المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

وأصل "يُصلّون": "يُصليون" بـ "ياء" قبلها كسرة، والعَرَب تَعاف الانتقال - العدة في إعراب العمدة - جـ ٢

[ابن فرحون، بدر الدين]

فهرس الكتاب

- ‌بَاب جَامِع

- ‌الحديث الأول:

- ‌ الحديث الثّاني

- ‌الحديث الثّالِث

- ‌الحديث الرّابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السّادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن:

- ‌الحديث التاسع:

- ‌باب التشهّد

- ‌الحديث الأوّل:

- ‌الحديث الثاني:

- ‌الحديث الثالث:

- ‌الحديث الرابع:

- ‌الحديث الخامس:

- ‌باب الوتر

- ‌[الحديث الأوّل] (1):

- ‌الحديث الثاني:

- ‌الحديث الثالث:

- ‌باب الذّكْر عقيب الصّلاة

- ‌الحديث الأوّل:

- ‌الحديث الثّاني:

- ‌الحديث الثالث:

- ‌الحديث الرابع:

- ‌باب الجمْع بين الصّلاتين في السّفَر

- ‌باب قَصْر الصّلاة

- ‌باب الجُمعَة

- ‌الحديث الأوّل:

- ‌الحديث الثاني:

- ‌[الحديث الثالث] (2):

- ‌الحديث [الرّابع] (1):

- ‌الحديث [الخامس] (6):

- ‌الحديث [السّادس] (1):

- ‌الحديث [السّابع] (1):

- ‌الحديث [الثامن] (3):

- ‌الإعراب:

- ‌باب العيدين

- ‌[الحديث الأوّل] (1):

- ‌الحديث الثّاني:

- ‌الحدِيث الثّالِث:

- ‌[الحدِيث الرّابع] (1):

- ‌الحدِيث [الخَامس] (3):

- ‌باب صَلاة الكُسُوف

- ‌[الحديث الأوّل] (1):

- ‌الحديث الثّاني:

- ‌الحديث الثالث:

- ‌الحديث الرابع:

- ‌باب الاستسقاء

- ‌الحديث الأوّل:

- ‌الحديث الثّاني:

- ‌باب صلاة الخوف

- ‌[الحديث الأوّل] (1):

- ‌[الحديث الثّاني] (1):

- ‌الحديث [الثالث] (1):

- ‌كتاب الجنائز

- ‌الحديث الأوّل:

- ‌الحديث الثّاني:

- ‌الحديث الثالث:

- ‌الحديث الرابع:

- ‌الحديث الخامس:

- ‌[الحديث السادس] (1):

- ‌الحديث [السابع] (1):

- ‌الحديث [الثّامن] (3):

- ‌الحديث [التاسع] (1):

- ‌الحديث [العاشر] (6):

- ‌الحديث [الحادي عشر] (3):

- ‌الحديث [الثاني] (3) عشر:

- ‌الحديث [الثّالث] (1) عشر:

- ‌الحديث [الرابع] (5) عشر:

- ‌كتاب الزكاة

- ‌[الحديث الأوّل] (1):

- ‌الحديث الثاني:

- ‌الحديث الثّالث:

- ‌الحديث الرّابع:

- ‌الحديث الخامس:

- ‌الحديث السادس:

- ‌بَاب صَدَقَة الفِطْر

- ‌[الحديث الأوّل] (1)

- ‌الحديث الثّاني:

- ‌كتاب الصّيام

- ‌الحديث الأوّل:

- ‌الحديث الثاني:

- ‌الحديث الثالث:

- ‌الحديث الرابع:

- ‌الحديث الخامس:

- ‌الحديث السّادس:

- ‌الحديث السابع:

- ‌[فائدة] (5):

- ‌باب الصّوم في السفر وغيره

- ‌[الحديث الأوّل] (1):

- ‌الحديث الثّاني:

- ‌الحديث الثالث:

- ‌ الحديث الرابع

- ‌الحديث الخَامس:

- ‌الحديث السّادس:

- ‌فائدة:

- ‌الحديث السّابع:

- ‌الحديث الثَّامن:

- ‌[الحديث التاسع] (3):

- ‌الحديث [العاشر] (2):

- ‌الحديث [الحادي عشر] (5):

- ‌بَاب أفْضَل الصّيَام وغَيره

- ‌الحديث الأوَّل:

