الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
"حُزْوَى" - و"الحزْوَى": "الرّمْل العَظِيم"(1) -، وإنْ كَانَ صِفَة أبْدِلت "يَاء"، نحْو: الدُّنيَا" و"العُليَا"، وشَذّ إقرارُ "الواو"، نحو: "الحُلْوَى". ونَصّ على ندور "القُصْوَى" ابنُ السِّكِّيت. (2)
قوله: "التي ببطحاء": الصِّلة والموصُول صِفَة للثنية. والتقدير: "استقرت بالبطحاء"؛ لأنّ الصِّلَة لا تكُونُ مُفردًا.
قوله: "وخَرَج مِن الثنية السُّفلى": "السُّفلى" تأنيثُ "أسْفَل"، وقد تقَدّم. وحَرفُ الجر يتعلّق بـ "خَرَجَ". و"خَرَجَ" تقَدّم الكَلَامُ عَليه.
الحديث الثّالث:
[221]
: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: "دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْبَيْتَ، وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ وَبِلالٌ وَعُثْمَانُ بْنُ طَلْحَةَ، فَأَغْلَقُوا عَلَيْهِمْ الْبَابَ، فَلَمَّا فَتَحُوا كُنْتُ أَوَّلَ مَنْ وَلَجَ، فَلَقِيتُ بِلالًا، فَسَأَلْتَهُ: هَلْ صَلَّى فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: نَعَمْ، بَيْنَ الْعَمُودَيْنِ الْيَمَانِيَيْنِ"(3).
قوله: "دَخَل رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم": في محلّ معمُول القَول. و"قَالَ"[معمُولة](4) لمتعلّق حَرْف الجر. و"رسُولُ الله": فاعِلُ "دَخَلَ"، وهُو "فَعُول" بمَعْنى "مُفْعَل"(5)، وقَد تقَدّم في الحديث الأوّل مِن "بَاب التشَهّد". وجملتا:"صلى الله عليه وسلم"
(1) انظر: الصحاح (6/ 2312)، لسان العرب (14/ 176).
قال في الصحاح: "حزوى بالضم: اسم عجمة من عجم الدهناء، وهى رملة لها جمهور عظيم تعلو تلك الجماهير".
(2)
انظر: البحر المحيط (5/ 322).
(3)
رواه البخاري (1598) في الحج، ومسلم (1329)(393) في الحج.
(4)
غير واضحة بالأصل. وفي (ب): "معمول".
(5)
انظر: البحر المحيط (1/ 477)، إرشاد الساري (9/ 155)، (10/ 366).
و"رضي الله عنه" لا محلّ لهما.
ومعمولُ "دَخَلَ": "البيت"، على الخِلافِ المتقَدّم في الحديثِ قبْل هَذا. والألِف واللام في "البيت" للغَلَبة، مِثْل:"العَقَبة" و"المدينة"(1).
قوله: "وأسَامَة": معطُوفٌ على "رسول الله"، ويجوز فيه النصْب عَلى أنه مفْعُول معه. و"بِلَال" معْطُوفٌ آخَر. و"عُثْمان بن طَلْحَة" معْطُوفٌ آخَر. و"أسامة" منقُولٌ مِن "أسَامة" الذي هُو عَلَمٌ لجنس "أسَد"(2).
قوله: "فأغْلَقُوا": معْطُوفٌ على "دَخَلَ".
في "الصّحاح": يُقَال: "أغْلَقتُ البَاب"، فهو "مُغْلَقٌ"، والاسم:"الغَلْقُ". ويُقَال في لُغَة [رَدِيئَة](3): "غَلَقْتُ البَابَ غَلْقًا". (4)
قَالَ أبو الأسْوَد الدُّؤَلِيُّ (5):
وَلَا أَقُولُ لِقِدْرِ القَوْمِ قَدْ غَلِيَتْ
…
وَلَا أَقُولُ لِبَابِ الدَّارِ مَغْلُوقُ (6)
قوله: "فلما فتحوا": مفعُوله محذوفٌ، أي:"فتحوا البَاب".
