الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقوله: فالجواب إنما هو للقسَم يدلّ على أن الجواب ليس لـ "إنْ".
وقوله: لكن أحد الحرفين يقع موقع الآخر، لا يصلح أن يعلّل به قوله: إن الجواب للقسم، بل يصلح تعليلًا لكون الجواب لـ "إنْ".
وقوله: هذا مذهب سيبويه، ليس في كتابه إلا أن "ما تبعوا" جواب القسم، ووقع فيه الماضي موقع المستقبل.
قال: وقالوا: "لئن فعلت ما فعل"، يريد معنى:"ما هو فاعل"، و"ما يفعل"(1)، وقال تعالى:{وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ} [فاطر: 41]، أي:"ما يمسكهما"(2).
قوله: "وفي لفظ" أي: "وجاء في لفظ"، ويكون الفاعل جملة، فاستُعمل على الحكاية. وإنْ قَدَّرت:"وروي في لفظ" كانت الجملة في محل ما لم يسم فاعله.
الحديث الرابع:
[148]
: عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ قَالَ: خَسَفَتِ الشَّمْسُ على زَمَانِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَامَ فَزِعًا، يَخْشَى أَنْ تَكُونَ السَّاعَةُ، حَتَّى أَتَى الْمَسْجِدَ. فَقَامَ، فَصَلَّى بِأَطْوَلِ قِيَامٍ وركوع وَسُجُودٍ، مَا رَأَيْتُهُ يَفْعَلُهُ فِي صَلاتِهِ قَطُّ، ثُمَّ قَالَ:"إنَّ هَذِهِ الآيَاتِ الَّتِي يُرْسِلُهَا اللهُ عز وجل لا تَكُونُ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلا لِحَيَاتِهِ، وَلَكِنَّ اللهَ عز وجل يُرْسِلُهَا يُخَوِّفُ بِهَا عِبَادَهُ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ مِنْهَا شَيْئًا فَافْزَعُوا إلَى ذِكْرِ اللهِ وَدُعَائِهِ وَاسْتِغْفَارِهِ". (3)
تقدَّم الكلام على قوله: "خسفت".
قوله: "على زمان": يحتمل أن تكون "على" بمعنى "في"، كهي في قوله تعالى:
(1) انظر: الكتاب (3/ 108).
(2)
انظر: البحر المحيط (2/ 26، 27).
(3)
رواه البخاري (1059) في الكسوف، ومسلم (912) في الكسوف.
{وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ} [البقرة: 102] أي: في ملك سليمان (1).
ويحتمل أن تكون بمعنى المصاحبة، أي:"كسفت الشمس [مقارنة] (2) عهد النبي"، كما قيل في قوله تعالى:{وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ} [البقرة: 177] أي: "محبًّا"، ويكون العامل فيها:"كسف"، وإن لم يجر على ظاهر اللفظ؛ لأنك لا تقول:"كسفت الشمس مقارنة على عهد"، كما [تقرّر](3) ذلك في سائر المتعلقات، فالنظر إلى تعلق المعنى لا إلى اللفظ.
قوله: "فقام": فاعله ضمير النبي صلى الله عليه وسلم، و"فزِعًا" منصوب على الحال، ومعناه "خائفًا من قيام الساعة"، والمراد:"ذا فزَع".
ويكون "الفزع" بمعنى الاستغاثة والالتجاء، ومنه:"فَافْزَعُوا إِلَى الصَّلَاةِ"(4)، أي:"استغيثوا بها".
وجملة "يخشى" في محلّ الحال إن قلنا بتعدّد الحال (5)، وإلا فهي حال من ضمير الفاعل في "فزعًا"؛ لأن المراد:"فازعًا".
وهو من الأمثلة الخمسة على وزن "فرِح".
و"أن تكون" في محلّ نصب مفعول "يخشى"، أي:"يخشى قيام الساعة"، ويحتمل أن يكون التقدير:"من أن تكون"، فتكون "أن" في محل جر أو نصب على
(1) انظر: تفسير القرطبي (2/ 42).
(2)
بالأصل: "مقاربة". والمثبت من (ب).
(3)
غير واضحة بالأصل. وفي (ب): "تقدر".
(4)
صحيحٌ: البخاري (1046)، من حديث عائشة.
(5)
أجاز ابن مالك تعدد الحال ومنعه ابن عصفور. انظر شرح التسهيل (2/ 348، 349)، وهمع الهوامع (2/ 315).
الخلاف،
و"كان" يحتمل أن تكون التامة، بمعنى "وقع وحدث"، و"الساعة" فاعل، وتقدم الكلام على "كان" في الحديث الأول من الكتاب.
