الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الخامس
في بيع المرابحة
المرابحة في اصطلاح الفقهاء
(1)
:
اتفقت تعريفات الفقهاء في المرابحة في مدلولها، وإن اختلفت في ألفاظها،
فعرفها بعض الحنفية:
بأن المرابحة بيع بمثل الثمن الأول مع زيادة ربح
(2)
.
وعرفها بعض المالكية:
بأنه بيع مرتب ثمنه على ثمن بيع تقدمه غير لازم مساواته له
(3)
.
فخرج بقوله (مرتب ثمنه على ثمن بيع تقدمه) بيع المساومة، والمزايدة، والاستئمان
(4)
.
(1)
المرابحة في اللغة: صيغة مفاعلة، من الربح، والرِّبح، والرَّبح، والرَّباح: النماء والزيادة، يقال: رابحته على سلعته مرابحة: أي أعطيته ربحًا، وربحت تجارته: إذا ربح صاحبها فيها، وفي التنزيل {فما ربحت تجارتهم} [البقرة:16] قال أبو إسحاق: معناه: ما ربحوا في تجارتهم؛ لأن التجارة لا تربح، إنما يربح فيها، ويوضع فيها.
والمرابحة مفاعلة، والمفاعلة هنا ليست على بابها؛ لأن الذي يربح هو البائع فقط، فهذا من المفاعلة التي استعملت في الواحد، أو أن مرابحة بمعنى: إرباح؛ لأن أحد المتبايعين أربح الآخر، لسان العرب (2/ 442).
(2)
بدائع الصنائع (5/ 220)، الفتاوى الهندية (3/ 160)، طلبة الطلبة (ص: 111)، العناية شرح الهداية (6/ 494)، فتح القدير (6/ 495).
(3)
شرح حدود ابن عرفة (ص: 284)، منح الجليل (5/ 262)، حاشية الصاوي على الشرح الصغير (3/ 215).
(4)
بيع الاستئمان، نحو قولك: بعني كما تبيع الناس.
وخرج بقوله (غير لازم مساواته له) الإقالة، والتولية، والشفعة.
وعند المالكية أن المرابحة لا تقتصر على البيع بزيادة، بل تشمل بيع الوضيعة، والمساواة، وأن إطلاق المرابحة عليهما حقيقة عرفية.
وذهب بعضهم إلى أن إطلاق المرابحة على البيع بمثل الثمن الذي اشتراه به، وزيادة ربح معلوم تعريف للنوع الغالب في المرابحة، الكثير الوقوع، لا أنه تعريف لحقيقة المرابحة الشاملة للوضيعة، والمساواة
(1)
.
وذكر بعض الشافعية أن المحاطة تدخل في المرابحة؛ وهذا ما فعله الإمام، لأنها في الحقيقة ربح للمشتري الثاني
(2)
.
وعرفها بعض المالكية والشافعية والحنابلة: بأنه بيع السلعة برأس المال، وربح معلوم
(3)
.
وعرفها بعضهم: بأن المرابحة بيع بمثل الثمن، أو ما قام عليه به، مع ربح موزع على أجزائه
(4)
.
وذكر الشافعية والحنابلة أن بيع المرابحة يأتي على صورتين:
الأولى: أن يبيعه بربح، فيقول رأس مالي فيه مائة، بعتكه بها، وربح عشرة. وهذه لا خلاف في جوازها.
(1)
حاشية الدسوقي (3/ 159)، حاشية الصاوي على الشرح الصغير (3/ 215).
(2)
تحفة المحتاج (4/ 423)، مغني المحتاج (2/ 76).
(3)
حاشية الدسوقي (3/ 159)، الشرح الكبير (3/ 159)، مغني المحتاج (2/ 76)، المهذب (1/ 288)، روضة الطالبين (3/ 528)، السراج الوهاج (ص: 195)، الفروع (4/ 118)، المبدع (4/ 103)، كشاف القناع (3/ 230)، مطالب أولي النهى (3/ 127).
(4)
تحفة المحتاج (4/ 424)، حاشيتا قليوبي وعميرة (2/ 273)، حاشية البجيرمي (2/ 282).
الثانية: أن يقول: بعتكه على أن أربح في كل عشرة درهمًا
(1)
.
وهذه الصورة وقع خلاف بين أهل العلم في كراهتها وسيأتي إن شاء الله تعالى قريبًا تحرير الكلام فيها.
وهل يلزم في بيع المرابحة أن يكون المالك قد ملكه بالشراء.
قال في الدر المختار في تعريف المرابحة: هي «بيع ما ملكه من العروض، ولو بهبة، أو إرث، أو وصية، أو غصب، فإنه إذا ثمنه بما قام عليه .... ثم باعه مرابحة جاز»
(2)
.
وخالف في ذلك المالكية، جاء في المنتقى للباجي: «قوله - يعني الإمام مالك - وإن باع رجل سلعة قامت عليه بمائة دينار، يريد قامت عليه بابتياع مكايسةٍ واجتهادٍ؛ لأن بيع المرابحة مخصوص بما ملكه البائع بذلك، دون ما ملكه بميراث، أو هبة، أو صدقة، فإن ملكه بشيء من ذلك لم ينبغ له أن يبيع مرابحة
…
»
(3)
.
(4)
.
ولا يعتبر من بيع المرابحة لو باعه بمثل ما اشتراه به، وزيادة معلومة مع
(1)
أسنى المطالب (2/ 92)، الإنصاف (4/ 438).
(2)
حاشية ابن عابدين (5/ 133).
(3)
المنتقى للباجي (5/ 51).
(4)
تحفة الفقهاء (2/ 106).
الاختلاف في اشتراط أجل، أو عدمه، أو طوله، أو قصره، أو اختلاف في اشتراط النقد وعدمه؛ لأنه حينئذ لم يبع بما اشتراه به حقيقة، وسوف يأتي بيانه في الشروط إن شاء الله تعالى.
«ولو رخصت السلعة عما اشتراها به، لم يلزم الإخبار به»
(1)
.
* * *
(1)
شرح منتهى الإرادات (2/ 54).