الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قوله: "لله": يتعلّق بصفة لـ "عبد"، و"صالح" صفة أخرى. وقدّم الصفة المقدّرة على الظاهرة، وقد تقدّم أنَّ ابن عصفور منعه (1).
قوله: "في السماء والأرض": يتعلّق بـ "صالح" أو بصفة لـ "عبد".
قوله: "وفيه": يعني: "وفي اللفظ المتقدّم".
"فليتخير [من] (2) المسألة": تقدّم الكلام على "لام" الأمر في السّادس من "الإمامة"، و"من المسألة" يتعلّق بـ "يتخير". و "من" للتبعيض.
و"ما شاء" في محلّ مفعول للخبر، و "شاء" فعل ماض في محلّ الصّلة، وفاعله ضمير يعُود على "المصلِّي". وهنا ضمير محذُوف يعود على "ما"، أي:"ما شاءه"، ويجوز أن يكون نكرة موصُوفة، أي:"فليتخير من المسألة دعاءً شاءه". وتقدّم الكلام على "شاء"، والكلام على حذف مفعوله، وأنه تكاثر معه ومع "أراد" حتى صاروا لا يكادُون يبرزون، في السّادس من"باب الإمامة".
الحديث الثاني:
[119]
: عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ: لَقِيَنِي كَعْبُ بْنُ عُجْرَةَ فَقَالَ أَلا أُهْدِي لَكَ هَدِيَّةً؟ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ عَلَيْنَا، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ الله، قَدْ عَلَّمَنَا اللهُ كَيْفَ نُسَلِّمُ عَلَيْكَ، فكَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ؟ فَقَالَ:"قُولُوا: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إبْرَاهِيمَ إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللهم بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إبْرَاهِيمَ، إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ". (3)
قوله: "لقيني": جملة في محلّ مفعول القول.
(1) انظر: البحر المحيط (4/ 299)، واللباب في علوم الكتاب (7/ 391)، (14/ 462)، وشرح ابن عقيل (1/ 454) وما بعدها.
(2)
سقط من النسخ.
(3)
رواه البخاري (6357) في الدعوات، ومسلم (406) في الصلاة.
وقوله: "فقال": معطوف على "لقيني".
وقوله: "ألا": حرف عرض وتحضيض.
والفرقُ بين العرض والتحضيض: أنّ العرض معه لِين، بخلاف التحضيض فإنه بِحَثٍّ (1).
و"ألا" لها أقسام خمسة (2): -
الأُولى: للتنبيه، وتدخُل على الجملتين نحو {أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ} [البقرة 13]، {أَلَا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ} [هود 8]. ويُقال لها: استفتاح وتنبيه.
الثاني: التوبيخ والإنكار، كقوله:
أَلا طِعَانَ أَلا فرْسَانَ عَادِيةٍ
…
............................. (3)
الثالث: التمني، كقوله:
ألا عُمْر ولَّى مُستطاعٌ رجوعه
…
........................... (4)
الرابع: الاستفهام عن النفي، كقوله:
ألا اصطبار لسلمى أم لنا جلد
…
........................... (5)
(1) يعني أنه طلب فيه حَثٌّ.
(2)
انظر: مغني اللبيب (ص 195 - 197).
(3)
صدر بيت من البسيط، وهو لحسان بن ثابت رضي الله عنه، وعجزه:"إلّا تجشّؤكم حول التنانير". انظر: خزانة الأدب للبغدادي (1/ 64)، الكتاب (2/ 306).
(4)
صدر بيت من الطويل، وعجزه:"فيرأب مَا أثأت يَد الغفلات". وهو بلا نسبة في خزانة الأدب للبغدادي (4/ 70)، وشرح التسهيل (2/ 71).
(5)
صدر بيت من البسيط، وعجزه:"إذا ألاقي الذي لاقاه أمثالي"، ونسب هذا البيت لمجنون بني عامر قيس بن الملوح، ويروى في صدره:"ألا اصطبار لليلى أم لها جلد" =
الخامس: العرض والتحضيض، ومعناهما: طلب الشيء.
وتختص "ألا" هذه بالفعل، نحو:{أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ} [النور 22]، {أَلَا تُقَاتِلُونَ قَوْمًا} [التوبة].