- ‌الحديث الثّاني:

- ‌الحديث الثّالث:

- ‌[الحديث الرّابع] (3):

- ‌الحديث [الخَامِس] (5):

- ‌الحديث [السّادِس] (3):

- ‌الحديث [السّابع] (1):

- ‌الحديث [الثّامِن] (5):

- ‌باب لَيْلَة القَدْر

- ‌الحديث الأوّل:

- ‌الحديث الثّاني:

- ‌الحديث [الثّالث] (1):

- ‌باب الاعتكاف

- ‌الحديث الأوّل:

- ‌[الحديث الثّاني] (1):

- ‌الحديث [الثّالث] (4):

- ‌الحديث [الرَّابع] (1):

- ‌كتاب الحج

- ‌باب المواقيت

- ‌[الحديث الأوّل] (1):

- ‌فائدة:

- ‌الحديث الثّاني:

- ‌باب ما يلبس المحرم من الثياب

- ‌[الحديث الأوّل] (1):

- ‌الحديث الثّاني:

- ‌الحديث الثالث:

- ‌الحديث الرابع:

- ‌باب الفِدْيَة

- ‌الحديث الأوّل:

- ‌باب حُرْمَة مَكّة

- ‌الحديثُ الأوّل:

- ‌الحديث الثّاني:

- ‌بَاب مَا يجُوزُ قَتْلُه

- ‌الحديث الأوّل:

- ‌باب دُخُول مَكّة وغيره

- ‌الحديث الأوّل:

- ‌الحَدِيث الثّانِي:

- ‌الحديث الثّالث:

- ‌الحديث الرّابِع:

- ‌الحدِيث الخَامِس:

- ‌الحدِيث السّادِس:

- ‌الحدِيث السّابِع:

- ‌[الحديث الثامن:

- ‌بَاب التَّمَتّع

- ‌الحدِيث الأَوّل:

- ‌الحديث الثّاني:

- ‌الحديث الثّالث:

- ‌الحديث الرّابِع:

- ‌باب الهَدْي

- ‌الحديث الأوّل:

- ‌الحدِيث الثّانِي:

- ‌الحدِيث الثّالِث:

- ‌الحدِيث الرّابِع:

- ‌الحديث الخَامِس:

- ‌بَاب الغسْل للمُحْرِم

- ‌الحدِيث الأَوّل:

- ‌باب فَسْخ الحَجّ إلى العُمْرَة

- ‌الحدِيث الأَوّل:

- ‌الحدِيث الثّاني:

- ‌الحدِيث الثّالِث:

- ‌الحدِيث الرّابع:

- ‌الحدِيث الخَامِس:

- ‌الحدِيث السَّادِس:

- ‌الحدِيث السّابِع:

- ‌الحدِيث الثَّامِن:

- ‌الحدِيث التّاسِع:

- ‌الحدِيث العَاشِر:

- ‌الحدِيث الحَادِي عَشر:

- ‌باب المحْرِم يَأكُل مِنْ صَيْد الحَلال

- ‌الحدِيث الأوّل:

- ‌الحديث الثّاني:

الفصل: وأصل "يُصلّون": "يُصليون" بـ "ياء" قبلها كسرة، والعَرَب تَعاف الانتقال

وأصل "يُصلّون": "يُصليون" بـ "ياء" قبلها كسرة، والعَرَب تَعاف الانتقال من الكَسر إلى الضّم، فحذفوا الضّم؛ لثقله، وحذفت "الياء" لسكونها وسكون "الواو"، وحرّكت "اللام" بالضّم لأجْل "الواو". وقيل: نُقلت ضمَّة "الياء" إلى "اللام" بعد تسكين "الياء"، ثم حذفت.

قوله: "قبل الخطبة": تقدّم حُكم "قبل" و"بعد" وما لا يقبل التصغير من الأسماء في الثّالث من "التيمم"، والرّابع من الأوّل. والعاملُ في "قبل":"يُصلّون".

‌الحديث الثّاني:

[141]

: عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رضي الله عنه قَالَ: خَطَبَنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الأَضْحَى بَعْدَ الصَّلاةِ، فَقَالَ:"مَنْ صَلَّى صَلاتَنَا وَنَسَكَ نُسُكَنَا فَقَدْ أَصَابَ النُّسُكَ، وَمَنْ نَسَكَ قَبْلَ الصَّلاةِ فَلا نُسُكَ لَهُ".

