الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قوله: "بسط ثوبه": جواب "إذا"؛ فمحله جزم بها، على رأي من جزم بها في النثر (1). ومنه الحديث لعليٍّ وفاطمة رضي الله عنهما:"إذا أخذتما مضاجعكما تُسبِّحا وتَحْمَدا وتكبِّرا"(2). (3)
قوله: "فسجد عليه": معطوفٌ على "بسط".
الحديث السابع
[115]
: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لا يُصَلِّي أَحَدُكُمْ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِد، لَيْسَ عَلَى عَاتِقِهِ مِنْهُ شَيْءٌ"(4)
تقدّم الكلام على متعلّق حرف الجر، والاسم العَلَم المضاف في الحديث الثّاني من أول الكتاب، كـ"أبي هريرة". وتقدّم الكلام على بناء "فاعل" من العدد كـ "السّابع" و"الثّامن" في التاسع من "باب صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم".
و"قال" الأولى في محلّ رفع خبر "أنَّ" المقدرة، و"قال" الثّانية [معمول القول](5).
قوله: "لا يصلي": جاء بـ "الياء" وبحذفها، فإثباتها يحتمل أن يكون معه "لا" نافية؛ فتقدر خبرًا في معنى النهي (6)، كقوله تعالى:{لَا رَيْبَ فِيهِ} [البقرة: 2]، أي:
(1) هذا رأى الكوفيين والفراء خلافا للبصريين. انظر: شرح شذور الذهب (2/ 602) حاشية 7، الجنى الداني (ص/368).
(2)
متفق عليه: البخاري (3113) ومسلم (80/ 2727) عن علي بن أبي طالب.
(3)
في الحديث أُعملت "إذا" عمل "متى"، فجزمت الجزاء. انظر: شواهد التوضيح والتصحيح (ص/ 71)، وفتح البارى (2/ 205).
(4)
رواه البخاري (359) في الصلاة، ومسلم (516) في الصلاة.
(5)
غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).
(6)
انظر: عمدة القارى (4/ 66، 65)، خلاصة الكلام (ص/93).
"لا ترتابوا فيه"(1).
ويحتمل أن تكون ناهية، وثبتت "الياء"، كما ثبتت [في قوله] (2):{إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ} [يوسف: 90] في قراءة قُنبل (3)، وهي لُغة مشهورة (4).
ومتى قدّرت "لا" ناهية فلا إشكال في [حذف "الياء"](5). والله أعلم.
قوله: "في الثوب الواحد": يتعلق بـ "يصلي"، ويحتمل أن يتعلق بحال من "أحدكم"، أي:"لا يصلي [مشتملًا] (6) بالثوب"، فيتعلق حرف الجر بالمقدر.
قوله: "الواحد": نعت للثوب.
و"الواحد" أول العَدَد، قاله الفارابي (7). ولم يجعله بعضهم داخلًا في العدد، وإن كان مبدأ العدد وأصلًا له، وإنما العَدد تكرير الواحد [وما يبنى](8) عليه.
قوله: "ليس على عاتقه منه شيء": "ليس" من أخوات "كان"، ترفع الاسم وتنصب الخبرَ (9)، الخبرُ مقدرٌ، يتعلق به "على". واسم "ليس":"شيء"، وصح أن يكون اسمها نكرة، لأنّ الخبر تقدّم عليه (10).
(1) وقيل أيضًا: إنها للنفى العام.
انظر: تفسير القرطبى (1/ 159)، تفسير ابن كثير (1/ 162).
(2)
غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).
(3)
انظر: شرح طيبة النشر للنويرى (2/ 398).
(4)
انظر: همع الهوامع (1/ 205)، حاشية الصبان (1/ 153).
(5)
غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).
(6)
غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).
(7)
انظر: معجم ديوان الأدب (3/ 229)
(8)
غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).
(9)
انظر: المقدمة الجزولية (ص/ 102)، شرح الأشمونى (1/ 219).
(10)
ليس كل خبر يتقدم على المبتدأ يكون مسوغا للابتداء بالنكرة، وإنما إذا أفاد =
و"منه" يتعلّق بصفة لـ "شيء" تقدّمت [فانتصبت](1) على الحال، وهو مسوّغ أيضًا لأنّ أصله صفة، والنفي الذي في "ليس" مسوّغ آخر أيضًا (2).
ويحتمل أن يتعلّق "منه" بـ "ليس"، وهذا فيه خلاف، أعني عمل "كان" وأخواتها في غير اسمها وخبرها.
فإن قلت: فهل يتعلّق "منه" بخبر "ليس"، ويتعلّق "على عاتقه" بصفة لـ "شيء" تقدّم فانتَصَب على الحال؟
قلت: هذا التركيب جاء على وَزَان قوله تعالى: {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} [الإخلاص: 4]، فاختار سيبويه أن يكون "كفوًا"[خبرًا مُقدّمًا]، (3)، ولم يجعل المجرور [في](4) محل الخبر (5).
واعترض عليه المبرد؛ فقال: سيبويه يختار أن يكون المجرور والظرف خبرًا إذا تقدّم، وقد تقدّم هنا، ولم يجعله خبرًا.