ويجوز حذفُ المفعُول في مثْل هَذا؛ لدلَالة الكَلَام عَليه، أو لغَرَض، إمّا لتناسُب [الفَواصِل](7)، نحو:{مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى} [الضحى: 3]. أو لاحتقَار المفعُول، نحْو قوله تعالى:{كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ} [المجادلة: 21]، أي:
(1) انظر: إرشاد الساري (10/ 338).
(2)
انظر: شرح التسهيل (1/ 170، 171)، حاشية الصبان (1/ 191)، جامع الدروس العربية (1/ 112).
(3)
بالأصل: "رديّة". والمثبت من "الصّحاح"(4/ 1538).
(4)
انظر: الصحاح (4/ 1538).
(5)
بالأصل بعدها كلمة: "قوله".
(6)
البيتُ من البسيط. انظر: الصّحاح للجوهري (4/ 1538)، لسان العرب (10/ 291)، المعجم المفصل (5/ 182).
(7)
بالنسخ: "التواصل". والمثبت من المصادر.
"الكَافرين". أو لاستهجان ذكره، كقَول عَائشة رضي الله عنها:"مَا رَأَى ذَلِك مِنِّي، وَلَا رَأَيْتُ مِنْه"(1)، أي:"العَوْرَة".
وقد يمتنع حَذْفه، مثل أنْ يكُون محصُورًا، نحو:"إنّما ضَرَبتُ زَيدًا"، أو جَوابًا، كقَولك:"زَيْدًا" لمَن قَالَ: "مَن تضْرب؟ "؛ فيجب ذِكْره في هَذين المثالين. (2)
وتقَدّم الكَلامُ على "لمّا" في الحديث الرّابع من "باب المذي"، وفي أوّل حَديثٍ مِن هَذا البَاب.
قوله: "كُنْتُ": جَوَابُ "لمّا". ولـ "كَان" أقسَام تقَدّمَت في أوّل حَديثٍ مِن الكتاب. وتحوّلَت "كَان" إلى "كُنتُ" لأنّ "النّون" مِن "كَان" سكنَت لاتصَال الضّمير؛ فانحَذَفَت "الألِف" لسكُونها وسكُون "النّون"، فصَار "كُنتَ" بفَتح "الكاف"، ولما كَان أصْل "الألِف" واوًا - لأنّه من "كون" - ضُمّت "الكَاف" لتدُلّ عَلى أنّ المحْذُوفَ "واو". (3)
قوله: "أوّل": خَبرُ "كَان"، وتقَدّم الكَلامُ على "أوّل" في الحديث الأوّل مِن الكتاب. [وهُو](4)"أفْعَل" استُعْمِل بالإضَافَة، أي:"أوّلَ النّاس ولُوجًا".
و"مَنْ": موصُولة بمَعْنى "الذي"، أو نَكِرة مَوصُوفة، أي:"أوّل شَخْص وَلَج". وجملة "وَلجَ" في محلّ صِفَة لـ "مَنْ"، أو صِلَة، والعَائدُ على "مَنْ" محذوفٌ، أي:
(1) روى ابن عدي في "الكامل" عن أنس أنّ عائشة قالت: "مَا رَأيْتُ عَوْرَةَ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم قَطّ". وفيه بركة بن محمد الحلبي، تفرّد به، وكان يكذب. انظر: الكامل في ضعفاء الرجال لابن عدي (2/ 224).
(2)
انظر: شرح الأشموني (1/ 445)، شرح التسهيل (2/ 161 وما بعدها)، أوضح المسالك (2/ 164، 165)، الهمع (2/ 13).
(3)
راجع: شرح المفصل (5/ 435)، الشافية في علمي التصريف والخط (ص 89)، النحو الواضح (2/ 40).
(4)
غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).