فَقَالَ أَبُو بُرْدَةَ بْنُ نِيَارٍ - خَالُ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ - يَا رَسُولَ اللهِ، إنِّي نَسَكْتُ بشَاتِي قَبْلَ الصَّلاةِ، وَعَرَفْتُ أَنَّ الْيَوْمَ يَوْمُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ، وَأَحْبَبْتُ أَنْ تَكُونَ شَاتِي أَوَّلَ مَا يُذْبَحُ فِي بَيْتِي؛ فَذَبَحْتُ شَاتِي، وَتَغَدّيْتُ قَبْلَ أَنْ آتِيَ الصَّلاةَ. فَقَالَ:"شَاتُكَ شَاةُ لَحْمٍ". قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ عِنْدَنَا عِنَاقًا هِيَ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ شَاتَيْنِ، أَفَتُجْزِي عَنِّي؟ قَالَ:"نَعَمْ، وَلَنْ تَجْزِي عَنْ أَحَدٍ بَعْدَكَ"(1).

قال الشّيخ تقيّ الدّين: "النسك" هنا يُراد به "الذبيحة"، وقد استُعمل فيها كثيرًا، واستعمله بعض الفقهاء في نوع خاص من الدّماء المراقة في الحج، وقد [استُعمل](2) فيما هو أعمّ من ذلك من العبادات، ومنه:"فلان ناسك"، أي:"مُتعبّد"(3). انتهى

(1) رواه البخاري (955) في العيدين، ومسلم (1961) في الأضاحي.

(2)

غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).

(3)

انظر: إحكام الأحكام (1/ 342).

ص: 122

قوله: "خطبنا النبي صلى الله عليه وسلم": تقدّم الكلام على "خطب" ومعناه وتعدّيه في الحديث الثّالث من هذا الباب.

وإنما يتعدّى "خَطَب" من "الخِطْبة" بكسر "الخاء". وأمّا من "الخُطبة" بضمّها: فيتعدَّى إذا ضُمِّن معنى "حثَّ" و"وعَظ"، فهو هنا مُتعدٍّ؛ لأنّ معناه:"حثَّنا على أفعال، أو على آداب، فقال كذا". ويدلُّك على هذا أنّه لا يُقال: "خطب زيدٌ عمْرا" إلّا بمعنى "وعظه" أو "حثَّه".

قوله: "مَن صَلى صَلاتنا": أي: "صَلاة مثل صَلاتنا"، فهو مُضافٌ لنعت مصدَر محذُوف، وكذلك:"نَسَك نُسُكَنا".

و"مَن" اسم شَرط، تقدّمت مع أقسَامها في الرّابع مِن أوّل الكتاب، ومحلّها الرّفع بالابتداء، وفعلها في محلّ جَزم بها، ويكُون الخبر في جوابها، ويحتمل أن يكون الخبر في فعلها؛ لأنّ في كُلٍّ منهما ضميرًا يعود عليها.

و"النُّسُك": يجوز فيه الضم والسكون، وقد قُرئ:"ففدية من صيام أو صدقة أو نُسْك"(1) بسكون "السّين".

قوله: "فقد أصَاب النّسك": جوابُ الشرط هنا: "فقد أصاب" إن قُدِّر "مَن صلى مثل صلاتنا" في المستقبل.

وإن قدِّر الفعل ماضيًا، أي:"من صلى هذه الصلاة معنا ونسك كنسكنا"، فالجوابُ محذوف يدلّ عليه سياق الكَلام، أي:"فذلك على سُنتنا".

وإنما لم يُجعل "فقد أصاب" جوابًا للشرط؛ لأنّ الجوابَ إذا كان ماضيًا لفظًا ومعنى، كقوله تعالى:{وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ} [فاطر: 4]، وكقوله

(1) سورة [البقرة: 196]. وانظر: تفسير القرطبي (7/ 152)، والبحر المحيط (2/ 261)، وتفسير ابن عطية (2/ 369).

ص: 123

تعالى: {إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ} [التوبة: 40]، و {إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} [التحريم: 4]؛ فالجوابُ محذوف؛ لأنّ الشرط يقتضي الاستقبال في فعله وجَوابه، فلو وَقَع بعده فعل مَاض [قلبه] (1) الشّرط مُستقبلًا. فلو قلت:"إن قام زيد أكرمته"، و"من قام أكرمته"، انقلب المعنى إلى الاستقبال، يصح الجواب؛ لمطابقته معنى الشّرط (2).

