الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الرابع
شروط بيع التولية والشركة
[م -258] جمعت شروط التولية مع الشركة؛ لأن بينهما ارتباط في الأحكام كما قدمت سابقًا، وذلك لأن الإشراك تولية لكنه تولية في بعض المبيع بقسطه من الثمن، ولذلك ما يشترط في أحدهما يشترط في الآخر:
الشرط الأول: أن يكون الثمن في البيع الأول معلومًا.
أما اشتراط العلم بالثمن الأول فقد وقع خلاف بين الجمهور والمالكية.
فذهب الجمهور إلى اشتراط أن يكون الثمن في البيع الأول معلومًا للمشتري الثاني.
واحتجوا:
بأن العلم بالثمن شرط في صحة البيع، وبيع التولية يعتمد على أساس الثمن الأول، فإذا لم يعلم الثمن الأول فالبيع فاسد؛ إلا أن يعلم في المجلس، ويرضى به، فإذا لم يعلم المشتري حتى افترقا بطل العقد؛ لتقرر الفساد
(1)
.
(1)
انظر في مذهب الحنفية: بدائع الصنائع (5/ 220)، البحر الرائق (6/ 125)، الجامع الصغير (ص: 348)، وقال في تبيين الحقائق (4/ 79): «ومن ولى رجلًا شيئًا بما قام عليه، ولم يعلم المشتري بكم قام عليه فسد البيع؛ لجهالة الثمن جهالة تفضي إلى المنازعة، قال رحمه الله: ولو علم في المجلس خير؛ لأن جهالة الثمن فساد في صلب العقد، إلا أنه في مجلس العقد غير متقرر؛ لأن ساعات المجلس كساعة واحدة، دفعًا للعسر، وتحقيقًا لليسر، فصار التأخير إلى آخر المجلس عفوًا كتأخير القبول إلى آخر المجلس
…
».
وفي مذهب الشافعية انظر: مغني المحتاج (2/ 76)، السراج الوهاج (ص: 194)، حواشي الشرواني (4/ 424)، روضة الطالبين (3/ 527)، مغني المحتاج (2/ 76)، حاشية الجمل (3/ 177).
وفي مذهب الحنابلة: انظر كشاف القناع (2/ 229)، المبدع (4/ 102)، زاد المستقنع (ص: 109)، المحرر (1/ 330)، شرح منتهى الإرادات (2/ 52).
واختار المالكية جواز بيع التولية إذا لم يعلم بالثمن بشرط أن يكون له الخيار إذا علم بالثمن، بخلاف البائع، فلا خيار له
(1)
.
(2)
.
الشرط الثاني: هل يشترط أن يكون الثمن من المثليات.
[م -259] لم يختلف العلماء في جواز بيع التولية والشركة إذا كان الثمن مثليًا كالنقود، والمكيل، والموزون، واختلفوا فيما إذا كان الثمن قيميًا:
(1)
الخرشي (5/ 169)، التاج والإكليل (4/ 487)، الشرح الكبير (3/ 158)، مختصر خليل (ص: 188)، حاشية الدسوقي (3/ 158).
(2)
التاج والإكليل (4/ 487)، ولم أقف على هذا النص في المدونة، وإن كان معناه موجودًا، لكن ليس عن مالك، جاء في المدونة (4/ 84):«قلت: أرأيت إن اشتريت سلعة: عبدًا، أو غيره، فلقيت رجلًا، فقال لي: ولني السلعة بالثمن الذي اشتريتها به، ولم أخبره بالثمن الذي اشتريتها به. فقلت: نعم قد وليتك ثم أخبرته بالثمن أترى البيع فاسدًا أو جائزًا في قول مالك؟ قال: لا أحفظ عن مالك في هذا شيئًا بعينه ولكني أرى المشتري بالخيار إذا أخبره البائع بما اشتراها به، إن شاء أخذ وإن شاء ترك، وإن كان إنما ولاه على أن السلعة واجبة له بما اشتراها به هذا المشتري، من قبل أن يخبره بالثمن، فلا خير في ذلك، وهذا من المخاطرة، والقمار فإذا ولاه، ولم يوجبه عليه، كان المبتاع فيه بالخيار» .