"أوّل مَنْ وَلَجَه".
ومتى [كَان](1) العَائدُ ضَميرًا منصُوبًا مُتَّصِلًا بالفِعْل ليس في الصّلَة ضَمير غَيره جَازَ حَذْفُه وإثْبَاتُه. (2)
و"وَلَجَ" مُضَارِعه: "يَلِج"، ومَصْدَرُه:"ولُوجًا" و"لِجَةً"، إذا "دَخَل".
قال سيبويه: إنما جَاء مَصْدَره "ولُوجًا"، وهو من مصادر غير المتعدّي على مَعْنى:"وَلَجْتُ فيه". (3)
قُلتُ: يُريد أنّه كـ "دَخَلَ" في تعَدّيه إلى مفْعُول به على أحَد المذهَبين المعروفين في الواقع بعد "دَخَل"، ومثله:"وَلَجَ"، وذلك يقتضي [أن يكون](4) مصدره "ولُوجًا"، ولا مصْدَر "دَخَلَ":"دخُولًا"، لكن لمّا وجد في تعدية "دَخَلَ في الدّار"، و"وَلَجَ في الدّار" غير مُتَعَدّ إلّا بحَرْف جَرّ؛ أجْروا مَصْدَره مجرَى مَصَادر الأفعَال اللازِمَة. والله أعْلَم.
قوله: "فلَقيتُ بِلالًا": "لَقيتُ" فِعْل مَاض وفَاعِل، وأصْله:"لَقي، يَلْقَى"، ومصْدَره:"لِقَاء" بالمدّ، و"لُقًى" بالقَصر والضّم، و"لُقيّا" بالضّم والتشديد، و"لُقيانًا" و"لُقيانَةً واحدة" بالضّم فيهما. ويُقَال:"لَقْيَة واحِدة" و"لِقَاءَة واحدة". قَالَ: ولا تقُل: "لَقَاة"، فإنّها مُوَلّدة، وليست مِن كَلَام العَرَب. مِن "الصّحاح". (5)
وجملة "فسَألتُه" معطُوفة على "لَقيتُ"، و"الفَاء" لا سَببية فيها، وتحتمل
(1) غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).
(2)
انظر: شرح الكافية الشافية (1/ 290)، توضيح المقاصد والمسالك (1/ 453)، شرح التصريح (2/ 436)، شرح المفصل (2/ 391).
(3)
انظر: الصحاح (1/ 347)، لسان العرب (2/ 400).
(4)
كذا بالنسخ، ولعل الصّواب:"أن لا يكون".
(5)
انظر: الصّحاح (6/ 2484)، لسان العرب (15/ 253).
السَّبَبية. وتقَدّم الكَلامُ على "الفَاء" ومَوَاضِعها في الحديث السّادس من "الاستطابة"، و"سَألَ" في الحديثِ الثّاني عَشر مِن "بَاب صِفَة الصّلَاة".
وهُو يتعَدّى إلى واحِدٍ بنفْسه وإلى آخَر بحَرْف الجر، إمّا "عن" وإمّا "الباء"، ويُعَلَّق (1) بأدَوَات الاستفهام، كقوله تعالى:{سَلْهُمْ أَيُّهُمْ بِذَلِكَ زَعِيمٌ} [القلم: 40]. وعُلّقَت هُنا بـ "هَلْ". وإنّما عُلّقَت وإنْ لم تكُن من أفْعَال القُلُوب لأنّها سَبَب العِلْم؛ فأُجْري السَّبَب مجْرَى المسَبّب. (2) وتقَدّم الكَلامُ على أدَوَات الاستفهام وعلى هذا في السّابع من "الصّيام".
قوله: "صَلّى فيه رسُول الله": "صَلّى" مُتعَدّ، تقَدّم الكَلامُ عَليها في الحديثِ الخَامِس مِن "فَضْل الجمَاعَة".