قال أبو حيّان: ومنه {وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ} [البقرة: 269]، الجواب:"فقد أوتي"؛ لأنّ معناه الاستقبال (3).

قلت: ولو جاء ههنا: "مَن يصلي صَلاتنا وينسك" علمنا أنّ الماضي بمعنى المستقبل؛ فيصحّ جوابًا، ولكنهما جاءا ماضيين؛ فوَجَب تقدير الجواب، لما تقدّم.

ولو جاء الأول مستقبلًا والثاني ماضيًا معنى: لم يصحّ جَوابًا، كقوله تعالى:{إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} [التحريم: 4].

ولو كان فعل الشرط "كان": فاختلف فيها: فقيل: تنقلب إلى الاستقبال. وقيل: لا تنقلب؛ لأنها خرجت عن الأفعال بعدم التصرّف (4)، وقد تقدّم ذلك مُستوعبًا في الحديث السّابع من "الجنابة".

قوله: "فلا نُسك له": جملة اسمية منفيّة بـ "لا".

و"لا" لنفي المستقبل (5)، فلا يقَع موقعها "ما"؛ لأنّ "ما" لنفي

(1) في النسخ: "قبله". ولا يستقيم المعنى إلا بالمثبت.

(2)

انظر: البحر المحيط (1/ 368)، (2/ 685)، (5/ 420، 421)، والكشاف (2/ 272)، همع الهوامع (2/ 551، 552).

(3)

انظر: البحر المحيط (2/ 685).

(4)

انظر: تفسير القرطبي (9/ 174)، شرح التسهيل (4/ 92، 93).

(5)

انظر: تفسير ابن عرفة (2/ 195)، المفصل (ص 406)، شرح المفصل (5/ 33).

ص: 124

الحال (1)، وكذلك جاء في الماضي في قوله تعالى:{إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ لَا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا} [يس: 23]، ولم يقل:"ما تغن" لهذا المعنى.

و"نسك" اسم مبني مع "لا"، مثل:"لا ريب". وقد تقدّم الكلام على "لا" مع اسمها المبني معها في الحديث الأوّل من "باب التيمم".

و"له" يتعلّق بخبر "لا"؛ لأنها مع اسمها في موضع رَفع بالابتداء.

قوله: "قال أبو بردة بن نيار": "بردة" لا ينصرف للعَلَمية والتأنيث، والكَلام عليه كالكلام على "أبي هريرة"، وقد تقدّم في الحديث الثّاني من أوّل الكتاب.

قوله: "خال البراء بن عازب": هو مرفوع، صفة لـ "أبي بردة"، ويصحّ أن يكون بدَلًا أو عطْف بيان. وجملة:"يا رسُول الله": معمولة للقول.

وجملة: "إني نَسَكت شَاتي": كسرت "إنّ"؛ لأنها في ابتداء الكلام، وتقدّم الكلام على "إنّ" ومواضع كسرها وفتحها في الرّابع من أوّل الكتاب. والأصل:"إنني"، فحذفت إحْدَى النّونات تخفيفًا.

قوله: "نسكت شاتي": أي: "ذبحتُ شاتي".

و"النسيكة": "الذبيحة"، وجمعها:"نُسُك"(2).

ويحتمل أن يكون المعنى: "نسكتُ [بشاتي] (3) "، أي:"تقرّبتُ بها"، و"تعبّدتُ بها"، ثم حُذف حرف الجر، وعُدِّى الفعل بنفسه.

قوله: "قبل الصّلاة": الألِف واللام في "الصّلاة" لمعهود في الذّهن، وهو

(1) انظر: المفصل (ص 405)، وشرح المفصل (5/ 31).

(2)

انظر: لسان العرب لابن حجر (10/ 499)، وفتح الباري لابن حجر (1/ 194)، وعمدة القاري (3/ 273).

(3)

غير واضحة بالأصل. وفي (ب): "شاتي".

ص: 125

"صلاة العيد".

قوله: "وعرفت أنّ اليوم": فتحت "أنّ"؛ لأنها معمولة لـ "عرف"(1)، فهي واسمها وخبرها في محلّ نصب بـ "عرف". و"اليوم" اسم "أنّ". وخبرها:"يوم أكْل".