واعلم أنّ حروف التنبيه ثلاثة: "ها" و "ألا" و "أمَا".
فـ "ها" أعمُّ لدخولها على المفرد والجملة، فإنهما لا تدخلان إلا على الجملة.
والفرق بين "ألَا" و"أمَا": أنَّ "أمَا" للحال والاستقبال.
وتحذف ألِف "أمَا" نحو: "أَمَ والله لأفعلنَّ"؛ لكثرة الاستعمال، وقد فتحوا "أنَّ" بعدها فقالوا:"أما أنك قائم؟ "، بمنزلة قولك:"أحَقّ أنك قائم؟ "، فـ "أنَّ" وما بعدها في محلّ مبتدأ، وما قبلها مُقدَّر بالظرف، وهو خبرها، كذا قرّره النيلي رحمه الله وغيره (1). وتقدّم الكلام على باقي الحديث.
فقوله هنا: "ألا أهدي لك هدية؟ " عرض، و "أن النبي صلى الله عليه وسلم لما التقدير:"هي أن النبي صلى الله عليه وسلم"؛ فتفتح "أنَّ" لأنها معمُوله (2). ويحتمل أن تكون مكسورة على الاستئناف. ويحتمل أن تكون بدَلًا من "هَدّية"، أي:"ألا أهدي لك أن النبي"، فتكون مفتوحة.
و"هدية": اسم مصدر، والمصدر:"إهداء"؛ لأنّه من "أهدى". و "المِهدى" بكسر "الميم": ما يهدى فيه، كالطبق ونحوه، ولا يُسمّى "مِهدى" إلّا وفيه ما يُهدَى. و"المهداء" بالمد:"الرجل الذي عادته الهدية"(3).
= انظر: المعجم المفصل (6/ 380)، شرح ابن عقيل (2/ 22).
(1)
انظر المسألة في: الكتاب (3/ 137)، والأصول في النحو (1/ 274).
(2)
انظر: الجنى الداني (ع/ 407، 408)
(3)
انظر: لسان العرب لابن منظور (15/ 358)، وتاج العروس (40/ 288)، =
قوله: "فقلنا": معطوفٌ على "خرج"، وجملة "يا رسول الله" معمولة للقول.
وتقدّم الكلام على لفظ "ما" في السّابع من "الإمامة".
قوله: "قد عَلِمْنا": من تمام المفعول، و"عَلِم" بمعنى "عرف"، يتعدّى لمفعول واحد (1).
و"كيف": سؤال عن [حال](2)، وتقدّم الكلام على "كيف" في العاشر من "صفة الصّلاة"، وفي الرّابع من "كتاب الصّلاة". وهي عند سيبويه [ظرفية](3) في كل أحوالها، وعند غيره تجري فيها وجوه الإعراب (4).
ولا يجوز أن تكون "كيف" مفعول "علم"؛ لأنّ "كيف" لا تأتي إلا اسم استفهام أو اسم شرط، وكلاهما لا يعمل فيه ما قبله، إلّا ما روي شاذًا:"انظر إلى كيف تصنع"، وقولهم:"على كيف تبيع الأحمَرَين؟ "(5).
وأمَّا "كيف" هنا فكما تقدّم سؤالٌ عن حال، في موضع نصب بـ "نسلِّم"، و"كيف" الثانية في موضع نَصب بـ "نُصلي عليك"، وهي هنا على حدّها في قوله تعالى:{وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ} [إبراهيم 45].
و"كيف" وما بعده في محلّ مفعول "علِم".
= والصحاح (6/ 2534).
(1)
انظر: أوضح المسالك لابن هشام (2/ 43)، وشرح شذور الذهب (1/ 470)، وشرح ابن عقيل (2/ 52).
(2)
غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).
(3)
سقط بالأصل. والمثبت بالرجوع إلى مذهب سيبويه وغيره كما نقله المصنف في إعرابه للحديث العاشر من صفة الصّلاة. وانظر: شرح المفصل (3/ 139 - 142).
(4)
انظر: شرح المفصل (3/ 139 - 142).
