتِ السَّمَاءُ تِلْكَ اللَّيْلَةِ، وَكَانَ الْمَسْجِدُ عَلَى عَرِيشٍ، فَوَكَفَ [الْمَسْجِدُ](3)، فَأَبْصَرَتْ عَيْنَايَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَعلى جَبْهَتِهِ أَثَرُ الْمَاءِ وَالطِّينِ مِنْ صُبْحِ إحْدَى وَعِشْرِينَ (4).

قَالَ الشّيخ تقيّ الدّين: "الوسط" بضَم "السين" وفتحها. والأوْلى (5): "الوُسُط"، بضَم "السين". (6)

قُلتُ: ورَجّح بعضُهم فتح "السين"، تشبيهًا له بـ "أُخَر" جمع "أُخْرَى". (7)

وأمّا "الأوسَط" فكَأنّه أراد انقسام الشّهر إلى ثلاثة أعشار. (8)

قَال "تقيّ الدّين": وإنّما رَجح الأوّل لأنّ "العَشر" اسم لليالي؛ فيكون

(1) بالنسخ: "الثاني".

(2)

كذا بالنسخ، وعليه شرح ابن فرحون، وهو ما في "الإعلام لابن الملقن" (5/ 418) وشرح ابن الملقن على "أُريت". وفي "العُمدة" (ص 144):"أُريت".

(3)

سقط من النسخ. والمثبت من "العُمدة"(ص 144).

(4)

رواه البخاري (2027) في الاعتكاف، ومسلم (1167) في الصيام.

(5)

أي: الأوْلى أن يُقال فيه: "الوسُط" بَدَل "الأوسَط".

(6)

انظر: إحكام الأحكام (2/ 40)، الإعلام لابن الملقن (5/ 418).

(7)

انظر: الإعلام لابن الملقن (5/ 418).

(8)

انظر: إرشاد الساري للقسطلاني (3/ 444)، إحكام الأحكام (2/ 40)، الإعلام لابن الملقن (5/ 418، 419).

ص: 415

[وضعها](1) جمعًا لائقًا بها. (2)

قلتُ: أمّا "وسط": فإنهم قَالوا فيما كَان [مُتفرّق الأجزاء](3)، كـ "الدّار" و"الرأس": هو بالفَتْح. وقيل: [كُلّ مَا](4) يصْلح فيه "بين" فهو بالسّكُون، وما لا يصْلح فيه "بين" فهو بالفَتْح. وقيل:[كُلّ](5) منهما يَقَع مَوقع الآخَر. (6)

قوله: "كان يعْتَكِف": جملة "كَان" واسمها وخبرها في محلّ خبر "أنّ". وجملة "يعتكف" في موضع خبر "كَان".

و"في العَشر": يتعلّق بـ "يعتكف"، ولم يقُل:"يعتكف العشر"، وعلى هذا لا يلزم [أنّه](7) اعتكفها كُلّها إلّا من حديثٍ آخَر.

و"من رَمَضان": يحتمل أنه يتعلّق بحَال من "العشر"، أي:"في حال [كونها من] (8) رمضان"، أي:"متوسطة رَمَضَان". ويحتمَل أنْ يتعلّق بـ "الأوسَط"؛ لأنّ معناها: "المتوسطة".

(1) كذا يظهر بالنسخ، وهو ما في "الإعلام لابن الملقن" (5/ 418). وفي "إحكام الأحكام" (2/ 40):"وصفها".

(2)

انظر: إحكام الأحكام (2/ 40)، الإعلام لابن الملقن (5/ 418).

(3)

كذا بالنسخ. لكن العبارة في "النهاية" لابن الأثير (5/ 183) هي: "الوَسْطُ: بالسكون، يقال فيما كان متفرق الأجزاء غير متصل، كالناس والدوابّ وغير ذلك، فإذا كان متصل الأجزاء - كالدار والرأس - فهو بالفتح".

