الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الثانية: التأمين التعاوني المركب
الفرق بين التأمين التعاوني البسيط والتأمين التعاوني المركب: هو أن التأمين التعاوني البسيط يكون فيه عدد المستأمنين محدودًا، يعرف بعضهم بعضًا، فإذا كثر عددهم ليبلغ الآلاف، وتعددت الأخطار المؤمن منها، لتشمل أنواعًا كثيرة، اقتضى الأمر وجود جهة تتولى إدارة التأمين التعاوني، اكتتابًا، وتنفيذًا بصفة الوكالة بأجر معلوم، وهذه الجهة هي شركات التأمين أو المنظمات التعاونية، ونظرًا لتعدد العقود التي يتكون منها التأمين التعاوني بهذه الصورة، وتداخلها استحق أن يسمى بالتأمين المركب.
وعليه فيمكن تعريف التأمين التعاوني المركب بقولك:
هو عقد تأمين جماعي يلتزم بموجبه كل مشترك فيه بدفع مبلغ معين من المال على سبيل التبرع، لتعويض المتضررين منهم على أساس التكافل والتضامن عند تحقق الخطر المؤمن منه، وتدار فيه العمليات التأمينية من قبل شركة متخصصة على أساس الوكالة بأجر معلوم
(1)
.
طبيعة عقد التأمين التعاوني المركب:
اختلف العلماء في تكييف عقد التأمين التعاوني.
فذهب كثير منهم وعلى رأسهم هيئة كبار العلماء في السعودية، ومجمع الفقه الإسلامي، إلى أن عقد التأمين التعاوني هو في حقيقته عقد تبرع يقدمه المشتركون في هذا التأمين، ولكن من هو المتبرع له؟ قد يكون المتبرع له، هم المشتركون في هذا التأمين، كما هو الحال في التأمين التعاوني في شركات التأمين التعاوني على الحوادث المنتشرة اليوم، وقد يكون المتبرع له هو مؤسسة
(1)
التأمين الإسلامي - الدكتور أحمد سالم ملحم (ص: 73).
التأمين التعاوني، كما هو الحال في التأمينات الاجتماعية، ورواتب التقاعد، والتأمين الصحي وغيرها
(1)
.
وخالف آخرون، فهم يرون أن عقد التأمين التعاوني، هو من عقود المعاوضات المالية، لا يختلف عن التأمين التجاري، لأن حقيقته: أتبرع لك بشرط أن تتبرع لي، وهذه معاوضة، والأشياء بمعانيها لا بأسمائها، وإذا كان الفقهاء يعدون هدية الثواب معاوضة، لأن الإنسان إنما بذل هديته طلبًا للثواب، فأخذت حكم المعاوضة، ولم ينظر إلى كونها قدمت باسم الهدية، فكيف لا يكون التبرع للآخرين بشرط أن يتبرعوا له لا يكون معاوضة.
يقول الدكتور رفيق المصري: «ومما يؤخذ على رأي المجيزين للتأمين التعاوني، والمانعين للتأمين التجاري: أنهم رأوا أن التعاونيات كالتبرعات يغتفر فيها من الغرر ما لا يغتفر في المعاوضات، وهذا فيه نظر؛ لأن (أتبرع لك على أن تتبرع لي) ليس من التبرعات، بل هو من المعاوضات»
(2)
.
ولا يختلف الحكم بين كون المؤمِّن هو شركة التأمين، أو المؤمن هم الأعضاء أنفسهم.
يقول الشيخ عبد الله بن منيع: «التأمين التعاوني في واقعه شركة تأمين مكونة من المشتركين أعضاء فيها. فكل مشترك يحمل في الشركة صفتين: صفة المؤمِّن، باعتباره باشتراكه فيها عضوًا له حق في الفائض بقدر نسبة اشتراكه، وعليه الالتزام بالمشاركة في سداد عجز صندوق الشركة عن الالتزام
(1)
المعاملات المالية المعاصرة في ضوء الفقه والشريعة - أ د محمد رواس قلعه جي (ص: 155).
(2)
الخطر والتأمين (ص: 99).
بالتعويضات بنسبة مشاركته، وله صفة المؤمَّن له، باعتباره باشتراكه أحد عملاء الشركة، ملتزمًا بدفع القسط التأميني، وتلتزم الشركة له بدفع تعويضه عما يلحقه من ضرر مغطى بموجب تعاقده مع الشركة، وبهذا ينتفي وجه التفريق بين التأمين التعاوني والتأمين التجاري، فكلاهما شركة تأمين، تتفق إحداهما مع الأخرى في جميع خصائص التأمين من حيث عناصره، ومن حيث الإلزام والالتزام، والصفة القانونية لكلا القسمين. فشركة التأمين التجارية شركة قائمة على الإلزام والالتزام والحقوق والوجبات، وكذلك الأمر بالنسبة لشركة التأمين التعاونية، فهي شركة قائمة على الإلزام والالتزام والحقوق والواجبات .... كما أن شركة التأمين التجارية ملزمة بدفع التعويضات المستحقة عليها للمشتركين، عند الاقتضاء والوجوب، سواء أكانت الشركة رابحة أم خاسرة، فكذلك الأمر بالنسبة لشركات التأمين التعاونية، فهي ملزمة كذلك بدفع التعويضات المستحقة عليها للمشتركين عند الاقتضاء والوجوب، وإذا كان صندوق الشركة فيه عجز يحول دون كامل التزاماته أو بعضها، تعين الرجوع إلى المشتركين فيها لسد عجز الصندوق، حتى يكون قادرًا على الوفاء بتغطية كامل التزاماته، حيث إنهم أصحاب الشركة وملاكها، فيجب على كل واحد منهم أن يسهم في تغطية العجز كل بقدر نسبة اشتراكه فيها.
وقد جاء النص على ذلك في الأنظمة الأساسية لشركات التأمين التعاونية، وصدرت قرارات، وفتاوى الهيئات الشرعية الرقابية بذلك، كما صدرت قرارات مجموعة من المجالس، والمجامع الفقهية، والندوات العلمية بإلزام المشتركين في شركات التأمين التعاونية بسد عجز صناديقها، وهذا مما تزول به الحواجز المفتعلة بين شركات التأمين التجارية، وشركات التأمين التعاونية»
(1)
.
* * *
(1)
التأمين بين الحلال والحرام - الشيخ ابن منيع (ص: 16 - 17).