الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويجري في "إنْ" هنا الوجْهان المتقَدّمان، من الحذْف، ومن ضمير الأمر والشّأن. فالتقدير مع الحذف:"حتى إنّا كُنّا". والتقدير مع ضمير الأمر والشأن: "حتى إنّ الأمر والشأن كُنّا".
قوله: "من شدّة الحر": يحتمل أن يتعلّق بـ "يضع"، وجاز؛ لأنّ حَرْفي الجر مختلفي اللفظ (1).
ويحتمل أن تكون "مِن" سَببية، أي:"بسبب شدّة الحر"، أو بمعنى التعليل، أي:"لأجل". ويحتمل أن تتعلّق بحال، أي:"خائفًا من شدّة الحر". وقد يجوز تقدير غير الكون إذا فُهم المعنى.
قوله: "يضَع": أصلُه: "يوضَع". (2) وهو كـ "يقَع"، وقد تقَدّم في
الحديث الرابع
من "الإمامة" توجيه ذلك وتصريفه.
الحديث الرّابع:
[186]
: عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنهما قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ، فَرَأَى زِحَامًا وَرَجُلًا قَدْ ظُلِّلَ عَلَيْهِ، فَقَالَ:"مَا هَذَا؟ ". قَالُوا: صَائِمٌ. قَالَ: "لَيْسَ مِنْ الْبِرِّ الصِّيَامُ فِي السَّفَرِ"(3). وَفِي لَفْظٍ لِمُسْلِمٍ: "عَلَيْكُمْ بِرُخْصَةِ اللهِ الَّتِي رَخَّصَ لَكُمْ"(4).
قوله: "كَان رسُول الله صلى الله عليه وسلم في سَفَر": حرفُ الجر يتعلّق بخبر "كان"، واسمها
= وما بعدها)، شرح المفصل (4/ 532 وما بعدها، 548)، (5/ 148)، شرح الأشموني (1/ 318 وما بعدها)، شرح التصريح (1/ 327).
(1)
انظر: شرح الأشموني (1/ 161)، النحو الوافي (1/ 400 بالهامش).
(2)
انظر: شرح المفصل لابن يعيش (5/ 426)، الأصول في النحو (3/ 57)، الممتع الكبير في التصريف (ص 280)، شرح التصريف للثمانيني (ص 377)، إيجاز التعريف في علم التصريف (ص 192).
(3)
رواه البخاري (1946) في الصوم، ومسلم (1115) في الصيام.
(4)
رواه مسلم (1115).
وخبرها في محلّ معمُول القَول.
قوله: "فرأى زحامًا": معطوفٌ على "كان".
و"زحامًا": مفعول "رأى"، والرّؤية بَصَريّة؛ فيتعدى إلى واحد. (1)
والمرادُ بـ "الزّحام": "المزاحمة". قال في "الصّحاح": "زحمته" و"زاحمته". و"الزحمة": "الزحام". (2)
"ورجُلا قد ظُلل عليه": "رجلا" معطوفٌ على "زحامًا".
وجملة "قد ظُلّل عليه" في موضع صفة لـ "رجُل"، كقوله تعالى:{تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ} [البقرة: 134، 141]. (3)
وحرفُ الجر يتعلّق بـ "ظُلّل".
و"ظُلّل": مبني لما لم يُسمّ فاعله، والقَائم مقَام الفاعِل [المجرور. والمعنى] (4):"ظُلّل عليه بثوبٍ أو كِسَاء"، أي:"جُعل عليه ظِلّ". (5)
ويحتمل أن يكُون المفعولُ الذي لم يُسمّ فاعله ضَمير يعُود على "الرّجُل"، أي:"ظُلّل هو"، أي:"جُعل عليه ظِلٌّ".
وقد تعَدّى في قَوله تعالى: {وَظَلَّلْنَا عَلَيْهِمُ الْغَمَامَ} [الأعراف: 160]، أي:"جَعَلنا الغمامَ عليهم". (6) ويكُونُ التقْدير هُنا: "ظُلل بثَوبٍ عليه"؛ فيتعلق "عليه"
(1) انظر: إرشاد الساري (1/ 334)، شواهد التوضيح (ص 201، 204)، عُقود الزبرجَد (3/ 233)، شرح التسهيل (2/ 92، 93).
(2)
انظر: الصّحاح (5/ 1941).
(3)
انظر: البحر المحيط (1/ 644).
(4)
غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).
(5)
راجع: مرقاة المفاتيح (4/ 1402).
(6)
انظر: البحر المحيط (1/ 345)، التبيان في علوم القرآن (1/ 65)، المنصوب على نزع الخافض في القرآن (ص 313 وما بعدها).
بصفةٍ للمَحذُوف.
قولُه: "فقال": أي: "النبي صلى الله عليه وسلم": "ما هذا؟ ": "ما" مبتدأ، والخبر "هذا"، والجملة معمُولة للقَول.
ووَقَع السّؤالُ بـ "ما" الواقعة على ما لا يَعْقِل؛ لأنّه أراد الزحام والتظليل والرجُل، فاختَلَط مَن يعْقِل بما لا يَعقِل. (1)
ووَقَع الجوابُ بقولهم: "صَائمٌ"؛ ليُطّابق السّؤالَ، فهو خبرُ مُبتدأ محذوف، أي:"هو صَائمٌ".
وتقَدّم في الحديث السّابع من "الصّيام" قبل هَذا [المواضِع](2) التي يجب فيها حذفُ المبتدأ، والمواضع التي يجُوزُ حَذْفه فيها.
وتقدّم حُكمُ حذف الموصُوف في الثاني من "التيمّم".