(4)

بالنسخ: "كلما".

(5)

غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).

(6)

انظر: الكواكب الدراري (3/ 206، 207)، عُمدة القاري (3/ 316)، شرح سنن أبي داود (1/ 306)، نيل الأوطار (2/ 315)، نخب الأفكار (5/ 406)، النهاية لابن الأثير (5/ 183)، لسان العرب (7/ 429)، مجمع بحار الأنوار (5/ 51).

(7)

غير واضحة بالأصل. وفي (ب): "أنه كان".

(8)

غير واضحة بالأصل. ولعل الصواب: "كونها وسط". والمثبت من (ب).

ص: 416

قوله: "فاعتكف عَامًا": معطُوفٌ على "اعتكف". و"عامًا": ظرفُ زمان، أي:"في عام"، فهو منصوبٌ بتقدير "في"، مفعولٌ على السّعة.

ويحتمل أنْ يكُون التقدير: "فاعتكفها عَامًا"؛ [فحُذِف](1) الضّمير العَائد على "العَشْر الأوْسَط"؛ للعِلْم به [ومَا](2) دَلّ عليه سياق الكَلام. فيكُون "عَامًا" ظَرف زَمَان مُقَدّر بـ "في".

و"اعتكف": يتعَدّى إلى الظّرف والمصْدَر، ولا يتعَدّى إلى مفعول به إلا على السّعة. (3)

و"العَام": مَصْدَر "عَامَ" - إذا "سَبح" - "يعُوم عَومًا وعَامًا"، فالإنسانُ يعُوم في دُنياه على الأرض طُول حَياته حتى يأتيه الموت فيغرق. (4)

قوله: "حتى إذا كانت ليلة إحدى وعشرين": "حتى" حرف ابتداء، وليست جَارّة لـ "إذا" ولا لجملة الشّرط والجزاء. (5)

ومعنى الابتداء فيها: أنْ يصلُح وقُوع المبتدأ بعْدَها، لا أنّه يلزَم وقوعه بعدها. ألا تَرَى أنّها في نحو:"ضَربتُ القَوم حتى زيدًا"[حرف](6) ابتداء، وإنْ كَان ما

(1) غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).

(2)

غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).

(3)

راجع: تفسير القرطبي (15/ 287)، شمس العلوم (7/ 4425).

(4)

انظر: إرشاد الساري للقسطلاني (3/ 439)، الإعلام لابن الملقن (5/ 419)، التعاريف للمناوي (ص 233).

(5)

انظر: البحر المحيط لأبي حيان (4/ 470، 471)، عُقود الزبرجَد للسيوطي (1/ 240)، مُغني اللبيب (ص 129، 173 وما بعدها)، شرح التسهيل (3/ 166 وما بعدها)، توضيح المقاصد والمسالك (1/ 131)، (3/ 1250)، الجنى الداني (ص 189، 367 وما بعدها، 554، 555)، الكُليات للكفوي (ص 396)، الهمع للسيوطي (2/ 179، 381)، موصل الطلاب (ص 104 وما بعدها).

(6)

بالنسخ: "ضربت حتى"، ثم ضرب ناسخ الأصل على "ضربت".

ص: 417

بعدها منصوبًا. (1)

و"حتى" إذا وقع بعدها "إذا" احتمل أن تكون بمعنى "الفاء"، أي:"فإذا كانت"، كقوله تعالى:{حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا} [الزمر: 71، 73]، أي:"فإذا جَاءوها"، أو بمَعنى "إلى [أنْ] (2) ". (3)

فإذا كانت بمعنى "إلى أنْ" - كما هي هُنا - يكون التقدير: "كان يعتكف في العشر الأوسَط، فاعتكف عامًا، إلى أنْ قَال وقْتَ خُروجه من مُعتكَفه ليلة إحدى وعشرين: مَن اعتكف معي".

