الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[م-286] وإذا كان الراجح في الدم طهارته، وجواز الانتفاع به في حال الاضطرار بنقله من شخص لآخر فهل يجوز بيعه؟
وقد نقل الإجماع على تحريم ثمن الدم ابن المنذر
(1)
، وابن عبد البر
(2)
، وابن حجر
(3)
، وغيرهم.
وقال ابن قدامة: «ولا يجوز بيع الخنزير، ولا الميتة، ولا الدم، قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على القول به»
(4)
.
ومستند الإجماع:
(ح-171) ما رواه البخاري في صحيحه من طريق شعبة،
عن عون بن أبي جحيفة، قال: رأيت أبي اشترى عبدًا حجامًا، فأمر بمحاجمه، فكسرت، فسألته، فقال: نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ثمن الكلب، وعن ثمن الدم
…
الحديث
(5)
.
[م-287] وقد اختلف في المراد بالنهي عن ثمن الدم:
فقيل: المراد بالنهي عن ثمن الدم النهي عن أخذ أجرة الحجامة، ثم اختلفوا هل النهي للكراهة، أو أنه قد نسخ، وسيأتي الكلام على كسب الحجام إن شاء الله تعالى
(6)
.
وقد رد هذا التفسير ابن عبد البر في التمهيد، فقال: «نهيه صلى الله عليه وسلم عن ثمن الدم ليس من أجرة الحجام في شيء، وإنما هو كنهيه عن ثمن الكلب، وثمن الخمر،
(1)
الإجماع (ص: 114).
(2)
التمهيد (4/ 144).
(3)
فتح الباري (4/ 427).
(4)
المغني (4/ 174)، وانظر أحكام القرآن لابن العربي (1/ 323)،
(5)
صحيح البخاري (2238).
(6)
انظر فتح الباري (4/ 427)، وعمدة القارئ (11/ 204) و (22/ 68).
والخنزير، وثمن الميتة ونحو ذلك، ولما لم يكن نهيه عن ثمن الكلب تحريمًا لصيده، كذلك ليس تحريم الدم تحريمًا لأجرة الحجام؛ لأنه إنما أخذ أجرة تعبه وعمله»
(1)
.
وقيل: المراد بالنهي عن ثمن الدم النهي عن بيع الدم، وهو السائل المعروف
(2)
.
والنهي عن بيعه إما لنجاسته عند من يحرم بيع كل شيء نجس كالمالكية
(3)
، والشافعية
(4)
، والحنابلة
(5)
.
وإما لأن الدم ليس بمال عند من يجيز بيع النجس إذا جرى تموله والانتفاع به كالحنفية
(6)
.
أو لأن الآدمي محترم، وبيعه فيه ابتذال له، وإهانة لكرامته، كما علل الحنفية تحريمهم لبيع عظم الآدمي، مع القول بطهارته
(7)
.
أو لأن الشارع إذا حرم على قوم أكل شيء، حرم عليهم ثمنه.
ويستثنى من النهي عن بيع الدم ما استثني من تحريم أكله، وهو الكبد والطحال.
(1)
التمهيد (2/ 224).
(2)
انظر عمدة القارئ (11/ 204) و (22/ 68).
(3)
جاء في التاج والإكليل (6/ 57): «يشترط فيه - يعني في المعقود عليه - كونه طاهرًا، فيحرم بيع النجس .. » . وانظر مواهب الجليل (4/ 258)،
(4)
نص الشافعي في الأم على تحريم الدم (3/ 13).
(5)
مطالب أولي النهى (4/ 382).
(6)
جاء في بدائع الصنائع (5/ 141): «ولا ينعقد بيع الميتة والدم؛ لأنه ليس بمال» . قال في البحر الرائق (5/ 279): «ولم ينعقد بيع ما ليس بمال متقوم كبيع الحر
…
والميتة والدم
…
».
(7)
بدائع الصنائع (5/ 142).
لحديث ابن عمر: «أحلت لنا ميتتان ودمان
…
» وسبق تخريجه
(1)
.
والمقصود من غير الآدمي.
* * *
(1)
سبق تخريجه في كتابي موسوعة أحكام الطهارة (النجاسة)(13/ 243) رقم: 1584.