وقال: "يومُ أَكْل": أي: "يُؤكل فيه".

و"اليوم" يُطلق على الزّمان من غير تحديد، كقوله تعالى:{وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} [الأنعام: 141]، وتقول:"اليوم يفعل فلان كذا".

ويُطلق على المدّة، نحو:"يوم حنين".

ويُطلق على الدّولة، قال تعالى:{وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ} [آل عمران: 140]. (2)

ومن معنى قوله: "يوم أكل" قوله تعالى: {فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ} [التوبة: 117] أي: "العسر فيها"، فيضاف "اليوم" إلى ما يقع فيه، فإضَافته مُقدَّرة بـ "في".

قوله: "وأحببتُ أن تكُون شَاتي": جملتا "عرفت" و"أحببت" معطوفتان على "نَسَكت" و"عَرفت"، ويحتمل أن يكُونا في محلّ الحال، أي:"وقد عرفت"، و"قد أحببت".

يُقال: "أحبَّه" فهو "محبّ". و"حبَّه"، "يَحِبُّه" بالكسر، فهو "محبوب"، قال الشّاعر:

(1) انظر: شرح ابن عقيل (1/ 350 وما بعدها)، والجنى الداني في حروف المعاني (ص/ 407 وما بعدها).

(2)

انظر: تفسير القرطبي (7/ 104)، والبحر المحيط (3/ 354)، وفتح البيان في مقاصد القرآن (2/ 340)، وإعراب ما يشكل من ألفاظ الحديث (ص 118)، ورياض الأفهام (5/ 322)، وتاج العروس (34/ 143).

ص: 126

أُحِبُّ أبا مروان من أجل تمرِهِ

وأعلُم أنّ الرِفقَ بالمرء أَرْفَقُ

وَوَاللهِ لَوْلَا تَمْرُهُ مَا حَببْتُهُ

وَلَا كَانَ أَدْنَى مِنْ عُبَيْدٍ وَمُشْرِقِ (1)

قال: وهذا شاذّ؛ لأنه لا يأتي في المضاعف بـ "فعل" بالكسر إلّا ويشركه بـ "فعل" بالضّم [إذا](2) كان مُتعدّيًا، ما خلا هذا [الحرف](3). (4)

قوله: "أوّل": تقدّم الكلام عليه في أوّل حديثٍ من الكتاب، وهو هنا "أفعل"، [وصُرِف](5) للإضَافة. و"ما" هنا نكرة موصوفة، ويحتمل أن تكون موصُولة، والعائد على الصّلة أو الصّفة ضمير "يُذبح". و"في بيتي" يتعلّق بـ "يُذبح". و"يُذبح" فعل مضارع مبني لما لم يُسمّ فاعله.

قوله: "فذبحتُ شاتي وتغديتُ": المراد: "تغدّيت منها".

قوله: "قبل أنْ آتي الصّلاة": "أنْ" وما بعدها مقدّرة بمصدّر مخفُوض بالإضافة، أي:"قبل إتيان الصّلاة". والعامل في "قبل": "تغدَّيت" أو "ذبحت"، ويجري فيها التنازع.

قوله: "قال": أي: "النبي صلى الله عليه وسلم". "شاتك شاة لحم" أي: "غير نسك"، سيأتي الكلام على تصريف "الشّاة" في الثّاني من "كتاب الحدود".

والإضافة في "شاة لحم" بتقدير محذوف، أي:"شاة طعام لحم"، أي:"لا طعام نُسك"، أو "شاة مَطعَم لحم"، أو ما أشبه ذلك. يعني:" [شاة] (6) لحم غير نسك"،

(1) البيتان من الطويل، وهما لغيلان النهشلي. انظر: شرح ديوان المتنبي للعكبري (4/ 283)، ومجمع الأمثال (1/ 397)، وخزانة الأدب للبغدادي (1/ 81).

(2)

بالأصل: "إذ". والمثبت من (ب).

(3)

غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).

(4)

انظر: الصحاح (1/ 105).

(5)

غير واضحة بالأصل. ولعلها: "وصرفه". والمثبت من (ب).

(6)

غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).

ص: 127

فهي مُضافة إلى محذُوف أقيم المضَاف إليه مقامه.

قوله: "فإنّ عندي عناقًا": منصوب بـ "إن"، وخبر "إنّ" في الظّرف.