قالوا: ولا بُدّ من هذا التقدير في استعمال "حتى" بمعنى الغاية؛ لأنّ الغَاية لا تُؤخَذُ إلّا مِن جَوابِ الشّرط. (4) وقَد تقَدّم ذلك في الحديث الثّاني من "السّهو".

وجَوّز "الزمخشري" أنْ تكُون (5) مع "إذا" الجارّة. [واختاره](6)"ابن مالك". (7)

(1) انظر: البحر المحيط لأبي حيان (4/ 470)، شرح التسهيل (3/ 166 وما بعدها)، شرح المفصل (4/ 465، 468)، الهمع (2/ 426).

(2)

بالنسخ: "أن جاءوها"، ثم ضرب ناسخ الأصل على "جاءوها".

(3)

انظر: البحر المحيط لأبي حيان (4/ 470)، عقود الزبرجد للسيوطي (1/ 240)، الجنى الداني (ص 371، 372).

(4)

انظر: البحر المحيط لأبي حيان (1/ 529)، (4/ 470)، إرشاد الساري (1/ 229)، (9/ 428)، (10/ 103)، عُقود الزَّبَرجَد للسيوطي (3/ 18)، مُغني اللبيب (ص 169)، الجنى الداني (ص 554، 555)، توضيح المقاصد والمسالك (3/ 1250)، شرح شُذور الذهب للجوجري (2/ 528)، موصل الطلاب (ص 104 وما بعدها)، همع الهوامع (2/ 381)، الكُليات للكفوي (ص 396).

(5)

أي: "حتى".

(6)

غير واضحة بالأصل. وفي (ب): "وصورها".

وانظر: الجنى الداني (ص 371، 372).

(7)

انظر: البحر المحيط لأبي حيان (4/ 471)، عُقود الزبرجَد (1/ 240)، الجنى الداني =

ص: 418

قوله: "ليلة إحدى": فاعلُ "كان"؛ لأنّها التامّة، بمعنى "حدث" أو "وقع". وتقَدّمت أقسَام "كَان" في الحديث الأوّل من الكتاب، وأقسام "حتى" في الثّاني منه أيضًا.

وتمييزُ العَدَد هنا محذوفٌ، أي:"كانت ليلة إحدى وعشرين"، ومع المذكّر "أحد وعشرون". وتقَدّم العَدَد في الثّالث من "التيمم".

قوله: "وهي الليلة التي يخرج من صَبيحتها": الضّمير في "وهي" يعُود على "الليلة" المضَافَة إلى "إحدى"، ولا يعُودُ على "الليلة"[المميزة](1)؛ لأنها لبيان جنس العَدَد. وهذه المضَافَة من الظروف المختصّة، فزَادَهَا تأكيدًا وبَيَانًا بقوله:"وهي الليلة التي يخرُج من صَبيحتها"؛ فـ "هي" مُبتدأ، و"الليلة" خَبره، و"التي" وصلتها، وعائدها صِفَة لليلة، وفَاعِلُ "يخرُج":"ضَميرُ النبي صلى الله عليه وسلم"، والضّمير في "صَبيحتها" هو العَائدُ على "النبي".

قوله: "من صَبيحتها": يتعلّق بـ "يخرج"، و"من" بمعنى "في"، كما تقَدّم، أو تكُون التي لابتداء الغاية في الزّمان. (2)

وقد اختلف في ذلك، فمنع أكثر النحويين من البصريين مجيئها لابتداء الغاية في الزمان، وقال به الكُوفيون ومَن وافقهم من البصريين، واختاره ابن مالك، واستدل على ذلك بظواهر من الكتاب والسنة. (3)

= (ص 371، 372).

(1)

غير واضحة بالأصل. وفي (ب): "المبينة".

(2)

انظر: اللمحة (1/ 64)، شرح الكافية الشافية لابن مالك (2/ 796، 797)، شرح الأشموني (2/ 70).

