الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الدليل الرابع:
قوله تعالى: {فَجَزَاءٌ مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} [المائدة: 95].
«فنص الله سبحانه وتعالى ضمان الصيد بمثله من النعم، ومعلوم أن المماثلة بين بعير وبعير أعظم من المماثلة بين النعامة والبعير، والمماثلة بين شاة وشاة أعظم منها بين طير وشاة
…
»
(1)
.
ويجاب:
بأن الحكم من الابتداء لم يقصد فيه المثلية من كل وجه، لأن المتلف من الصيد، وكفارته مثله من النعم، فالجنس مختلف، وما دام أن الجنس مختلف فقد خرجت المثلية عن بابها، ولو أتلف الإنسان بعيرًا لآدمي لم يجز أن يدفع بدلًا منه نعامة، ولأن المثلية في آية الصيد كفارة في حق الله سبحانه وتعالى، وحقوق الله تعالى تجري فيها المسامحة، ولا تحمل على الاستقصاء وكمال الاستيفاء، بخلاف حقوق الآدميين.
الدليل الخامس:
قوله تعالى: {وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ (78) فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنَّا فَاعِلِينَ} [الأنبياء: 78 - 79].
(1)
إعلام الموقعين (1/ 323).
فقد ذكر المفسرون أن داود حكم بقيمة المتلف، فاعتبر الغنم فوجدها بقدر القيمة، فدفعها إلى أصحاب الحرث، وأما سليمان فقضى بالضمان على أصحاب الغنم، وأن يضمنوا ذلك بالمثل، بأن يعمروا البستان حتى يعود كما كان، ولم يضيع عليهم ثماره من الإتلاف إلى حين العود، بل أعطى أصحاب البستان ماشية أولئك ليأخذوا من نمائها بقدر نماء البستان، فيستوفوا من نماء غنمهم نظير ما فاتهم من نماء حرثهم، وهذا هو العلم الذي خصه الله به، وأثنى عليه
(1)
.
(2)
.
قلت: الحكم بأن على أهل الحوائط حفظها بالنهار، وعلى أهل المواشي حفظها بالليل جاء من حديث البراء، والراجح فيه أنه مرسل، ومع أنه مرسل إلا أنه موافق لحكم سليمان في نص القرآن.
قال ابن عبد البر: «الحديث من مراسيل الثقات
…
وهو موافق لما نصه
(1)
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز - لابن عطية - ط دار ابن حزم في مجلد واحد ضخم (ص: 1287)، تفسير ابن كثير (3/ 187)، تفسير الصنعاني (3/ 27)، تفسير الثوري (ص: 202، 203)، الدر المنثور (5/ 645)، تاريخ دمشق (22/ 234)، الاستذكار (7/ 205)، إعلام الموقعين (1/ 324)، مصنف عبد الرزاق (10/ 80)،
(2)
إعلام الموقعين (1/ 326).