الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأجاب المخالفون عن هذا الدليل بجوابين:
الأول: أنه معارض لإطلاق النصوص، في النهي عن التصرف في المبيع قبل قبضه، فإن مطلقها يتناول العقار.
الثاني: أنه ينتقض بمن اشترى طعامًا كيلًا، وقبضه جزافًا، فقد أمن فسخ المبيع بهلاكه، ولا يجوز بيعه قبل كيله
(1)
.
دليل من قال: لا يجوز بيع كل شيء حتى يقبض
.
الدليل الأول:
(ح-105) ما رواه أبو داود الطيالسي، قال: حدثنا هشام، عن يحيى ابن أبي كثير، عن يوسف بن ماهك، عن عبد الله بن عصمة،
عن حكيم بن حزام، قال: قلت: يا رسول الله إني اشتري بيوعًا، فما يحل لي، وما يحرم علي؟ فقال لي: إذا بعت بيعًا فلا تبعه حتى تقبضه
(2)
.
[المحفوظ في إسناده أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الطعام حتى يستوفى]
(3)
.
الدليل الثاني:
(ح-106) ما رواه أبو داود، قال: حدثنا محمد بن عوف الطائي، حدثنا أحمد بن خالد الوهبي، حدثنا محمد بن إسحاق، عن أبي الزناد، عن عبيد بن حنين.
عن ابن عمر قال: ابتعت زيتًا في السوق، فلما استوجبته لنفسي، لقيني رجل، فأعطاني به ربحًا حسنًا، فأردت أن أضرب على يده، فأخذ رجل من خلفي بذراعي، فالتفت فإذا زيد بن ثابت، فقال: لا تبعه حيث ابتعته حتى
(1)
انظر الحاوي الكبير للماوردي (6/ 268).
(2)
مسند أبي داود الطيالسي (1318).
(3)
سيأتي تخريجه إن شاء الله تعالى انظر ح (231).
تحوزه إلى رحلك؛ فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن تباع السلع حيث تبتاع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم
(1)
.
[رجاله ثقات إلا ابن إسحاق فإنه صدوق، وقد انفرد الوهبي بلفظ (السلع) من قوله: نهى أن تباع السلع، ورواه غيره بلفظ: لا تبعه حيث ابتعته حتى تحوزه إلى رحلك، وهو المحفوظ]
(2)
.
(1)
سنن أبي داود (3499).
(2)
الحديث رواه ابن إسحاق، وقد صرح بالتحديث، وقد اختلف عليه في لفظه:
فرواه عنه أحمد بن خالد الوهبي، كما في إسناد الباب، والمعجم الكبير للطبراني (4782)، وشرح معاني الآثار (4/ 38)، وفي مشكل الآثار (3166) وسنن الدارقطني (3/ 13)، ومستدرك الحاكم (2/ 40)، وسنن البيهقي (5/ 314)، وذكر في لفظه:(نهى أن تباع السلع).
وخالفه غيره: فرواه إبراهيم بن سعد. كما في مسند أحمد (5/ 191)، وصحيح ابن حبان (4984) ولم يذكر لفظ السلع كما ذكر ذلك أحمد بن خالد الوهبي، بل قال إبراهيم بن سعد: لا تبعه حيث ابتعته حتى تحوزه إلى رحلك، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد نهى عن ذلك.
وهذا النص ليس فيه العموم الذي في نص أحمد بن خالد؛ وذلك أن المباع زيت، وهو من المكيلات، فقد يكون النهي عن الزيت بخصوصه؛ لأنه مكيل، فيكون دليلًا لمن قال: لا يباع المكيل والموزون إلا بعد قبضه، وقبضه بكيله أو وزنه. وإبراهيم بن سعد مقدم على أحمد بن خالد الوهبي، وقد توبع إبراهيم بن سعد في ابن إسحاق
تابعه يونس بن بكير في المعجم الكبير (4783) حيث رواه عن ابن إسحاق بلفظ إبراهيم ابن سعد. ولم يذكر لفظ السلع.
ويونس صدوق، وقد روى له مسلم متابعة.
كما رواه جرير بن حازم عن أبي الزناد به بلفظ إبراهيم بن سعد.
أخرجه الطبراني (4781)، والطحاوي في مشكل الآثار (3165)، والدارقطني (3/ 12) ولفظه: لاتبعه حتى تحوزه إلى بيتك، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك.
وهذا مطابق للفظ إبراهيم بن سعد، وليس فيه العموم الذي في نص أحمد بن خالد.
كما رواه إسحاق بن حازم، أخرجه الدارقطني (3/ 12) من طريق الواقدي، حدثنا إسحاق ابن حازم، عن أبي الزناد به، قال: بنحوه - أي بنحو لفظ جرير بن حازم، والواقدي متروك.
فتبين بهذا أن أحمد بن خالد قد تفرد بذكر السلع، فلا أراها محفوظة في الحديث، وقد رواه الطحاوي في مشكل الآثار (3161) عن علي بن شيبة، قال: حدثنا يزيد بن هارون، قال: أخبرنا محمد بن إسحاق، عن نافع، عن ابن عمر، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى أن تباع السلع حيث تشترى، حتى يحوزها التاجر الذي اشتراها إلى رحله، وإن كان ليبعث رجالًا فيضربوننا على ذلك.
وهذا الطريق وإن كان فيه ذكر السلع إلا أن الراوي له علي بن شيبة قد خالف في إسناده، حيث جعله من حديث محمد بن إسحاق، عن نافع، عن ابن عمر. ولم يجعله من مسند زيد بن ثابت. وهذا غير محفوظ، والله أعلم.