قوله: "هي أحبُّ إليَّ مِن شاتين": جملة من مبتدأ [وخبر](1) في محلّ صفة لـ "عناقًا". و"أَحَبُّ" أفعل التفضيل، وتقدّم الكلام على "أفعل" التفضيل في الحديث الأوّل من "الصّلاة". و"من" مع "أفعل" للتبعيض.

ويتوَجّه نصب "أحَبّ" على الصّفة لـ "عناقًا" إنْ توجَّه أن تكُون "هي"[فصلًا](2)، أو مُقحَمة، أو تأكيدًا.

وقد قيل في قوله تعالى: {وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ} [البقرة: 85]: إنّ "هو" فاصِلة. وقاله القاضي أبو محمد بن عطيّة (3).

قوله: "أفتجزئ عني": "الهمزة" للاستفهام، و"الفاء" عاطفة.

وتقدّم قول أبي حيّان: [إذا دَخَل](4) حرفُ الاستفهام على الفعل لا يكون فيه إشعار بوقُوع الفعل، وأمّا إن دخَل على الاسم ففيه إشعار بوقوع الفعل في الوجُود، والاستفهام عن صُدور ذلك الفعل (5).

فإذا قلت: "أهي تجزئ؟ "، أشعرَ وقوع فعل الذَّبح، فجاء التركيب على القاعدة في عدم الوقوع، وإنما تأخّرت ["الفاء"] (6) عن "همزة" الاستفهام؛ لاستحقاق الاستفهام الصّدْر. وجعل بعضهم "الفاء" عاطفة على محذوف تقديره:

(1) سقط بالنسخ. والسياق يقتضي ذكرها.

(2)

غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).

(3)

انظر: تفسير ابن عطية (175).

(4)

في الأصل: "ادخل". والمثبت من: البحر المحيط (4/ 416).

(5)

انظر: البحر المحيط (4/ 416).

(6)

في الأصل: "الواو".

ص: 128

"أفأذبحها فتُجزئ عني؟ ".

قوله: "عنِّي": تقدّم الكلام على "عن" في الثّالث من "باب الصفوف"، و"نون" الوقاية في أوّل حديثٍ من "باب الطّمأنينة"، وإثبات "نون" الوقاية في "عني" أَوْلى من حَذفها.

قوله: "نَعَم": تقدّم في الرّابع من "باب الجنابة".

قوله: "ولن تجزي عن أحَد بعدك": "لن" من حروف النّصب، وهي لنفي المستقبل. واختُلف: هل هي مُركّبة أو بسيطة؟ (1). وهي لنفي "سيفعل"، ولا يقتضي تأبيد النّفي ولا تأكيده، خلافًا للزّمخشري (2).

وتقع دُعامة، كما أتت "لا" دُعامة عند جماعة، منهم ابن عصفور. (3)

وليس أصلها: "لا"، فأبدلت ألِفها نونًا، خلافا للفرّاء (4)، ولا "لا أن" فحُذفت "الهمزة" تخفيفًا، و"الألِف" للساكنين، خِلافًا للخليل (5).

وقد جاء الجزم بها في قوله في منامة ابن عمر: "لَنْ تُرَعْ، لَنْ تُرَعْ"(6). (7)

وتقدّم الكلام على "أحَد" في الحديث الثّاني من الأوّل.

و"بعدك" يتعلّق بصفة لـ "أحَد".

(1) انظر: الكتاب لسيبويه (3/ 5)، وشرح التسهيل (4/ 14)، والمفصل في صنعة الإعراب (ص 407)، وشرح المفصل (5/ 37)، والمدارس النحوية (ص 202).

(2)

انظر: الكليات (ص 791)، المفصل (ص 407)، وشرح المفصل (5/ 37).

(3)

انظر: الهمع (1/ 275).

(4)

انظر: شرح المفصل (5/ 38).

(5)

انظر: العين (8/ 350)، والكتاب (3/ 5).

(6)

متفقٌ عليه: البخاري (1121)، ومسلم (2479).

(7)

انظر: تفسير القرطبي (1/ 234)، وتفسير ابن رجب الحنبلي (370، 1)، وتفسير ابن عطية (1/ 107)، شواهد التوضيح (ص 217)، إرشاد الساري (1/ 452)، (6/ 130)، عقود الزبرجد (2/ 31)، الجمل في النحو (ص 211، 226).

ص: 129