الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من الاستيفاء كانت من ضمانه ولكن إذا تلفت قبل تمكنه من الاستيفاء لم تكن من ضمانه»
(1)
.
وهذا الخرقي من الحنابلة رحمه الله يرى أن الصبرة المتعينة المبيعة جزافًا تدخل في ضمان المشتري بالعقد، و لا يجوز للمشترى بيعها حتى ينقلها
(2)
.
ويقول ابن تيمية: «ليس كل ما كان مضمونًا على شخص كان له التصرف فيه، كالمغصوب، والعارية.
وليس كل ما جاز التصرف فيه كان مضمونًا عليه على المتصرف، كالمالك، له أن يتصرف في المغصوب والمعار، فيبيع المغصوب من غاصبه، وممن يقدر على تخليصه منه، وإن كان مضمونًا على الغاصب، كما أن الضمان بالخراج فإنما هو فيما اتفق ملكًا ويدًا، وأما إذا كان الملك لشخص، واليد لآخر، فقد يكون الخراج للمالك، والضمان على القابض»
(3)
. اهـ
ويناقش:
غلط ابن تيمية من جعل التصرف تابعًا للضمان، واعترض عليه بمنافع الإجارة، فإنه يجوز للمستأجر أن يؤجرها، وضمانها على المستأجر ثم نقض كلامه رحمه الله بنفسه مباشرة عند الكلام على جواز إجارة العين المستأجرة بأكثر من الأجرة، فصحح العقد، وعلل ذلك بأنها مضمونة على المستأجر، فإنها إذا تلفت مع تمكنه من الاستيفاء كانت من ضمانه. فيقال: إذا كانت من ضمان المستأجر لم يصح تغليط من قال: بتلازم التصرف والضمان بمنافع الإجارة.
(1)
مجموع الفتاوى (20/ 344).
(2)
انظر مجموع الفتاوى (29/ 400).
(3)
مجموع الفتاوى (29/ 401).
وأما الاعتراض بكلام الخرقي، وهو أن الصبرة المبيعة جزافًا تدخل في ضمان المشتري بالعقد، ولا يجوز للمشتري بيعها حتى ينقلها.
هذا القول ليس محل اتفاق، فلا يعترض بالمسائل الخلافية على المخالف، وقد قال ابن عبد البر: «إجماع العلماء على أنه لو استوفاه بالكيل أو الوزن إلى آخره لجاز له بيعه في موضعه
…
»
(1)
.
فنقل ابن عبد البر إجماع العلماء على جواز التصرف قبل النقل.
وأما الاعتراض بالعارية فالراجح فيها أنها ليست مضمونة على المستعير، وأن يده يد أمانة، فإذا تصرف المعير فهي من ضمانه، فالضمان والتصرف متلازمان.
وأما الاعتراض بالعين المغصوبة، وكون الغاصب ضامنًا ويصح تصرف المالك فالكلام إنما هو فيما ملك بالمعاوضة، أما ما ملك بغير ذلك كالأمانات والغصوب، والإرث فكل ذلك يجوز له بيعه قبل قبضه، ولا تلازم فيه بين التصرف والضمان، والله أعلم.
وإذا قيل بأنه لا تلازم بين التصرف والضمان، فيقال أيضًا: لا تلازم بين النهي عن الربح فيما لم يضمن، والمنع من أصل البيع، فالنهي عن الربح أخص من النهي عن البيع، فإذا باعه بمثل، أو بأقل مما اشتراه به لم يربح فيما لم يضمن.
يقول ابن رجب في القواعد: «وأشار الإمام أحمد إلى أن المراد من النهي عن الربح ما لم يضمن حيث كان مضمونًا على بائعه، فلا يربح فيه مشتريه، وكأنه حمل النهي عن الربح على النهي عن أصل البيع؛ لأنه مظنة الربح.
(1)
التمهيد (13/ 343).