الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال: إن ذلك هبة لم يلحقها، ومن قال: تجري مجرى البيع ألحقها بأصل العقد.
الثانية: في الأخذ بالشفعة، هل يخصم الحط على الشفيع، أو يأخذها الشفيع بالثمن الأول قبل الحط، على الخلاف السابق: هل ذلك هبة، أو بيع.
أما الزيادة فقد اتفق الفقهاء على عدم إلحاقها بأصل العقد، وذلك لأن الزيادة لما كانت بعد لزوم العقد، فقد ثبت حق الشفيع بالثمن الأول قبل الزيادة، لأنه بمجرد العقد تعلق حقه بأخذ الشفعة، والزيادة حدثت بعد ذلك فلا تلزمه.
الثالثة: في الاستحقاق، فإذا استُحِق المبيعُ، وقضى به للمستحق، فمن قال: إن ذلك بيع رأى أن المشتري يرجع على البائع بالكل من أصل وزيادة، وكذلك في الرجوع بالعيب ولو أجاز المستحق البيع أخذ الكل.
ومن قال: إن ذلك هبة لم ير رجوع المشتري بالاستحقاق.
الرابعة: في حبس المبيع حتى يقبض الزيادة، أو الحط، فمن قال: إن ذلك بيع، رأى أن له حبسه حتى يقبض الزيادة، بخلاف من يرى أن ذلك هبة.
الخامسة: هل يفسد عقد الصرف بالحط أو الزيادة، فمن رأى أن ذلك في حكم البيع رأى أن عقد الصرف يفسد بالحط، أو الزيادة للربا، كأنهما عقداه متفاضلًا ابتداء. ومنع أبو يوسف صحة الزيادة فيه والحط، ولم يبطل البيع، ووافقه محمد في الزيادة، وجوز الحط على أنه هبة مبتدأة
(1)
.
الراجح من الخلاف:
الأدلة في المسألة متجاذبة، وإن كان قول الشافعية والحنابلة أقوى من قول
(1)
انظر البحر الرائق (6/ 130)، حاشية ابن عابدين (5/ 155).
الحنفية والمالكية، لأن الأصل عدم الإلحاق، ولأن القول بأن أي زيادة، أو نقص يكون تغييرًا للعقد الأول يؤدي ذلك إلى عدم استقرار التعامل، ومع ذلك فلا مانع من اعتبار القرائن، فالزيادة والحط، تارة تكون تبرعًا محضًا دون شكوى من أحد من العاقدين، فيكون ذلك من باب الإحسان، وليس من باب المعاوضة، وأحيانًا يكون ذلك مشعرًا بطلب الإقالة من العقد الأول، لادعاء الغبن، فيحاول المشتري أن يجبر النقص بزيادة الثمن، أو يحاول البائع أن يجبر ذلك بزيادة المبيع، أو الحط من الثمن، فمثل هذا فيه شبهة أن أحد الطرفين أحب أن يقيل الآخر من الالتزام الأول، وأن يجري معه عقدًا آخر برضاهما يتم فيه تعديل العقد الأول دفعًا لما يدعيه أحدهما من الغبن، فيكون مثل هذا التصرف استصلاحًا للعقد الأول، فمثل هذا لو قيل: إنه يلحق بأصل العقد لم يكن بعيدًا.
ثم وقفت على كلام للمالكية بمثل ما استحسنته، فجاء في التاج والإكليل:«وإن أشركت رجلًا في سلعة، أو وليتها، ثم حط بائعك من الثمن ما يشبه استصلاح البيع، لزمك أن تضع عمن أشركته نصف ما حط عنك، ولا يلزمك ذلك فيمن وليته. ابن القاسم: ولو حطك بائعك جميع الثمن أو نصفه، مما يعلم أنه لغير البيع، لم يلزمك أن تحط شيئًا، لا في بيع، ولا شرك، ولا تولية، ولا خيار لهم» والله أعلم
(1)
.
* * *
(1)
التاج والإكليل (4/ 492).