فقيل: يجوز البيع تولية إن كان العرض قد انتقل إلى ملك المشتري، فإن كان العرض لم ينتقل إلى ملك المشتري فمنعه الحنفية مطلقًا
(1)
.
وأجازه الشافعية بشرط أن يقول: قام علي بكذا، وينص على العرض، ولا يقتصر على ذكر القيمة، فيصح.
جاء في أسنى المطالب: «يشترط في التولية كون الثمن مثليًا، ليأخذ المولى مثل ما بذل، فإن اشترى بعرض لم يصح أن يوليه أي العقد، إلا من انتقل العرض إليه ملكًا»
(2)
.
وقال في مغني المحتاج: «إذا قال: وليتك هذا العقد
…
لزمه مثل الثمن جنسًا وقدرًا، وصفة، أما إذا اشتراه بعرض
(3)
، فإن عقد التولية لم يصح إلا ممن ملك ذلك العرض. نعم لو قال: قام علي بكذا، وقد أوليتك العقد بما قام علي
…
صح»
(4)
.
وفي فتاوى الرملي: «سئل عمن اشترى بعرض، وقال: قام علي بكذا، وقد وليتك العقد بما قام علي .... هل يصح أو لا؟ فأجاب: نعم تصح التولية إذا أخبر بشرائه بالعرض وبقيمته معًا
…
»
(5)
.
وتكلم المالكية في المسألة، ولكن من خلال بيع المرابحة، ولا أعتقد أن الحكم يختلف عنه في بيع التولية، لأن الكلام في الثمن، والحكم واحد في
(1)
بدائع الصنائع (5/ 221)، البحر الرائق (6/ 118).
(2)
أسنى المطالب (2/ 91)، وانظر تحفة المحتاج (4/ 425)، حاشية الجمل (3/ 177 - 178).
(3)
في المطبوع (بعوض) وهو خطأ.
(4)
مغني المحتاج (2/ 76)، وانظر فتح الوهاب (1/ 304)، حاشية الجمل (3/ 178)، تحفة المحتاج (4/ 428).
(5)
فتاوى الرملي (2/ 148)
بيوع الأمانة، والله أعلم فانظر إلى كلامهم في المسألة في شروط بيع المرابحة.
وأجاز الحنابلة أن يكون الثمن عرضًا.
(1)
.
فظاهر هذا النص أن الخيار إنما ثبت لكونه لم يخبر بواقع الحال، فلو كان الخبر صحيحًا، وقد اشتراه بعرض، وباعه بما أخبر به، فالبيع صحيح، ولا خيار للمشتري.
الشرط الثالث: صحة العقد الأول.
يشترط أن يكون العقد الأول صحيحًا فإن كان فاسدًا لم يجز بيعه تولية؛ لأن التولية بيعه بالثمن الأول، فهو قائم على تقدير صحة البيع الأول، فإذا فسد البيع الأول لم يفد الملك عند الشافعية والحنابلة.
ومن قال: إنه يفيد الملك أو شبهة الملك كالحنفية والمالكية بشرطه
(2)
، فإنه قال: يثبت الملك فيه بالقيمة، وليس بالثمن، وهذا لا يتفق مع مقتضى عقد بيع التولية، القائم على صحة الثمن الأول.
وانظر شروط بيع المرابحة، فسوف نتناول فيه هذا الشرط بشيء من التفصيل.
* * *
(1)
المغني (4/ 134).
(2)
اشترط الحنفية أن يتم القبض فيه بإذن البائع، واشترط المالكية مع القبض فوات الرجوع، انظر نظر بدائع الصنائع (5/ 223). المبسوط (13/ 22 - 23)، تبيين الحقائق (4/ 61)، العناية شرح الهداية (6/ 459 - 460)، الهداية مع فتح القدير (6/ 404)، البدائع (5/ 107).
وانظر في مذهب المالكية: بداية المجتهد (2/ 145)، مواهب الجليل (4/ 385)، منح الجليل (5/ 26)