(3)

انظر: البحر المحيط (5/ 504)، إعراب ما يشكل من ألفاظ الحديث (ص 40)، شَواهِد التَّوضيح (ص 189)، الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحويين (1/ 306 وما بعدها)، اللمحة (1/ 64)، شرح التسهيل (3/ 131 وما بعدها)، شرح الكافية الشافية (2/ 796، 797)، شرح الأشموني (2/ 70)، شرح ابن عقيل (3/ 15)، =

ص: 419

قال ابنُ مالك: مما خَفي على أكثر النحويين - فمنعوه تقليدًا - في قولهم: إنّ "من" لابتداء الغَاية في الأماكن، و"مُذ" لابتداء الغاية في الزمان والأحيان. ومن الشّواهد على وقوعها للزّمان قوله تعالى:{لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ} [التوبة: 108].

ومِن ذلك في الحديث: " [أَرَأَيْتُمْ] (1) لَيْلَتَكُمْ هَذِهِ؟ فَإِنَّ عَلَى رَأْسِ مِائَةِ سَنَةٍ مِنْهَا. . ."(2)، وفي حديث عائشة:"فَجَلَسَ عِنْدِي، وَلَمْ يَجْلِسْ عِنْدِي مِنْ يَوْمِ قِيلَ [فِيَّ مَا قِيلَ] (3) "(4).

ومنه: "فَلَمْ أَزَلْ أُحِبُّ الدُّبَّاءَ مِنْ يَوْمِئِذٍ"(5)، [وقَوله] (6):"فَمُطِرْنَا مِنَ الجُمُعَةِ إِلَى الجُمُعَةِ"(7). (8)

ويحتمل أنْ يكُون "مِن اعتكافه" بَدَل من قوله "صَبيحته"، ويكون التقدير:"من زَمَن اعتكافه".

= توضيح المقاصد والمسالك (2/ 749)، شرح المفصل (3/ 116، 119)، (4/ 459).

(1)

كذا بالنسخ، وهو ما في إحدى روايات صحيح البخاري. وهي في أكثر المصادر:"أرأيتكُم". والله أعلم.

(2)

متفقٌ عليه: البخاري (116، 564) ومُسلم (2537/ 217) من حديث ابن عمر، ووَرَد في إحدى روايات البخاري:"أرأيتم".

(3)

بالنسخ: "فيما قيل قيل". والمثبت من المصادر.

(4)

صَحيحٌ: البخاري (2661) من حديث عائشة.

(5)

مُتفقٌ عليه: البخاري (2092) ومُسلم (2041/ 144) من حديث أنس.

(6)

بالنسخ: "قوله". والمثبت الصواب.

(7)

صَحيحٌ: البخاري (1016) من حديث أنس.

(8)

انظر: شَواهِد التَّوضيح (189، 190)، شرح التسهيل (3/ 131 وما بعدها)، شرح الكافية الشافية (2/ 796، 797)، عقود الزبرجد (2/ 17)، الهمع (2/ 460).

ص: 420

وإن قدّرت "من اعتكافه"[بمَعنى](1)"مكان اعتكافه"، فتكون "من" للابتداء في المكان؛ فيختلف معنى حَرفي الجر، ويصحّ تعلّقهما [بـ "يخرج"](2).

وإنْ قدّرت "مِن" بمَعنى "في"، كما تقَدّم، حتّى يكُون التقدير:"يخرج من صَبيحتها من مَكان اعتكافه"؛ صَحّ تعلّقها بالفِعْل أيضًا.

ولك أنْ تُقَدّر "مِن" الثّانية مُتعَلّقة بحَال، أي:"الليلة التي يخرج من صبيحتها".

قوله: "قال": أي: "النبي صلى الله عليه وسلم"، هو جَوابُ الشّرط. وهل هو (3) العَامِلُ في "إذا"، أو العامل فيها فعلها؟ وقد تقَدّم الخلافُ في ذلك في الحديث الثّاني من أوّل الكتاب.