(5)
انظر: التبيين عن مذاهب النحويين (ص/ 130)، وشرح المفصل لابن يعيش (3/ 139 - 142).
ويحتمل أن تكون "كيف" مفعولًا مطلقًا، أيْ:"قد علِمنا أيَّ سلام نسلِّم عليك، فعلِّمنا أيَّ صَلاة نُصلي عليك". وعلى هذا يكون "علِم"[معلقة](1) عن العَمل.
قوله: " [قال] (2) ": ما بعد "قال" معمول له، وما بعد "قولوا" معمول له.
قوله: "اللهم صلِّ": تقدّم الكلام على "اللهم" في الحديث الأوّل من "الاستطابة".
قوله: "كما صلّيت": تقدّم الكلام على "الكاف" من "كما" في الحديث الثاني من "باب الجنابة". و"على محمّد": يتعلّق بـ " [صلِّ] (3) "، و"على آل محمّد" معطوفٌ على ["محمد"](4).
و"آل" قيل: بمعنى "أهل"، وألِفه بدَل من "هاء"، وتصغيره:"أهيل". وقال بعضهم: ألِفه بدَل من "همزة" ساكنة، و "الهمزة" بدَل من "الهاء".
وقيل: ليس بمعنى "أهل"؛ لأنّ "الأهل": "القرابة"، و"آل" من "آل"، "يؤول" إليك [في قرابة] (5) أو رأي أو مذْهَب. فأصلُه:"أوْل"، فانقلبت واوه ألِفًا، ومن ثَمّ قَال يونس في تصغيره:"أُوَيْل"(6)، حكاه الكسائي عن العرب (7).
(1) غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).
(2)
بالنسخ: "فقال".
(3)
بالنسخ: بـ "صلِّي".
(4)
غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).
(5)
غير واضحة بالأصل.
(6)
انظر: شرح التصريف للثمانيني (ص/ 339)، وشمس العلوم (1/ 65)، والمخصص (1/ 315).
(7)
انظر: فتح المتعال (ص / 177)، ولسان العرب لابن منظور (11/ 38)، وتهذيب اللغة (15/ 315).
وقد خصُّوا "آل" بالإضافة إلى ذوي الخطر ممن يُعلم، فلا يُقال:"آل" الإسكاف" و "الحجام" (1)، قالوا:
نحنُ آلُ اللهِ في بلدتِنا
…
لم نَزَلْ آلا على عهدِ إِرَم (2)
ونحوه للأخفش.
قال: لا يُضاف "آل" إلا إلى الرئيس الأعظم.
واعتُرض بأنه سُمع: "آل المدينة" و"آل البصرة".
ومنع الكسائي ذلك، فقال: لا يُقال: "فلان من آل البصرة"، بل:"من أهل"(3).
وقد سُمعت إضافتُه إلى اسم الجنس وإلى الضّمير. واختلف [في قياس](4) إضافته إلى المضمر، فمنعه الكسائي وأبو جعفر النحاس والزبيدي، وأجازه غيرهم (5).
ويُجمع بـ "الياء" و"النون" نصبًا وجرًّا، وبـ "الواو" و "النون" رفعًا، كما جُمع "أهل"، فيقال:"آلون"(6).
قال مكي: فأمَّا "الأَوْل" بمعنى "السّراب": فجمعه: "أَاْوَال"، على
(1) انظر: تاج العروس (28/ 37)، والقاموس المحيط (1/ 963).
(2)
البيت من الرمل، ونسب إلى عبد المطلب بن هاشم جد النبي صلى الله عليه وسلم. انظر: المعجم المفصل (7/ 18)، ونهاية الأرب في فنون الأدب (16/ 114).
(3)
انظر: شمس العلوم (1/ 377، 378)، والكليات للكفوي (ص / 171، 172)، تفسير القرطبي (1/ 382، 383).
(4)
غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).
(5)
انظر: شرح الأشموني (1/ 18)، تفسير القرطبي (1/ 382، 383).
(6)
انظر: تفسير القرطبي (1/ 382، 383)
"أفعال"(1).
