الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث الثَّامن:
[190]
: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا صَوْمُ شَهْرٍ، أَفَأَقْضِيهِ عَنْهَا؟ فَقَالَ:"لَوْ كَانَ عَلَى أُمِّكَ دَيْنٌ أَكُنْتَ قَاضِيَهُ [عَنْهَا] (1)؟ " قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: "فَدَيْنُ اللهِ أَحَقُّ أَنْ يُقْضَى"(2).
وَفِي رِوَايَةٍ: جَاءَتِ امْرَأَةٌ إلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، إنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا صَوْمُ نَذْرٍ، أَفَأَصُومُ عَنْهَا؟ فَقَالَ:"أَرَأَيْتِ لَوْ كَانَ عَلَى أُمِّكِ دَيْنٌ فَقَضَيْتِيهِ، أَكَانَ [ذَلِكَ] (3) يُؤَدِّي عَنْهَا"؟ فَقَالَتْ: نَعَمْ. قَالَ: "فَصُومِي عَنْ أُمِّكِ"(4).
قوله: "جَاءَ رَجُل": جملة مِن فِعل وفَاعِل، في مَوضع مفْعُول القَول.
وأصلُ "جاء": "جيأ" تحرّكَت "اليَاء"، وانفتح ما قبلها؛ فانقلبت ألِفًا. ومصدر "جاء":"جَيْئَة"، وهُو مِن [بِنَاء](5) المرّة الوَاحِدة، إلّا أنّه وضع مَوضع المصْدَر، مثْل:"الرّجفَة" و"الرّحمة". [والاسمُ](6): "الجِيْئَة" - على "فِعْلة" - بكسر "الجيم".
ويُقال: "جئتُ مجيئًا حَسَنًا"، وهو شَاذٌّ؛ لأنّ المصْدَر من "فَعَل [يفْعِل":"مفْعَلٌ"] (7) بفَتح "العَين"، وقد شَذّت منه حُروفٌ، فجَاءَت على "مفْعِل"،
(1) سقط من النسخ. والمثبت من "العُمدة"(ص 137).
(2)
رواه البخاري (1953) في الصوم، ومسلم (1148) في الصيام.
(3)
سقط من النسخ. والمثبت من العُمدة (ط الثقافة، ص 138) وإحكام الأحكام (2/ 24) والإعلام لابن الملقن (5/ 303). وفي صحيح مسلم (1148/ 156) والعُمدة (ط المعارف، ص 101): "أكان يُؤدي ذلك".
(4)
رواه مسلم (1148)(156) في الصيام.
(5)
غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).
(6)
غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).
(7)
غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).
كـ "المجيء" و"المحيض" و"المكيل" و"المصير".
و"أجأتُه": أي: "جئتُ به". وتقُول: "الحمدُ لله الذي جَاءَ بك"، أي:"الحمْدُ لله إذ جئت". ولا تقُل: "الحمدُ لله الذي جئت". (1)
قلتُ: قوله "على مفْعِل في المحيض ومَا بعْده"؛ لأنّ "المحيض" و"المكيل" على وزْن "مَفعِل"، ثم أُعِلّ؛ فنُقِلَت حَرَكَة "اليَاء" إلى "الحاء" وإلى "الكَاف".
وإنما امتنع "الذي جئت"؛ لأنّه لا عَائِدَ على الموصُول. (2)
قوله: "فقَالَ": مَعْطُوفٌ على "جَاء".
[و"يَا](3) رَسُولَ الله": تقَدّم الكَلامُ على حَرْفِ النّداء في الرّابع من "الجنابة"، والسّابع من "الإمامة".
قوله: "إنّ أُمِّي مَاتَت": كُسرت "إنّ" لأنّها وقَعَت بعد القَول. (4) وقد تقَدّم ذكرُ المواضع التي تُكسَر فيها "إنّ" وتفتَح في الرّابع من أوّل الكتاب.
قوله: "فقَالَ": معطُوفٌ على "جَاءَ". وجملة النّداء معمُولة للقَول. وكُسرت "إنّ" في ابتداء الكَلام.
(1) انظر: الأصول لابن السراج (3/ 297)، الممتع الكبير في التصريف (ص 326 وما بعدها)، شرح الشافية للرضي (3/ 180)، الصحاح (1/ 42)، لسان العرب (1/ 51 وما بعدها)، تاج العروس (1/ 182 وما بعدها)، المحكم والمحيط الأعظم (7/ 574)، كتاب الأفعال لابن القطاع (1/ 182).
(2)
راجع: شواهد التوضيح (ص 184)، شرح الكافية الشافية (1/ 289 وما بعدها، 295)، اللباب في علل البناء والإعراب (2/ 125)، شرح المفصل (2/ 391).
(3)
غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).
(4)
انظر: شرح التسهيل (2/ 18 وما بعدها)، المقدمة الجزولية (ص 121)، شرح ابن عقيل (1/ 353 وما بعدها).