والجملة التي بين "إذا" وجَوابها مُعترضة، لا محلّ لها من الإعراب، والجملُ التي لا محلّ لها من الإعراب مذكُورة في أوّل حَديثٍ من هذا الكتاب.

قوله: "مَن اعتكف معي": "مَن" في موضع مبتدأ، شَرْطيّة، وخبرها فعلها.

قوله: "مَعي": ظرفٌ، ومخفوضٌ به، يتعلّق بـ "اعتكف". وتقَدّم الكَلامُ على "مع" ومواضعها في الأوّل من "المسح على الخفّين".

قوله: "فلَيْعْتَكِف" في "العَشر الأوَاخِر": "الفَاءُ" سَببية، و"اللام" لام الأمر، و"يعتكف" مجزوم بها. والمراد:"مَن كان اعتكف معي". ولا يصح أن يعمَل فيه " [فليعتكف] (4) "؛ لأنّ "الفَاء" تمنَع مِن ذلك.

(1) غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).

(2)

طمس بالأصل. والمثبت من (ب).

(3)

أي: جواب الشرط.

(4)

غير واضحة بالأصل. والأقرب أنها: "فيعتكف". والمثبت من (ب).

ص: 421

قوله: في "العَشر الأوَاخِر": يتعَلّق [بـ "مُعْتَكِف"](1). وتقَدّم الكَلامُ على "العشر الأواخر" قريبًا من هذا الحديث.

قوله: "وقَد رَأيتُ هَذِه الليلَة": "رأيتُ" هي الحِلْمية العِلْمية (2)، وقَد تقَدّمَت. و"هَذه" مفْعُول أوّل، والثّاني محذُوف، أي:"مُصَوّرَة أو ممثّلَة". و"الليلة" صِفَة لـ "هذه".

و"الليلة" تقع على "الليل إلى زَوال الشّمس". فإذا قُلت: "فَعَلتُ الليلة" جَاز وقُوع الفِعْل من طُلوع الفَجر إلى زَوَال الشّمس. فإذا زالت (3) قيل: "فعلنا البارحة". ووقُوعُ الرؤية بها صَيّرها مفعُولًا به، وإلا كانت ظَرفًا زَمَانيًا مُقَدّرَةً بـ "في"، كقَولك:"خَرَجْتُ هَذه الليلة" ونحوها. (4)

ومَن قَال: إنّ الرّؤية الحِلْمية بَصَريّة؛ لم يحتَج إلى تقْدير مفعُول ثان. (5)

قوله: "ثُمّ أُنسيتها": معطُوفٌ على "رأيتُ". والفِعلُ رُباعي، من "أُنْسِيَ يُنَسّى"(6).

قوله: "وقد رأيتني": تقَدّم أنها حِلْميّة، فهي فِعْل وفَاعِل و"نون" الوقاية

(1) كذا بالنسخ.

(2)

انظر: فتح الباري لابن حجر (4/ 258)، إرشاد الساري (9/ 74، 446)، (10/ 130)، عقود الزبرجد (2/ 356)، التيسير بشرح الجامع الصغير للمناوي (2/ 480)، أوضح المسالك (2/ 44، 45)، شرح التصريح (1/ 365، 366)، التسهيل لابن مالك (ص 71)، شرح التسهيل (2/ 76، 83).

(3)

أي: الشمس.

(4)

انظر: إرشاد الساري (9/ 50)، مرعاة المفاتيح (7/ 128)، الإعلام لابن الملقن (5/ 422)، شرح المفصل (3/ 62)، (4/ 361)، تهذيب الأسماء واللغات (3/ 24)، المصباح (1/ 42)، لسان العرب (2/ 412)، تاج العروس (6/ 306 وما بعدها).

(5)

راجع: فتح الباري (4/ 258)، إرشاد الساري (9/ 74، 446)، (10/ 130)، عقود الزبرجد (2/ 356)، التيسير بشرح الجامع الصغير (2/ 480).