و"رَسُول": "فَعُولٌ" بمَعْنى "مُفْعَل"، وهُو قَليلٌ. (3)
قوله: "فقَالَ: نَعَم": أي: "نَعَم، صَلّى". وتقَدّم الكَلامُ على "نَعَم" في الرّابع مِن "الجنابة". وهِي حَرْفُ جَوَاب لتَقْرير مَا قَبْلها مِن نَفْي أو إثبات (4).
قوله: "بين العَمُودين": مَعْمُولٌ لـ "صَلّى" المقَدّر.
و"بين": ظَرْفُ زَمَان، وتجيءُ للمَكَان. (5) وتقَدّم الكَلامُ عَليها مُستَوفى في الثّالث مِن "السّوَاك".
(1) أي: يُعلّق عن الجملة الاستفهامية، فيعمل في المعنى، لا في اللفظ.
انظر: البحر المحيط (2/ 349).
(2)
انظر: البحر المحيط (1/ 355)، (2/ 349)، تاج العروس (29/ 157)، المنصوب على نزع الخافض في القرآن (ص 323، 324).
(3)
انظر: البحر المحيط (1/ 477)، إرشاد الساري (9/ 155)، (10/ 366).
(4)
انظر: مغني اللبيب (ص 451)، الجنى الداني (ص 505 وما بعدها)، همع الهوامع (2/ 607)، جامع الدروس العربية (3/ 255).
(5)
انظر: شرح التسهيل (2/ 232)، الهمع (2/ 203).
والألِف واللام في "العَمُودين" للعَهْد، وأرَاد "عُمُد البيت"، وجمعُ القلة:"أعْمِدَة"، وجمعُ الكثرة:"عُمُد" و"عَمَد"، وقُرئ بهما في قوله تعالى:{فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ} [الهمزة: 9]. ويُقَال: "خِبَاءٌ مُعَمَّد"، و"سَطع عَمُود الصُّبح". و"العِمادُ":"الأبنية الرَّفيعة"، تُذَكّر وتُؤَنّث، يُقَال:"خَرّت العِماد"، و"خَرّ العِماد". (1)
قوله: " [اليمانيين] (2) ": بالنسبة إلى الخارج عَن البيت، وهما مما يلي الرُّكْن اليماني.
والنسبةُ إلى "اليمَن": "يَمَنيّ" و"يَمَان" بالتخفيف، فـ "الأَلِف" عوض مِن "يَاء" النّسَب، فلا يجتمعان. قَالَ سيبويه: وبعضُهم يقُول: "يمانيّ" بالتشديد. (3)
فثبت بذَلك أنّ ["اليمانيين"](4) في الحَديثِ [مخَفّف](5)، وأنّ ألِفَه بَدَل مِن "يَاء" النّسَب. (6)
وقَالوا للرُّكنين: ["اليمانيين"](7)، وإن كَان "اليماني" منها واحِدًا والآخَر الذي فيه "الحَجَر""عِرَاقيّ"؛ مِن بَاب التغْليب، كـ "العُمَرَين" و"القَمَرَين". (8)
(1) انظر: الصّحاح (2/ 511)، لسان العرب (3/ 303، 304).
(2)
بالأصل: "اليمانين".
(3)
انظر: شرح النووي (8/ 94)، الكتاب (3/ 338، 340)، علل النحو (ص 543)، توضيح المقاصد (3/ 1200)، شرح الشافية للرضي (2/ 83)، المقتضب (3/ 145)، لسان العرب (12/ 315)، (13/ 464)، المخصص (4/ 160).
(4)
بالأصل: "اليمانين".
(5)
غير واضحة بالأصل. ولعلها: "مخففة". والمثبت من (ب).
(6)
انظر: شرح النووي (8/ 94).
(7)
بالأصل: "اليمانين".
(8)
انظر: شرح النووي على صحيح مسلم (8/ 94)، تيسير العلام شرح عمدة الأحكام للبسام (ص 399).