الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تعريف التأمين كعقد:
تعرف القوانين العربية التأمين التجاري بأنه:
(1)
.
شرح التعريف:
تتفق جميع التعريفات التي تناولت عقد التأمين التجاري بأنه اتفاق بين طرفين:
أحدهما: شركة التأمين، وهي الجهة التي تدفع التعويض عند حصول الخطر المؤمن منه.
وثانيهما: المستأمن، وهو الذي يدفع قسط التأمين للشركة على شكل دفعة واحدة، أو دفعات.
ويتم الاتفاق على تحديد مقدار التعويض الذي تدفعه الشركة للمستأمن وفق شروط يتفق عليها بين الطرفين، والهدف من العقد بالنسبة للشركة: هو تحقيق الربح، والذي يتكون من فائض عمليات التأمين بعد دفع التعويضات، والمصاريف الإدارية، والعمومية، وأما الهدف بالنسبة للمستأمنين: فهو حصول الطمأنينة في دخول بعض المغامرات التجارية، وإذا حصل، ووقع له مكروه فإنه سيحصل على ترميم آثار الخطر المؤمن منه عند حصوله.
(1)
الوسيط (7/ 2/ ص: 1084). وانظر القانون المدني السوري م 713، والليبي م 747، والعراقي م 983، والموجبات والعقود للبناني (950).
وينتقد السنهوري رحمه الله هذا التعريف، فيقول:
«التعريف على هذا النحو يصلح تعريفًا وافيًا لعقد التأمين من أحد جانبيه، جانب العلاقة ما بين المؤمن والمؤمن له، ولكن للتأمين جانبًا آخر، ولا يمكن فهم التأمين على الوجه الصحيح دون أن يوضع هذا الجانب محل الاعتبار الأول، فشركة التأمين لا تبرم عقد التأمين مع مؤمن له واحد، أو مع عدد قليل من المؤمن لهم، ولو أنها فعلت لكان عقد التأمين مقامرة، أو رهانًا، ولكان عقدًا غير مشروع، إذ تكون الشركة قد تعاقدت مع مؤمن له، على أنه إذا احترق منزله مثلًا - في التأمين على الحريق - دفعت له قيمته، وإذا لم يحترق كان مقابل التأمين الذي دفعه المؤمن له حقًا خالصًا لها، وهذا هو الرهان بعينه، ولكن الشركة تتعاقد مع عدد كبير من المؤمن لهم، وتتقاضى من كل منهم مقابلًا، ومن مجموع ما تتقاضاه من هؤلاء جميعًا تعوض العدد القليل الذين تحترق منازلهم، فيفي ما تتقاضاه من المؤمن لهم، بما تدفعه من التعويض لبعضهم؛ لأنها تحسب مقابل التأمين على أساس فني مستمد من الإحصاء، على النحو الذي سنبينه فيما يلي عند الكلام في الأسس الفنية للتأمين، فالتأمين إذا نظرنا إليه من الجانب الآخر، وهو العلاقة ما بين الشركة ومجموع المؤمن لهم، لا يحمل طابع المقامرة، أو الرهان، والشركة إذا حددت مقابل التأمين تحديدًا دقيقًا على الأسس الفنية الصحيحة، وأحسنت إدارة أعمالها، لا تتعرض لخطر يزيد على الخطر الذي تتحمله الشركات عادة في أعمال التجارة الأخرى غير أعمال التأمين، فالمؤمن لهم وجميعهم معرضون لخطر واحد يتحقق في العادة بالنسبة إلى عدد قليل منهم، ولا يتحقق بالنسبة إلى الغالبية العظمى، يتعاونون جميعًا في تعويض العدد القليل منهم الذين يتحقق الخطر بالنسبة إليهم،
فلا يتحمل هؤلاء الأخيرون الخسارة وحدهم، وبذلك يكفل التأمين للجميع توزيع الخسارة عليهم، فلا يخسر أي منهم، إلا مقابل التأمين الذي دفعه
(1)
.
وسوف يناقش هذا التوجيه من السنهوري إن شاء الله تعالى عند الكلام على مشروعية التأمين التجاري، وإنما احتجنا كلامه هاهنا لأنه موجه إلى نقد تعريف التأمين كعقد، والله أعلم.
* * *
(1)
الوسيط (7/ 2 ص: 1086).