(6)

راجع: لسان العرب (15/ 324)، تاج العروس (40/ 80، 81).

ص: 422

ومفعُول؛ فيُعَدّى الفِعْلُ إلى ضَمير الفَاعِل والمفعُول، كما هو في سائر أفعال القُلوب (1).

وعلى قَول مَن يقُول: إنّ الحِلْميّة بَصَريّة؛ يكُون إجرائها مجرَى العِلْميّة في تعدّيها إلى الفَاعِل والمفعُول. (2)

وجملة "أَسْجُدُ": في محلّ مفعُوله الثّاني.

قوله: "في مَاءٍ وطين": مُتعلّق بـ "أسجُد".

و"من صَبيحتها": يحتمل أنْ تكُون "مِن" فيه بمعنى "في"، كما تقَدّم؛ فيتعلّق بـ "أسجُد".

ويحتمل أنْ يتعلّق "من صَبيحتها" بصفة لـ "مَاء وطين"، أي:"كائنين في صبيحتها"، وتكُون "صبيحتها"[اسمًا](3) لـ "صَلاة الصّبح"، وقَد وَرَدَ "أنّه سَجَدَ في صَلَاةِ الصّبْح في مَاءٍ وطِينٍ"(4). (5)

قوله: "فالتمسُوها في العَشْر الأواخر": تقَدّم إعرابه. "والتمسوها في كُلّ وِتر": يعني: "منها"، أي:"من العشر"؛ فتكون صِفَة مُقدّرَة.

قوله: "فَمَطَرَتِ السّماء". قَالَ الجوهري: "مَطَرَتِ السّماء"، "تمطر""مَطَرًا"، و"أمطَرَهَا الله"، و"قد [أُمْطرنا"] (6). قَال: وناسٌ يقُولون: "مَطَرَت السّماء"

(1) انظر: إرشاد الساري للقسطلاني (3/ 434)، مرعاة المفاتيح (7/ 127)، شرح التسهيل (2/ 92)، شرح الأشموني (1/ 360 وما بعدها، 371)، الجنى الداني (ص 244)، الهمع للسيوطي (1/ 302).

(2)

انظر: إرشاد الساري (10/ 130).

(3)

بالنسخ: "اسم".

(4)

صحيح: مسلم (2826، 2829) من حديث أبي سعيد.

(5)

راجع: إرشاد الساري (3/ 440)، مرعاة المفاتيح (7/ 127، 128).

(6)

كذا بالنسخ. وفي "الصّحاح": "مُطرنا".

ص: 423

و"أَمْطَرت" بمَعنى. (1)

فقوله: "فمَطَرت السّماء": فِعلٌ وفَاعِل.

و"تلك": ظَرْفُ زَمَان؛ لأنّه وُصف بالظّرف، وما وُصف بالظّرف ظَرف (2). والتقدير:"في تلك الليلة".

والألفُ واللام في "الليلة" للعَهْد، أي:"لَيْلَة القَدْر".

قوله: "وكَانَ المسْجِد على عَريش": جملة مُعترضة، لا محلّ لها. ويحتمل أنْ تكُون في محلّ الحال، [أي] (3):"وقَد كَان المسْجدُ على عَريش".

و"عَريش": فَعيلٌ، بمعنى "معْروش". ومنه:"العَرْش". وجمعُ "العَريش": "عُرُش". وعَن ابن عُمَر "أنّهُ كَانَ يَقْطَعُ التَّلْبِيَةَ إِذَا نَظَرَ إِلَى عُرُوشِ مَكَّةَ"(4)، أي:"بيوتها"، وسُمّيت عُروشًا؛ لأنّها كَانت عيدانًا تُنْصَب وتُظلَّل. (5)

قوله: "فوَكَف المسجد": "وَكَف": "قَطَر". يُقَال: "وَكَفَ [الماء] (6)، يَكِفُ، وَكْفًا، ووكوفًا"، و"وَكَفَ الدّمعُ، وكيفًا، ووَكَفَانًا، ووكفًا"، بمعنى "قَطَر". (7)

(1) انظر: الصّحاح للجوهري (2/ 818)، جمهرة اللغة (2/ 760)، لسان العرب (5/ 178)، المصباح المنير (2/ 575).

