الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فهو مفعُول "مَا" لفظًا أو محلًّا. وقد تقَدّم ذِكْر "مثل" إذا أضيفَت إلى مَبني. (1)
قوله: "فسَاقَ الهَدْي": معْطُوفٌ على "أهْدَى"، و"مِن النّاس" يتعلّق بـ "سَاقَ".
الحديث الثّالث:
[229]
: عَنْ حَفْصَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهَا قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا شَأْنُ النَّاسِ حَلُّوا مِنْ الْعُمْرَةِ وَلَمْ تَحِلَّ أَنْتَ مِنْ عُمْرَتِكَ؟ فَقَالَ:"إنِّي لَبَّدْتُ رَأْسِي، وَقَلَّدْتُ هَدْيِي؛ فَلا أَحِلُّ حَتَّى أَنْحَرَ"(2).
قوله: "أنّها قَالَت": فُتحَت "أنّ" لأنّها معمُولة لمتعَلّق حَرْف الجر، أي:"رُوي أنّها قَالَت". وجملة "يا رَسُولَ الله" معْمُولَة للقَوْل.
و"مَا شَأنُ" مُبتدأ وخَبرُ، المبتدأ:"مَا"، والخبرُ:"شَأنُ". وجمعُ "شَأن": "شُؤون"، قاله ابنُ الأثير (3).
وجملة "حَلّوا" في محلّ الحَال مِن "النّاس"، والحَالُ تجيءُ مِن [المضَاف إليه](4) إنْ كَان بين المضَاف والمضَاف إليه مُلابَسَة، نحو قوله تعالى:{مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا} (5)[البقرة: 135]. (1)
(1) انظر: البحر المحيط (4/ 104)، (6/ 200)، الكتاب (3/ 140)، شرح التسهيل (3/ 35، 262)، شرح الكافية الشافية (2/ 922)، الأصول لابن السراج (1/ 275)، شرح شذور الذهب لابن هشام (ص 92، 93، 107)، مغني اللبيب (ص 671)، شرح المفصل (2/ 287)، همع الهوامع (2/ 234).
(2)
رواه البخاري (1566) في الحج، ومسلم (1229) في الحج.
(3)
انظر: النهاية لابن الأثير (2/ 437).
(4)
غير واضحة بالأصل. وفي (ب): "المضاف".
(5)
تكررت في مواضع أخرى، فهي في سُور [آل عمران: 95]، و [النساء: 125]، و [الأنعام: 161]، و [النحل: 123].
و"الشّأنُ": "الحَالُ"(2)، و"الحالُ" يُعبّر به عَن الشَّخص نفسه، يُقَال:"ما شَأنك مع فلان؟ "، أي:"ما بينكما مِن الملابَسَة؟ ".
والفِعْلُ من "شَأْن": "فَعَلَ"، كـ "ضَرَبَ"، يُقَال:"لأشأننّ شأنهم"، أي:"لأفْسِدنّ أمرهم"، ويُقال:"اشأن شأنك"، أي:"اعمل ما تحسنه"، و"شأنتُ شأنه" أي:"قصدتُ قصده"، و"ما شأنتُ شأنه" أي:"لم أكترِث لَه". (3)
وقد تقَدّم ذِكْر المواضِع التي يأتي فيها الحَال من المضَافِ إليه في أوّل حَديثٍ من "باب الجمعَة".
[والعَامِلُ](4) في الحَال: معنى الإضَافَة، أو مَا في "الشّأن" مِن مَعْنى الفِعْل.
قوله: "مِن العُمْرَة": يتعلّق بـ "حَلّوا". و"حَلّ" ثُلاثي، وقد قُرئ:"فَإذَا أحْلَلْتُم فَاصْطَادُوا"(5)، وهِي لُغَة (6).
قوله: "ولم تحلّ أنْت": يحتمل أنْ تكون "أنت" تأكيدًا لفَاعِل "تحلّ". ويحتمل أن تكُون مُبتدأ، والخبرُ في قوله "لم [تحلّ] (7) "، والتقديرُ:"وأنْت لم تحلّ". والجمْلَة في محلّ الحَال مِن الضّمير في "حَلّوا".
