الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عبد الرزاق عفيفي رحمه الله رفض أن يستلم من تقاعده شيئًا حتى ولا مقدار المبلغ الذي أخذ منه، كل ذلك يدل على أن القول بالتحريم قول محفوظ.
وذهب عامة أهل العلم إلى القول بجواز التقاعد:
فـ «قد أجاز مؤتمر علماء المسلمين الثاني في القاهرة عام 1385 هـ
(1)
، ومؤتمر علماء المسلمين السابع عام 1392 هـ كلًا من التأمين الاجتماعي والتأمين التعاوني، وهو ما قرره مجمع الفقه الإسلامي في مكة المكرمة عام 1398 هـ»
(2)
.
وتبنى القول بالجواز هيئة كبار العلماء في البلاد السعودية
(3)
.
وقد بنوا قولوهم على تصور غير صحيح حيث اعتبروا أن الخصم من راتب الموظف هو خصم صوري، وأن حقيقة التقاعد هو هبة من ولي الأمر، مكافأة للموظف على خدمته للدولة، وهذا تكييف للمسألة بخلاف الواقع.
والدليل على ذلك:
أولًا: لا تدعي الحكومات، وهي الجهة التي تتولى الخصم من الرواتب بأن
(1)
وقد جاء في قرار المؤتمر الثاني ما نصه: «نظام المعاشات الحكومي، وما يشبهه من نظام الضمان الاجتماعي المتبع في بعض الدول، ونظام التأمينات الاجتماعية المتبع في دول أخرى كل هذا من الأعمال الجائزة» . وانظر فقه النوازل للجيزاني (3/ 266).
(2)
انظر مجلة مجمع الفقه الإسلامي (2/ 2/ص: 549).
(3)
قرار هيئة كبار العلماء في السعودية رقم (5/ 10)، وتاريخ 4/ 4/1397 هـ وقد تبنى المجمع الفقهي الإسلامي بمكة المكرمة التابع لرابطة العالم الإسلامي قرار هيئة كبار العلماء في البلاد السعودية فيما يتعلق بإباحة نظام التقاعد، حتى كان قرار الهيئة هو نص قرار المجمع في الجملة.
العقد صوري، فمن أين أتت دعوى أن العقد في التقاعد صوري، ولعل ما زين هذا التصور أن المعطي والخاصم جهة واحدة، لكن هذا لا يستقيم مع تأمين العمال من أصحاب القطاع الخاص كما سيأتي بيانه.
ثانيًا: أن الموظف إذا أنهى عمله قبل عشرين سنة له أن يأخذ جميع ما أخذ منه من استحقاقات، ولو كان الخصم صوريًا لم يستحق شيئًا.
ثالثًا: لو قصرت مصلحة المعاش والتقاعد، فلم تدفع للموظف شيئًا، كان للموظف أن يحاكم الجهة المقصرة بعدم السداد، ولو كانت هبة لم تلزم إلا بالقبض.
رابعًا: أن مقدار الراتب في التقاعد يحدده المبلغ المخصوم من راتبه، فكلما كان الراتب كبيرًا، كان الخصم منه أكثر، وبالتالي يكون المرتب في التقاعد أكثر، ولو كان الأمر من قبيل المكافأة لم يعلق مقدار التقاعد على مقدار الخصم من الراتب.
خامسًا: العامل في المؤسسات الخاصة يدفع له تأمين من قبله، ومن قبل الجهة التي يعمل فيها، ولو قصرت تلك الجهة تعرضت لغرامات مالية، وهو لا يأخذ راتبه من قبل الدولة حتى يقال: إن الخصم صوري، مما يدل على أن الأمر ليس من قبيل الهبة، ولا المكافأة، وإنما هو من قبيل المعاوضة.
يقول الشيخ مصطفى الزرقاء: «وفي كليهما - يعني التأمين ونظام التقاعد- يدفع الشخص قسطًا ضئيلًا دوريًا لا يدري كم يستمر به دفعه، وكم يبلغ مجموعه عند التقاعد، وفي كليهما يأخذ الشخص، أو أسرته في مقابل هذا القسط الدوري الضئيل مبلغًا دوريًا أيضًا في التقاعد، وفوريًا في التأمين على الحياة، قد يتجاوز كثيرًا مجموع الأقساط، ولا يدرى كم يبلغ مجموعه في التقاعد، إلى