و"أُمي": اسم "إنّ"، وعلامةُ النّصب فتحة مُقَدّرة؛ لأنه مما إضافة المتكلّم إلى نفسه (1). وجملة "ماتت" في محلّ الخبر.
قوله: "وعَليها صَوْم شَهْر": في محلّ الحال من فَاعِل "ماتت".
قوله: "أفأقضيه؟ ": "الفَاءُ" عاطفة، و"الهمزة" للاستفهام، على هذا أكثر المعربين (2)، واختَاره الزّمخشري (3) في كُلّ مَوضِع وَقَعَت "الفَاء" فيه بعد همزة الاستفهام.
وقَالَ ابنُ جني: "الفَاء" بعْدها زَائِدة. (4)
قال ابنُ مالك: جَاءَ في بعْض روايات البخاري: "فَأَقْضِيهِ عَنْهَا؟ "(5)، بحَذفِ هَمزة الاستفهام. (6) وله نَظَائر كثيرة قَد تقَدّمَت.
قوله: "عَنْها": مُتعَلّق بـ "أَصُوم".
قوله: "فقَالَ": أي: "النبي صلى الله عليه وسلم". "لَو كَان على أُمّك دَيْنٌ": فيه حَذْفٌ، تقديره:"أرأيت لَو كَان على أُمّك دَينٌ". فـ "رأيت" هنا العِلْميّة. والرّواية الأخيرة تدلُّ على
(1) راجع: أوضح المسالك (4/ 31)، الصبان وشرح الأشموني (3/ 234)، النحو الوافي (4/ 63 وما بعدها).
(2)
انظر: البحر المحيط (3/ 295)، عُمدة القاري (9/ 125)، إرشاد الساري (8/ 354)، النحو الوافي (3/ 570 وما بعدها).
(3)
انظر: البحر المحيط (3/ 295)، النحو الوافي (3/ 570 وما بعدها).
(4)
انظر: سر صناعة الإعراب (1/ 279). وراجع: البحر المحيط لأبي حيان (3/ 295)، إرشاد الساري (8/ 354).
(5)
هو - كما قال - في بعض روايات البخاري. انظر: شَواهد التَّوضيح والتصحيح (ص 148)، إرشاد الساري (3/ 391).
(6)
انظر: شَوَاهد التَّوضيح والتصحيح (ص 148)، إرشاد الساري (3/ 391)، عقود الزبرجد للسيوطي (2/ 316).
هذا الحذْف.
وجَوابُ "لو" يُحَال على جَوابِ السّائل مِن نفْي أو إثبات؛ فإنْ اختار الإثبات كان (1): "لو كَان دَينٌ عليها لقَضَيته"، وإنْ اختار النّفي كَان:"مَا أقضيه"؛ فخَرَجَ الكَلامُ مخرَج [الحضّ](2) والحثّ، وفي ضِمْنِه الجوَاب.
قوله: أكُنْت تَقْضيه؟ ": هُو في محلّ المفعُول الثّاني لـ "رأيت" العِلْمية المقَدَّرَة. [ويجُوزُ أنْ يكُون] (3) جَواب "لَو" هُنا مفْهُومٌ مِن استخباره صلى الله عليه وسلم؛ لأنّ مَعْنَاه [الحضّ] (4) على القَضَاء والنّدْب إليه، [كَأنّه] (5) قَالَ: "لَو كَان على أُمّك دَيْنٌ لقَضَيتَه"، فاستَغْنى عنه بدلَالة السّياق عَليه، وبيّنه الجوَاب في قَوْله: "نَعَم".
وإذَا ثَبَتَ ذَلك: فجُمْلة "أكُنْت. . .؟ " في محلّ المفْعُول المقَدّر؛ لأنّ شَرْطَه أنْ يكُون مَفْعُوله الثّانِي جُمْلَة استِفْهَاميّة، وبذَلِك جَاءَ القُرآن الكَريم، قوله تعالى:{أَفَرَأَيْتُمْ مَا تُمْنُونَ (58) أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ} (6)[الواقعة: 58، 59]، {أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى (33) وَأَعْطَى قَلِيلًا وَأَكْدَى (34) أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ} [النجم: 33 - 35] (7) وقَد تقَدّم الكَلامُ على ذلك مُسْتَوفى في الحديث الأوّل مِن "باب صِفَة صَلاة النبي صلى الله عليه وسلم".
ومفْعُول الأول في الموضعين كليهما: ضَمير المخاطَب. [والتقدير](8) في "أرأيت" الأوّل - المقَدّر - "أرأيتَكَ" بفتح "الكَاف"، والثّاني - الموجُود - "أرأيتَكِ"
(1) أي: كان الجواب.
(2)
بالنسخ: "الحظ". وانظر: تهذيب اللغة (3/ 256).
(3)
غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).
(4)
بالنسخ: "الحظ".
(5)
غير واضحة بالأصل. وفي (ب): "كأنه".
(6)
كتب بالأصل: "أنتم تخلقونه أأنتم تخلقونه".
(7)
انظر: البحر المحيط (10/ 85، 88، 510).
(8)
غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).
بكَسر "الكَاف".
