الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التلبية تلبية عُمْرَة".
وتقَدّم الكَلامُ على جَعَلَ في الحديثِ الرّابع مِن الكتاب.
الحدِيث الثّالِث:
[239]
: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَباسٍ قَالَ: قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابُهُ صَبِيحَةَ رَابِعَةٍ، فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَجْعَلُوهَا عُمْرَةً.
فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ الحِلِّ؟ قَالَ:"الْحِلُّ كُلُّهُ"(1).
قولُه: "صَبيحة رابعة": يُريد "صَبيحة ليلة رابعة".
وقد اختُلِف في الوَقْت الذي أمَرَهم النّبي صلى الله عليه وسلم فيه بالفَسْخ.
فقال القَاضي: الذي تدُلُّ عليه النّصُوص في "صَحيح البخاري" و"مُسلم" وغيرهما أنّ ذلك بعد إحرامهم بالحَج ومُنتهى سَفرهم ودنوهم مِن مَكّة بـ "سرِف" على ما في حَديث عَائِشَة (2)، وبعد طوافه بالبيت وسَعيه على ما في حَديثِ جَابر (3). ويحتمل [تكراره](4) الأمْر بذلك بالموضعين. (5)
وقَالَ الإمامُ المازري: يحتمل أنْ يكُون ذَلك عِنْد الإحْرَام؛ ليكُون مَا فَعَلُوه قِرانًا، أو بعد إحرامهم بالعُمْرة؛ فيكُون ذلك إرْدَافًا. (6)
قولُه: "صَبيحة رَابعة": يُريد به "مِن الشهر"، فـ "صبيحة رَابعة" منصُوبٌ على
(1) رواه البخاري (1564) في الحج، ومسلم (1240) في الحج.
(2)
صحيح البخاري (1560).
(3)
صحيح مسلم (1213/ 136).
(4)
بالأصل: "تكراه". وفي (ب): "تكرار".
(5)
انظر: إكمال المعلم للقاضي عياض (4/ 237).
(6)
انظر: المُعْلم للمازري (2/ 81)، إكمال المعلم (4/ 236، 237).
الظّرف، والعَامِلُ فيه:"قَدِم". وجملة "قَدِم" معمُولَة للقَول.
و"أصْحَابه": مَرفُوعٌ، معطُوفٌ على "رَسُول اللَّه"، ويجُوز فيه النّصب على أنَّه مفعُولٌ مَعه.
قوله: "فأمَرَهُم أنْ يجعلوها عُمرة": تقَدّم الكَلامُ على "أمَر" في أوّل "باب السّواك". و"أنّ" في محلّ نَصب بـ "أمَرَ"، أو جَر، على الخِلاف. وعَلامَةُ النصب في " [يجعلوها] (1) حَذفُ "النون".
ويحتَمل أنْ تكُون "جَعَلَ" بمَعنى "صَيّر"؛ فتكُون "عُمْرَة" خَبرهَا. ويحتَمل أنْ تكون بمَعْنى "سَمّى"، أي: ("أمَرَهُم أنْ يُسَمّوهَا عُمْرَة". وقَد تقَدّم الكَلام على "جَعَلَ" في الرّابع مِن أوّل الكِتَاب.
قوله: "قَالُوا: يا رَسُولَ اللَّه، أيّ الحِلّ": أي: "قَالَ أصْحَابُه المحْرِمُون بالحَجّ. . . ". و"أيّ الحِلّ؟ " يجُوزُ فيه الرّفعُ على الابتِدَاء، والخبرُ محذُوفٌ، أيْ:"أيّ الحِلّ نُحِلّه".
ويكُون قَوله: "الحِلّ كُلّه" مُبتَدأ خَبره محْذُوفٌ، أي:"الحِلّ كُلّه أَحِلُوا"، ويكون "كُلّه" تأكيدًا للحِلّ. أو تُقَدّر له مُبتدأً، أي:"هُو الحلُّ كُلّه". ويجوزُ النّصبُ، أي:"أحِلّوا الحِلّ كُلّه".
ويجوز أيضًا على المصدَر، أي:"أيّ الحِلّ نُحِلّ؟ "؛ لأنّ "أيًّا" إِذَا أضيفت إِلَى المصْدَر انتصبت [انتصابه](2)، فأعربت مَصْدرًا، وكذلك إِذَا أُضيفت إِلَى مَكَان كانت مَكانًا، أو إِلَى زَمَان كَانت زَمَانًا (3).
(1) بالنسخ: "يجعلونها".
(2)
غير واضحة بالأصل. وفي (ب): "النهاية".
(3)
انظر: ضياء السالك (4/ 46)، جامع الدروس العربية (2/ 204).