الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقَدّر العَائد مِن البيت: "إلى حيث تحجّى المأزَمَان فيه".
وعلى هذا يُقَدّر هنا أيضًا: "من حيث أنشأ فيه"، وتكون جملة "أنشأ" صفة لـ "حيث"، لا مجرورة بالإضافة. وهذا التقدير تفرّد به هذا الشيخ، وأنكَرَه عليه غيره (1)، وقد تقَدّم أيضًا كَلام "المهدوي" واستيفاء تقريره في الحديث الأول من "استقبال القبلة".
فائدة:
" حيث" تتصل بها "مَا" الشرطية، فتعمل الجزم، وكذلك:"أين"، وكذلك "مهما"؛ لأنّ أصلها:"ما ما" شَرطية وزائدة. فـ "حيث" و"أين" لا خِلافَ في اسميتهما، وإن اتصل بهما "ما".
واختلف في "مهما"؛ فقَال السّهيلي: تكُون "مهما" اسمًا إذا عاد عليها ضَمير، نحو قوله تعالى:{مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِنْ آيَةٍ} [الأعراف: 132]، وتكون حَرفًا إذا لم يَعُد (2)، كبيت زُهَير:
وَمَهْمَا تَكُنْ في امْرِئٍ مِنْ خَلِيقَةٍ
…
وَإِنْ خَالَهَا تَخْفَى عَلَى النَّاسِ تُعْلَمِ (3)
فهي هُنا حَرْف بمنزلة "أين"، لا مَوضِع لها.
(1) انظر: مغني اللبيب (ص 548).
(2)
انظر: البحر المحيط (5/ 149)، مغني اللبيب (ص 435)، الجنى الداني (ص 611، 612)، اللباب في علل البناء والإعراب (2/ 53 وما بعدها)، شرح المفصل (2/ 408)، (4/ 266، 267)، شرح القطر (ص 37)، شرح الشذور لابن هشام (ص 434)، نتائج الفكر (ص 143)، اللمحة (2/ 870)، خزانة الأدب (9/ 26)، الهمع (2/ 548).
(3)
البيتُ من الطويل، من مُعلقة زهير. وفيه:"عند امرئ". انظر: جمهرة أشعار العرب (ص 153، 178)، خزانة الأدب (9/ 26)، المعجم المفصل (7/ 409).
والعلّة في ذلك: أنّها مُركّبة مِن "ما" الشرطية و"مَا" الزائدة، كما قَال "الخليل"(1)، فتارة غلب عليها حُكْم "مَا" الأولى فتكُون اسمًا، وتارة حُكم الثانية فتكون حرفًا.
فإن قيل: يلزم ذلك "أينما" و"حيثما".
قُلنا: "الألِف" الأولى في "مهما" غُيرت لأجْل الثانية، حتى كأن "ما" الأولى ليست هذه، [وصارا](2) مُتلازمَين لا ينفَصلان بوَجْه، فمن ثَمّ جَازت مُراعَاة "مَا" الثّانية في الحرْفية، بخلاف "حيث" و"أين". (3)
*****
قوله: "حتى أهْل مَكة": حَرْفُ ابتداء، و"أهْل" مُبتدأ، و"مَكّة" مُضَافٌ إليه.
قوله: "من مَكّة": يتعلّق بفِعل مُقَدّر، خبرًا عن المبتدأ، أي:"حتى أهل مَكّة يُهلّون من مَكّة"(4). أو يُقَدّر: "حتى أهْل مكة ميقاتهم من مكّة"، فـ "ميقاتهم" مبتدأ، و"من مَكّة" خبره، والجملة خبر "أهْل".
وجاءت "حتى" هُنا على قَاعِدتها في كَوْن ما بعْدها وقَع عليه الحُكم الذي وقَع على ما قبلها، وفي كَون ما بعْدَها آخرًا لما قبلها وأقلّ منه في الكمية. وبهذا حَصَل الفَرْق بين "إلى" و"حتى"، فإنّ "إلى" تجر، ويجوز أن تكُون مِن جنْس ما قبلها ومِن غير جنسه، ولا يصح أنْ تكُون "حتى" الجارة - لوجُود الخبر - ولا عاطفة؛ لوقُوع
(1) انظر: الكتاب لسيبويه (3/ 59، 60)، المقتضب (2/ 48)، شرح المفصل لابن يعيش (4/ 266)، أمالي ابن الشجري (2/ 571)، اللباب في علل البناء والإعراب (2/ 53)، اللمحة (2/ 870).
(2)
غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).
(3)
انظر: الكتاب لسيبويه (3/ 59، 60)، المقتضب للمبرد (2/ 48)، شرح المفصل لابن يعيش (4/ 266).
(4)
انظر: عمدة القاري للعيني (9/ 144).