الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث العاشر
في بيع الحر
[م - 297] لا يجوز بيع الحر، وحكاه بعض أهل العلم إجماعًا.
قال النووي: «بيع الحر باطل بالإجماع»
(1)
.
وقال ابن قدامة: «ولا يجوز بيع الحر .... ولا نعلم في ذلك خلافًا»
(2)
.
(ح-189) ومستند الإجماع ما رواه البخاري من طريق سعيد بن أبي سعيد،
عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة: رجل أعطى بي ثم غدر، ورجل باع حرًا، فأكل ثمنه، ورجل استأجر أجيرًا فاستوفى منه، ولم يعطه أجره
(3)
.
ولأن حقيقة البيع: مبادلة مال بمال، والحر ليس بمال، وإنما خلق مالكًا للمال، وفرق بين كونه مالًا وبين كونه مالكًا للمال
(4)
.
(ح-190) وأما ما رواه الطحاوي من طريق عبد الرحمن بن عبد الله ابن دينار، قال: حدثني زيد بن أسلم، قال:
لقيت رجلًا بالإسكندرية، يقال له: سرق، فقلت: ما هذا الاسم؟ فقال: سمانيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، قدمت المدينة، فأخبرتهم أنه يقدم لي مال، فبايعوني، فاستهلكت أموالهم، فأتوا بي النبي صلى الله عليه وسلم،
(1)
المجموع (9/ 289).
(2)
المغني (4/ 174).
(3)
صحيح البخاري (2227).
(4)
انظر تبيين الحقائق (4/ 44)، البحر الرائق (5/ 279).
فقال: أنت سرق، فباعني بأربعة أبعرة، فقال له غرماؤه: ما يصنع به؟ قال: أعتقه، قالوا: ما نحن بأزهد في الآخرة منك، فأعتقوني
(1)
.
[فإسناده ضعيف، وقد اختلف في إسناده]
(2)
.
قال ابن عبد الهادي في التنقيح: «وفي إجماع العلماء على خلافه - وهم لا يجمعون على ترك رواية ثابتة - دليل على ضعفه، أو نسخه إن كان ثابتًا»
(3)
.
وقد ذهب إلى القول بالنسخ الطحاوي رحمه الله، فقال في شرح معاني الآثار: «في هذا الحديث بيع الحر في الدين، وقد كان ذلك في أول الإسلام، يبتاع من عليه دين فيما عليه من الدين، إذا لم يكن له مال يقضيه عن نفسه،
(1)
شرح معاني الآثار (4/ 157).
(2)
وأخرجه الطحاوي أيضًا في مشكل الآثار من الطريق نفسه (5/ 132).
ومن طريق عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار، أخرجه الدارقطني في السنن (3/ 62)، والحاكم في المستدرك (2330)، وابن عدي في (الكامل في الضعفاء)(4/ 299)، والبيهقي في السنن الكبرى (6/ 50).
وعبد الرحمن متكلم فيه .. وقد خالفه مسلم بن خالد الزنحي،
فرواه أبو بكر في الآحاد والمثاني (2648)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (4/ 157)، والطبراني في الكبير (7/ 165 - 166)، عن زيد بن أسلم، عن عبد الرحمن بن البيلماني، عن سرق.
ومسلم بن خالد الزنجي ضعيف أيضًا، كما أن البيلماني ضعيف أيضًا.
ورواه الطبراني في الكبير (22/ 291 - 292) من طريق ابن لهيعة، حدثنا بكر بن سوادة، عن أبي عبد الرحمن الحبلي، عن أبي عبد الرحمن القيني، أن سرق اشترى من رجل
…
» الحديث بنحوه.
وفي إسناده ابن لهيعة، وهو ضعيف، وأما أبو عبد الرحمن الحبلي فهو ثقة، واسمه: عبدالله ابن يزيد، وأبو عبد الرحمن القيني له ترجمة في الإصابة (7/ 257).
(3)
تنقيح التحقيق (3/ 24).
حتى نسخ الله عز وجل ذلك، فقال:{وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} [البقرة:280] .... »
(1)
.
وذهب آخرون إلى أن المعنى: أنه باع منافعه، وليس المقصود بأنه باع رقبته؛ لأنه رجل حر، والإجارة تسمى بيعًا بلغة أهل المدينة
(2)
.
ولا حاجة إلى التأويل، والحديث ضعيف، والإجماع على خلافه.
* * *
(1)
شرح معاني الآثار (4/ 157).
(2)
تنقيح التحقيق (4/ 23)، بدائع الصنائع (4/ 121).