وجاءت جملة الفِعْل المضَارع حَالًا بـ "الواو" وحْدَها، ومتى جاءَت الحال
(1) انظر: البحر المحيط (1/ 646)، عقود الزبرجد (2/ 361)، شرح التسهيل (2/ 342)، شرح الأشموني (2/ 21)، أوضح المسالك (2/ 269)، شرح الشذور لابن هشام (ص 316، 321)، الهمع (2/ 305، 306).
(2)
انظر: لسان العرب (13/ 230).
(3)
انظر: الصّحاح (5/ 2142)، لسان العَرب (13/ 230).
(4)
في (ب): "والفَاعِل".
(5)
سورة [المائدة: 2]. وانظر في القراءة: الكشاف (1/ 602).
(6)
انظر: اللباب لابن عادل (7/ 180)، تفسير البيضاوي (2/ 114).
(7)
بالأصل: "يحلّ".
مُضَارعًا بـ "الواو"؛ فالجُمْلَة اسمية (1)، أي:"وأنْت لم تحلّ". فإنْ قَدّرْت الجملَة خَبرًا عن "أنت" لم تحتَج إلى تقْدير. وإن جَعَلت "أنْت" تأكيدًا قُدّر فيه: "وأنْت لم تحلّ أنْت".
و"مِن عُمْرَتك" يتعلّق بـ "تحلّ". وقيل: "مِن" هُنا بمعنى "الباء"، أي:"ولم تحلّ أنت بعُمرتك"، كقوله تعالى:{يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ} [الشورى: 45]، أي:"بطَرْف". (2)
قوله: "فقَالَ": فاعلُه: ضَميرُ "النبي صلى الله عليه وسلم". وجملة "إني لبّدتُ رَأسي" مُستأنَفَة؛ ولذلك كُسِرَت بعْد القَول؛ لأنّ القَوْلَ يقتَضي أنْ يكُون مَا بعْدَه مُستأنَفًا. (3)
قوله: "وقَلّدتُ هَدْيي": معطُوفٌ على "لبّدت"؛ فيكُون محلّها خبرًا؛ لأنّ المعطوفَ على الخبر خَبرٌ (4).
قوله: "فلا أحِلّ": "لا" نافية، "أحِلّ" فِعْل مُضَارع مَرفُوع بالضّمة، و"الفَاء" سَببية.
(1) انظر: البحر المحيط (3/ 465)، عقود الزبرجد للسيوطي (2/ 458)، شرح التسهيل (2/ 359، 361)، الجنى الداني (ص 164)، شرح الأشموني (2/ 36)، شرح المفصل لابن يعيش (2/ 24 وما بعدها، 30).
(2)
انظر: شرح التسهيل (3/ 137)، مُغني اللبيب لابن هشام (ص 423)، الجنى الداني (ص 314)، همع الهوامع (2/ 462).
(3)
راجع: البحر المحيط (3/ 169).
(4)
انظر: البحر المحيط (1/ 104)، (2/ 744)، شرح التسهيل لابن مالك (1/ 385)، شرح الأشموني (1/ 216)، شرح الكافية الشافية (1/ 61، 426)، شرح التصريح (1/ 455)، همع الهوامع للسيوطي (3/ 135).
و"حَتى" حَرفُ غَاية ونَصْب (1)، يتعلّق بـ "أحِلّ"، وتقَدّم الكَلامُ عليها في ثاني حَديثٍ مِن الأوّل.
قال الشّيخُ تقيّ الدِّين: قوله: "مِن عُمْرَتك": قيل: "مِن" بمَعنى "البَاء"، أي:"تحلّ بعُمْرَتك"، وهَذا بناء على أنّه صلى الله عليه وسلم كَان قَارِنًا (2)، وأما لو كَان مُتمتّعًا لكَانت على بابها - يعني: لابتداء الغَايَة - لأنّ معْنى "حَلَلْت": "خَرَجْت"(3)، فهِي كقَوْلك:"خَرَجْتُ من المسْجِد".
(1) انظر: همع الهوامع (2/ 381).
(2)
انظر: إحكام الأحكام (2/ 79).
(3)
راجع: القاموس المحيط (ص 968)، مختار الصحاح (ص 79).