ويحتمل أن تكون الناقصة، واسمها وخبرها محذوف، أي:"تكون الساعة الآية". والإعراب ينبني على الرواية، فإن كان روي:"الساعةَ" بالنصب جاء هذا التقدير، وإلا فلا.
قوله: "حتى أتى": أي: "إلى أن أتى"، فيتعلق "حتى" بـ "مشى".
و"المسجِد": أصله ظرف، وتتعدّى إليه بعض الأفعال [مثل](1)"أتى، وجاء، ودخل"، ولا يعمل فيه إذا انتصب على الظرفية، مثل:"عمل"، و"صلى"؛ لأنَّ تقدير "في" ممتنع معها (2).
قوله: "فقام فصلى": معطوفات على "أتى"،
وحرف الجر في "بأطول": يتعلق بـ "صلى"، ويحتمل أن يتعلق بـ "قام"، والأول أقعد بالمعنى. و"الباء" للمصاحبة، أي:"صلى متلبسًا بأطول قيام".
و"أطول": أفعل التفضيل، من "طال" اللازم، وأصله:"طَوُل"، تحركت الواو، وانفتح ما قبلها؛ فقلبت ألِفًا.
وأما قولهم: "طلت زيدًا"، فأصله:"طَوُلت" بضم الواو، لا تقول:"طُلت زيدًا، فهو طويل"، فتنقل الضمة إلى "الطاء"، فتسقط الواو لاجتماع الساكنين، ولا يجوز أن تقول منه:"طلته"؛ لأن "فَعُل" لا يتعدّى، وإن أردت تَعْدِيَتَه قلت:"طوَّلته" و"أَطَلته"(3).
(1) في الأصل: "متى".
(2)
انظر: همع الهوامع (2/ 149، وما بعدها).
(3)
انظر: البحر المحيط (5/ 1753).
وتقدم الكلام على أفعل التفضيل في الحديث الأوّل من "الصلاة".
وقد جاء "أفعل" هنا مضافًا إلى نكرة، ومتى جاء هكذا وجب فيه المطابقة، نحو:"الزيدان أفضل رجلين"، و"الزيدون أفضل رجال"، و"هند أفضل امرأة".
قال أبو حيّان (1): إذا أضيف "أفعل" إلى نكرة غير صفة بقى مفردًا مذكّرًا، وطابقت النكرة ما قبلها، فتقول:"زيد [أفضل] (2) رجل".
قال: وأجاز أبو العباس: "إخوتك أفضل رجل"، بالإفراد، ومنعه الجمهور.
وإن كان صفة: فقد جاء المطابقة والإفراد، وأنشد الفرّاء:
وَإِذَا هُمْ طَعِمُوا فَأَلْأَمُ طَاعِمٍ
…
وَإِذَا هُمْ جَاعُوا فَشَرُّ جِيَاعِ (3)
قلت: اجتمع في البيت إضافة "أفعل" إلى مفرد وجمع
قال أبو حيان: والإفراد مع تقدم الجمع في الصّفة مُتأوَّل.
قال الفراء: تقديره: "ألأم مَن طعم".
وقال غيره: يُقدَّر وصفًا لمفرد يؤدي معنى جمع، أي:"ألأَمُ فريق طاعم"، حُذف الموصوف، وقامت الصفة مقامه في المعنى.
وقد تأولوا {أَوَّلَ كَافِرٍ} [البقرة: 41] بـ "مَن كفر" أو "أوّل حزب"(4)، انتهى.
وعلى هذا يكون التقدير في الحديث: "فصلى بقيام أطول"، ويبقى:"وركوع وسجود".
ويحتمل أن يكونا معطوفين على "قيام" المذكور، ويكون التقدير: "وركوع
(1) انظر: البحر المحيط (1/ 286، 287).
(2)
بالأصل: "أأفضل". وفي (ب): "لأفضل".
(3)
البيت من الكامل. انظر: اللباب في علوم الكتاب (2/ 15)، وتفسير الطبري (1/ 601)، والتفسير البسيط (2/ 436).
(4)
انظر: البحر المحيط (1/ 287).
أطول ركوع، وسجود أطول سجود".
ويحتمل أن يكونا معطوفين على "قيام" المقدر، فيكونان كالتفسير له، ويكون التقدير:"بقيام أطول قيام، وركوع وسجود أطول ركوع وسجود"، والأول أبين.
