الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
به، ولا ضرر عليه إن لم يجده؛ لأنه لم يبذل شيئًا .... وأما الواسطة بين الطرفين فهو النكاح، فهو من جهة أن المال فيه ليس مقصودًا ..... ومن جهة أن صاحب الشرع اشترط فيه المال بقوله تعالى:{أَن تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُم مُّحْصِنِينَ} [النساء:24] يقتضي امتناع الجهالة والغرر
…
»
(1)
.
واختار ابن تيمية مذهب مالك، في أن الغرر يؤثر في عقود المعاوضات دون عقود التبرعات.
الشرط الثالث:
أن يكون الغرر في المعقود عليه أصالة؛ لأن الغرر في التابع مغتفر، عملًا بالقاعدة الفقهية:«يغتفر في التابع ما لا يغتفر في غيره» .
ولذلك صح بيع الحمل مع الشاة، ولا يصح إفراد الحمل بالبيع، وصح بيع الثمرة قبل بدو صلاحها تبعًا للشجرة، ولا يصح إفراد بيع الثمرة قبل بدو صلاحها بالعقد، وهكذا.
ويقول ابن تيمية: «يجوز من الغرر اليسير ضمنًا وتبعًا ما لا يجوز في غيره»
(2)
.
الشرط الرابع:
ألا يكون هناك حاجة عامة، فإن كانت هناك حاجة عامة إلى المعاملة أبيحت المعاملة، وإن كان فيها غرر.
يقول ابن تيمية: «مفسدة الغرر أقل من الربا، فلذلك رخص فيما تدعو إليه الحاجة منه، فإن تحريمه أشد ضررًا من كونه غررًا، مثل بيع العقار جملة، وإن لم يعلم دواخل الحيطان والأساس، ومثل بيع الحيوان الحامل أو المرضع،
(1)
الفروق (1/ 151).
(2)
القواعد النورانية (ص: 83).
وإن لم يعلم مقدار الحمل، أو اللبن، وإن كان قد نهي عن بيع الحمل منفردًا، وكذلك اللبن عند الأكثرين .. »
(1)
.
وابن تيمية، وإن مثل لقاعدته في الغرر التابع، والغرر اليسير؛ لأن ابن تيمية من عادته إذا ساق الأمثلة، اختار من الأمثلة ما لا نزاع فيه، ولكن العبرة بالقاعدة التي ساقها ابن تيمية، فإنه رخص في الغرر إذا دعت إليه الحاجة، والغرر الذي تبيحه الحاجة أعم من الغرر اليسير أو التابع، فهذان يباحان مع قيام الحاجة، وبدونها.
ويقول ابن تيمية أيضًا: «من أصول الشرع، أنه إذا تعارض المصلحة، والمفسدة قدم أرجحهما، فهو إنما نهى عن بيع الغرر، لما فيه من المخاطرة التي تضر بأحدهما، وفي المنع مما يحتاجون إليه من البيع ضرر أعظم من ذلك، فلا يمنعهم الضرر اليسير، بوقوعهم في الضرر الكثير، بل يدفع أعظم الضررين باحتمال أدناهما، ولهذا لما نهاهم عن المزابنة، لما فيها من نوع ربا، أو مخاطرة، أباحها لهم في العرايا للحاجة؛ لأن ضرر المنع من ذلك أشد، وكذلك لما حرم عليهم الميتة؛ لما فيها من خبث التغذية، أباحها لهم عند الضرورة؛ لأن ضرر الموت أشد، ونظائره كثيرة
…
»
(2)
.
(3)
.
(1)
القواعد النورانية (ص: 118).
(2)
مجموع الفتاوى (20/ 538 - 539).
(3)
المرجع السابق (29/ 48).
وهذه المفاسد التي ساقها ابن تيمية في عقد الغرر من كونه مظنة العداوة والبغضاء، وأكل أموال الناس بالباطل إنما توجد في الغرر الكثير، وليس في الغرر اليسير أو التابع، ومع ذلك رأى ابن تيمية أن المصلحة الراجحة إذا عارضت تلك المفاسد فإنها مقدمة عليها.
ويقول ابن تيمية أيضًا: «والشارع لا يحرم ما يحتاج الناس إليه من البيع لأجل نوع من الغرر، بل يبيح ما يحتاج إليه من ذلك»
(1)
.
ويقول ابن تيمية أيضًا: «المفسدة المقتضية للتحريم إذا عارضتها حاجة راجحة أبيح المحرم»
(2)
.
وهذا يدل على أن المعاملة المالية قد يتنازعها موجبان: أحدهما يدعو إلى التحريم، وهو وجود الغرر، والآخر يدعو إلى الإباحة، وهو قيام الحاجة العامة الملحة، وتكون للأقوى منهما.
ويقول الشيخ الصديق الضرير في كتابه القيم الغرر وأثره في العقود:
(3)
.
(1)
المرجع السابق (29/ 227).
(2)
مجموع الفتاوى (29/ 49).
(3)
الغرر وأثره في العقود (ص: 600) الطبعة الثانية.