الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإن كان المقصود من التعاون أن يؤخذ من مجموع مال المستأمنين فيدفع إلى من يحتاج منهم، فهذا موجود في التأمين التجاري، كما هو موجود في التأمين التعاوني؛ لأن التأمين لا يمكن أن يقوم بين مستأمن ومؤمن وحده، وإلا كانت العملية خاسرة من كل الوجوه، وإنما العقد يقوم بين شركة التأمين وبين مجموعة كبيرة من المستأمنين، بحيث من تعرضت منهم بضاعته للتلف أمكن تعويضه من مجموع مال المستأمنين، وهذا حقيقة التعاون، وهو موجود فيهما (التجاري والتعاوني)
(1)
.
الأمر الرابع:
كون الهدف من التأمين تحقيق أكبر قدر من الربح، فهذا لا يقتضي أبدًا تحريم المعاملة، لأن طلب الربح أمر مشروع كما بينت سابقًا، ولولا طلب الربح ما قام التأمين التعاوني أيضًا، لأن التأمين التعاوني نفسه لا يمكن أن يتم طوعًا بلا أجر، ولولا ذلك لما رضي أحد بالعمل به، ولو رضي لما قام به على الوجه المطلوب، فالربح الموجود في التأمين التجاري، يقابله الأجر الموجود بالتأمين التعاوني، إذا كان نصيب شركات التأمين التعاونية العمل بالأجرة، أو الربح إن عملوا فيه بالمضاربة، فالربح موجود في التأمين التعاوني كما هو موجود في التأمين التجاري، وإذا كان التأمين التجاري أكثر ربحًا، فيمكن العمل على أن يكون الربح معتدلًا وذلك عن طريق فتح باب المنافسة لشركات التأمين الأخرى، ومراقبة الدولة وذلك بوضع الأنظمة التي تحد من استغلالها.
ونتيجة هذا النقاش أرى أن قياس التأمين التجاري على التأمين التعاوني بالحكم قياس صحيح، وأن القول بجواز التأمين التعاوني يؤدي إلى القول
(1)
المرجع السابق.
بجواز التأمين التجاري، لأن الفرق بين النظامين ليس كبيرًا، وإذا وجد فرق فإنما هو في المحسنات ليس إلا، أي أنه أكثر انضباطًا في تحديد نسبة الربح من شركات التأمين التجارية، لا أكثر، والله أعلم.
وعلى فرض أن يكون هناك فارق بين التأمين التعاوني والتأمين التجاري، في التكييف، فإنه لا يوجد فارق في الممارسة، وهو المهم، فإنه ما من شركة تأمين تعاوني إلا وتمارس التأمين التجاري فيما يسمى بإعادة التأمين، فرجع التأمين التعاوني إلى التأمين التجاري، فشركات التأمين التعاونية تقوم بإعادة التأمين عند شركات تجارية، فحرَّموا على المستأمن ما سمحوا لأنفسهم بالوقوع فيه، بعد ما أخذوا أمواله، واستفادوا منها، ذهبوا يؤمنون عليها عند شركات تجارية، وإذا كان الحال كذلك فلم يعملوا شيئًا.
يقول الشيخ الصديق الضرير عن شركة التأمين التعاونية الإسلامية في السودان: «والعقبة التي اصطدمنا بها: هي موضوع إعادة التأمين، وهنا طبقنا أيضًا نفس القاعدة، والتي هي قاعدة الغرر لإعادة التأمين، لم نجد في ذلك الوقت شركة إعادة تأمين إسلامية، فليس هناك إلا الشركات التجارية، شركات إعادة التأمين، أيضًا صدرت فتوى بجواز إعادة التأمين في الشركات التجارية عملًا بمبدأ الحاجة، ومبدأ الحاجة التي تجعل الغرر غير مؤثر؛ لأنه ليست هناك شركة إسلامية يمكن أن يعاد فيها التأمين
(1)
، وتبين لنا من أقوال المتخصصين
(1)
مبدأ الحاجة التي سمحت لهم في التأمين التجاري عن طريق إعادة التأمين، هو ما يدعو إليه الشيخ الزرقاء وأصحابه من أن التأمين التجاري تدعو له الحاجة الملحة الشديدة للمحافظة على النمو الاقتصادي، وعدم تعريضه للكوارث، أو كان التأمين التجاري في بلد لا يوجد فيه تأمين تعاوني.