قوله: "ما رأيته يفعله في صلاة قط": الجملة في محل صفة لـ "قيام" و"ركوع" و"سجود"، وأعاد الضمير على الجنس من الفعل، أي: ما رأيته يفعل ذلك الفعل. و"في صلاة" يتعلق بـ "يفعله" ويحتمل أن يتعلق بـ "رأيته"، وفيه الخلاف الذي في التنازع.
قوله: "قط": تقدم القول على "قط" في السادس من الإمامة، وهي ظرف زمان لاستغراق ما مضى، وتختص بالنفي، ولا يجوز دخولها على فعل الحال، ولحن من قال: ما أفعلُه قط، وعلى هذا: فهي ظرف لـ "رأيته" لا لـ "يفعله"؛ لأنه مستقبل، ولأنه في محل حال من ضمير المفعول في "رأيته"، ولو كانت الرؤية علمية لكانت الجملة في محل المفعول الثاني.
قوله: "ثم قال": معطوف على "قام فصلى".
قوله: "إن هذه الآيات": الجملة من "إن" واسمها وخبرها في محل نصب بالقول، والآيات صفة لـ "هذه".
وجمع "الآيات" على الأصل الفصيح في جمع ما هو مثنى (1).
(1) انظر في التعبير عن المثنى بلفظ الجمع: البحر المحيط (4/ 254)، إرشاد الساري (1/ 286)، مرعاة المفاتيح (5/ 74)، إعراب ما يشكل من ألفاظ الحديث (ص 129، 130، 206)، شواهد التوضيح (ص 115، 116، 255، 256)، عقود الزبرجد (1/ 324، 455)، (3/ 272)، الكتاب (3/ 621، 622)، أمالي ابن الشجري (1/ 16)، (2/ 496)، شرح التسهيل (1/ 106 وما بعدها)، شرح الكافية الشافية (4/ 1787 وما بعدها)، شرح الأشموني (2/ 335 وما بعدها)، شرح =
قوله: "التي يرسلها الله": صفة للآيات.
وجملة "لا تكون لموت أحد": في محل خبر "إن"، واللام في "لموت" لام التعليل، والعطف في قوله:"ولا لحياته" بـ "الواو".
و"لا" زائدة، قد تقدَّم قريبًا الكلام عليها.
وتقدم الكلام على "أحد" في ثاني حديث من الأوّل.
و"الموت" مصدر "مات" معتل العين، أصله:"مَوت"، تحركت "الواو"، وانفتح ما قبلها، فقلبت ألِفًا.
و"الحياة" ضد "الموت"، و"الحي" ضد "الميت"(1).
وحرف الجر في "لموت" يتعلق بخبر "يكون"، واسمها ضمير "الآيات".
قوله: "ولكنَّ الله": بتشديد "النون"، حرف استدراك، وجاءت بعد نفي على الأصل، واسمها اسم "الله"، وخبرها جملة "يرسلها"، وجملة "يخوِّف" بدل منها، ويحتمل أن يكون في محل الحال من فاعل "يرسلها"، و"بها" يتعلق بـ "يخوِّف"، و"عباده" مفعول [بـ "يخوِّف"](2)
ولو روي "ولكنْ" بالتخفيف كانت حرف استدراك، ويجب رفع ما بعدها على الابتداء والخبر، وأعملها يونس.
وتقدّم الكلام على "لكنْ" المخففة في الأول من "باب الحيض"، والثاني من "الاستطابة"، وسيأتي الكلام على "لكنَّ" المشددة في السادس من "الزكاة"، وتقدّم
= المفصل لابن يعيش (3/ 210 وما بعدها)، خزانة الأدب (4/ 302)، (7/ 544 وما بعدها).
(1)
انظر: لسان العرب (2/ 91)، الصحاح (1/ 266، 267).
(2)
كذا بالأصل. وفي (ب): "يخوف".
شيء من ذلك عند ذكر الخفيفة.
قوله: "فإذا رأيتم منها شيئًا": تقدم الكلام على "إذا" في الحديث الثاني من أول الكتاب، وفعلها والعامل فيها، وتقدّم الكلام على "شيئًا" في الثاني من "باب المرور".
وجملة "عز وجل" معترضة، وجملة "فافزعوا" جواب "إذا"، وبه يتعلق "إلى ذكر الله"، و"ذِكْر" مصدر مضاف إلى المفعول، ولا يصحُّ أن يكون مضافًا إلى الفاعل بمعنى:"إلى تذكير الله لكم بآياته ودعائه لهم واستغفاره"؛ فإن الضمير هنا لله عز وجل، وكذلك يكون لمن قبله.
وقد قيل الوجهان في قوله تعالى: {قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ} [الفرقان: 77].
***