قوله: "قال النبي صلى الله عليه وسلم: ليس من البرّ الصّيام": "ليس" واسمها وخبرها، الخبرُ تقَدّم في المجرور (3)، وبه يتعَلّق حَرْف الجر. و"في السّفر": يتعلّق بـ "الصّيام". وتقَدّم الكَلامُ على "ليس" في الأوّل من "الحيض".
قوله: "ولمسْلم": حَرْفُ الجرّ يتعَلّق بمُقَدّر، أي:"وَجَاء لمسلم" أو "رُوي لمسلم".
(1) انظر: البحر المحيط لأبي حيان (1/ 581)، مرقاة المفاتيح (4/ 1402)، أوضح المسالك (1/ 155)، شرح الكافية الشافية (1/ 277)، شرح المفصل (2/ 405، 406)، شرح التصريح (2/ 485).
(2)
بالأصل: "الموضع". والمثبت من (ب).
(3)
لأنّ الخبر هو قوله: "من البر".
و"اللام" تُسَمّى "لام النّسْبة"، كَما تقُول:"لزَيدٍ [عَمٌّ] (1) ". (2)
وتكُونُ جملة "عليكُم برُخْصَةِ الله" فاعِل "جاء" على الحكاية، أو مفعول "رُوي" على الحكاية أيضًا.
قوله: "عليكم برُخْصَة الله": المرادُ بـ "عليكم" هُنا الإغراء.
وهي اسمُ فِعْل. [وأسْماءُ](3) الأفعَال بحَسب ما تكُون له، إن كان الفعلُ مُتعدّيًا فهي مُتعدّية، وإن كان لازمًا كانت لازمة. (4)
فههنا وقع "عليكم" في موضع "الزموا"، وهو مُتعدّي، أي:"الزموا رُخصة الله"، ثم دخلت "الباء" للتقوية في التعدية.
[أو](5) تقُول: "عليكُم" اسم لـ "خُذوا"، فتعَدّى بـ "الباء" كذلك، أي:"خُذوا برُخصة الله، وتمسّكُوا بها".
و"الكاف" في موضع جَر؛ لأنّ اسمَ الفِعْل هو الجارّ والمجرور جميعًا. (6)
(1) بالنسخ: "عمرو". والمثبت من المصادر. وفي بعض المصادر: "لزيد عَم هُوَ لعَمْرو خَال". وانظر: البحر المحيط (1/ 33)، شرح التصريح (1/ 645)، الجنى الداني (ص 97)، همع الهوامع للسيوطي (2/ 452).
(2)
انظر: البحر المحيط (1/ 33)، تفسير الشعراوي (13/ 799)، الإعلام لابن الملقن (7/ 162)، شرح التسهيل (3/ 144 وما بعدها)، الجنى الداني (ص 97)، شرح الأشموني (2/ 77)، شرح التصريح (1/ 645)، توضيح المقاصد والمسالك (2/ 754)، همع الهوامع (2/ 451، 452)، جامع الدروس العربية (3/ 183).
(3)
غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).
(4)
انظر: شرح المفصل (3/ 3 وما بعدها)، توضيح المقاصد (3/ 1168)، شرح الأشموني (2/ 100 وما بعدها)، همع الهوامع (3/ 102 وما بعدها).
(5)
غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).
(6)
انظر: تفسير الإيجي (1/ 503).
قَالَ أبو حيّان في قوله تعَالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ} [المائدة: 105]: إغراءٌ، وهو اسمٌ للفِعْل. [وإن](1) كَان الفِعْلُ مُتعدّيًا كَان اسمه مُتعدّيًا، وإلا كَان لازمًا. و"عليكُم" هُنا اسم لـ "الزم"، وهو مُتعَدّ. و"أنفسكم" مفعولٌ به. ويجوز أن يُؤتى بالضّمير المنفَصِل أيضًا، فتقُول:"عليك إيّاك". (2)
و"الكاف" في مَوضِع جَر؛ لأنّ اسمَ الفعل هو الجارّ والمجرور. (3)
و"على" لم تُستعمَل وحْدها اسم فِعْل، بخلاف "رويدكم"؛ فإنّ "الكاف والميم" هناك حَرف للخِطاب فقط، لا مَوْضِعَ لها؛ لأنّ "رويد" قد استُعملت اسمًا للأمر للمُواجهة من غير [كاف](4) الخطَاب.
وقيل في "عليك" و"رُوَيد" و"صَه" و"هَيْهات ذلك": إنّ مَوضِعها نَصْب، لأنّها عبارة عَن [لَفْظ](5) الفِعْل، فأشبهت المصَادر النائبة عن الفعل. (6)
وزَعَم بعضُهم أنّ مَوضِعها رَفْعٌ بالابتداء، وقَد سَدّ فاعِلُها مسَدّ الخبر.
وعلى هذا: في "عليك" ضَميران، مُستَكِنّ مَرفُوع، وبارز مجرور، فإذا جئت بتَابع؛ جَاز رَفعه حملًا على ضَمير الفَاعِل، كقَولك:"عليكُم أجمعون" رفعت حملًا على الفَاعِل، و"عليكُم أجمعين" حملًا على "الكَاف". (7)
ويحتمل أنْ يكُون قولُه هُنا "عليكُم برُخْصَة الله" فيه مفعُولٌ محذُوفٌ، أي:
(1) غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).
(2)
انظر: البحر المحيط (4/ 388)، (6/ 49).
(3)
انظر: تفسير الإيجي (1/ 503).
(4)
غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).
(5)
غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).
(6)
انظر: البحر المحيط (4/ 388)، (6/ 49)، اللباب في علوم الكتاب (7/ 558)، الدر المصون (4/ 451)، تفسير القرطبي (20/ 12).
(7)
انظر: البحر المحيط (4/ 388)، (6/ 49).