إذا ثبت ذلك: فمعاني توجيه التشبيه في هذا الحديث بين نبينا صلى الله عليه وسلم وإبراهيم عليه السلام تنيف على العشرين قولًا، وأحسنها: أن يكون التشبيه راجعًا إلى أصل الصّلاة بأصل الصّلاة، لا إلى القَدْر بالقَدْر (2)، كما قالوا في قوله تعالى:{كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ} [البقرة 183]، وضعّفه الشيخ تقيّ الدّين (3)، والمعنى عليه قوي.
قوله: "إنك حميد مجيد": كُسرت "إنّ" لأنها في ابتداء الكلام (4)، ولو فتحت جاز بمعنى:"لأنّك حميد"(5).
و"حميد" بمعنى: "محمود"(6)، و "مجيد" بمعنى:"ماجد"، وصُرّفا لِبِناء المبالغة (7).
قال الشّيخ تقيّ الدّين: كأنّ ذلك للتعليل لاستحقاق الحمد بجميع المحامد. ويحتمل أن يكُون "حميد" مبالغة من "حامد"؛ فيكون ذلك كالتعليل للصّلاة
(1) انظر: الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي (1/ 259)، وتفسير القرطبي (1/ 383)، وشمس العلوم (1/ 377).
(2)
انظر: فتح الباري لابن حجر (11/ 161)، شرح أبي داود للعيني (4/ 259)، شرح الزرقاني على الموطأ (1/ 570).
(3)
انظر: إحكام الأحكام (1/ 309).
(4)
انظر: ضياء السالك (1/ 301).
(5)
انظر: ضياء السالك (1/ 308).
(6)
انظر: تاج العروس (8/ 39)، لسان العرب (3/ 156)، تحرير ألفاظ التنبيه للنووي (ص/72).
(7)
انظر: لسان العرب (3/ 395)، تاج العروس (9/ 153)، تحرير ألفاظ التنبيه للنووي (ص/ 72)، شذا العرف في فن الصرف (ص/ 62)، همع الهوامع (3/ 74).
المطلوبة، فإنّ "الحمد" و"الشّكر" يتقاربان، فـ "حميد" قريب من معنى "شكُور"، وذلك مُناسبٌ لزيادة الإفضال والإعطاء لما يُراد من الأمور العظام، وكذلك المجد والشّرف مناسبته لهذا المعنى ظاهرة. و "البَرَكة":"الزيادة والنماء من الخير"(1).
قوله: "اللهم بارك على محمد": قال في "الصّحاح": يُقال: "بارك الله لك وفيك وعليك"، و"باركك"، وقال تعالى:{بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ} [النمل 8]، و {تَبَارَكَ اللَّهُ} [الأعراف 54]، و"بارك" مثل "قاتل وتَقاتَل"، إلا أنّ "فاعل" يتعدّى، و"تفاعل" لا يتعدّى (2).
قال أبو حيان: "تبارك" تفاعل، مُطاوِعُ "بارك"، لا يتصرّف؛ فلا يجيء منه مُضارع، ولا اسم فاعل، ولا مصْدَر، ولا يُستعمَل في غيره تعالى (3).
وقد تقدّم أنّ "إبرا هيم" اسم أعجمي لا ينصرف، فعلامة الجر فيه الفتحة للعَلَمية والعجمة. وفيه لُغات ستّ:"إبراهيم"، "إبراهام"، "إبراهوم"، "إبراهيم" بضم "الهاء" وفتحها وكسرها من غير "ياء". وجمعُه:"براهم" و"أباره"(4)، ويُجمع بـ "الواو والنون"؛ لتوفر الشروط فيه (5).
وقيل: معناه "أب رحيم"(6).
(1) انظر: إحكام الأحكام (1/ 308)، لسان العرب (10/ 395)، تاج العروس (27/ 57)، القاموس المحيط (ص/ 932).
(2)
انظر: الصحاح (4/ 1575).
(3)
انظر: البحر المحيط (8/ 79).
(4)
انظر: المطلع على ألفاظ المقنع (ص/103، 517).
(5)
انظر: توضيح المقاصد والمسالك (3/ 1437)، تفسير القرطبي (2/ 141)، البحر المحيط (1/ 634).
(6)
انظر: المطلع للبعلي (ص/103).