وأجاب مكي عن هذا الاعتراض بأنْ قال: سيبويه لم يمنع إلغاء الظرف، بل يصح أن يكون في الآية خبرًا على اختيار سيبويه، ويكون "كفوًا"[حالا](6) من النكرة، وهو "أحد"؛ لتقدّمه عليها، فلا يبقى للمُبرد على سيبويه إذن حُجّة، ووافقه
= تخصيصا، كما لو كان ظرفا أو جارا ومجرورا، كما هو الحال هنا. انظر: مختصر مغنى اللبيب (ص/ 141)، والكافية في علم النحو (ص/ 15)، نتائج الفكر في النحو (ص/315).
(1)
غير واضحة بالأصل. وفي (ب): "وانتصبت".
(2)
انظر: مغني اللبيب (ص/ 112)، وشرح شذور الذهب (1/ 358).
(3)
في الأصل: "خبر مقدم".
(4)
غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).
(5)
انظر: الكتاب (1/ 56).
(6)
بالنسخ: "حال".
على ذلك ابن عطيّة وأبو البقاء (1).
قال الزّمخشري في الجواب أيضًا عن سيبويه: الكلام العربي الفصيح يقتضي أن الظرف الذي هو لغوٌ لا يكون إلا مُؤخّرًا، ولم يأت هنا الظرف لغوًا، إنما سيق لنفي المكافأة عن ذات الباري سبحانه، وهذا المعنى مَحَطّهُ وتَرَكُّزُه هو هذا الظرف، فكان لذلك أهم شيء وأعناه وأحقّه بالتقديم وأحراه (2).
قال الشّيخ أبو حيّان: يرتفع هذا السؤال من أصله بأنّ الظرف المتقدّم على النكرة إنما يختار أن يكون خبرًا إذا صلح لذلك، نحو:"ليس فيها أحد خير منك"؛ لأنّ "فيها" يصلح أن يكون خبرًا على حدة؛ لأنّه تام، و"له" في الآية لا يصلح أن يكون خبرًا لـ"كان"، بل هو متعلّق بـ "كفوًا"، وتقدّم على "كفوًا" للاهتمام به؛ لأنّ فيه ضمير الباري تعالى. فالمجرور هنا ناقص لا يصلح أن يكون خبرًا و"كان"، وعلى هذا فيبطل سؤال المبرد وإعراب مكي وابن عطيّة وسؤال الزمخشري وجوابه، ويصحّ كلام سيبويه رحمه الله، لأنّه إنما اختار الخبرية مع التقديم في الظرف التام، لأنه مثَّل بقوله:"ما كان فيها أحد خير منك"، و"ليس فيها أحد خير منك"، إذا جعلت "فيها" مستقرًا، ولم [يجعله] (3) على حد قولك:"فيها زيد قائم"، إذا أجريت الصفة على الاسم، فإن جعلته على حد قولك:"فيها زيد قائم" أجزت الصفة ونصبت، فتقول:"ما كان فيها أحد خيرًا منك"، لأنك إذا أردت الإلغاء كان "التأخير"(4) أحسَن، وإذا أردت أن [تكون](5) مستقرًا كان تقديمه أحسَن، والتقديم والتأخير والإلغاء والاستقرار عَربي جيّد كثير. قال الله تعالى:{وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} (6)
(1) انظر: البحر المحيط (10/ 572).
(2)
انظر: تفسير الزمخشري (4/ 818، 819).
(3)
في (ب): "تجعله".
(4)
غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).
(5)
غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).
(6)
بالأصل: "لم يكن".
[الإخلاص 4]. (1)
قلت: فيتلخّص من هذا فوائد يهتدي المعرب بمنارها، ويستضيء [بنور](2) برهانها، وذلك أنّ المعرب ينظر إلى ظاهر الكلام حتى [يُساعده](3) المعنى.
ووجْه التنظير بالآية: أنّ في الحديث مجروران متقدّمان على الخبر، وهو نكرة، فمتى جعلت أحدهما [متعلقًا بالخبر](4) جعلت الآخر صفة متقدّمة حالًا، وفي الآية مجرور واسم ظاهر يصلح للخبر، ويصلح أن يكون [صفة للاسم](5) متقدّمًا حالًا، فهذا الجامع بينهما.
ثم نقول في قوله: "ليس على عاتقه منه شيء": إنَّ جَعْل الخبر في ["منه" ضعيفٌ](6)؛ لأنّ الخبر حيث تستقر الفائدة، والفائدة هنا في قوله:"على عاتقه" أقوَى، لأنها محطّ الفائدة، [إذ التقدير:"ليس] (7) شيء مستقرًا على عاتقه منه"، وعلى هذا المعنى.
وأما إن جعلت "منه" الخبر كان التقدير: "ليس شيء موجودًا على عاتقه كائنًا منه"، فيتعلّق "على عاتقه" بحال من "شيء" على أنّه صفة في الأصل، فيقتضي نفي وجوده حال وجوده على عاتقه، وليس كذلك، فترجّح الأوّل بجريانه مع المعنى.
فإن قلت: فهل يصحّ أن تكُون جملة "ليس على عاتقه" في محلّ صفة للثّوب،
(1) انظر: البحر المحيط (10/ 573، 572)، والكتاب (1/ 55، 56).
(2)
في الأصل: "بنو".
(3)
غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).
(4)
غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).
(5)
غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).
(6)
غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).
(7)
غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).