وقد وَقَع [مِثْل](1) هَذا التركيب مَع "إنْ" الشّرْطيّة في قوله تعَالى: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَتَاكُمْ} [يونس: 50]، فاختار أبو حيّان أن يكُون جَوابُ الشرط محذوفًا [يدلُّ] (2) عليه "أرأيتم إن أتاكم عذاب الله فأخبروني عنه". ونظيره:"أنتَ ظالمٌ إن فَعَلت فأنت ظَالم". (3)
و"نَعَم": قد تقَدّم الكَلامُ عليها في الرّابع من "الجنابة".
قوله: "فدَيْنُ الله أحَقّ": مُبتدأ وخبر، معْمُول للقَول.
و"أحَقّ" هُنا يحتمَل أنْ تكُون "أفْعَل التفْضيل"، أي:"أحَقّ مِن غَيره". ويحتمَل أنْ تكُون بمَعنى "حَقِيق"، كَما قِيل في قَوله تعالى:{أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ} [يونس: 35](4)، وهَذَا أَوْلى؛ لأنّ قَضَاءَ دَيْن الوَالِدَين يجب على الوَارِث (5).
قولُه: "أنْ يُقْضَى": يحتمل وَجْهَين، أحدُهما: أنْ يكُون بَدَلًا مِن المبتدأ -[وهُو](6)"دَينُ الله" - بَدَل اشتمال (7)، . . . . . . . . . . . . . . .
(1) غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).
(2)
غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).
(3)
انظر: البحر المحيط (4/ 510، 511)، (6/ 68، 69).
(4)
انظر: البحر المحيط (5/ 505)، (6/ 55)، أحكام القرآن لابن العربي (2/ 587)، الدر المصون (6/ 26)، المصباح (1/ 144)، تاج العروس (25/ 182).
(5)
انظر: شرح صحيح مُسلم (11/ 84)، المبسوط للسرخسي (4/ 162)، مختصر اختلاف العلماء للطحاوي (2/ 91 وما بعدها)، المحيط البرهاني للمرغيناني (9/ 512)، التاج والإكليل لمختصر خليل للمواق (8/ 579)، البيان للعمراني (4/ 51 وما بعدها)، فتاوى الخليلي على المذهب الشافعي (2/ 202)، المغني لابن قدامة (10/ 28 وما بعدها)، شرح الزركشي على مختصر الخرقي (7/ 225).
(6)
بالنسخ: "أو هو".
(7)
انظر: شرح التسهيل (3/ 335)، شرح شذور الذهب لابن هشام (ص 572)، همع الهوامع للسيوطي (3/ 176).
إلا أنّ [فيه](1) الفَصْل بين البَدَل والمبْدَل مِنْه، وهُو "أحَقّ".
ويحتمل أنْ يكُون "أنْ يُقْضَى" في محلّ رَفْع بالابتداء، و"أحَقّ" خَبره، والجُمْلة خَبَر "دَيْنُ الله"، وقد أوْجَبُوا تقْديم الخبر في مِثْل:"عِنْدي أنّك قَائِم"(2)، وهي (3) مَصْدَريّة كـ "أنْ" الخفيفة.
و"يُقْضَى": مَبني للمَفْعُول.
ويحتمل أنْ يكُون "أنْ يُقْضَى" في محلّ جَرّ أو نَصْب، بتَقْدير حَرْف الجر، أي:"أحَقّ بأنْ يُقْضَى"، إذا قَدَّرْت "أحَقّ" بمَعْنى "حَقيق".
قوله: "وفي رِوَايةٍ": أي: "وَجَاءَ في رِوَايةٍ"؛ فيتَعَلّق حَرْف الجرّ [بالفِعْل. والجمْلة](4) بعْده الفَاعِل على الحكاية. و"جَاء": تقَدّم الكَلامُ عليها في أوّل هذا الحديث.
قوله: "فقَالَت": معطُوفٌ [على](5)" [جَاءَت] (6) ".
وجملة "مَاتَت": في محلّ خَبر "إنّ".
"وعليها صَوْمُ نَذْر": مُبتدأ، وخَبر. والجمْلة في محلّ الحال من فَاعِل "ماتت". [و"صَوْمُ] (7) نَذْر": بالإضافة، مِن باب إضَافة الموصُوف إلى صفته (8)، ويتخَرّج على
(1) غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).
(2)
انظر: الكافية في علم النحو لابن الحاجب (ص 16).
(3)
أي: "أنَّ" في قوله: "عنْدي أنّك قَائِم".
(4)
غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).
(5)
غير واضحة بالأصل. وفي (ب): "على جملة".
(6)
لا يظهر منها بالأصل إلّا: "الت". وفي (ب): "قالت". والمثبت الصواب، وقد سبق نظيره في كلام ابن فرحون في أوّل الحديث.
(7)
غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).
(8)
انظر: تحفة الأحوذي (8/ 262)، الإعلام لابن الملقن (3/ 376)، عقود الزبرجد للسيوطي (1/ 453)، شرح المفصل لابن يعيش (2/ 167 وما بعدها)، توضيح =