الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث [الثّالث](1) عشر:
[166]
: عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: "لَيْسَ مِنَّا مَنْ ضَرَبَ الْخُدُودَ، وَشَقَّ الْجُيُوبَ، وَدَعَا بِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ"(2).
قوله: "ليس منا من ضرب الخدود": "مَنْ" موصولة بمعنى "الذي"، و"ضرب" في محل الصلة، والعائد ضمير الفاعل، والصّلة والموصول في محل رفع [اسم](3)"ليس".
و"ليس" من أخوات "كان"، تقدّمت في الحديث الأول من "الحيض". وتجيء حرفًا بمعنى "ما"، تقول:"ليس زيد إلا قائم".
قال ابنُ مالك في قول ابن عمر رضي الله عنه: "كَانَ المسْلِمُون حِينَ قَدِمُوا المدِينَةَ يجتَمِعُون فيتَحيّنُون الصّلَاة، لَيْس يُنَادَى لهَا"(4): دليل على حرفية "ليس"، فلا يكون لها اسم ولا خبر.
وأشار إلى ذلك سيبويه، قال بعضُ العرب:"ليس الطيب إلا المسكُ"، بالرفع، وأجازوا في قولهم:"ليس خلق الله مثله"، حرفية "ليس" وفعليتَها، على أن يكون اسمُها ضميرَ الشأن، والجملة بعدها خبر.
قال: وإن جُوِّز الوجهان في "ليس" فغير ممتنع.
قال: وقد تستعمل "ليس" للنفي العام المستغرق به الجنس، وهو ممَّا يُغفل عنه.
(1) في النسخ: الثاني، وذكر سبب التغيير عند الحديث السادس من الباب.
(2)
رواه البخاري (1294) في الجنائز، ومسلم (103) في الإيمان.
(3)
في النسخ: "خبر ليس"، والصواب ما أثبتناه، ولعله سبق قلم.
(4)
صحيحٌ: رواه البخاري برقم (604)، من حديث ابن عمر.
قلت: يريد أنها تكون مثل "لا" في نفي الجنس.
ومثل ذلك: قوله صلى الله عليه وسلم: "لَيْسَ صَلَاةٌ أَثْقَلَ عَلَى المُنَافِقِينَ مِنَ الفَجْرِ وَالعِشَاءِ"(1). ومثله: قوله تعالى: {لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ} [الغاشية: 6]
ولك أن تجعل اسم "ليس" في قولهم: "ليس هذا أريد"، ضميرَ الأمر والشأن و"أريد" خبرًا، و"هذا" مفعول مقدّم.
أو تجعل "هذا" اسمها، و"أريد" خبرها.
ولك أن تجعل "ليس" حرفًا لا اسم لها ولا خبر (2).
إذا ثبت ذلك: فـ"ليس" هنا العاملة، واسمها "مَن" الموصولة، كما تقدَّم.
و"الخدود"" جمع "خَدّ" (3)، فإن كانت الألف واللام للجنس صحَّ معنى الجمع، وإن كان المراد ما يقع عليه من كل فرد فالخدود تثنية في المعنى دون اللفظ، نحو قوله عليه الصلاة والسلام: "إِزْرَةُ المُؤْمِنِ إِلَى أَنْصَافِ سَاقَيْهِ" (4)، ومنه: {وَأَطْرَافَ النَّهَارِ} [طه: 130]، وقول العرب: "شابت مفارقُه" (5).
وقوله: "وشقّ الجيوب": فيه ضم "الجيم" وكسرها، قراءتان ولغتان، جمع
(1) صحيح: البخاري (657)، من حديث أبي هريرة.
(2)
انظر: شواهد التوضيح (ص 199، 200).
(3)
انظر: لسان العرب (3/ 160).
(4)
صحيح: رواه ابن ماجه (3573)، والنسائي في الكبرى (9626)، من حديث أبي هريرة. وصححه الألباني في "صحيح الجامع الصغير وزيادته"، برقم (919).
(5)
هذه مسألة استعمال كل من ألفاظ المفرد والمثنى والجمع للدلالة على غير ما وضع له، والأصل في كلام العرب دلالة كل لفظ على ما وضع له، فيدل المفرد على المفرد، والمثنى على اثنين، والجمع على جمع، وقد يخرج عن هذا الأصل بضوابط. انظر: همع الهوامع (1/ 194 - 196).