(2)

راجع: إرشاد الساري (8/ 187)، الأصول في النحو (2/ 292).

(3)

غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).

(4)

رواه ابن خزيمة في صَحيحه (2696، 2697)، والبيهقي في السنن الكبرى (9408). وانظر: إرواء الغَليل للألباني (4/ 298/ برقم 1099).

(5)

انظر: الصّحاح (3/ 1009، 1010)، النهاية في غريب الحديث والأثر (3/ 207، 208)، المحكم والمحيط الأعظم (1/ 362)، لسان العرب (6/ 314، 315)، المصباح المنير (2/ 402)، تاج العروس (17/ 255).

(6)

بالنسخ: "السماء". وانظر: العين (5/ 413) ولسان العرب لابن منظور (9/ 362). وكتب في مصادر أخرى: "البيت".

(7)

انظر: الإعلام لابن الملقن (5/ 421)، الصحاح (4/ 1441)، النهاية لابن الأثير =

ص: 424

وفَاعِلُ "وَكَفَ": ضَميرٌ يعُود على مُضَاف محذُوف، أي:"فوَكَف سقفُ المسجد أو عَريشه".

قوله: "فأبْصَرَت عَيْنَاي": "تاءُ" التأنيث تَلْحَق الفِعْلَ عَلامةً لتأنيث الفَاعِل المثنّى، كَما تَلْحَق المفْرَد، ومنه قوله تعالى:{تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ} [المسد: 1]. والفَاعِلُ مُضَافٌ إلى "يَاء" المتكَلّم، وعَلَامَة رَفْعِه "الألف". (1)

قوله: "وعلى جَبْهَتِه": الجملة في محلّ الحال. و"أَثَرُ": مُبتدأ، والخبر في المجرور.

فإنْ قُلتَ: ما فائدةُ ذِكْر الماء، والطّينُ لا يكُونُ إلا ومعه الماء؟

قلتُ: يحتمل أن يُفارِق الماءُ الطّين، والطّينُ الماء، فلما صَدَق الله رُؤيا النبي صلى الله عليه وسلم في عَلامة لَيْلة القَدْر بالسّجود في الماء والطين اختلط الماء بالطين في المسجد، وسجد فيه صلى الله عليه وسلم، وظهر أثرهما مجتمعين على وجهه صلى الله عليه وسلم، وثَبَت عند أصحابه رضي الله عنهم أنّها الليلة؛ لوجُود تلك العَلامَة ولخبره صلى الله عليه وسلم عنها بذلك.

قوله: "مِن صُبح إحْدى وعشرين": إنْ جَعَلنا "مِن" بمعنى "في" - كَما تقَدّم - ظَهَر المعْنى، وتكُون "صَلاة الصّبح". ويحتمل أن تكُون على بابها، وتتعلّق [بحَال] (2) من قوله:"أَثَرُ الماء"، أي:"مَوجُودًا من صُبح"؛ فتكُون "مِن" لابتداء الغَاية في الزّمان.

***

= (5/ 220)، لسان العرب (9/ 362 وما بعدها)، تاج العروس (24/ 480).

(1)

انظر: إرشاد الساري (10/ 71)، ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (13/ 304)، شرح التسهيل (2/ 110، 111، 116)، شرح الكافية الشافية (2/ 595)، شرح المفصل (3/ 353)، (4/ 206)، (5/ 150).

(2)

غير واضحة بالأصل. ولعلها: "بحاله". والمثبت من (ب).

ص: 425