الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث [السّادس](1):
[137]
: وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَنْ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، ثُمَّ رَاحَ [في الساعَةِ الأُولى] (2) فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَدَنَةً. وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّانِيَةِ فكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَقَرَةً. وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّالِثَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ كَبْشًا أَقْرَنَ. وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الرَّابِعَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ دَجَاجَةً. وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الْخَامِسَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَيْضَةً. فَإِذَا خَرَجَ الإِمَامُ حَضَرَتِ الْمَلائِكَةُ يَسْتمعُونَ الذِّكْرَ"(3).
قوله: "من اغتسل": تقدّم الكلام على "مَن" مستوفَى في الرّابع من أوّل الكتاب، والعاشر منه.
وتقدّم في الحديث قبله "يوم الجمعة"، والكلام عليها.
قوله: "ثم راح": تقدّم الكلام على "ثم" في الثّاني من "باب الجنابة"، وهي تفيد الترتيب، ورُوي:"ورَاحَ"(4) بـ "الواو"، كلاهما لا تفيد معنى التعقيب المطلوب في اتصال "الغُسل" بالسّير إلى الجمعة، فلا يكُون فيه دليلٌ على اشتراط الاتصال بالسّير.
قوله: [فكأنما](5): هو جوابُ الشرط.
و"كأنما" كافَّة ومكفوفة. والكافَّة: ما كفَّت "كأنَّ" عن العمل، وتسمَّى: مهيِّئة، هيَّئتْ "كأنَّ" للدخُول على الفعل. وتقدّم الكلام على "كأنَّ" في الحديث الثّاني من "الأيْمان".
(1) بالنسخ: "الخامس".
(2)
سقط من النسخ. والمثبت من مصادر التخريج.
(3)
رواه البخاري (881) في الجمعة، ومسلم (850) في الجمعة.
(4)
رواه النسائي في السنن الكبرى (1708).
(5)
في الأصل: "فإنما"، والمثبت من (ب).
ويحتمل أن تكون "ما" هنا موصولة بمعنى "الذي" لو ثبت رفع "بدنة" في الرّواية، أي:"كأن الذي قربه بدنة"، فتكون "ما" مع صلتها اسم "كان"، و"بدنة" خبرها، والعائد على "ما" ضمير محذوف، لكن يتوقف ذلك على الرّواية.
وفي الكلام محذوف، أي:"من اغتسل يوم الجمعة، وراح إلى الصلاة".
قال في التسهيل: يلحق بمعنى "صار": "كان"، و"أصبح"، و"أضحى"، و ["أمسى"](1)، و"ظل".
ويلحَق بها ما رادفها من: "آض"، و"عاد"، و"آل"، و"رجع"، و"استحال"، و"تحول"، و"ارتد"، و"قعدت كأنها حربة".
قال: والأصحّ أن لا يلحَق بها "آل" ولا "قعد" مُطلقًا، وأن لا يجعل من هذا الباب:"غدا" و"راح" ولا "أسحر" و"أفجر" و"أظهر"(2).
قال ابنُ مالك في "تحفة الراغب"(3): التحقيقُ أنّ "غدا" و"راح" ليسا من هذا الباب، بل هي أفعال تامة، والمنصوبُ بعدها على الحال؛ لأنّ خبرها لا يصحّ أن يكون معرفة، وخبر أفعال هذا الباب يصلح أن يكُون معرفة، فلا تكون حالًا؛ لأنّ شرطها التنكير (4).
فـ "راح" هنا متعدٍّ بحرف الجر، فلا يكُون لها اسم وخبر إلّا عند مَن جعل لها ذلك، فيكون خبرها محذوفًا، أي:"من راح قاصدًا للمسجد في الساعة الأولى".
قوله: "قَرّب بدنة": المعنى: "أهدَى بدنةً"، ومنه:"القُربان".
(1) في الأصل: "فإنما"، والمثبت من (ب).
(2)
انظر: تسهيل الفوائد (ص 35، 54).
(3)
لم يذكر أحد فيما طالعت من كتب اسم هذا الكتاب من كتب ابن مالك.
(4)
انظر: شرح التسهيل (1/ 347، 348)، وشرح الكافية الشافية (1/ 392).
قوله: "في السّاعة الثّانية": تقدّم بناء اسم الفاعل من أسماء العَدَد في التّاسع من "باب صفة الصلاة".
قوله: "أقرن": صفة لـ "كبش"، وليس هو "أفعل من"، وإنما المراد:"ذا قرنين"، كـ "أبطح"، و"أبرق" مما استُعمل دون موصوفه.
و"السّاعة الثّانية" و"الثّالثة" و"الرّابعة": حكمها جارٍ على القَاعِدة الأصلية المرفوضة، فتؤنّث مع المؤنث، وتذكّر مع المذكّر (1)، قالوا: لأنّه جرى مجرى "ضارب" و"ضاربة"، وقد تقدّم ذلك.
قوله: "فإذا خرج الإمام": تقدّم حُكم "إذا" والعامل فيها في الثّاني من أوّل الكتاب. وجواب "إذا": "حضرت الملائكة".
يجوز في "حضر" فتح عينه وكسرها، يُقال:"حضر القاضي اليوم امرأة"، بكسر "الضاد" وفتحها.
و"الملائكة": جمع "ملك"، على وزن "فَعَل"، من "الْمُلْك"، وهو "القوة"، ولا حذف فيه، وجُمع على:"فعائلة" شذوذًا. وقيل: مُفرده "فَعْأل" كـ "شَمْأل". وقيل: مفرد "مَلْأَك" على وزن "مَفْعَل"، قال:
فَلَسْتَ لَإِنْسِيٌّ وَلَكِنْ لَمَلْأَكٌ
…
تَنَزَّلَ مِنْ جَوِّ السَّمَاءِ يَصُوبُ (2)
وقيل: مفرده "مألك" من "الألوكة"، وهي:"الرّسالة"(3).
(1) انظر: توضيح المقاصد والمسالك (3/ 1330)، وإعراب القرآن وبيانه (5/ 570)، ضياء السالك (4/ 114، 115).
(2)
البيت من الطويل، وهو لعلقمة الفحل، وقيل لغيره. انظر: المعجم المفصل (1/ 289)، وشرح ديوان المتنبي للعكبري (2/ 374).
(3)
انظر: البحر المحيط (1/ 222)، وتفسير القرطبي (1/ 262، 263).