الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال الشّيخ تقيّ الدّين: المختار فتح "التاء" في "تجزي"؛ لأنّه بمعنى "تقضي"، يُقال:"جَزَى عني كذا"، أي:"قضى"، وذلك أنّ الذي فَعَله لم يقَع نُسكًا، فالذي يأتي به لا يكُون قضاء عنه (1).
الحدِيث الثّالِث:
[142]
: عَنْ جُنْدُبِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْبَجَلِيِّ رضي الله عنه قَالَ: صَلَّى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ النَّحْرِ، ثُمَّ خَطَبَ، ثُمَّ ذَبَحَ، وَقَالَ:"مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ فَلْيَذْبَحْ أُخْرَى مَكَانَهَا، وَمَنْ لَمْ يَذْبَحْ فَلْيَذْبَحْ بِاسْمِ اللهِ"(2).
قوله: "يوم النحر": العاملُ فيه: "صلى".
وجملة "صلى" في محلّ معمول بالقول. و"قال" في محلّ معمول [متعلّق](3) حرف الجر، بتقدير:"أنه قال".
قوله: "خَطب ثُم ذَبح": "ثم" للترتيب والمهلة. وتقدّم الكلام عليها في ["باب](4) الجنابة"، وبذلك حصل الترتيب بين الخُطبة والذَّبح. وتقدّم القول على "خطب" في الحديث الرّابع من "باب الجمعة".
قوله: "وقال": جاء العطف بـ "الواو" المقتضية للجمع من غير ترتيب؛ لأنّه أراد الإخبار، وقد يستدلّ بوقوعها هنا مُرتّبة على أنها للترتيب، وهو مذْهَب الكوفيين (5).
(1) انظر: إحكام الأحكام (1/ 343).
وراجع: شرح القسطلاني (8/ 305)، وأساس البلاغة (1/ 136).
(2)
رواه البخاري (5562) الأضاحي، ومسلم (1960) في الأضاحي.
(3)
غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).
(4)
في الأصل: "الباب".
(5)
ذكر ابن هشام أن هذا مذهب بعض الكوفيين وليس جميعهم. انظر: شرح قطر الندى =
قوله: "مَن ذبح قبل أن يُصلي": "مَنْ" شرطية، محلّها رفع بالابتداء، وتقدّم الكلام عليها في مواضع، فلتُنظر في الرّابع من أوّل الكتاب.
قوله: "فليذبح أخرى": "الفاء" جواب الشرط، و"اللام" لام الأمر، وتقدّمت "لام" الأمر في الرّابع من الأوّل. و"أخرى" صفة لمحذوف تقديره: شاة أخرى. و"أخرى": تأنيث "آخر"، و"أَأْخَر" أفعل التفضيل، فهو لا ينصرف للصّفة والوزن، و"أخرى" لا تنصرف للتأنيث اللازم.
قال ابنُ هشام: "أخر" في نحو: "مررت بنسوة أُخَر" جمع لـ "أخرى"، و"أخرى" تأنيث "آخر" بالفتح، بمعنى "مغاير"، وهو من باب اسم التفضيل، واسم التفضيل قياسه أن يكون في حالة تجرّده من "ال" والإضافة مُفردًا مُذكّرًا، نحو:{لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ} [يوسف: 8]، ونحو:{قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ} إلى قوله: {أَحَبَّ} [التوبة: 24]، فكان القياس أن يُقال:"مررت [بآخر"] (1)، و"بنساء آخر"، و"برجال آخر"، و"برجلين آخر"، ولكنهم قالوا:"أُخرى"، و"أُخَر"، و"آخرين"، قال الله تعالى:{فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى} [البقرة: 282]، {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: 184]، {وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا} [التوبة: 102]، {فَآخَرَانِ يَقُومَانِ} (2) [المائدة: 107]، فهذا هو حقيقة العَدْل عن صيغته الأصليّة (3).
وإنما خصّ النحويون "آخر" بالذّكر: لأنَّ في "آخر" وزن الفعل، وفي "أخرى" ألِف التأنيث، وهما أوضَح من العَدْل.
وأمَّا "آخِرون" بكسر "الخاء"، و"آخِران" فمعربان.
= (ص 302)، وشرح الكافية الشافية (3/ 1206).
(1)
في الأصل: "اخر". والمثبت من (ب).
(2)
بالأصل: "وآخران".
(3)
انظر: شرح قطر الندى (316).
وإن كانت "أخرى" بمعنى: "آخِرة"، نحو:{وَقَالَتْ أُولَاهُمْ لِأُخْرَاهُمْ} [الأعراف: 39] جمعت على "أُخر" مصروفًا؛ لأنَّ مُذكّرها "آخِر" بالكسر، بدليل:{وَأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الْأُخْرَى} [النجم: 47]، {ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ} [العنكبوت: 20]، فليست من باب اسم التفضيل (1).
قوله: "مكانها": ظرفُ مكان.
قال في التسهيل: "مكان" كثير التصرف، لا بمعنى "بدل"(2).
يعني: أنها إذا كانت بمعنى "بدل" تنزلت منزلة "غير"، وهذا المعنى هنا، فيكون صفة لـ "أخرى"، أو بَدَل، أو صفة لـ "شاة" المحذُوف.
وسُمّي "المكان" مكانًا: لتمكُّن الجسم فيه وثبُوته، ووزنُه:"فَعال"، لقولهم:"أمكنة"، فـ "الميم" أصل، و"الألِف" زائدة (3).
قوله: "ومَن لم يَذبَح فليَذْبح": "لم" تقدَّم الكَلام عليها في الثّالث مِن "المذي"، وفي الثّالث من "الجنَابة"، وهي لنفي الزّمان الماضي المنقِطع من زَمَان الحال، والجوابُ جاء مُستقبلًا على قاعدته. و"يذبَح" مجزوم بـ "لم"، لا بـ "مَن"، لأنَّ ["لَم"](4) لا تدخُل إلَّا على الفعل المستقبل، و"مَن" تدخُل على الماضي. وذَهَب بعضهم إلى أنّ التنَازع يقَع في سَائر العَوامِل (5)، والصّحيح الأوّل.
قوله: "باسم الله": حرفُ الجر يتعلّق بحَال، أي:"قائلًا بِاسْمِ الله"، أو "مُتبرّكًا
(1) انظر: شرح التصريح (2/ 327، 328).
(2)
انظر: تسهيل الفوائد (ص 96)، وشرح التسهيل (2/ 229، 230).
(3)
انظر: لسان العرب (13/ 414)، والعين (5/ 520).
(4)
في الأصل: "لا".
(5)
انظر مسألة أنواع وشروط العاملين المتنازعين في باب التنازع في: حاشية شرح ابن عقيل لألفية ابن مالك (2/ 157 - 159).